• 669
  • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ : " لاَ هِجْرَةَ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ ، فَانْفِرُوا ، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا " ، قَالَ العَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ ، قَالَ : قَالَ : " إِلَّا الإِذْخِرَ "

    حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ : لاَ هِجْرَةَ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ ، فَانْفِرُوا ، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا ، قَالَ العَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ ، قَالَ : قَالَ : إِلَّا الإِذْخِرَ

    ونية: النية : القصد والاعتقاد
    استنفرتم: الاستنفار : الاستنجاد والاستنصار وطلب الخروج للقتال والجهاد
    يعضد: يعضد : يقطع
    ينفر: ينفر : يُهيج ويُروع ويُفزع
    صيده: الصيد : ما يصاد من الطير والحيوان
    يلتقط: اللقطة : الشيء الذي تعثر عليه من غير قصد أو طلب ولا تعرف صاحبه
    لقطته: اللقطة : الشيء الذي تعثر عليه من غير قصد أو طلب ولا تعرف صاحبه
    الإذخر: الإذخِر : حشيشة طيبة الرائِحة تُسَقَّفُ بها البُيُوت فوق الخشبِ ، وتستخدم في تطييب الموتي
    حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ،
    حديث رقم: 2656 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب فضل الجهاد والسير
    حديث رقم: 2697 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية
    حديث رقم: 2939 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب لا هجرة بعد الفتح
    حديث رقم: 3042 في صحيح البخاري كتاب الجزية باب إثم الغادر للبر والفاجر
    حديث رقم: 2489 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ وَصَيْدِهَا وَخَلَاهَا وَشَجَرِهَا وَلُقَطَتِهَا ، إِلَّا لِمُنْشِدٍ عَلَى
    حديث رقم: 3557 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ بَابُ الْمُبَايَعَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ ، وَبَيَانِ
    حديث رقم: 2162 في سنن أبي داوود كِتَاب الْجِهَادِ بَابٌ فِي الْهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ ؟
    حديث رقم: 1588 في جامع الترمذي أبواب السير باب ما جاء في الهجرة
    حديث رقم: 4141 في السنن الصغرى للنسائي كتاب البيعة ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة
    حديث رقم: 2769 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ
    حديث رقم: 1936 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 2324 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 3235 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 4675 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
    حديث رقم: 4955 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ الْهِجْرَةِ
    حديث رقم: 7538 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْبَيْعَةِ ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ
    حديث رقم: 8433 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ السِّيَرِ انْقِطَاعُ الْهِجْرَةِ
    حديث رقم: 36256 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْمَغَازِي حَدِيثُ فَتْحِ مَكَّةَ
    حديث رقم: 975 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ السِّيَرِ بَابُ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ
    حديث رقم: 7290 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 10645 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 10696 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 10739 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 9411 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ جِهَادِ الْكَبِيرِ ، وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ
    حديث رقم: 9353 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
    حديث رقم: 16544 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الشِّرْكِ لِمَنْ لَا يَخَافُ الْفِتْنَةَ
    حديث رقم: 16548 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الشِّرْكِ لِمَنْ لَا يَخَافُ الْفِتْنَةَ
    حديث رقم: 1003 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالتِّجَارَاتِ بَابُ الْهِجْرَةِ
    حديث رقم: 2819 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ السِّيرَةِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ
    حديث رقم: 77 في معجم أبي يعلى الموصلي معجم أبي يعلى الموصلي بَابُ الْأَلِفِ
    حديث رقم: 5814 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ الْخَبَرِ المُوجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْفِرَ إِذَا اسْتُنْفِرَ ،
    حديث رقم: 5815 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ الْخَبَرِ المُوجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْفِرَ إِذَا اسْتُنْفِرَ ،
    حديث رقم: 5816 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ الْخَبَرِ المُوجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْفِرَ إِذَا اسْتُنْفِرَ ،
    حديث رقم: 5817 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ الْخَبَرِ المُوجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْفِرَ إِذَا اسْتُنْفِرَ ،
    حديث رقم: 1988 في معجم ابن الأعرابي بَابُ الْعَيْنِ حَدِيثُ التَّرْقُفِيِّ
    حديث رقم: 464 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني بَابُ الْأَلِفِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبُو الْحَسَنِ
    حديث رقم: 2182 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1834] قَوْلُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ كَذَا رَوَاهُ مَنْصُورٌ مَوْصُولًا وَخَالَفَهُ الْأَعْمَشُ فَرَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنهُ أخرجه أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَمَنْصُورٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ فَالْحُكْمُ لِوَصْلِهِ قَوْلُهُ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ هُوَ ظَرْفٌ لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ لَا هِجْرَةَ أَيْ بَعْدَ الْفَتْحِ وَأَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ جَرِيرٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قَوْلُهُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ الْمَعْنَى أَنَّ وُجُوبَ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ انْقَطَعَ بِفَتْحِهَا إِذْ صَارَتْ دَارَ إِسْلَامٍ وَلَكِنْ بَقِيَ وُجُوبُ الْجِهَادِ عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا أَيْ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْغَزْوِ فَأَجِيبُوا قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ وَلَكِنْ جِهَادٌ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَا هِجْرَةَ أَيِ الْهِجْرَةُ إِمَّا فِرَارًا مِنَ الْكُفَّارِ وَإِمَّا إِلَى الْجِهَادِ وَإِمَّا إِلَى نَحْوِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَقَدِ انْقَطَعَتِ الْأُولَى فَاغْتَنِمُوا الْأَخِيرَتَيْنِ وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ بِشَارَةً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَكَّةَ تَسْتَمِرُّ دَارَ إِسْلَامٍ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ إِذَا عَلِمْتُمْ ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَامٌ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَصْبُ الْقِتَالِ عَلَيْهِ حَرَامًا كَانَ التَّنْفِيرُ يَقَعُ مِنْهُ لَا إِلَيْهِ وَلَمَّا رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ جَرِيرٍ فَصَلَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ مِنَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَقَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ إِلَخْ فَجَعَلَهُ حَدِيثًا آخَرَ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ كَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ جَرِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ قَوْلُهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ سَبَقَ مَشْرُوحًا فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَرَّمَ اللَّهُ بِحَذْفِ الْهَاءِ قَوْلُهُ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ أَيْ بِتَحْرِيمِهِ وَقِيلَ الْحُرْمَةُ الْحَقُّ أَيْ حَرَامٌ بِالْحَقِّ الْمَانِعِ مِنْ تَحْلِيلِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ بِالْحَرَمِ فَأَمَّا الْقَتْلُ فَنَقَلَ بَعْضُهُمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ إِقَامَةِ حَدِّ الْقَتْلِ فِيهَا عَلَى مَنْ أَوْقَعَهُ فِيهَا وَخَصَّ الْخِلَافَ بِمِنْ قَتَلَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ بن الْجَوْزِيّ وَاحْتج بَعضهم بقتل بن خَطَلٍ بِهَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُحِلَّتْ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ وَزَعَمَ بن حزم أَن مُقْتَضى قَول بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ فِيهَا مُطْلَقًا وَنَقَلَ التَّفْصِيلَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ بِاخْتِيَارِهِ لَكِنْ لَا يُجَالَسُ وَلَا يُكَلَّمُ وَيُوعَظُ وَيُذَكَّرُ حَتَّى يَخْرُجَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُخْرَجُ مُضْطَرًّا إِلَى الْحِلِّ وَفَعَلَهُ بن الزبير وروى بن أبي شيبَة من طَرِيق طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ مَنْ أَصَابَ حَدًّا ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ لَمْ يُجَالَسْ وَلَمْ يُبَايَعْ وَعَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ يَجُوزُ إِقَامَةُ الْحَدِّ مُطْلَقًا فِيهَا لِأَنَّ الْعَاصِيَ هَتَكَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ فَأَبْطَلَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَمْنِ وَأَمَّا الْقِتَالُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ خَصَائِصِ مَكَّةَ أَنْ لَا يُحَارَبَ أَهْلُهَا فَلَوْ بَغَوْا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِالْقِتَالِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ يُقَاتَلُونَ لِأَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ إِضَاعَتُهَا وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَوَّلُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَجَابَ أَصْحَابُهُ عَنِ الْحَدِيثِ بِحَمْلِهِ عَلَى تَحْرِيمِ نَصْبِ الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ أَذَاهُ كَالْمَنْجَنِيقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَصَّنَ الْكُفَّارُ فِي بَلَدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ بِالتَّحْرِيمِ اخْتَارَهُ الْقَفَّالُ وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَنْ أَتَى حَدًّا فِي الْحِلِّ وَاسْتَجَارَ بِالْحَرَمِ فَلِلْإِمَامِ إِلْجَاؤُهُ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ الْحَرْبَ بَلْ يُحَاصِرَهُ وَيُضَيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُذْعِنَ لِلطَّاعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِيَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي حَلَّتْ لَهُ بِهِ وَهُوَ مُحَارَبَةُ أَهلهَا وَالْقَتْل فِيهَا وَمَال بن الْعَرَبِيّ إِلَى هَذَا وَقَالَ بن الْمُنِيرِ قَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ التَّحْرِيمَ بِقَوْلِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَكَانَ إِذَا أَرَادَ التَّأْكِيدَ ذَكَرَ الشَّيْءَ ثَلَاثًا قَالَ فَهَذَا نَصٌّ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِتَالِ لِاعْتِذَارِهِ عَمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا إِذْ ذَاكَ مُسْتَحَقِّينَ لِلْقِتَالِ وَالْقَتْلِ لِصَدِّهِمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجِهِمْ أَهْلَهُ مِنْهُ وَكُفْرِهِمْ وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَبُو شُرَيْحٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعلم وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَتَأَكَّدُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْذُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ لَمْ يُؤْذَنْ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَالَّذِي وَقَعَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ مُطْلَقُ الْقِتَالِ لَا الْقِتَالَ الْخَاصَّ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ فَكَيْفَ يَسُوغُ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ وَأَيْضًا فَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لِإِظْهَارِ حُرْمَةِ الْبُقْعَةِ بِتَحْرِيمِ سَفْكِ الدِّمَاءِ فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا يُسْتَأْصَلُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمُحْرِمِ دُخُولُهُ حَتَّى يُحْرِمَ وَيَجْرِي هَذَا مَجْرَى قَوْلِهِ تَعَالَى حرمت عَلَيْكُم امهاتكم أَي وطؤهن وَحرمت عَلَيْكُم الْميتَة أَيْ أَكْلُهَا فَعُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ الْمَحْذُوفِ قَالَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى اعْتِذَارُهُ عَنْ دُخُولِهِ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُقَاتِلًا بِقَوْلِهِ لَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ الْحَدِيثَ قَالَ وَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمَا وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا إِلَّا إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُكْثِرُ التَّكْرَارَ قُلْتُ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْقِتَالُ الْهَاءُ فِي أَنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَمْ يَحِلَّ بِلَفْظِ لَمْ بَدَلَ لَا وَهِيَ أَشْبَهُ لِقَوْلِهِ قَبْلِي قَوْلُهُ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ قَوْلُهُ وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْخَلَا مَقْصُور وَذكر بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِالْمَدِّ وَهُوَ الرَّطْبُ مِنَ النَّبَاتِ وَاخْتِلَاؤُهُ قَطْعُهُ وَاحْتِشَاشُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ رَعْيِهِ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ مِنَ الِاحْتِشَاشِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْكُوفِيُّونَ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِالرَّعْيِ لِمَصْلَحَةِ الْبَهَائِمِ وَهُوَ عَمَلُ النَّاسِ بِخِلَافِ الِاحْتِشَاشِ فَإِنَّهُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَلَا يُتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ وَفِي تَخْصِيصِ التَّحْرِيمِ بِالرَّطْبِ إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِ رَعْيِ الْيَابِسِ وَاخْتِلَائِهِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ لِأَن النبت الْيَابِس كالصيد الْمَيِّت قَالَ بن قُدَامَةَ لَكِنْ فِي اسْتِثْنَاءِ الْإِذْخِرِ إِشَارَةٌ إِلَى تَحْرِيمِ الْيَابِسِ مِنَ الْحَشِيشِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى إِبَاحَةِ أَخْذِمَا اسْتَنْبَتَهُ النَّاسُ فِي الْحَرَمِ مِنْ بَقْلٍ وَزَرْعٍ وَمَشْمُومٍ فَلَا بَأْسَ بِرَعْيِهِ وَاخْتِلَائِهِ قَوْلُهُ فَقَالَ الْعَبَّاس أَي بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَمَا وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوْلُهُ إِلَّا الْإِذْخِرَ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ أَمَّا الرَّفْعُ فَعَلَى الْبَدَلِ مِمَّا قَبْلَهُ وَأَمَّا النَّصْبُ فَلِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً وَاقِعًا بعد النَّفْي وَقَالَ بن مَالِكٍ الْمُخْتَارُ النَّصْبُ لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَعَ مُتَرَاخِيًا عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَبَعُدَتِ الْمُشَاكَلَةُ بِالْبَدَلِيَّةِ وَلِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا عَرَضَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا وَالْإِذْخِرُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ طَيِّبُ الرِّيحِ لَهُ أَصْلٌ مُنْدَفِنٌ وَقُضْبَانٌ دِقَاقٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَالْحَزَنِ وَبِالْمَغْرِبِ صِنْفٌ مِنْهُ فِيمَا قَالَه بن الْبَيْطَارِ قَالَ وَالَّذِي بِمَكَّةَ أَجْوَدُهُ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَسْقُفُونَ بِهِ الْبُيُوتَ بَيْنَ الْخَشَبِ وَيَسُدُّونَ بِهِ الْخَلَلَ بَيْنَ اللَّبِنَاتِ فِي الْقُبُورِ وَيَسْتَعْمِلُونَهُ بَدَلًا مِنَ الْحَلْفَاءِ فِي الْوَقُودِ وَلِهَذَا قَالَ الْعَبَّاسُ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيِ الْحَدَّادُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الْقَيْنُ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ ذِي صِنَاعَةٍ يُعَالِجُهَا بِنَفْسِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَغَازِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ مُجَاهِدٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَوَقَعَ عِنْدَهُ أَيْضًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا صَبْرَ لَهُمْ عَنِ الْإِذْخِرِ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لَمْ يُرَدْ بِهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ هُوَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنْ يُلَقِّنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَابِهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ هُوَ اسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ لِدُخُولِ الْإِذْخِرِ فِي عُمُومِ مَا يُخْتَلَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ الْفِعْلِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ وَعَلَى جَوَازِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ اشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ إِمَّا لَفْظًا وَإِمَّا حُكْمًا لِجَوَازِ الْفَصْلِ بالتنفس مثلا وَقد اشْتهر عَن بن عَبَّاسٍ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لَهُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَشَغَلَهُ الْعَبَّاسُ بِكَلَامِهِ فَوَصَلَ كَلَامَهُ بِكَلَامِ نَفْسِهِ فَقَالَ إِلَّا الْإِذْخِرَ وَقَدْ قَالَ بن مَالِكٍ يَجُوزُ الْفَصْلِ مَعَ إِضْمَارِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَّصِلًا بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْإِذْخِرَ بِاجْتِهَادٍ أَوْ وَحْيٍ وَقِيلَ كَأَنَ اللَّهَ فَوَّضَ لَهُ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ أَوْحَى إِلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ طَلَبَ أَحَدٌ اسْتِثْنَاءَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَجِبْ سُؤَالَهُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ سَاغَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْإِذْخِرَ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ مَكَّةَ تَحْرِيمَ الْقِتَالِ دُونَ مَا ذُكِرَ مِنْ تَحْرِيمِ الِاخْتِلَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ تَحْرِيمِ الرَّسُولِ بِاجْتِهَادِهِ فَسَاغَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ اسْتِثْنَاءَ الْإِذْخِرِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ مَا قَالَهُ بِلَازِمٍ بَلْ فِي تَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَحَكَى بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَتَحْلِيلِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَ الْعَبَّاسُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِذْخِرَ لَا غِنًى لِأَهْلِ مَكَّة عَنهُ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الَّذِي يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ يُشْتَرَطُ حُصُولُهَا فِيهِ فَلَوْ كَانَ الْإِذْخِرُ مِثْلَ الْمَيْتَةِ لَامْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ إِلَّا فِيمَنْ تَحَقَّقَتْ ضَرُورَتُهُ إِلَيْهِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ مُطْلَقًا بِغَيْرِ قَيْدِ الضَّرُورَةِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُهَلَّبِ بِأَنَّ أَصْلَ إِبَاحَتِهِ كَانَتْ لِلضَّرُورَةِ وَسَبَبِهَا لَا أَنَّهُ يُرِيد أَنه مُقَيّد بهَا قَالَ بن الْمُنِيرِ وَالْحَقُّ أَنَّ سُؤَالَ الْعَبَّاسِ كَانَ عَلَى مَعْنَى الضَّرَاعَةِ وَتَرْخِيصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبْلِيغًا عَنِ اللَّهِ إِمَّا بِطَرِيقِ الْإِلْهَامِ أَوْ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ نُزُولَ الْوَحْيِ يَحْتَاجُ إِلَى أَمَدٍ مُتَّسِعٍ فَقَدْ وَهَمَ وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ خُصُوصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَجَوَازُ مُرَاجَعَةِ الْعَالِمِ فِي الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي الْمَجَامِعِ وَالْمَشَاهِدِ وَعَظِيمُ مَنْزِلَةِ الْعَبَّاسِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنَايَتُهُ بِأَمْرِ مَكَّةَ لِكَوْنِهِ كَانَ بِهَا أَصْلُهُ وَمُنْشَؤُهُ وَفِيهِ رَفْعُ وُجُوبِ الْهِجْرَةِ عَنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِبْقَاءُ حُكْمِهَا مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِوَأَنَّ الْجِهَادَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الْإِخْلَاصُ وَوُجُوب النفير مَعَ الْأَئِمَّة (قَوْلُهُ بَابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ) أَيْ هَلْ يُمْنَعُ مِنْهَا أَوْ تُبَاحُ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ لِلضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْمَحْجُومُ لَا الْحَاجِمَ قَوْله وكوى بن عُمَرَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ هَذَا الِابْنُ اسْمُهُ وَاقِدٌ وَصَلَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ أَصَابَ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِرْسَامٌ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى مَكَّة فكواه بن عُمَرَ فَأَبَانَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلضَّرُورَةِ قَوْلُهُ وَيَتَدَاوَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ هَذَا من تَتِمَّة التَّرْجَمَة وَلَيْسَ فِي أثر بن عُمَرَ كَمَا تَرَى وَأَمَّا قَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ فَاعِلُ يتداوى أما الْمحرم وَأما بن عُمَرَ فَكَلَامُ مَنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى أَثَرِ بن عُمَرَ وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ فِي بَاب الطّيب عِنْد الْإِحْرَام قَول بن عَبَّاسٍ وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِهَذَا وَالْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحِجَامَةِ عُمُومُ التَّدَاوِي وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ إِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمَ شَجَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَا حَوْلَهَا مِنَ الشَّعْرِ ثُمَّ يُدَاوِيَهَا بِمَا لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ

    باب لاَ يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَوَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ يَسْفِكُ بِهَا دَمًا.هذا (باب) بالتنوين (لا يحل القتال بمكة) أي فيها (وقال): ولأبي الوقت قال: (أبو شريح) خويلد السابق (-رضي الله عنه-) مما وصله قبل (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يسفك بها) أي بمكة (دمًا).
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1750 ... ورقمه عند البغا: 1834 ]
    - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَااسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا. قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. قَالَ: قَالَ إِلاَّ الإِذْخِرَ".وبالسند قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي وهو أكبر من أخيه أبي بكر بن أبي شيبة بثلاث سنين قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر المفسر (عن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال الحافظ ابن حجر: كذا رواه منصور بن المعتمر، موصولاً، وخالفه الأعمش فرواه عن مجاهد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرسلاً أخرجه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عنه، وأخرجه أيضًا عن سفيان عن داود بن سابور مرسلاً ومنصور ثقة حافظ فالحكم لوصله (يوم افتتح مكة) سنة ثمان من الهجرة ويوم بالنصب ظرف لقال ومقول قوله.(لا هجرة) واجبة من مكة إلى المدينة بعد الفتح لأنها صارت دار إسلام زاد في كتاب الجهاد والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة (ولكن) لكم (جهاد) في الكفار (ونية) صالحة في الخير تحصلون بهما الفضائل
    التي في معنى الهجرة التي كانت مفروضة لمفارقة الفريق الباطل فلا يكثر سوادهم ولإعلاء كلمة الله وإظهار دينه. قال أبو عبد الله الأبي: اختلف في أصول الفقه في، مثل هذا التركيب يعني قوله: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية هل هو لنفي الحقيقة أو لنفي صفة من صفاتها كالوجوب وغيره. فإن كان لنفي الوجوب فهو يدل على وجوب الجهاد على الأعيان لأن المستدرك هو النفي والنفي وجوب الهجرة على الأعيان فيكون المستدرك وجوب الجهاد على الأعيان، وعلى أن النفي في هذا التركيب الحقيقة، فالمعنى أن الهجرة بعد الفتح ليست بهجرة وإنما المطلوب الجهاد الطلب الأعم من كونه على الأعيان أو على الكفاية قال: والمذهب أن الجهاداليوم فرض كفاية إلا أن يعين الإمام طائفة فيكون عليها فرض عين اهـ.وقوله: جهاد رفع مبتدأ خبره محذوف مقدمًا تقديره كما سبق لكم جهاد. وقال الطيبي في شرح مشكاته قوله: ولكن جهاد ونية عطف على محل مدخول لا، والمعنى أن الهجرة من الأوطان إما هجرة إلى المدينة للفرار من الكفار ونصرة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإما إلى الجهاد في سبيل الله وإما إلى غير ذلك من تحصيل الفضائل كطلب العلم فانقطعت الأولى وبقيت الأخريان فاغتنموهما ولا تقاعدوا عنهما.(وإذا استنفرتم فانفروا) بضم التاء وكسر الفاء فانفروا بهمزة وصل مع كسر الفاء أي إذا دعاكم الإمام إلى الخروج إلى الغزو فأخرجوا إليه وإذا علمتم ما ذكر (فإن هذا بلد حرم الله) عز وجل بحذف الهاء، وللكشميهني: حرمه الله (يوم خلق السماوات والأرض) فتحريمه أمر قديم وشريعة سالفةمستمرة وحكمه تعالى قديم لا يتقيد بزمان فهو تمثيل في تحريمه بأقرب متصور لعموم البشر، إذ ليس كلهم يفهم معنى تحريمه في الأزل وليس تحريمه مما أحدث الناس، والخليل عليه الصلاة والسلام إنما أظهره مبلغًا عن الله لما رفع البيت إلى السماء زمن الطوفان، وقيل: إنه كتب في اللوح المحفوظ يوم خلق السماوات والأرض إن الخليل عليه الصلاة والسلام سيحرم مكة بأمر الله (وهو حرام) بواو العطف (بحرمة الله) أي بسبب حرمة الله أو متعلق الباء محذوف أي متلبسًا ونحو ذلك وهو تأكيد للتحريم (إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي) بلم الجازمة والهاء ضمير الشأن، وفي رواية غير الكشميهني كما هو مفهوم عبارة الفتح: وأنه لا يحل والأول أنسب لقوله قبلي (ولم يحل لي) القتال فيه (إلا ساعة من نهار) خصوصية ولا دلالة فيه على أنه عليه الصلاة والسلام قاتل فيه وأخذه عنوة فإن حل الشيء لا يستلزم وقوعه نعم ظاهره تحريم القتال بمكة.قال المارودي فيما نقله عنه النووي في شرح مسلم: من خصائص الحرم أن لا يحارب أهله فإن بغوا على أهل العدل فقد قال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ويدخلوا في أحكام أهل العدل، وقال الجمهور: يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال لأن قتال البغاة من حقوق الله تعالى التي لا يجوز إضاعتها فحفظها في الحرم أولى من إضاعتها. قال النووي: وهذا الأخير هو الصواب، ونص عليه الشافعي في الأم. وقال القفال في شرح التلخيص: لا يجوز القتال بمكة حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم، وغلطه النووي.وأما القتل وإقامة الحدود فعن الشافعي ومالك حكم الحرم كغيره فيقام فيه الحد ويستوفى فيه القصاص سواء كانت الجناية في الحرم أو في الحل ثم لجأ إلى الحرم لأن العاصي هتك حرمة نفسه فأبطل ما جعل الله له من الأمن، وقال أبو حنيفة: إن كانت الجناية في الحرم استوفيت العقوبة فيه وإن كانت في الحل ثم لجأ إلى الحرم لم تستوف منه فيه ويلجأ إلى الخروج منه فإذا خرج اقتص منه، واحتج بعضهم لإقامة حد القتل فيه بقتل ابن جطل ولا حجة فيه لأن ذلك كان في الوقت الذي أحل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.(فهو) أي البلد (حرام بحرم الله إلى يوم القيام) أي بتحريمه والفاء في فهو جزاء لشرط محذوف تقديره إذا كان الله كتب في اللوح المحفوظ تحريمه ثم أمر خليله بتبليغه وإنهائه
    فأنا أيضًا أبلغ ذلك وأنهيه إليكم وأقول فهو حرام بحرمة الله عز وجل وقال: فهو حرام بحرمة الله بعدما قال: وهو حرام بحرمة الله لينيط به غير ما أناط أوّلاً من قوله (لا يعضد) لا يقطع (شوكه) أي ولا شجره بطريق الأولى. نعم لا بأس بقطع المؤذي من الشوك كالعوسج قياسًا على الحيوان المؤذي (ولا ينفر صيده) فإن نفره عصى سواء تلف أم لا (ولا يلتقط لقطته) بفتح القاف في الرواية، وسبق في الباب الذي قبل هذا أن الصواب السكون (إلا من عرفها) أبدًا ولا يتملكها كما يتملكها في غيره من البلاد وهذا مذهب الشافعية وهو رأي متأخري المالكية فيما ذكره صاحب تحصيل المرام من المالكية،والصحيح من مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد أن لا خصوصية للقطتها والوجه هو الأول لأن الكلام ورد مورد الفضائل المختصة بها كتحريم صيدها وقطع شجرها وإذا سوينا بين لقطة الحرم ولقطة غيره من البلاد بقي ذكر اللقطة في هذا الحديث خاليًا عن الفائدة (ولا يختلى خلاها) ولا يقطع نباتها الرطب. قال الزمحشري في الفائق: وحق خلالها أن يكتب بالياء وتثنيته خليان اهـ.أي: لأنه من خليت بالياء. وأما النبات اليابس فيسمى حشيشًا لكن حكى البطليوس عن أبي حاتم أنه سأل أبا عبيدة عن الحشيش فقال: يكون في الرطب واليابس، وحكاه الأزهري أيضًا ويقويه أن في بعض طرق حديث أبي هريرة ولا يحتش حشيشها.(قال العباس) بن عبد المطلب: (يا رسول الله إلا الإذخر) بالنصب ويجوز الرفع على البدلية وسبق ما فيه الباب السابق (فإنه) أي الإذخر (لقينهم) بفتح القاف وسكون التحتية وبالنون حدادهم أو القين كل صاحب صناعة يعالجها بنفسه ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار (ولبيوتهم) في سقوفها يجعل فوق الخشب أو للوقود كالحلفاء.(قال): عليه الصلاة والسلام (إلا الإذخر) ولغير أبي الوقت قال: قال إلا الإذخر استثناء بعض من كل لدخول الإذخر في عموم ما يختلى به، واستدلّ به على جواز الفصل بين المستثنى والمستثنى منه، ومذهب الجمهور اشتراط الاتصال إما لفظًا وإما حكمًا لجواز الفصل بالتنفس مثلاً، وقد اشتهر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- الجواز مطلقًا واحتج له بظاهر هذا الحديث، وأجاب الجمهور عنه بأن هذا الاستثناء في حكم المتصل لاحتمال أن يكون -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد أن يقول إلا الإذخر فشغله العباس بكلامه فوصل كلامه بكلام نفسه فقال إلا الإذحز، وقد قال ابن مالك يجوز الفصل مع إضمار الاستثناء متصلاً بالمستثنى منه.

    (بابُُ لَا يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ)أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ لَا يحل الْقِتَال بِمَكَّة أَي فِي مَكَّة. قَوْله: (الْقِتَال) ، هَكَذَا وَقع فِي لفظ الحَدِيث، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم، وَوَقع فِي رِوَايَة أُخْرَى بِلَفْظ: (الْقَتْل) ، وَالْفرق بَين الْقَتْل والقتال ظَاهر، أما الْقَتْل فَنقل بَعضهم الِاتِّفَاق على جَوَاز إِقَامَة حد الْقَتْل فِيهَا على من أوقعه فِيهَا، وَخص الْخلاف بِمن قتل فِي الْحل، ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم. وَمِمَّنْ نقل الْإِجْمَاع على ذَلِك ابْن الْجَوْزِيّ، وَأما الْقِتَال فَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: من خَصَائِص مَكَّة أَن لَا يحارب أَهلهَا، فَلَو بغوا على أهل الْعدْل فَإِن أمكن ردهم بِغَيْر قتال لم يجز، وَإِن لم يُمكن إلاَّ بِالْقِتَالِ. فَقَالَ الْجُمْهُور: يُقَاتلُون لِأَن قتال الْبُغَاة من حُقُوق الله تَعَالَى فَلَا يجوز إضاعتها، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يجوز قِتَالهمْ بل يضيق عَلَيْهِم إِلَى أَن يرجِعوا إِلَى الطَّاعَة.وَقَالَ أبُو شُرَيْحٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاَ يُسْفَكُ بِهَا دَماأَبُو شُرَيْح: هُوَ الصَّحَابِيّ الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الَّذِي قبل الْبابُُ السَّابِق، وَقد مضى فِيهِ هَذَا التَّعْلِيق مَوْصُولا.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1750 ... ورقمه عند البغا:1834 ]
    - حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ طَاوُوس عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ لاَ هِجْرَةَ ولَكنْ جِهَادً ونِيَّةٌ وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفُرُوا فإنَّ هذَا بَلَدٌ حَرَّمَ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وإنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لأِحَدٍ قَبْلِي ولَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمةِ الله إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ولاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ولاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ
    إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا ولاَ يُخْتَلَى خَلاهَا. قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رسولَ الله إلاَّ الإذْخِرُ فإنَّهُ لِقَيُنِهِم ولِبُيُوتِهِمْ قَالَ إلاَّ الإذْخِرَ..مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَهُوَ حرَام بِحرْمَة الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) وَعُثْمَان بن أبي شيبَة هُوَ عُثْمَان بن مُحَمَّد ابْن أبي شيبَة، واسْمه إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان أَبُو الْحسن الْعَبْسِي الْكُوفِي وَهُوَ أَخُو أبي بكر عبد الله بن أبي شيبَة، مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ أكبر من أبي بكر بِثَلَاث سِنِين، وروى عَنهُ مُسلم أَيْضا. وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر يروي عَن مُجَاهِد عَن طَاوُوس، كَذَا يرويهِ مَوْصُولا، وَخَالفهُ الْأَعْمَش فَرَوَاهُ عَن مُجَاهِد عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُرْسلا، أخرجه سعيد بن مَنْصُور عَن أبي معمر عَنهُ، وَمَنْصُور ثِقَة حَافظ فَالْحكم لوصله. .والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج وَفِي الْجِزْيَة: عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الْجِهَاد: عَن آدم عَن شَيبَان وَعَن عَليّ بن عبد الله وَعَمْرو بن عَليّ، كِلَاهُمَا عَن يحيى. وَأخرجه مُسلم فِي الْجِهَاد عَن يحيى بن يحيى وَفِيه وَفِي الْحَج عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِيهِمَا أَيْضا عَن مُحَمَّد بن رَافع وَفِي الْجِهَاد أَيْضا عَن أبي بكر وَأبي كريب وَعَن عبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج وَالْجهَاد عَن عُثْمَان بِهِ مُنْقَطِعًا. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن أَحْمد بن عَبدة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْبيعَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور فِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن قدامَة وَعَن مُحَمَّد بن رَافع.قَوْله: (يَوْم افْتتح مَكَّة) مَنْصُوب لِأَنَّهُ ظرف: لقَالَ. قَوْله: (لَا هِجْرَة) ، أَي: بعد الْفَتْح، وَكَذَا جَاءَ عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ فِي رِوَايَته عَن جرير فِي كتاب الْجِهَاد وَالْهجْرَة من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام: بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَلم تبقَ هِجْرَة من مَكَّة بعد أَن صَارَت دَار الْإِسْلَام، وَهَذَا يتَضَمَّن معْجزَة لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَنَّهَا تبقى دَار الْإِسْلَام لَا يتَصَوَّر مِنْهَا الْهِجْرَة. قَوْله: (وَلَكِن جِهَاد) ، أَي: لَكِن لكم طَرِيق إِلَى تحصل الْفَضَائِل الَّتِي فِي معنى الْهِجْرَة، وَذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَنِيَّة الْخَيْر فِي كل شَيْء من لِقَاء رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَنَحْوه. وارتفاع: جِهَاد، على الِابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف مقدما، تَقْدِيره: لكم جِهَاد. قَوْله: (وَإِذا استنفرتم) أَي: إِذا دعَاكُمْ الإِمَام إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْغَزْو فاخرجوا إِلَيْهِ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: (وَلَكِن جِهَاد) ، عطف على مَحل مَدْخُول: (وَلَا هِجْرَة) أَي: الْهِجْرَة من الأوطان إِمَّا هِجْرَة الْفِرَار من الْكفَّار، وَإِمَّا إِلَى الْجِهَاد، وَإِمَّا إِلَى غير ذَلِك كَطَلَب الْعلم، وانقطعت الأولى وَبقيت الأخريان فاغتنموهما وَلَا تقاعدوا عَنْهُمَا، وَإِذا استنفرتم فانفروا. قَوْله: (فَإِن هَذَا بلد) الْفَاء فِيهِ جَوَاب شَرط مَحْذُوف تَقْدِيره: إِذا علمْتُم ذَلِك فاعلموا أَن هَذَا بلد حرَام. قَوْله: (حرم الله) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (حرمه الله) بِالْهَاءِ، قَوْله: (بِحرْمَة الله) ، أَي: بِتَحْرِيمِهِ، وَهَذَا تَأْكِيد للتَّحْرِيم. قَوْله: (وَإنَّهُ) أَي: إِن الشَّأْن (لم يحل الْقِتَال فِيهِ) هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني بِلَفْظ: (لم يحل) ، وَفِي رِوَايَة غَيره: (لَا يحل) ، بِلَفْظ: لَا، وَالْأول أشبه. لقَوْله: (قبلي) . قَوْله: (وَلَا يلتقط) ، على صِيغَة الْمَعْلُوم وفاعله هُوَ قَوْله: (من عرفهَا) . قَوْله: (خَلاهَا) بِالْقصرِ كَمَا ذكرنَا، وَذكر ابْن التِّين أَنه وَقع فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ بِالْمدِّ، وَهُوَ: الرطب من النَّبَات، واختلاؤه وقطعه واحتشاشه، وَتَخْصِيص التَّحْرِيم بالرطب إِشَارَة إِلَى جَوَاز رعي الْيَابِس واختلائه، وَهُوَ أصح الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيَّة، لِأَن النبت الْيَابِس كالصيد الْمَيِّت. وَقَالَ ابْن قدامَة: لَكِن فِي اسْتثِْنَاء الْإِذْخر إِشَارَة إِلَى تَحْرِيم الْيَابِس من الْحَشِيش، وَيدل عَلَيْهِ أَن فِي بعض طرق حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (وَلَا يحتش حشيشها) . قَوْله: (قَالَ الْعَبَّاس) ، هُوَ ابْن عبد الْمطلب، كَمَا وَقع كَذَلِك فِي المغاوي من وَجه آخر. قَوْله: (إلاَّ الْإِذْخر) ، قد ذكرنَا أَنه اسْتثِْنَاء تلقيني وَالِاسْتِثْنَاء التلقيني هُوَ أَن الْعَبَّاس لم يرد بِهِ أَن يَسْتَثْنِي هُوَ بِنَفسِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَن يلقن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على جَوَاز الْفَصْل بَين الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ، وَمذهب الْجُمْهُور اشْتِرَاط الِاتِّصَال إِمَّا لفظا وَإِمَّا حكما كجواز الْفَصْل بالتنفس مثلا، وَقد اشْتهر عَن ابْن عَبَّاس الْجَوَاز مُطلقًا، وَاحْتج لَهُ بِظَاهِر هَذِه القة. وَأجَاب الْجُمْهُور عَنهُ بِأَن هَذَا الِاسْتِثْنَاء فِي حكم الْمُتَّصِل لاحْتِمَال أَن يكون النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَرَادَ أَن يَقُول: إلاَّ الْإِذْخر، فَشَغلهُ الْعَبَّاس بِكَلَامِهِ، فوصل كَلَامه بِكَلَام نَفسه، فَقَالَ: إلاَّ الْإِذْخر، وَقد قَالَ مَالك: يجوز الْفَصْل مَعَ إِضْمَار الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا بالمستثنى مِنْهُ. فَإِن قلت: هَل كَانَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إلاَّ الْإِذْخر؟) بِاجْتِهَاد أَو وَحي؟ قلت: اخْتلفُوا فِيهِ
    فَقيل: أوحى الله قبل ذَلِك أَنه إِن طلب أحد اسْتثِْنَاء شَيْء من ذَلِك فأجب سُؤَاله، وَقيل: كَانَ الله تَعَالَى فوض لَهُ الحكم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُطلقًا. وَحكى ابْن بطال عَن الْمُهلب: أَن الِاسْتِثْنَاء هُنَا للضَّرُورَة كتحليل أكل الْميتَة عِنْد الضَّرُورَة، وَقد بَين الْعَبَّاس ذَلِك بِأَن الْإِذْخر لَا غنى لأهل مَكَّة عَنهُ، ورد عَلَيْهِ بِأَن الَّذِي يُبَاح للضَّرُورَة يشْتَرط حُصُولهَا فِيهِ، فَلَو كَانَ الْإِذْخر مثل الْميتَة لامتنع اسْتِعْمَاله إلاَّ فِيمَن تحققت ضَرُورَته فِيهِ، وَالْإِجْمَاع على أَنه مُبَاح مُطلقًا بِغَيْر قيد الضَّرُورَة، وَقيل: الْحق أَن سُؤال الْعَبَّاس كَانَ على معنى الضراعة وترخيص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ تبليغا عَن الله تَعَالَى، إِمَّا بطرِيق الإلهام أَو بطرِيق الْوَحْي، وَمن ادّعى أَن نزُول الْوَحْي يحْتَاج إِلَى أمد متسع فقد وهم، وَيجوز فِي الْإِذْخر الرّفْع على أَنه بدل مِمَّا قبله، وَيجوز النصب لكَونه اسْتثِْنَاء وَقع بعد النَّهْي، وَقَالَ ابْن مَالك: وَالْمُخْتَار النصب لكَون الِاسْتِثْنَاء وَقع متراخيا عَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، فبعدت المشاكلة بالبدلية، لكَون الِاسْتِثْنَاء أَيْضا عرض فِي آخر الْكَلَام، وَلم يكن مَقْصُودا. قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الْإِذْخر. قَوْله: (لِقَيْنِهِم) ، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء فِي آخر الْحُرُوف بعْدهَا نون، وَهُوَ الْحداد. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: الْقَيْن عِنْد الْعَرَب كل ذِي صناعَة يعالجها بِنَفسِهِ. قَوْله: (ولبيوتهم) يَعْنِي: لسقوف بُيُوتهم حَيْثُ يجعلونه فَوق الْخشب، وَقَالَ التَّيْمِيّ: مَعْنَاهُ يوقدونه فِي بُيُوتهم، وَفِي رِوَايَة الْمَغَازِي: (فَإِنَّهُ لَا بُد مِنْهُ للقين والبيوت) ، وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة: (فَإِنَّهُ لصاغتنا وَقُبُورنَا) . وَوَقع فِي مُرْسل مُجَاهِد عِنْد عمر بن شبة الْجمع بَين الثَّلَاثَة، وَوَقع عِنْده أَيْضا، (فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله! إِن أهل مَكَّة لَا صَبر لَهُم عَن الْإِذْخر لِقَيْنِهِم وَبُيُوتهمْ) .وَمن فَوَائِد هَذَا الحَدِيث: جَوَاز مُرَاجعَة الْعَالم فِي الْمصَالح الشَّرْعِيَّة والمبادرة إِلَى ذَلِك فِي المجامع والمشاهد. وَمِنْهَا: عظم منزلَة الْعَبَّاس عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمِنْهَا عنايته بِأَمْر مَكَّة لكَونه كَانَ مِنْهَا أَصله ومنشؤه. وَمِنْهَا: رفع وجوب الْهِجْرَة عَن مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وإبقاء حكمهَا من بِلَاد الْكفْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَمِنْهَا: أَنه يشْتَرط الْإِخْلَاص للْجِهَاد وَلكُل نِيَّة فِيهَا خير، وَالله أعلم.

    حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ ‏"‏ لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا ‏"‏‏.‏ قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ‏.‏ قَالَ قَالَ ‏"‏ إِلاَّ الإِذْخِرَ ‏"‏‏.‏

    Narrated Ibn `Abbas:On the day of the conquest of Mecca, the Prophet (ﷺ) said, "There is no more emigration (from Mecca) but Jihad and intentions, and whenever you are called for Jihad, you should go immediately. No doubt, Allah has made this place (Mecca) a sanctuary since the creation of the heavens and the earth and will remain a sanctuary till the Day of Resurrection as Allah has ordained its sanctity. Fighting was not permissible in it for anyone before me, and even for me it was allowed only for a portion of a day. So, it is a sanctuary with Allah's sanctity till the Day of Resurrection. Its thorns should not be uprooted and its game should not be chased; and its luqata (fallen things) should not be picked up except by one who would announce that publicly, and its vegetation (grass etc.) should not be cut." Al-`Abbas said, "O Allah's Messenger (ﷺ)! Except Al-Idhkhir, (for it is used by their blacksmiths and for their domestic purposes)." So, the Prophet (ﷺ) said, "Except Al-Idhkhir

    Telah menceritakan kepada kami ['Utsman bin Abu Syaibah] telah menceritakan kepada kami [Jarir] dari [Manshur] dari [Mujahid] dari [Thawus] dari [Ibnu 'Abbas radliallahu 'anhuma] berkata; Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda pada hari pebebasan kota Makkah: "Tidak ada lagi hijrah tetapi yang ada adalah jihad dan niat dan jika kalian diperintahkan berangkat perang maka berangkatlah. Sesungguhnya negeri ini telah Allah Ikrarkan kesucikannya sejak hari penciptaan langit dan bumi. Maka dia akan terus suci dengan pensucian dari Allah itu hingga hari qiyamat sehingga tidak dibolehkan perang didalamnya buat seorangpun sebelum aku dan tidak dihalalkan pula buatku kecuali sesaat dalam suatu hari. Maka dia suci dengan pensucian dari Allah itu hingga hari qiyamat, dan tidak boleh ditebang pepohonannya dan tidak boleh diburu hewan buruannya dan tidak ditemukan satupun barang temuan kecuali harus dikembalikan kepada yang mengenalnya (pemiliknya) dan tidak boleh dipotong rumputnya". Berkata, Al 'Abbas radliallahu 'anhu: "Wahai Rasulullah, kecuali pohon idzkhir yang berguna untuk wewangian tukang besi mereka dan rumah-rumah mereka". Dia berkata,, maka Beliau bersabda: "Ya, kecuali pohon idzkhir

    İbn Abbas r.a. şöyle dedi: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem Mekke'yi fethettiği gün şöyle buyurdu: "Bundan böyle (Mekke'den Medine'ye) hicret yoktur. Ancak cihad etmek ve niyet vardır. Sizden sefere çıkmanız istendiğinde sefere çıkın. Burası, Allah'ın gökleri ve yeri yarattığı zaman haram kıldığı bir beldedir. Burası, Allah'ın haram kılması sebebiyle kıyamete kadar haramdır. Benden önce hiç kimsenin burada savaş yapması helal kılınmadı. Benim için de ancak gündüzün belirli bir anında helal kılındı. Burası Allah'ın haram kılması sebebiyle kıyamete kadar haramdır. Mekke'nin dikeni koparılmaz, avı ürkütülmez, du­yurmak amacı dışında düşürülen malı alınmaz, otu koparılmaz." Bu sırada Abbas şöyle dedi: Ey Allah'ın Resulü izhir hariç. Bu ot, Mekke'lilerin demircileri tarafından kullanılır, ayrıca evlerde de kullanılır. Hz.Nebi: "İzhir hariç" buyurdu

    ہم سے عثمان بن ابی شیبہ نے بیان کیا، کہا ہم سے جریر نے بیان کیا، ان سے منصور نے، ان سے مجاہد نے، ان سے طاؤس نے اور ان سے ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فتح مکہ کے دن فرمایا اب ہجرت فرض نہیں رہی لیکن ( اچھی ) نیت اور جہاد اب بھی باقی ہے اس لیے جب تمہیں جہاد کے لیے بلایا جائے تو تیار ہو جانا۔ اس شہر ( مکہ ) کو اللہ تعالیٰ نے اسی دن حرمت عطا کی تھی جس دن اس نے آسمان اور زمین پیدا کئے، اس لیے یہ اللہ کی مقرر کی ہوئی حرمت کی وجہ سے محترم ہے یہاں کسی کے لیے بھی مجھ سے پہلے لڑائی جائز نہیں تھی اور مجھے بھی صرف ایک دن گھڑی بھر کے لیے ( فتح مکہ کے دن اجازت ملی تھی ) اب ہمیشہ یہ شہر اللہ کی قائم کی ہوئی حرمت کی وجہ سے قیامت تک کے لیے حرمت والا ہے پس اس کا کانٹا کاٹا جائے نہ اس کے شکار ہانکے جائیں اور اس شخص کے سوا جو اعلان کرنے کا ارادہ رکھتا ہو کوئی یہاں کی گری ہوئی چیز نہ اٹھائے اور نہ یہاں کی گھاس اکھاڑی جائے۔ عباس رضی اللہ عنہ نے کہا یا رسول اللہ! اذخر ( ایک گھاس ) کی اجازت تو دیجئیے کیونکہ یہاں یہ کاری گروں اور گھروں کے لیے ضروری ہے تو آپ ے فرمایا کہ اذخر کی اجازت ہے۔

    وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ لاَ يَسْفِكُ بِهَا دَمًا আবূ শুরাইহ্ (রাঃ) নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম হতে বর্ণনা করেন যে, মক্কাতে কোন রক্তপাত করা যাবে না। ১৮৩৪. ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, মক্কা বিজয়ের দিন নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছিলেনঃ এখন হতে আর হিজরত নেই, রয়েছে কেবল জিহাদ এবং নিয়ত। সুতরাং যখন তোমাদেরকে জিহাদের জন্য ডাকা হবে, এ ডাকে তোমরা সাড়া দিবে। আসমান-যমীন সৃষ্টির দিন হতেই আল্লাহ তা‘আলা এ শহরকে হারাম (মহাসম্মানিত) করে দিয়েছেন। আল্লাহ কর্তৃক সম্মানিত করার কারণেই কিয়ামত পর্যন্ত এ শহর থাকবে মহাসম্মানিত হিসেবে। এ শহরে লড়াই করা আমার পূর্বেও কারো জন্য বৈধ ছিল না এবং আমার জন্যও দিনের কিছু অংশ ব্যতীত বৈধ হয়নি। আল্লাহ কর্তৃক সম্মানিত করার কারণে তা থাকবে কিয়ামত পর্যন্ত মহাসম্মানিত হিসেবে। এর কাঁটা উপড়িয়ে ফেলা যাবে না, তাড়ানো যাবে না এর শিকার্য জানোয়ারকে, ঘোষণা করার উদ্দেশ্য ব্যতীত কেউ এ স্থানে পড়ে থাকা কোন বস্তুকে উঠিয়ে নিতে পারবে না এবং কর্তন করা যাবে না এখানকার কাঁচা ঘাস ও তরুলতাগুলোকে। ‘আব্বাস (রাঃ) বললেন, হে আল্লাহর রাসূল! ইযখির বাদ দিয়ে। কেননা এ তো তাদের কর্মকারদের জন্য এবং তাদের ঘরে ব্যবহারের জন্য। বর্ণনাকারী বলেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ হাঁ, ইযখির বাদ দিয়ে। (১৩৪৯, মুসলিম ১৫/৮১, হাঃ ১৩৫৩) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৭০২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் மக்காவை வெற்றி கண்ட நாளில், “இனி (மக்காவிலிருந்து) புலம்பெயர்தல் (ஹிஜ்ரத்) என்பது கிடையாது; என்றாலும், அறப்போர் புரிவதும் அதற்காக(வும் மற்ற நற்செயல்கள் புரியவும்) நாட்டம் கொள்வதும்தான் இருக்கிறது. நீங்கள் போருக்காக அழைக் கப்பட்டால் புறப்படுங்கள். வானங்களையும் பூமியையும் படைத்த நாள் முதல் அல்லாஹ் இந்த ஊரைப் புனிதப்படுத்தி யிருக்கிறான்; அவன் புனிதப்படுத்திய காரணத்தால் மறுமை நாள்வரை இவ்வூர் புனிமானதாகவே இருக்கும். எனக்கு முன்னர் எவருக்கும் இங்கு போர் செய்ய அனுமதி அளிக்கப்படவில்லை: எனக் குக்கூட பகலில் சிறிது நேரம் (மட்டுமே) அனுமதிக்கப்பட்டது. அல்லாஹ் புனிதப்படுத்தியிருப்பதால், மறுமை நாள்வரை இவ்வூர் புனிதமான தாகவே விளங்கும். இங்குள்ள முட்கள் வெட்டப்படக் கூடாது; வேட்டைப் பிராணி விரட்டப்படக் கூடாது; இங்கே கீழே விழுந்துகிடக்கும் பொருளை, அதை அறிவிப்புச் செய்(து உரியவரிடம் சேர்ப்)பவர் தவிர மற்றவர் எடுக்கக் கூடாது; இங்குள்ள புற்பூண்டுகள் பறிக்கப்படக் கூடாது!” என்று கூறினார்கள். அப்போது “அல்லாஹ்வின் தூதரே! இத்கிர் எனும் புல்லைத் தவிரவா? ஏனெனில், அது வீடுகளுக்கும் உலோகத் தொழிலாளர்களுக்கும் பயன்படுகிறது” என்று (என் தந்தை) அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கேட்க, நபி (ஸல்) அவர்கள், “இத்கிரைத் தவிர” என்று பதிலளித்தார்கள். அத்தியாயம் :