• 1092
  • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ : " إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ "

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ : إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ

    وكرائم: كرائم : أفضل الأموال وأحبها في نفوس أصحابها
    إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ ، فَادْعُهُمْ
    حديث رقم: 1342 في صحيح البخاري كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة
    حديث رقم: 2343 في صحيح البخاري كتاب المظالم والغصب باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم
    حديث رقم: 1400 في صحيح البخاري كتاب الزكاة باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة
    حديث رقم: 6977 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى
    حديث رقم: 4112 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
    حديث رقم: 6978 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى
    حديث رقم: 53 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ الْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَشَرَائِعِ الدِّينِ ، وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ
    حديث رقم: 1386 في سنن أبي داوود كِتَاب الزَّكَاةِ
    حديث رقم: 2021 في جامع الترمذي أبواب البر والصلة باب ما جاء في دعوة المظلوم
    حديث رقم: 620 في جامع الترمذي أبواب الزكاة باب ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة
    حديث رقم: 2422 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة
    حديث رقم: 2505 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الزكاة إخراج الزكاة من بلد إلى بلد
    حديث رقم: 1778 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ
    حديث رقم: 2088 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
    حديث رقم: 2156 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ قَسْمِ الْمُصَّدِّقَاتِ ، وَذِكْرِ أَهْلِ سُهْمَانِهَا
    حديث رقم: 2016 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 156 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ فَرْضِ الْإِيمَانِ
    حديث رقم: 2460 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 5172 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الدَّعْوَى ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَ بِهَذَا الْأَمْرِ
    حديث رقم: 2190 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الزَّكَاةِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ
    حديث رقم: 2273 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الزَّكَاةِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ
    حديث رقم: 1819 في سنن الدارمي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ بَابٌ فِي فَرْضِ الزَّكَاةِ
    حديث رقم: 1806 في سنن الدارمي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ كَرَائِمِ أَمْوَالِ النَّاسِ
    حديث رقم: 2846 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ بَابُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ
    حديث رقم: 11997 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 10759 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْغَصْبِ بَابُ تَحْرِيمِ الْغَصْبِ وَأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ
    حديث رقم: 6858 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ لَا يَأْخُذُ السَّاعِي فَوْقَ مَا يَجِبُ وَلَا مَاخِضًا إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ
    حديث رقم: 6883 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ لَا يُؤْخَذُ كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ
    حديث رقم: 12260 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بَابُ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أَهْلِ دِينِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
    حديث رقم: 12275 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بَابُ مَنْ جَعَلَ الصَّدَقَةَ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ
    حديث رقم: 12283 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بَابُ مَنْ قَالَ : لَا يُخْرِجُ صَدَقَةَ قَوْمٍ مِنْهُمْ مِنْ بَلَدِهِمْ
    حديث رقم: 1804 في سنن الدارقطني كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ الْحَثِّ عَلَى إِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ وَبَيَانِ قِسْمَتِهَا
    حديث رقم: 1805 في سنن الدارقطني كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ الْحَثِّ عَلَى إِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ وَبَيَانِ قِسْمَتِهَا
    حديث رقم: 1018 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَاتِ
    حديث رقم: 1620 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي
    حديث رقم: 2111 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ بَيَانِ فَرْضِ الزَّكَاةِ وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا بَعَثَ الْمُتَوَلِّيَ إِلَى بَلْدَةٍ
    حديث رقم: 50 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
    حديث رقم: 1329 في الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ فِي الْإِمْلَاءِ رِوَايَتَهُ لِكَافَّةِ النَّاسِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ

    [1496] قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ مَكِّيٌّ وَكَذَا مَنْ فَوْقَهُ قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ زَكَرِيَّا حَدَّثَنِي يَحْيَى أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ يَقُول سَمِعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ وَكِيع فَقَالَ فِيهِ عَن بن عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِ مُعَاذٍ وَظَاهِرُ سِيَاقِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّفْظَ مُدْرَجٌ لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ بن عَبَّاسٍ فَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ وَكِيعٍ فَقَالَ فِيهِ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ بن رَاهْوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ بِهِ وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ وَكِيعٍ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ وَسَيَأْتِي فِي الْمَظَالِمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيِّ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ وَمُوسَى بْنِ السُّدِّيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيِّ كُلِّهِمْ عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ فَإِنْ ثَبَتَتْ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ فَهُوَ من مُرْسل بن عَبَّاس لَكِن لَيْسَ حُضُور بن عَبَّاسٍ لِذَلِكَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ مَعَ أَبَوَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بَعْثُ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ سَنَةَ عَشْرٍ قَبْلَ حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى كَعْب بن مَالك وَأخرجه بن سعد فِي الطَّبَقَات عَنهُ ثمَّ حكى بن سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ عَشْرٍ وَقِيلَ بَعَثَهُ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْيَمَنِ إِلَى أَنْ قَدِمَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ مُعَاذٌ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا فَجَزَمَ بن عَبْدِ الْبَرِّ بِالثَّانِي وَالْغَسَّانِيُّ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ هِيَ كَالتَّوْطِئَةِ لِلْوَصِيَّةِ لِتُسْتَجْمَعَ هِمَّتُهُ عَلَيْهَا لِكَوْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْلَ عِلْمٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تَكُونُ الْعِنَايَةُ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ كَمُخَاطَبَةِ الْجُهَّالِ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يَقْدُمُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ فَإِذَا جِئْتَهُمْ قِيلَ عَبَّرَ بِلَفْظِ إِذَا تَفَاؤُلًا بِحُصُولِ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ قَوْلُهُ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ بِلَفْظِ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ كَذَا فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فَفِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فَأَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ وَفِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْهُ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَوْحِيدُهُ وَبِتَوْحِيدِهِ الشَّهَادَةُ لَهُ بِذَلِكَ وَلِنَبِيِّهِ بِالرِّسَالَةِ وَوَقَعَتِ الْبُدَاءَةُ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ غَيْرُهُمَا إِلَّا بِهِمَا فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ مُوَحِّدٍ فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى التَّعْيِينِ وَمَنْ كَانَ مُوَحِّدًا فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ بِالرِّسَالَةِ وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَا يَقْتَضِي الْإِشْرَاكَ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ كَمَنْ يَقُولُ بِبُنُوَّةِ عُزَيْرٍ أَوْ يَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ فَتَكُونُ مُطَالَبَتُهُمْ بِالتَّوْحِيدِ لِنَفْيِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَقَائِدِهِمْ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّبَرِّي مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ كَانَ كَافِرًا بِشَيْءٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِغَيْرِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا بِتَرْكِ اعْتِقَادِ مَا كَفَرَ بِهِوَالْجَوَابُ أَنَّ اعْتِقَادَ الشَّهَادَتَيْنِ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ اعْتِقَادِ التَّشْبِيهِ وَدَعْوَى بُنُوَّةِ عُزَيْرٍ وَغَيْرِهِ فَيُكْتَفَى بِذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْإِسْلَامِ الِاقْتِصَارُ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى يُضِيفَ إِلَيْهَا الشَّهَادَةَ لِمُحَمَّدٍ بِالرِّسَالَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِيرُ بِالْأُولَى مُسْلِمًا وَيُطَالَبُ بِالثَّانِيَةِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ بِالْحُكْمِ بِالرِّدَّةِ تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا كَانَ أَصْلُ دُخُولِ الْيَهُودِيَّةِ فِي الْيَمَنِ فِي زَمَنِ أَسْعَدَ أَبِي كرب وَهُوَ تبع الْأَصْغَر كَمَا حَكَاهُ بن إِسْحَاقَ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ ثَانِيهِمَا قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَبَرَّأَتِ الْيَهُودُ فِي هَذِه الْأَزْمَان من القَوْل بِأَن العزير بن اللَّهِ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي زَمَنِهِ وَالْيَهُودُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ وَلَا تَعَقَّبَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا جَمِيعُهُمْ بِدَلِيلِ أَن الْقَائِل من النَّصَارَى إِن الْمَسِيح بن اللَّهِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا جَمِيعُهُمْ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الطَّائِفَةُ انْقَرَضَتْ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ كَمَا انْقَلَبَ اعْتِقَادُ مُعْظَمِ الْيَهُودِ عَنِ التَّشْبِيهِ إِلَى التَّعْطِيلِ وَتَحَوَّلَ مُعْتَقَدُ النَّصَارَى فِي الِابْنِ وَالْأَبِ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْنَوِيَّةِ لَا الْحِسِّيَّةِ فَسُبْحَانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ قَوْلُهُ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ أَيْ شَهِدُوا وَانْقَادُوا وَفِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوا لِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ وَعَدَّى أَطَاعَ بِاللَّامِ وَإِنْ كَانَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى انْقَادَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَيْسُوا بِعَارِفِينَ وَإِنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُظْهِرُونَ مَعْرِفَتَهُ لَكِنْ قَالَ حُذَّاقُ الْمُتَكَلِّمِينَ مَا عَرَفَ اللَّهَ مَنْ شَبَّهَهُ بِخَلْقِهِ أَوْ أَضَافَ إِلَيْهِ الْيَدَ أَوْ أَضَافَ إِلَيْهِ الْوَلَد فَمَعْبُودُهُمُ الَّذِي عَبَدُوهُ لَيْسَ هُوَ اللَّهُ وَإِنْ سَمَّوْهُ بِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ حَيْثُ دُعُوا أَوَّلًا إِلَى الْإِيمَانِ فَقَطْ ثُمَّ دُعُوا إِلَى الْعَمَلِ وَرَتَّبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا فَأَخْبِرْهُمْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُطِيعُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الدَّعْوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّرْتِيبَ فِي الْوُجُوبِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ وَقَدْ قُدِّمَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرُتِّبَتِ الْأُخْرَى عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَرْتِيبِ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّلَاةِ أَنَّ الَّذِي يُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ وَيَجْحَدُ الصَّلَاةَ يَكْفُرُ بِذَلِكَ فَيَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا فَلَا تَنْفَعُهُ الزَّكَاةُ وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ إِنَّ ذِكْرَ الصَّدَقَةِ أُخِّرَ عَنْ ذِكْرِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ وَأَنَّهَا لَا تُكَرَّرُ تَكْرَارَ الصَّلَاةِ فَهُوَ حَسَنٌ وَتَمَامُهُ أَنْ يُقَالَ بَدَأَ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَذَلِكَ مِنَ التَّلَطُّفِ فِي الْخِطَابِ لِأَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُمْ بِالْجَمِيعِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لَمْ يَأْمَنِ النُّفْرَةَ قَوْلُهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بذلك قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِقْرَارَهُمْ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ وَالْتِزَامِهِمْ لَهَا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الطَّاعَةَ بِالْفِعْلِ وَقَدْ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْفَرِيضَةِ فَتَعُودُ الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَيْهَا وَيَتَرَجَّحُ الثَّانِي بِأَنَّهُمْ لَوْ أُخْبِرُوا بِالْفَرِيضَةِ فَبَادَرُوا إِلَى الِامْتِثَالِ بِالْفِعْلِ لَكَفَى وَلَمْ يُشْتَرَطِ التَّلَفُّظُ بِخِلَافِ الشَّهَادَتَيْنِ فَالشَّرْطُ عَدَمُ الْإِنْكَارِ وَالْإِذْعَانُ لِلْوُجُوبِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَمَنِ امْتَثَلَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَفَاهُ أَوْ بِهِمَا فَأَوْلَىوَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّوْا وَبَعْدَ ذِكْرِ الزَّكَاةِ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ قَوْلُهُ صَدَقَةً زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ زَكَرِيَّا فِي أَمْوَالِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ وَفِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ قَوْلُهُ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ الزَّكَاةِ وَصَرْفَهَا إِمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِنَائِبِهِ فَمَنِ امْتَنَعَ مِنْهَا أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا قَوْلُهُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ اسْتُدِلَّ بِهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ إِنَّهُ يَكْفِي إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِي صِنْفٍ وَاحِد وَفِيه بحث كَمَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ الْفُقَرَاءَ لِكَوْنِهِمُ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ وَلِلْمُطَابَقَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ.
    وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى الْمَدْيُونِ زَكَاةَ مَا فِي يَدِهِ إِذَا لَمْ يَفْضُلْ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ قَدْرُ نِصَابٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ إِذَا كَانَ إِخْرَاجُ مَالِهِ مُسْتَحَقًّا لِغُرَمَائِهِ قَوْلُهُ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ كَرَائِمَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ لَا يجوز إِظْهَاره قَالَ بن قُتَيْبَةَ وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ الْوَاوِ وَالْكَرَائِمُ جَمْعُ كَرِيمَةٍ أَيْ نَفِيسَةٍ فَفِيهِ تَرْكُ أَخْذِ خِيَارِ الْمَالِ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ الزَّكَاةَ لِمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْإِجْحَافَ بِمَالِ الْأَغْنِيَاءِ إِلَّا إِنْ رَضَوْا بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ قَوْلُهُ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ أَيْ تَجَنَّبِ الظُّلْمَ لِئَلَّا يَدْعُو عَلَيْك الْمَظْلُوم وَفِيه تَنْبِيه علىالمنع مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهِ عَقِبَ الْمَنْعِ مِنْ أَخْذِ الْكَرَائِمِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ أَخْذَهَا ظُلْمٌ.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَطَفَ وَاتَّقِ عَلَى عَامِلِ إِيَّاكَ الْمَحْذُوفِ وُجُوبًا فَالتَّقْدِيرُ اتَّقِ نَفْسَكَ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْكَرَائِمِ وَأَشَارَ بِالْعَطْفِ إِلَى أَنَّ أَخْذَ الْكَرَائِمِ ظُلْمٌ وَلَكِنَّهُ عَمَّمَ إِشَارَةً إِلَى التَّحَرُّزِ عَنِ الظُّلْمِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ حِجَابٌ أَيْ لَيْسَ لَهَا صَارِفٌ يَصْرِفُهَا وَلَا مَانِعٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى حِجَابًا يَحْجُبُهُ عَنِ النَّاسِ.
    وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ تَذْيِيلٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الظُّلْمِ الْخَاصِّ مِنْ أَخْذِ الْكَرَائِمِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ تَعْلِيلٌ لِلِاتِّقَاءِ وَتَمْثِيلٌ لِلدُّعَاءِ كَمَنْ يَقْصِدُ دَارَ السُّلْطَانِ مُتَظَلِّمًا فَلَا يُحْجَبُ وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدٌ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن الْعَرَبِيِّ إِلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ مَا طَلَبَ وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلُهُ وَهَذَا كَمَا قُيِّدَ مُطْلَقُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَمْ مَنْ يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا الدُّعَاءُ إِلَى التَّوْحِيدِ قَبْلَ الْقِتَالِ وَتَوْصِيَةُ الْإِمَامِ عَامِلَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ بَعْثُ السُّعَاةِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَقَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِيجَابُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ قَالَهُ عِيَاضٌ وَفِيهِ بَحْثٌ وَأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُدْفَعُ إِلَى الْكَافِرِ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ فِي فُقَرَائِهِمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخُصُوصِ الْبَلَدِ أَوِ الْعُمُومِ وَأَنَّ الْفَقِيرَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَأَنَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَعَلَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ غَنِيًّا وَقَابَلَهُ بِالْفَقِيرِ وَمَنْ مَلَكَ النِّصَابَ فَالزَّكَاةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ فَهُوَ غَنِيٌّ وَالْغِنَى مَانِعٌ مِنْ إِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إِلَّا مَنِ اسْتُثْنِيَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَيْسَ هَذَا الْبَحْثُ بِالشَّدِيدِ الْقُوَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ.
    وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِيهِ أَنَّ الْمَالَ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ لِإِضَافَةِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا تَكْمِيلٌ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ أَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ فِي آخر الْأَمر وَأجَاب بن الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى ارْتِفَاعِ الْوُثُوقِ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَأَجَابَ الْكرْمَانِيبِأَنَّ اهْتِمَامَ الشَّارِعِ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ أَكْثَرُ وَلِهَذَا كُرِّرَا فِي الْقُرْآنِ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُذْكَرِ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاة وَالزَّكَاة إِذا وجبا عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا يَسْقُطَانِ عَنْهُ أَصْلًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ بِالْفِدْيَةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ الْغَيْرَ قَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ كَمَا فِي الْمَعْضُوبِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ انْتَهَى.
    وَقَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ لَمْ يَخْلُ الشَّارِعُ مِنْهُ بِشَيْء كَحَدِيث بن عُمَرَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَإِذَا كَانَ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ اكْتُفِيَ بِالْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الشَّهَادَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ وُجُودِ فَرْضِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ بَرَاءَةٌ مَعَ أَنَّ نُزُولَهَا بعد فرض الصَّوْم وَالْحج قطعا وَحَدِيث بن عُمَرَ أَيْضًا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْخَمْسَةَ اعْتِقَادِيٌّ وَهُوَ الشَّهَادَةُ وَبَدَنِيٌّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَمَالِيٌّ وَهُوَ الزَّكَاةُ اقْتُصِرَ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا لِتَفَرُّعِ الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الصَّوْمَ بَدَنِيٌّ مَحْضٌ وَالْحَجَّ بَدَنِيٌّ مَالِيٌّ وَأَيْضًا فَكَلِمَةُ الْإِسْلَام هِيَ الأَصْل وَهِيَ شَاقَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَالصَّلَوَاتُ شَاقَّةٌ لِتَكَرُّرِهَا وَالزَّكَاةُ شَاقَّةٌ لِمَا فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ مِنْ حُبِّ الْمَالِ فَإِذَا أَذْعَنَ الْمَرْءُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَانَ مَا سِوَاهَا أَسْهَلَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَالله أعلم ق (وَله بَابُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة إِلَى قَوْله سكن لَهُم) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَطَفَ الدُّعَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي التَّرْجَمَةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مُحَتَّمًا بَلْ غَيْرُهُ مِنَ الدُّعَاءِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ الِانْحِصَارِ فِي لَفْظِ الصَّلَاةِ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَجُلٍ بَعَثَ بِنَاقَةٍ حَسَنَةٍ فِي الزَّكَاةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَةِ لِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ فُهِمَ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ مُدَاوَمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَهُ عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم وروى بن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم قَالَ أدع لَهُم.
    وَقَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ لِيُبْطِلَ شُبْهَةَ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي قَوْلِهِمْ لِلصِّدِّيقِ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِن صَلَاتك سكن لَهُم وَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّسُولِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ كُلَّ إِمَامٍ دَاخِلٌ فِي الْخِطَابِ قَوْلُهُ عَنْ عَمْرو هُوَ بن مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا من بن أَبِي أَوْفَى قَالَ شُعْبَةُ كَانَ لَا يُدَلِّسُ قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي بِلَفْظ سَمِعت بن أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَوْلُهُ

    باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَتُرَدَّ فِي الْفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا(باب أخذ الصدقة) المفروضة (من الأغنياء وترد) بالرفع كما في الفرع وغيره مما وقفت عليه من الأصول المعتمدة. وقال العيني بالنصب بتقدير أن فيكون في حكم المصدر ويكون التقدير: وأن تردّ وهو الذي في اليونينية فقط أي والرد (في الفقراء حيث كانوا) ظاهره أن المؤلّف يختار جواز نقل الزكاة من بلد المال قاله ابن المنير وهو مذهب الحنفية والأصح عند الشافعية والمالكية عدم الجواز. نعم، لو نقل أجرأ عند المالكية لكن لو نقل لدون أهل بلد الوجوب في الحاجة لم يجزه وهو المشهور عندهم ولم يجز النقل عند الشافعية إلا عند فقد المستحقين.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1437 ... ورقمه عند البغا: 1496 ]
    - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ".وبالسند قال: (حدّثنا محمد) ولأبي ذر محمد بن مقاتل المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا زكريا بن إسحاق) المكي (عن يحيى بن عبد الله بن صيفي) بفتح الصاد المهملة وسكون المثناة التحتية وكسر الفاء (عن أبي معبد) نافد بالنون والفاء والدال المهملة أو المعجمة (مولى ابن عباس عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال:) وفي رواية إسماعيل بن أمية عند المؤلّف في التوحيد عن يحيى أنه سمع أبا معبد يقول، سمعت ابن عباس يقول: (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:) ولمسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وإسحاق بن إبراهيم ثلاثتهم عن وكيع، وقال فيه عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعلى هذا يكون الحديث من مسند معاذ لكنه في جميع الطرق من مسند ابن عباس كما عند المؤلّف وليس حضور ابن عباس لذلك ببعيد لأنه كان في أواخر حياة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو إذ ذاك مع أبويه بالمدينة قاله الحافظ ابن حجر (لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن) واليًا كما عند العسكري أو قاضيًا كما عند ابن عبد البر.(إنك ستأتي قومًا أهل كتاب)، بنصب أهل بدلاً من قوم لا صفة وهذا كالتوطئة للوصية لتقوى همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، ولذا خصهم بالذكر تفضيلاً لهم على غيرهم من عبدة الأوثان، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أهل الكتاب بالتعريف (فإذا جئتهم) عبر بإذا دون إن تفاؤلاً بالوصول إليهم (فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله) بدأ بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما، واستدلّ به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف الشهادة لمحمد بالرسالة وهو قول الجمهور، (فإن هم أطاعوا) أي شهدوا وانقادوا (لك بذلك) وعدى أطاع باللام وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقاد، ولابن خزيمة: فإن هم أجابوا لذلك (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك) بأن أقروا بوجوب
    الخمس عليهم وفعلوها (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة) في أموالهم (تؤخذ من أغنيائهم) يأخذها الإمام أو نائبه (فترد على فقرائهم) خصهم بالذكر وإن كان مستحق الزكاة أصنافًا أخر لمقابلة الأغنياء ولأن الفقراء هم الأغلب، والضمير في فقرائهم يعود على أهل اليمن فلا يجوز النقل لغير فقراء أهل بلد الزكاة كما سبق أول الزكاة، (فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم) أي نفائس (أموالهم) بنصب كرائم بفعل مضمر لا يجوز إظهاره للقرينة الدالة عليه. وقال ابن قتيبة: لا يجوز حذف واو وكرائم اهـ.وعلل بأنها حرف عطف فيختل الكلام بالحذف.(واتق دعوة المظلوم)، أي تجنب جميع أنواع الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم وإنما ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم للإشارة إلى أن أخذها ظلم (فإنه ليس بينه) أي المظنوم، ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي: فإنها ليس بينها أي دعوة المظلوم (وبين الله حجاب) وإن كان المظلوم عاصيًا لحديث أحمد عن أبي هريرة بإسناد حسن مرفوعًا: دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه وليس لله حجاب يحجبه عن خلقه.فإن قلت: إن بعث معاذ كان بعد فرض الصوم والحج فلم لم يذكرهما؟ أجيب: بأنه اختصار من بعض الرواة، وقيل: إن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر ولذا كررا في القرآن فمن ثم لم يذكرهما في هذا الحديث.وقال الإمام البلقيني: إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منها بشيء كحديث ابن عمر: بني الإسلام على خمس فإذا كان في الدعاء إلى الإسلام اكتفي بالأركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة ولو كان بعد وجود فرض الصوم والحج لقوله تعالى: {{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ}} [التوبة: 5] في، موضعين من براءة مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعًا، والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة: اعتقادي وهو الشهادة، وبدني وهو الصلاة، وماليّ وهو الزكاة فاقتصرفي الدعاء إلى الإسلام عليها لتفرع الركنين الأخيرين عليها، فإن الصوم بدني محض والحج بدني ومالي.وهذا الحديث قد مرّ في أول باب وجوب الزكاة.

    (بابُُ أخْذِ الصَّدَقَةِ مِن الأغْنِيَاءِ وتُرَدُّ فِي الفُقرَاءِ حَيْثُ كَانُوا)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَخذ الصَّدَقَة، أَي: الزَّكَاة، من الْأَغْنِيَاء، فَإِذا أخذت مَا يكون حكمهَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: (وَترد فِي الْفُقَرَاء) وَترد، بِنصب الدَّال بِتَقْدِير: أَن، ليَكُون فِي حكم الْمصدر، وَيكون التَّقْدِير: وَأَن ترد، أَي: وَالرَّدّ فِي الْفُقَرَاء حَاصله: بابُُ فِي أَخذ الصَّدَقَة، وَفِي ردهَا فِي الْفُقَرَاء حَيْثُ كَانَ الْفُقَرَاء. قَوْله: (حَيْثُ كَانُوا) ، يشْعر بِأَنَّهُ اخْتَار جَوَاز نقل الزَّكَاة من بلد إِلَى بلد، وَفِيه خلاف، فَعَن اللَّيْث بن سعد وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه جَوَازه، وَنَقله ابْن الْمُنْذر عَن الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ، وَالأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة والمالكية ترك النَّقْل، فَلَو نقل أَجْزَأَ عِنْد الْمَالِكِيَّة على الْأَصَح، وَلم يجزىء عِنْد الشَّافِعِيَّة على الْأَصَح إلاَّ إِذا فقد المستحقون لَهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن غَرَض البُخَارِيّ بَيَان الِامْتِنَاع، أَي: ترد على فُقَرَاء أُولَئِكَ الْأَغْنِيَاء، أَي: فِي مَوضِع
    وجد لَهُم الْفُقَرَاء، وإلاَّ جَازَ النَّقْل، وَيحْتَمل أَن يكون غَرَضه عَكسه. قلت: لَيْسَ الظَّاهِر مَا قَالَه، فَإِنَّهُ قَالَ: ترد حَيْثُ كَانُوا، أَي: الْفُقَرَاء، وَهُوَ أَعم من أَن يَكُونُوا فِي مَوضِع كَانَ فِيهِ الْأَغْنِيَاء أَو فِي غَيره، فالعجب مِنْهُ الْعَكْس حَيْثُ جعل الِامْتِنَاع ظَاهرا وَهُوَ مُحْتَمل، وَجعل الظَّاهِر عكسا. فَافْهَم، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي حَدِيث معَاذ فِي أَوَائِل الزَّكَاة.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1437 ... ورقمه عند البغا:1496 ]
    - حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا زَكَرِيَّاءُ بنُ إسْحَاقَ عنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الله ابنِ صَيْفِيٍ ّ عنْ أبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حِينَ بَعثَهُ إِلَى اليَمَنُ إنَّكَ سَتأتِي قَوْما أهْلَ كِتَابٍ فإذَا جِئْتُهمْ فادْعُهُمْ إلَى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لَا إلاهَ إلاَّ الله وَأَن مُحَمَّدا رسُولَ الله فإنْ هُمْ أطَاعُوا لَكَ بِذالِكَ فأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ فإنْ هُمْ أطَاعُوا لَكَ بِذالِكَ فأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قَدْ فَرَضَ علَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائهِمْ فَتُرَدُّ عَلىَ فُقَرَائِهِمْ فإنْ هُمْ أطَاعُوا لَكَ بِذالِكَ فإيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوالِهِم وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ فإنَّهُ ليْسَ بَيْنَهُ وبيْنَ الله حِجَابٌ..مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد على فقرائهم) ، وَهَذَا الحَدِيث قد مضى فِي أول: بابُُ وجوب الزَّكَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد عَن زَكَرِيَّاء بن إِسْحَاق. . إِلَى آخِره، وَهنا أخرجه عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله بن الْمُبَارك ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً، وَهَهُنَا زِيَادَة، وَهِي قَوْله: (فإياك وكرائم أَمْوَالهم وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم) إِلَى آخِره، ولنذكر هُنَا مَا لم نذكرهُ هُنَاكَ. فَقَوله: (عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ حِين بَعثه إِلَى الْيمن) ، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الطّرق إلاَّ مَا أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَأبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ثَلَاثَتهمْ عَن وَكِيع، فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عَبَّاس (عَن معَاذ بن جبل، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن) فعلى هَذَا فَهُوَ من مُسْند معَاذ، وَسَائِر الرِّوَايَات غير هَذِه من مُرْسل ابْن عَبَّاس. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن أبي كريب عَن وَكِيع عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعث معَاذًا، وَكَذَا أخرجه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن وَكِيع نَحوه، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) عَن وَكِيع، وَأخرجه عَنهُ أَبُو دَاوُد، وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْمَظَالِم عَن يحيى بن مُوسَى عَن وَكِيع كَذَلِك. وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) عَن مُحَمَّد بن عبد الله المَخْزُومِي، وجعفر بن مُحَمَّد الثَّعْلَبِيّ والإسماعيلي من طَرِيق أبي خَيْثَمَة، ومُوسَى بن المسندي وَالدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم الْبَغَوِيّ، كلهم عَن وَكِيع كَذَلِك، وَلَا يستبعد حُضُور ابْن عَبَّاس لذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِر حَيَاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ إِذْ ذَاك مَعَ أَبَوَيْهِ.قَوْله: (ستأتي قوما) تَوْطِئَة للْوَصِيَّة ليقوي همته عَلَيْهَا لكَون أهل الْكتاب أهل علم فِي الْجُمْلَة فَلذَلِك خصهم بِالذكر تَفْضِيلًا لَهُم على غَيرهم. قَوْله: (أهل كتاب) ، بدل لَا صفة، وَكَانَ فِي الْيمن أهل الذِّمَّة وَغَيرهم. وَحكى ابْن إِسْحَاق فِي أول (السِّيرَة) : إِن أصل دُخُول الْيَهُود فِي الْيمن فِي زمن أسعد أبي كرب، وَهُوَ تبع الْأَصْفَر. قَوْله: (فَإِذا جئتهم) إِنَّمَا ذكر لَفْظَة: إِذا، دون: أَن، تفاؤلاً بِحُصُول الْوُصُول إِلَيْهِم. قَوْله: (فادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إلاهَ إلاَّ الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله) ، كَذَا فِي رِوَايَة زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق لم يخْتَلف عَلَيْهِ فِيهَا، وَفِي رِوَايَة روح بن الْقَاسِم عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة: (فَأول مَا تدعوهم إِلَيْهِ عبَادَة الله تَعَالَى، فَإِذا عرفُوا الله) . وَفِي رِوَايَة الْفضل بن الْعَلَاء عَنهُ: (إِلَى أَن يوحدوا الله، وَإِذا عرفُوا ذَلِك) . قَوْله: (فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك) أَي: شهدُوا وانقادوا، وَفِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة: (فَإِن هم أجابوا لذَلِك) ، وَفِي رِوَايَة الْفضل ابْن الْعَلَاء: (فَإِذا عرفُوا ذَلِك) ، وَإِنَّمَا عدى: أطاعوا، بِاللَّامِ وَإِن كَانَ يتَعَدَّى بِنَفسِهِ لتَضَمّنه معنى: انقادوا قَوْله (فإياك) كلمة تحذير (وكرائم) مَنْصُوب بِفعل مُضْمر لَا يجوز إِظْهَاره قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَلَا يجوز حذف
    الْوَاو، أما عدم جَوَاز إِظْهَار الْفِعْل فللقرينة الدَّالَّة عَلَيْهِ ولطول الْكَلَام، وَقيل: لِأَن مثل هَذَا يُقَال عِنْد تَشْدِيد الْخَوْف، وَأما عدم جَوَاز حذف الْوَاو لِأَنَّهَا حرف عطف، فيختل الْكَلَام بحذفه، والكرائم جمع: كَرِيمَة وَهِي النفيسة. قَوْله: (وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم) أَي: تجنب الظُّلم لِئَلَّا يَدْعُو عَلَيْك الْمَظْلُوم، وَقيل: هُوَ تذييل لاشْتِمَاله على الظُّلم الْخَاص وَهُوَ أَخذ الكرائم وعَلى غَيره. قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الشان، وَهُوَ تَعْلِيل للاتقاء، وتمثيل للدعوة كمن يقْصد إِلَى السُّلْطَان متظلما فيمَ يحجب عَنهُ.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: عظة الإِمَام وتخويفه من الظُّلم قَالَ تَعَالَى: {{أَلا لعنة الله على الظَّالِمين}} (هود: 81) . ولعنة الله إبعاده من رَحمته، وَالظُّلم محرم فِي كل شَرِيعَة، وَقد جَاءَ: (إِن دَعْوَة الْمَظْلُوم لَا ترد وَإِن كَانَت من كَافِر) . وروى أَحْمد فِي (مُسْنده) ، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَرْفُوعا: (دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة وَإِن كَانَ فَاجِرًا، ففجوره على نَفسه) . وَمعنى ذَلِك أَن الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يرضى ظلم الْكَافِر كَمَا لَا يرضى ظلم الْمُؤمن، وَأخْبر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنه لَا يظلم النَّاس شَيْئا، فَدخل فِي عُمُوم هَذَا اللَّفْظ جَمِيع النَّاس من مُؤمن وَكَافِر، وحذر معَاذًا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من الظُّلم مَعَ علمه وفضله وورعه، وَأَنه من أهل بدر وَقد شهد لَهُ بِالْجنَّةِ، غير أَنه لَا يَأْمَن أحدا، بل يشْعر نَفسه بالخوف، وفوائده كَثِيرَة ذَكرنَاهَا فِي حَدِيث معَاذ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي أول الزَّكَاة.

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ‏ "‏ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Ma`bad:(the slave of Ibn `Abbas) Allah's Messenger (ﷺ) said to Mu`adh when he sent him to Yemen, "You will go to the people of the Scripture. So, when you reach there, invite them to testify that none has the right to be worshipped but Allah, and that Muhammad is His Apostle. And if they obey you in that, tell them that Allah has enjoined on them five prayers in each day and night. And if they obey you in that tell them that Allah has made it obligatory on them to pay the Zakat which will be taken from the rich among them and given to the poor among them. If they obey you in that, then avoid taking the best of their possessions, and be afraid of the curse of an oppressed person because there is no screen between his invocation and Allah

    Telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Muqatil] telah mengabarkan kepada kami ['Abdullah] telah mengabarkan kepada kami [Zakariya' bin Ishaq] dari [Yahya bin 'Abdullah bin Shayfiy] dari [Abu Ma'bad] sahayanya [Ibnu 'Abbas radliallahu 'anhuma] berkata; Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam berkata, kepada Mu'adz bin Jabal Radhiyalahu'anhu ketika Beliau mengutusnya ke negeri Yaman: "Sesungguhnya kamu akan mendatangi kaum Ahlul Kitab, jika kamu sudah mendatangi mereka maka ajaklah mereka untuk bersaksi tidak ada ilah yang berhak disembah kecuali Allah dan bahwa Muhammad adalah utusan Allah. Jika mereka telah mentaati kamu tentang hal itu, maka beritahukanlah mereka bahwa Allah mewajibkan bagi mereka shalat lima waktu pada setiap hari dan malamnya. Jika mereka telah mena'ati kamu tentang hal itu maka beritahukanlah mereka bahwa Allah mewajibkan bagi mereka zakat yang diambil dari kalangan orang mampu dari mereka dan dibagikan kepada kalangan yang faqir dari mereka. Jika mereka mena'ati kamu dalam hal itu maka janganlah kamu mengambil harta-harta terhormat mereka dan takutlah terhadap do'anya orang yang terzholimi karena antara dia dan Allah tidak ada hijab (pembatas yang menghalangi) nya

    İbn Abbas r.a. şöyle anlatır: Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem Muaz İbn Cebel'i Yemen'e gönderirken ona şöyle buyurdu: "Sen ehl-i kitap olan bir topluluğa gidiyorsun. Yanlarına varınca onları "Allah'tan başka ilah olmadığına ve Muhammed'in onun Resulü olduğuna" şahitlikte bulunmaya davet et. Bu konuda sana itaat ederlerse onlara, Allah'ın günde beş vakit namaz kılmayı farz kıldığını haber ver. Bu konuda da sana itaat ederlerse onlara, Allah'ın, zenginlerden alınıp fakirlere verilmek üzere zekatı farz kıldığını haber ver. Eğer bu konuda da sana itaat ederlerse mallarının en değerli olanlarını almaktan sakın. Mazlumun duasından da kork. Çünkü mazlum ile Allah arasında hiçbir perde yoktur

    ہم سے محمد بن مقاتل نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا کہ ہمیں عبداللہ نے خبر دی ‘ انہوں نے کہا کہ ہمیں زکریا ابن اسحاق نے خبر دی ‘ انہیں یحییٰ بن عبداللہ بن صیفی نے ‘ انہیں ابن عباس رضی اللہ عنہما کے غلام ابومعبد نے اور ان سے عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے معاذ رضی اللہ عنہ کو جب یمن بھیجا ‘ تو ان سے فرمایا کہ تم ایک ایسی قوم کے پاس جا رہے ہو جو اہل کتاب ہیں۔ اس لیے جب تم وہاں پہنچو تو پہلے انہیں دعوت دو کہ وہ اس بات کی گواہی دیں کہ اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں اور محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) اللہ کے سچے رسول ہیں۔ وہ اس بات میں جب تمہاری بات مان لیں تو انہیں بتاؤ کہ اللہ تعالیٰ نے ان پر روزانہ دن رات میں پانچ وقت کی نمازیں فرض کی ہیں۔ جب وہ تمہاری یہ بات بھی مان لیں تو انہیں بتاؤ کہ ان کے لیے اللہ تعالیٰ نے زکوٰۃ دینا ضروری قرار دیا ہے ‘ یہ ان کے مالداروں سے لی جائے گی اور ان کے غریبوں پر خرچ کی جائے گی۔ پھر جب وہ اس میں بھی تمہاری بات مان لیں تو ان کے اچھے مال لینے سے بچو اور مظلوم کی آہ سے ڈرو کہ اس کے اور اللہ تعالیٰ کے درمیان کوئی رکاوٹ نہیں ہوتی۔

    ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, মু‘আয ইবনু জাবাল (রাঃ)-কে ইয়ামানের (শাসক নিয়োগ করে) পাঠানোর সময় আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তাঁকে বলেছিলেনঃ তুমি আহলে কিতাবের কাছে যাচ্ছ। কাজেই তাদের কাছে যখন পৌঁছবে তখন তাদেরকে এ কথার দিকে দাওয়াত দিবে তারা যেন সাক্ষ্য দিয়ে বলে যে, আল্লাহ ব্যতীত প্রকৃত কোন ইলাহ নেই এবং মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আল্লাহ্‌র রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। যদি তারা তোমার এ কথা মেনে নেয় তবে তাদের বলবে যে, আল্লাহ তাদের উপর দিনে রাতে পাঁচ ওয়াক্ত সালাত ফরজ করেছেন। যদি তারা এ কথাও মেনে নেয় তবে তাদের বলবে যে, আল্লাহ তাদের উপর সদাকাহ (যাকাত) ফরজ করেছেন- যা তাদের ধনীদের নিকট হতে গ্রহণ করা হবে এবং অভাবগ্রস্তদের মধ্যে বিতরণ করে দেয়া হবে। তোমার এ কথা যদি তারা মেনে নেয়, তবে (কেবল) তাদের উত্তম মাল গ্রহণ হতে বিরত থাকবে এবং মযলুমের বদদু‘আকে ভয় করবে। কেননা, তার (বদদু‘আ) এবং আল্লাহর মাঝে কোন পর্দা থাকে না। (১৩৯৫) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৪০০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் முஆத் பின் ஜபல் (ரலி) அவர்களை யமன் நாட்டுக்கு அனுப்பிவைத்தபோது, அவரிடம் (பின்வருமாறு) கூறினார்கள்: நீர் வேதக்கார மக்களிடம் செல்கிறீர். அவர்களிடம் நீர் போய்ச்சேர்ந்ததும், “அல்லாஹ்வைத் தவிர வேறு இறைவன் இல்லை” என்றும், “முஹம்மத் அல்லாஹ் வின் தூதர் ஆவார்கள்” என்றும் உறுதி மொழியும்படி அவர்களை அழைப்பீராக! இதற்கு அவர்கள் (இசைந்து) உமக்குக் கட்டுப்பட்டுவிட்டால், ‘அல்லாஹ் தினமும் ஐவேளை தொழுகைகளை அவர்கள்மீது கடமையாக்கியுள்ளான்’ என்பதை அவர்களுக்கு அறிவிப்பீராக! அவர்கள் இதற் கும் (இசைந்து) உமக்குக் கட்டுப்பட்டு விட்டால் ‘நிச்சயமாக அல்லாஹ் அவர்கள் மீது ஸகாத்தைக் கடமையாக்கியுள்ளான்; அது அவர்களில் செல்வர்களிடமிருந்து பெறப்பட்டு, அவர்களிலுள்ள ஏழை களுக்கு விநியோகிக்கப்படவேண்டும். என அவர்களுக்கு அறிவிப்பீராக! அவர்கள் இதற்கும் (இசைந்து) உமக்குக் கட்டுப்பட்டால், அவர்களின் செல்வங்களில் உயர்தரமானவற்றை வசூலிப்பது குறித்து உம்மை எச்சரிக்கிறேன். அநீதி இழைக்கப்பட்டவரின் பிரார்த்த னைக்குப் பயந்துகொள்ளும்! ஏனெனில், அவருக்கும் இறைவனுக்கும் மத்தியில் எந்தத் திரையுமில்லை. அத்தியாயம் :