• 2101
  • سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ ، قَالَ أَنَسٌ : فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : {{ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : {{ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ " فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ ، قَالَ أَنَسٌ : فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : {{ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : {{ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ، تَابَعَهُ رَوْحٌ ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَإِسْمَاعِيلُ : عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ

    برها: البر : اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة وحسن الصلة والمعاملة
    وذخرها: الذخر : ما يدخر لوقت الحاجة
    بخ: بخ : كلمة تقال لاستحسان الأمر وتعظيم الخير
    بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ،
    حديث رقم: 2627 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب
    حديث رقم: 2221 في صحيح البخاري كتاب الوكالة باب إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله، وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت
    حديث رقم: 2633 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه
    حديث رقم: 2643 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة
    حديث رقم: 4302 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب
    حديث رقم: 5312 في صحيح البخاري كتاب الأشربة باب استعذاب الماء
    حديث رقم: 1726 في صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ ، وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ
    حديث رقم: 3070 في جامع الترمذي أبواب تفسير القرآن باب: ومن سورة آل عمران
    حديث رقم: 3585 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الأحباس الأحباس كيف يكتب الحبس، وذكر الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر فيه
    حديث رقم: 1831 في موطأ مالك كِتَابُ الصَّدَقَةِ بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الصَّدَقَةِ
    حديث رقم: 2259 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 2263 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 2262 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 13520 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12216 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 3409 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 7305 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ تَصَدُّقِ أَبِي طَلْحَةَ بِأَحَبِّ مَالِهِ إِلَيْهِ
    حديث رقم: 7306 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ أَسَامِي مَنْ قَسَمَ أَبُو طَلْحَةَ مَالَهُ فِيهِمْ
    حديث رقم: 6238 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْإحْبَاسِ كَيْفَ يُكْتَبُ الْحَبْسُ ؟ ، وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ فِي
    حديث رقم: 10627 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
    حديث رقم: 10626 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
    حديث رقم: 20494 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالْأَقْضِيَةِ مَنْ كَانَ يَرَى أَنْ يُوقِفَ الدَّارَ وَالْمَسْكَنَ
    حديث رقم: 30172 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْوَصَايَا مَنْ قَالَ : يُرَدُّ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ
    حديث رقم: 1785 في سنن الدارمي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ بَابُ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ؟
    حديث رقم: 11149 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَقْفِ بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْأَقْرَبِينَ
    حديث رقم: 11805 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَصَايَا بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ : ثُلُثُ مَالِي إِلَى فُلَانٍ يَضَعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ
    حديث رقم: 11150 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَقْفِ بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْأَقْرَبِينَ
    حديث رقم: 11840 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَصَايَا بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ
    حديث رقم: 11841 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْوَصَايَا بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ
    حديث رقم: 3874 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْأَحْبَاسِ بَابُ كَيْفَ يُكْتَبُ الْحَبْسُ ؟
    حديث رقم: 3873 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْأَحْبَاسِ بَابُ كَيْفَ يُكْتَبُ الْحَبْسُ ؟
    حديث رقم: 1004 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
    حديث رقم: 1823 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْفَرَائِضِ بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ
    حديث رقم: 2181 في مسند الطيالسي وَمَا أَسْنَدَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 4903 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الْوَصَايَا بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِقَرَابَتِهِ ، أَوْ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ , لِقَرَابَةِ فُلَانٍ مَنْ هُمْ ؟ الْقَرَابَةُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ . فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ , مِنْ فُلَانٍ , مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , غَيْرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ فِي ذَلِكَ , بِمَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُمْ , مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , عَلَى مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ , مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ . وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ عَمٌّ , وَخَالٌ , فَقَرَابَةُ عَمِّهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , كَقَرَابَةِ خَالِهِ مِنْهُ , مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , فَلْيَبْدَأْ فِي ذَلِكَ , بِعَمِّهِ عَلَى خَالِهِ , فَيَجْعَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ . وَقَالَ زَفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ , دُونَ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ . وَسَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ , بَيْنَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ , ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ , وَبَيْنَ مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ غَيْرَ مُحَرَّمٍ . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى : الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ ; لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا , أَبٌ وَاحِدٌ , مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ , أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ . وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ , بَيْنَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ . وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ , وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ . وَلَمْ يُفَضِّلَا فِي ذَلِكَ , مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ , عَلَى مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ , مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ , لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا , أَبُوهُ الرَّابِعُ إِلَى مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ ; لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا , أَبٌ وَاحِدٌ , فِي الْإِسْلَامِ , أَوْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , مِمَّنْ يَرْجِعُ بِآبَائِهِ , أَوْ بِأُمَّهَاتِهِ إِلَيْهِ , أَبًا غَيْرَ أَبٍ , أَوْ أُمًّا غَيْرَ أُمٍّ , إِلَى أَنْ تَلْقَاهُ , مِمَّا ثَبَتَتْ بِهِ الْمَوَارِيثُ , أَوْ تَقُومُ بِهِ الشَّهَادَاتُ . وَإِنَّمَا جَوَّزَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ , إِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقَرَابَةُ قَرَابَةً تُحْصَى وَتُعْرَفُ . فَإِنْ كَانَتْ لَا تُحْصَى وَلَا تُعْرَفُ , فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهَا لِفُقَرَائِهِمْ , فَتَكُونَ جَائِزَةً لِمَنْ رَأَى الْوَصِيُّ دَفْعَهَا إِلَيْهِ مِنْهُمْ . وَأَقَلُّ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْهُمْ , اثْنَانِ فَصَاعِدًا , فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنْ دَفَعَهَا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ . فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْقَرَابَةِ مِنْهُمْ , هَذَا الِاخْتِلَافَ , وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ , لِنَسْتَخْرِجَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ هَذِهِ , قَوْلًا صَحِيحًا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَرَابَةَ , هُمُ الَّذِينَ يَلْتَقُونَهُ وَمَنْ يُقَارِبُونَهُ , عِنْدَ أَبِيهِ الرَّابِعِ فَأَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ . إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوا , ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى , أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ , وَبَنِي الْمُطَّلِبِ . وَإِنَّمَا يَلْتَقِي , هُوَ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ , عِنْدَ أَبِيهِ الرَّابِعِ ; لِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ . وَالْآخَرُونَ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ , يَلْتَقُونَهُمْ , وَهُوَ عِنْدَ عَبْدِ مَنَافٍ , وَهُوَ أَبُوهُ الرَّابِعُ . فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِلْآخَرِينَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ , وَبَنِي الْمُطَّلِبِ , قَدْ حَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ , وَبَنِي نَوْفَلٍ , وَقَرَابَتُهُمْ مِنْهُ , كَقَرَابَةِ بَنِي الْمُطَّلِبِ . فَلَمْ يَحْرِمْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قَرَابَةً , وَلَكِنْ لِمَعْنًى غَيْرِ الْقَرَابَةِ . فَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَهُمْ , لَمْ يَحْرِمْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قَرَابَةً , وَلَكِنْ لِمَعْنًى غَيْرِ الْقَرَابَةِ . ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَرَابَةِ , مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ
    حديث رقم: 164 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَبْنَاءِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَالصَّدَقَةِ وَأَدَبِهِمْ
    حديث رقم: 1416 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالْكٍ
    حديث رقم: 9 في سباعيات أبي المعالي الفراوي سباعيات أبي المعالي الفراوي
    حديث رقم: 4 في عوالي الحارث بن أبي أسامة عوالي الحارث بن أبي أسامة
    حديث رقم: 3632 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
    حديث رقم: 3762 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
    حديث رقم: 263 في مكارم الأخلاق للخرائطي مكارم الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ مِنَ الْفَضْلِ
    حديث رقم: 269 في مكارم الأخلاق للخرائطي مكارم الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ مِنَ الْفَضْلِ
    حديث رقم: 9160 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
    حديث رقم: 428 في تاريخ المدينة لابن شبة تاريخ المدينة لابن شبة مَا جَاءَ فِي الْبِئَارِ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا
    حديث رقم: 4088 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1461] قَوْلِهِ حَتَّى تُنْفِقُوا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَعَمِلَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا فِي بَقِيَّةِ مُفْرَدَاتِهِ وَلَا يُعَارِضُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ للْفُقَرَاء الْآيَةَ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْمَذْكُورِينَ وَأَمَّا صَنِيعُ أَبِي طَلْحَةَ فَيَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِذَا اتَّصَفُوا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْأَقَارِبِ فِي الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ قَوْلُهُ.
    وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ قصَّة لامْرَأَة بن مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي تَصَدُّقِ أَبِي طَلْحَةَ بِأَرْضِهِ وَحَدِيثُ أَبِي سعيد فِي قصَّة امْرَأَة بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وقَوْلُهُ فِيهِ بير حاء بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ وَجَاءَ فِي ضَبْطِهِ أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ جَمَعَهَا بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ يُرْوَى بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ فَهَذِهِ ثَمَانِ لُغَاتٍ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بَرِيحَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بَارِيحَا مِثْلُهُ لَكِنْ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ.
    وَقَالَ الْبَاجِيُّ أَفْصَحُهَا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَقْصُورٌ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الصَّغَانِيُّ.
    وَقَالَ إِنَّهُ فَيْعَلَى مِنَ الْبَرَاحِ قَالَ وَمَنْ ذَكَرَهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا بِئْرٌ مِنْ آبَارِ الْمَدِينَةِ فَقَدْ صَحَّفَ قَوْلُهُ تَابَعَهُ رَوْحٌ يَعْنِي عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ رَابِحٌ بِالْمُوَحَّدَةِ وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِهِ مَوْصُولًا فِي الْبُيُوعِ قَوْلُهُ.
    وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيل عَن مَالك رائح يَعْنِي بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَسَتَأْتِي مَوْصُولَةً فِي الْوَكَالَةِ وَعَزَاهَا مُغَلْطَايْ لِتَخْرِيجِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَأَبْعَدَ وَأما رِوَايَة إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ وَقَدْ وَهِمَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَقَالَ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِالْمُوَحَّدَةِ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَنْدَلُسِيُّ بِالنَّيْسَابُورِيِّ فَالَّذِي عَنَاهُ هُوَ الْأَنْدَلُسِيُّ وَالَّذِي عَنَاهُ الْبُخَارِيُّ النَّيْسَابُورِيَّ قَالَ الدَّانِيُّ فِي أَطْرَافِهِ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ بِالْمُثَنَّاةِ وَتَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ وبن وَهْبٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ بِالشَّكِّ اهـ وَرِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ وَصَلَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْأَشْرِبَةِ بِالشَّكِّ كَمَا قَالَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى وَاضِحَةٌ مِنَ الرِّبْحِ أَيْ ذُو رِبْحٍ وَقِيلَ هُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ هُوَ مَالٌ مَرْبُوحٌ فِيهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَعْنَاهَا رائح عَلَيْهِ أجره قَالَ بن بَطَّالٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَسَافَتَهُ قَرِيبَةٌ وَذَلِكَ أَنْفَسُ الْأَمْوَالِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَرُوحُ بِالْأَجْرِ وَيَغْدُو بِهِ وَاكْتَفَى بِالرَّوَاحِ عَنِ الْغُدُوِّ وَادَّعَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ مَنْ رَوَاهَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ فَقَدْ صَحَّفَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى صَدْرِهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَبَقِيَّةُ مَا فِيهِ من قصَّة امْرَأَة بن مَسْعُودٍ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابَيْنِ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ فِيهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ الْقَائِلُ هُوَ بِلَالٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ ائْذَنُوا لَهَا فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَخْ لَمْ يُبَيِّنْ أَبُو سَعِيدٍ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَإِنْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الْمُرَاجَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِهِ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمْلُهُ عَنْ زَيْنَبَ صَاحِبَة الْقِصَّة وَالله أعلم(قَوْلُهُ بَابٌ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ) وَقَالَ فِي الَّذِي يَلِيهِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ التَّرْجَمَتَيْنِ مَجْمُوعًا مِنْ طَرِيقَيْنِ لَكِنْ فِي الْأُولَى بِلَفْظِ غُلَامِهِ بَدَلَ عَبْدِهِ قَالَ بن رَشِيدٍ أَرَادَ بِذَلِكَ الْجِنْسَ فِي الْفَرَسِ وَالْعَبْدِ لَا الْفَرْدَ الْوَاحِدَ إِذْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمُتَصَرِّفِ وَالْفَرَسِ الْمُعَدِّ لِلرُّكُوبِ وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنَ الرِّقَابِ وَإِنَّمَا قَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ يُؤْخَذُ مِنْهَا بِالْقِيمَةِ وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَتِ الْخَيْلُ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا نَظَرَا إِلَى النَّسْلِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ ثُمَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَالِكَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا أَوْ يُقَوَّمَ وَيُخْرِجَ رُبْعَ الْعُشْرِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ النَّفْيِ فِيهِ عَلَى الرَّقَبَةِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَا لِلتِّجَارَةِ وَأُجِيبُوا بِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاع كَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فَيُخَصُّ بِهِ عُمُومُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالله أعلم قَوْلُهُ بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْيَتَامَى قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَبَّرَ بِالصَّدَقَةِ دُونَ الزَّكَاةِ لِتَرَدُّدِ الْخَبَرِ بَيْنَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ لِكَوْنِ ذِكْرِ الْيَتِيم جَاءَ متوسطا بَين الْمِسْكِين وبن السَّبِيل وهما من مصارف الزَّكَاة.
    وَقَالَ بن رشيد لمامَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَمَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
    وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
    وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ.
    وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوامما غنمتم حلالا طيبا وَالطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ ... أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ ... (وَالنَّأْيُ هُوَ الْبُعْدُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا هَكَذَا) وَقَعَ)هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ قَبْلَ هَذَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ واستدرك الدارقطنى عليهما اخراجهما هذا عن بن أَبِي ذِئْبٍ وَعَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ.
    وَقَالَ الصَّوَابُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ وَسُهَيْلًا قَالُوا عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِيهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَذَا رَوَاهُ مُعْظَمُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ الزَّهْرَانِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي النِّكَاحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْعَلَاءِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَقَالَ بَابٌ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ عُلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْوَاجِبَةَ إِذْ لَا خِلَافَ فِي التَّطَوُّعِ فَلَمَّا قَالَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْيَتَامَى أَحَالَ عَلَى مَعْهُودٍ

    [1461] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إلى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ". تَابَعَهُ رَوْحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ "رَايِحٌ". [الحديث أطرافه في: 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611]. وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام الأئمة (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: كان أبو طلحة) زيد الأنصاري -رضي الله عنه- (أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل)، بنصب أكثر خبر كان ومالاً تمييز أي من حيث المال والجار للبيان، (وكان أحب أمواله إليه) بنصب أحب خبر كان (بيرحا) برفع الراء اسمها أو أحب اسمها وبير خبرها، لكن قال الزركشي وغيره: إن الأوّل أحسن لأن المحدّث عنه البير فينبغي أن يكون هو الاسم، وقد اختلف في بيرحا هل هو بكسر الموحدة أو بفتحها وهل بعدها همزة ساكنة أو مثناة تحتية، وهل الراء مضمومة أو مفتوحة، وهل هو معرب أم لا، وهل حا ممدود أو مقصور منصرف أو غير منصرف، وهل هو اسم قبيلة أو امرأة أو بئر أو بستان أو أرض؟ فنقل في فتح الباري وتبعه العيني عن نهاية ابن الأثير فتح الموحدة وكسرها وفتح الراء وضمها مع المد والقصر قال: فهذه ثمان لغات انتهى. والذي رأيته في النهاية بيرحا بفتح الباء وكسرها وبفتح الراء وضمها والمدّ فيهما وبفتحهما والقصر هذا نصه بحروفه في غير ما نسخة ونقله عنه الطيبي كذلك بلفظه، وعلى هذا فتكون خمسة. وقال عياض: رويناه بفتح الباء والراء وبفتح الراء وضمها مع كسر الباء، وقد حكى القاضي عياض عن المغاربة كما نقله عنه في المصابيح ضم الراء في الرفع وفتحها في النصب وجرها في الجر مع الإضافة أبدًا إلى حال ونسبه لخط الأصيلي، لكن قال بعضهم: من رفع الراء وألزمها حكم الإعراب فقد أخطأ، وجزم التيمي بأن المراد به في الحديث البستان معللاً بأن بساتين المدينة تدعى بآبارها أي البستان الذي فيه بيرحا. وقال عياض: حائط سمي به وليس اسم بئر، وقال الصغاني: بيرحا فيعلى من البراح اسم أرض كانت لأبي طلحة بالمدينة وأهل الحديث يصحفون ويقولون بئرحا ويحسبون أنها بئر من آبار المدينة ونحوه في القاموس. وقال في اللامع: ولا تنافي بين ذلك فإن الأرض أو البستان تسمى باسم البئر التي فيه كما سبق، والذي لخصته من كلامهم في هذه الكلمة أن بيرحا بكسر الموحدة وضم الراء اسم كان وبفتحها خبرها مع الهمزة الساكنة بعد الموحدة وإبدالها ياء ومدّ حاء مصروفًا وغير مصروف لأن تأنيثه معنوي كهند ومقصور فهي اثنا عشر، وبيرحا بفتح الموحدة وسكون التحتية من غير همزة وفتح الراء وضمها خبر كان أو اسمها ومدّ حاء مصروفًا وغير مصروف ومقصور فهي ستة اثنان منها مع القصر على أنه اسم مقصور لا تركيب فيه فيعرب كسائر المقصور، وصوّب الصغاني والزمخشري والمجد الشيرازي منها فتح الموحدة والراء على سائرها من الممدود والقصور بل قال الباجي: إنها المصححة على أبي ذر وغيره. (وكانت) أي بيرحا (مستقبلة المسجد) النبوي أي مقابلته قريبة منه، (وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يدخلها ويشرب من ماء فيها) أي في بيرحا (طيب) بالجر صفة للمجرور السابق (قال أنس -رضي الله عنه-. فلما أنزلت هذه الآية: {{لن تنالوا البرّ}} أي لن تبلغوا حقيقة البر الذي هو كمال الخير: أو لن تنالوا بر الله الذي هو الرحمة والرضا والجنة ({{حتى تنفقوا مما تحبون}}) [آل عمران: 92] أي من بعض ما تحبون من المال أو مما يعمه وغيره كبذل الجاه في معاونة الناس والبدن في طاعة الله والمهجة في سبيل الله. (قام أبو طلحة) -رضي الله عنه- (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}} وإن أحب أموالي إلي بيرحا) رفع خبر إن (وإنها صدقة لله أرجو برها) أي خيرها (وذخرها) بضم الذال المعجمة أي أقدمها فادّخرها لأجدها (عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله) فوّض تعيين مصرفها إليه عليه الصلاة والسلام، لكن ليس فيه تصريح بأن أبا طلحة جعلها حبسًا (قال: فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة كهل وبل غير مكررة هنا. قال في القاموس قل في الإفراد بخ ساكنة وبخ مكسورة وبخ منوّنة وبخ منوّنة مضمومة، وتكرر بخ بخ للمبالغة الأول منوّن والثاني مسكن، ويقال بخ بخ مسكنين وبخ بخ منوّنين وبخ بخ مشدّدين كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح انتهى. فمن نوّنه شبهه بأسماء الأصوات كصه ومه (ذلك مال رابح ذلك مال رابح)، بالموحدة فيهما أي ذو ربح كلابن وتامر أي يربح صاحبه في الآخرة أو مال مربوح فاعل بمعنى مفعول: (وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله) برفع لام أفعل مستقبلاً (فقسمها) أي بيرحا (أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) من عطف الخاص على العام وهذا يدل على أن إنفاق أحبّ الأموال على أقرب الأقارب أفضل وأن الآية تعم الإنفاق الواجب والمستحب قاله البيضاوي، لكن استشكل وجه دلالة الحديث على الترجمة لأنها للزكاة على الأقارب وهذا ليس زكاة. وأجيب: بأنه أثبت للزكاة حكم الصدقة بالقياس عليها قاله الكرماني فليتأمل. وقال ابن المنير: إن صدقة التطوّع على الأقارب لما لم ينقص أجرها بوقوعها موقع الصدقة والصلة معًا كانت صدقة الواجب كذلك لكن لا يلزم من جواز صدقة التطوّع على من يلزم المرء نفقته أن تكون الصدقة الواجبة كذلك. وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الوصايا والوكالة والأشربة والتفسير، ومسلم في الزكاة، والنسائي في التفسير. (تابعه) أي تابع عبد الله بن يوسف (روح) بفتح الراء وسكون الواو مهملة ابن عبادة البصري عن مالك في قوله رابح بالموحدة فيما وصله المؤلّف في كتاب البيوع. (وقال يحيى بن يحيى) النيسابوري مما وصله في الوصايا (وإسماعيل) بن أبي أويس مما وصله فى التفسير كلاهما (عن مالك: رايح) بالمثناة التحتية بدل الموحدة اسم فاعل من الرواح نقيض الغدوّ أي: إنه قريب الفائدة يصل نفعه إلى صاحبه كل رواح لا يحتاج أن يتكلف فيه إلى مشقة وسير أو يروح بالأجر ويغدو به واكتفى بالرواح عن الغدو لعلم السامع أو من شأنه الرواح وهو الذهاب والفوات فإذا ذهب في الخير فهو أولى.

    (بابُُ الزَّكَاةِ عَلَى الأقَارِبِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الزَّكَاة على الْأَقَارِب، وَلَيْسَ المُرَاد من الزَّكَاة هَهُنَا مَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ الَّذِي هُوَ إيتَاء جُزْء من النّصاب الشَّرْعِيّ الحولي إِلَى فَقير مُسلم غير هاشمي وَلَا مَوْلَاهُ بِشَرْط قطع الْمَنْفَعَة عَن الْمُزَكي لله تَعَالَى، وَإِنَّمَا المُرَاد مِنْهَا مَا أخرجته من مَالك لتسد بِهِ خلة الْمُحْتَاج وتكتسب بِهِ الْأجر والمثوبة عِنْد الله، وللزكاة معَان فِي اللُّغَة: مِنْهَا مَا ذَكرْنَاهُ، فَبِهَذَا يلتئم مَا فِي الْبابُُ من الْأَحَادِيث مَعَ التَّرْجَمَة، وَقد تعسفت جمَاعَة هَهُنَا بِمَا لَا طائل تَحْتَهُ وَلَا مُنَاسبَة، مِنْهُم الْكرْمَانِي حَيْثُ يَقُول: فَإِن قلت: عقد الْبابُُ لِلزَّكَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ ذكرهَا؟ قلت: لَعَلَّه أثبت لِلزَّكَاةِ حكم الصَّدَقَة بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا.وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ أجْرَانِ أجْرُ القَرَابةَ وَالصَّدَقَةِهَذَا التَّعْلِيق أخرجه مُسْندًا فِي: بابُُ الزَّكَاة على الزَّوْج والأيتام، بعد ثَلَاثَة أَبْوَاب من هَذَا الْبابُُ فِي حَدِيث زَيْنَب امْرَأَة عبد الله ابْن مَسْعُود، وَلَكِن لَفظه فِيهِ: (لَهَا أَجْرَانِ: أجر الْقَرَابَة وَأجر الصَّدَقَة) .
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1403 ... ورقمه عند البغا:1461 ]
    - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي طَلْحَةَ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقُولُ كانَ أبُو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأنْصَارِ بالمَدِينَةِ مَالا مِنْ نَخْلٍ وكانَ أحَبَّ إلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وكانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ وكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْخُلُهَا ويَشْرَبُ منْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هاذِهِ الآيَةُ {{لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}} (آل عمرَان: 29) . قامَ أبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رسولَ الله إِن الله تَبَارَكَ وتَعَالى يقُولُ {{لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}} (آل عمرَان: 29) . وَإنَّ أحَبَّ أمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءَ وإنَّهَا صَدَقَةٌ لله أرْجُو بِرَّهَا وذُخْرَهَا عِنْدَ الله فَضَعْهَا يَا رَسُولَ الله حَيثُ أرَاكَ الله قَالَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَخْ ذالِكَ مالٌ رَابِحٌ ذالِكَ مالٌ رَابِحٌ
    وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتُ وَإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا فِي الأقْرَبِينَ فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ أفْعَلُ يَا رسولَ الله فَقَسَمَها أبُو طَلْحَةَ فِي أقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ..مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم مماذ ذكرنَا الْآن، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَإِسْحَاق هَذَا ابْن أخي أنس بن مَالك، وَأَبُو طَلْحَة اسْمه زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ.ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي الْوَصَايَا عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْوكَالَة عَن يحيى بن يحيى، وَفِي الْوَصَايَا وَفِي الإشربة عَن القعْنبِي، وَفِي التَّفْسِير عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن يحيى ابْن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن هَارُون بن عبد الله.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَكثر الْأَنْصَار) ، بِالنّصب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ. قَوْله: (مَالا) ، نصب على التَّمْيِيز أَي: من حَيْثُ المَال، وَكلمَة: من، فِي: (من نخل) للْبَيَان. قَوْله: (بيرحاء) ، اخْتلفُوا فِي ضَبطه على أوجه جمعهَا ابْن الْأَثِير فِي (النِّهَايَة) فَقَالَ: يرْوى بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وبكسرها، وبفتح الرَّاء وَضمّهَا، وبالمد وَالْقصر، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة: بريحا، بِفَتْح أَوله وَكسر الرَّاء وتقديمها على الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي (سنَن أبي دَاوُد) بأريحاء، مثله لَكِن بِزِيَادَة ألف. وَقَالَ الْبَاجِيّ: أفصحها بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْيَاء وَفتح الرَّاء مَقْصُور، وَكَذَا جزم بِهِ الصغاني. وَقَالَ: إِنَّه فيعلاً من: البراح. قَالَ: وَمن ذكره بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَظن أَنَّهَا: بِئْر، من أبار الْمَدِينَة فقد صحف. وَقَالَ القَاضِي: روينَا بِفَتْح الْبَاء وَالرَّاء وَضمّهَا مَعَ كسر الْبَاء، وَمِنْهُم من قَالَ: من رفع الرَّاء وألزمها حكم الْإِعْرَاب فقد أَخطَأ. وَقَالَ: وبالرفع قرأناه على شُيُوخنَا بالأندلس، وَالرِّوَايَات فِيهِ الْقصر، وروينا أَيْضا بِالْمدِّ، وَهُوَ حَائِط سمي بِهَذَا الإسم وَلَيْسَ اسْم بِئْر، وَقَالَ التَّيْمِيّ: هُوَ بِالرَّفْع اسْم كَانَ (وَأحب) خَبره، وَيجوز بِالْعَكْسِ و: حا، مَقْصُور كَذَا الْمَحْفُوظ، وَيجوز أَن يمد فِي اللُّغَة، يُقَال: هَذِه حاء بِالْقصرِ وَالْمدّ، وَقد جَاءَ: حا، فِي اسْم قَبيلَة، وبير حاء، بُسْتَان. وَكَانَت بساتين الْمَدِينَة تدعى بالآبار الَّتِي فِيهَا أَي الْبُسْتَان الَّتِي فِيهِ بِئْر حا، أضيف الْبِئْر إِلَى: حا، ويروى: بير حا، بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَفتح الرَّاء، هُوَ اسْم مَقْصُور وَلَا يَتَيَسَّر فِيهِ إِعْرَاب، أَي: فَهُوَ كلمة وَاحِدَة لَا مُضَاف وَلَا مُضَاف إِلَيْهِ. قَالَ: وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع، وَأَن يكون فِي مَوضِع نصب، ويروى: (وَأَن أحب أَمْوَالِي بير حا) ، فعلى هَذَا مَحَله رفع وَهُوَ اسْم بُسْتَان، وَقَالَ ابْن التِّين: قيل: حا، اسْم امْرَأَة، وَقيل: اسْم مَوضِع وَهُوَ مَمْدُود وَيجوز قصره. وَفِي (مُعْجم أبي عبيد) : حا، على لفظ حرف الهجاء مَوضِع بِالشَّام، و: حا، آخر، مَوضِع بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي ينْسبهُ إِلَيْهِ بِئْر حا، وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت، أرِيحَا، خرجه أَبُو دَاوُد وَلَا أعلم أرِيحَا إلاَّ بِالشَّام. وَقيل: سميت بيرحا، بزجر الْإِبِل عَنْهَا، وَذَلِكَ أَن الْإِبِل إِذا زجرت عَن المَاء، وَقد رويت: حاحا، وَقيل: بير حا، من البرح وَالْيَاء زَائِدَة. وَفِي (الْمُنْتَهى) : بيرح اسْم رجل، زَاد فِي (الواعي) : الْيَاء فِيهِ زَائِدَة. قَوْله: (وَكَانَت) أَي: بيرحا (مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد) أَو مُقَابلَته، وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا الْموضع يعرف بقصر بني جديلة، بِفَتْح الْجِيم وَكسر الدَّال الْمُهْملَة، قبلي الْمَسْجِد، وَفِي (التَّلْوِيح) : هُوَ مَوضِع بِقرب الْمَسْجِد يعرف بقصر بني حديلة، وضبطها بِالْكِتَابَةِ: بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الدَّال. قلت: الصَّوَاب بِالْجِيم. قَوْله: (من مَاء فِيهَا) أَي: فِي بيرحا. قَوْله: (طيب) بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ صفة للْمَاء. قَوْله: (فَلَمَّا أنزلت هَذِه الْآيَة) وَهِي قَوْله تَعَالَى: {{لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}} (آل عمرَان: 29) . قَالَ ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أبي صَالح: لن تنالوا مَا عِنْد الله من ثَوَابه فِي الْجنَّة حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون من الصَّدَقَة، أَي: بعض مَا تحبون من الْأَمْوَال. وَقَالَ الضَّحَّاك: يَعْنِي لن تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون، يَعْنِي: تخرجُونَ زَكَاة أَمْوَالكُم طيبَة بهَا أَنفسكُم، وَفِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس: هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة، نسختها آيَة الزَّكَاة. قَوْله: {{وَمَا تنفقوا من شَيْء}} (آل عمرَان: 29) . يَعْنِي: الصَّدَقَة وصلَة الرَّحِم، {{فَإِن الله بِهِ عليم}} (آل عمرَان: 29) . أَي: مَا يخفى عَلَيْهِ فيثيبكم عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَن عبد الله ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه اشْترى جَارِيَة جميلَة وَهُوَ يُحِبهَا، فَمَكثت عِنْده أَيَّامًا فَأعْتقهَا فَزَوجهَا من رجل فولد لَهَا ولد، فَكَانَ يَأْخُذ وَلَدهَا ويضمه إِلَى نَفسه، فَيَقُول: إِنِّي أَشمّ مِنْك ريح أمك. فَقيل لَهُ: قد رزقك الله من حَلَال فَأَنت تحبها فَلم تركتهَا؟ فَقَالَ: ألم تسمع هَذِه الْآيَة: {{لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}} (آل عمرَان: 29) . ذكره أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي (تَفْسِيره) وَذكر أَيْضا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَشْتَرِي أعدالاً من سكر وَيتَصَدَّق بِهِ، فَقيل لَهُ: هلا تَصَدَّقت بِثمنِهِ؟ فَقَالَ: لِأَن السكر أحب إِلَيّ، فَأَرَدْت أَن أنْفق مِمَّا أحب. قَوْله: (قَامَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
    أَي: قَامَ أَبُو طَلْحَة منتهيا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (برهَا) ، أَي: خَيرهَا، وَالْبر إسم جَامع لأنواع الْخيرَات والطاعات، وَيُقَال أَرْجُو ثَوَاب برهَا. قَوْله: (وَذُخْرهَا) أَي: أقدمها فأدخرها لأجدها هُنَاكَ، وَعَن ابْن مَسْعُود: الْبر فِي الْآيَة: الْجِهَة، وَالتَّقْدِير على هَذَا: أَبْوَاب الْبر. قَوْله: (بخ) ، هَذِه كلمة تقال عِنْد الْمَدْح والرضى بالشَّيْء وتكرر للْمُبَالَغَة، فَإِن وصلت خففت ونونت وَرُبمَا شددت كالاسم، وَيُقَال بِإِسْكَان الْخَاء وتنوينها مَكْسُورَة، وَقَالَ القَاضِي: حُكيَ بِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِين، وَرُوِيَ بِالرَّفْع، فَإِذا كررت فالاختيار تَحْرِيك الأول منونا وَإِسْكَان الثَّانِي، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: مَعْنَاهُ تَعْظِيم الْأَمر وتفخيمه، وسكنت الْخَاء فِيهِ كسكون اللَّام فِي: هَل وبل، وَمن نونه شبهه بالأصوات: كصه ومه، وَفِي (الواعي) : قَالَ الْأَحْمَر: فِي بخ أَربع لُغَات: الْجَزْم والخفض وَالتَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف. وَقَالَ ابْن بطال: هِيَ كلمة إعجاب، وَقَالَ ابْن التِّين: هِيَ كلمة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد الْمَدْح والمحمدة، وَقَالَ الْقَزاز: هِيَ كلمة يَقُولهَا المفتخر عِنْد ذكر الشَّيْء الْعَظِيم، وَكلهَا مُتَقَارِبَة فِي الْمَعْنى. قَوْله: (مَال رابح) بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَي: يربح فِيهِ صَاحبه فِي الْآخِرَة، وَمَعْنَاهُ: ذُو ربح كلابن وتامر، أَي: ذُو لبن وَذُو تمر، وَقَالَ ابْن قرقول: وَرُوِيَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة من تَحت من الرواح يَعْنِي: يروح عَلَيْهِ أجره. وَقَالَ ابْن بطال: وَالْمعْنَى أَن مسافته قريبَة وَذَلِكَ أنفس الْأَمْوَال. وَقيل: مَعْنَاهُ يروح بِالْأَجْرِ وَيَغْدُو بِهِ، وَاكْتفى بالرواح عَن الغدو، ولعلم السَّامع، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَنه مَال رائح، يَعْنِي من شَأْنه الرواح أَي: الذّهاب والفوات فَإِذا ذهب فِي الْخَيْر فَهُوَ أولى. وَقَالَ القَاضِي: وَهِي رِوَايَة يحيى بن يحيى وَجَمَاعَة، وَرِوَايَة أبي مُصعب وَغَيره بِالْبَاء الْمُوَحدَة. وَقَالَ ابْن قرقول: بل الَّذِي روينَاهُ ليحيى بِالْبَاء المفردة، وَهُوَ مَا فِي مُسلم، وَفِي (التَّلْوِيح) : يحيى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن قرقول يحيى اللَّيْثِيّ المغربي، وَيحيى الَّذِي فِي البُخَارِيّ هُوَ النَّيْسَابُورِي، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الواني فِي كِتَابه (أَطْرَاف الْمُوَطَّأ) : فِي رِوَايَة يحيى الأندلسي بِالْبَاء الْمُوَحدَة، قَالَ: وَتَابعه روح بن عبَادَة وَغَيره، وَقَالَ يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي وَإِسْمَاعِيل وَابْن وهب وَغَيرهم: رائح، بِالْهَمْزَةِ من الرّوح، وَشك القعْنبِي فِيهِ، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: من قَالَ رابح، بِالْبَاء، فقد صحف. قَوْله: (وَقد سَمِعت مَا قلت) بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي الْوكَالَة: بابُُ إِذا قَالَ الرجل لوَكِيله ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاك الله، وَقَالَ الْوَكِيل: قد سَمِعت، وَقَالَ الْمُهلب: دلّ على قبُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جعل إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَة، ثمَّ رد الْوَضع فِيهَا إِلَى أبي طَلْحَة بعد مشورته عَلَيْهِ فِيمَن يَضَعهَا. قَوْله: (أفعل) . قَالَ السفاقسي: هُوَ فعل مُسْتَقْبل مَرْفُوع، وَقَالَ النَّوَوِيّ: يحْتَمل أَن يَقُول: إفعل أَنْت ذَاك فقد أمضيته على مَا قلت، فَجعله أمرا. قَوْله: (فِي أَقَاربه) الْأَقَارِب جمع: الْأَقْرَب، وَقَالَت الْفُقَهَاء: لَو قَالَ: وقفت على قَرَابَتي، يتَنَاوَل الْوَاحِد، وَيُقَال: هم قَرَابَتي وَهُوَ قَرَابَتي، وَفِي (الفصيح) : ذُو قَرَابَتي للْوَاحِد وَذُو قَرَابَتي للإثنين وَذُو قَرَابَتي للْجمع، والقرابة والقربى فِي الرَّحِم. وَفِي (الصِّحَاح) : والقرابة الْقُرْبَى فِي الرَّحِم، وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر تَقول: بيني وَبَينه قرَابَة وَقرب وقربى ومقربة ومقربة وقربة وقربة، بِضَم الرَّاء، وَهُوَ قربى وَذُو قَرَابَتي وهم أقربائي وأقاربي، والعامة تَقول: هُوَ قَرَابَتي وهم قراباتي. قَوْله: (وَبني عَمه) ، من بابُُ عطف الْخَاص على الْعَام، فَافْهَم.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن الرجل الصَّالح قد يُضَاف إِلَيْهِ حب المَال وَقد يضيفه هُوَ إِلَى نَفسه، وَلَيْسَ فِي ذَلِك نقيصة عَلَيْهِ. وَفِيه: اتِّخَاذ الْبَسَاتِين وَالْعَقار، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: وَفِيه رد لما يرْوى عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِنَّه قاال: (لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَة فترغبوا فِي الدُّنْيَا) . وَفِيه: إِبَاحَة دُخُول الْعلمَاء الْبَسَاتِين. وَفِيه: دُخُول الشَّارِع حَوَائِط أَصْحَابه وشربه من مَائِهَا. وَفِيه: أَن كسب الْعقار مُبَاح إِذا كَانَ حَلَالا وَلم يكن بِسَبَب ذل وَلَا صغَار، فَإِن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، كره كسب أَرض الْخراج وَلم ير شراها، وَقَالَ لَا تجْعَل فِي عُنُقك صغَارًا. وَفِيه: إِبَاحَة شرب من مَاء الصّديق وَكَذَا الْأكل من ثماره وَطَعَامه. قَالَ أَبُو عمر: إِذا علم أَن نفس صَاحبه تطيب بذلك. وَفِيه: دلَالَة للْمَذْهَب الصَّحِيح أَنه يجوز أَن يُقَال: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول، كَمَا يُقَال: ءن الله تَعَالَى قَالَ، خلافًا لما قَالَه مطرف بن عبد الله بن الشخير، إِذْ قَالَ: لَا يُقَال الله وَتَعَالَى يَقُول، إِنَّمَا يُقَال: قَالَ الله، أَو الله، عز وَجل، كَأَنَّهُ ينجر إِلَى اسْتِئْنَاف القَوْل. وَقَول الله قديم، وَكَأَنَّهُ ذهل عَن قَوْله عز وَجل {{وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل}} (الْأَحْزَاب: 4) . وَفِيه: اسْتِعْمَال ظَاهر الْخطاب وعمومه، أَلا ترى أَن أَبَا طَلْحَة حِين سمع: {{لن تنالوا الْبر}} (آل عمرَان: 29) . لم يحْتَج أَن يقف حَتَّى يرد عَلَيْهِ الْبَيَان عَن الشَّيْء الَّذِي يُرِيد الله عز وَجل، أَن ينْفق عباده مِنْهُ إِمَّا بِآيَة أَو سنة تبين ذَاك.
    وَفِيه: مُشَاورَة أهل الْعلم وَالْفضل فِي كَيْفيَّة وُجُوه الطَّاعَات وَغَيرهَا والإنفاق من المحبوب. وَفِيه: أَن الْوَقْف صَحِيح وَإِن لم يذكر سَبيله، وَهُوَ الَّذِي بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي الْوَصَايَا. وَفِيه: أَن الْوكَالَة لَا تتمّ إِلَّا بِالْقبُولِ. وَفِيه: أَن أَبَا طَلْحَة هُوَ الَّذِي قسمهَا فِي أَقَاربه وَبني عَمه وَقد ذكر إِسْمَاعِيل القَاضِي فِي (الْمَبْسُوط) عَن القعْنبِي بِسَنَدِهِ. وَفِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمهَا فِي أقَارِب أبي طَلْحَة وَبني عَمه لَا خلاف فِي ذَلِك، وَقَالَ أَبُو عمر: هُوَ الْمَحْفُوظ عِنْد الْعلمَاء. قلت: هَذَا خلاف مَا ذكر هُنَا، وَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا أضيف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ الْآمِر بِهِ. وَفِيه: فِي قَوْله: (فضعها يَا رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله) ، جَوَاز أَمر الرجل لغيره أَن يتَصَدَّق عَنهُ، أَو يقف عَنهُ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ الآخر: خُذ هَذَا المَال فاجعله حَيْثُ أَرَاك الله من وُجُوه الْخَيْر. وَقَالَ مَالك: فِي هَذَا لَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا وَإِن كَانَ فَقِيرا، فَقَالَ غَيره: وَجَاز لَهُ أَن يَأْخُذهُ كُله إِذا كَانَ فَقِيرا. وَفِيه: صِحَة الصَّدَقَة الْمُطلقَة وَالْحَبْس الْمُطلق، وَهُوَ الَّذِي لم يعين مصرفه ثمَّ بعد ذَلِك يعين. وَفِيه: جَوَاز أَن يُعْطي الْوَاحِد من الصَّدَقَة فَوق مِائَتي دِرْهَم لِأَن هَذَا الْحَائِط مَشْهُور أَن ريعه يحصل للْوَاحِد مِنْهُ أَكثر من ذَلِك، قَالَه الْقُرْطُبِيّ، وَلَا فرق بَين فرض الصَّدَقَة ونفلها فِي مِقْدَار مَا يجوز إِعْطَاؤُهُ الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ فِيمَا ذكره الْخطابِيّ. وَفِيه: أَن الصَّدَقَة إِذا كَانَت جزلة مدح صَاحبهَا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بخ ذَلِك مَال رابح) . وَفِيه: أَن الصَّدَقَة على الْأَقَارِب وضعفاء الأهلين أفضل مِنْهَا على سَائِر النَّاس إِذا كَانَت صَدَقَة تطوع، وَيدل على ذَلِك قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَك أَجْرَانِ: أجر الْقَرَابَة وَالصَّدَََقَة) . وَقَالَ لميمونة حِين أعتقت جَارِيَة لَهَا (أما إِنَّك لَو أعطيتهَا أخوالك كَانَ أعظم لأجرك) ذكره البُخَارِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْهِبَة.تابَعَهُ رَوْحٌأَي: تَابع عبد الله بن يُوسُف روح، بِفَتْح الرَّاء: ابْن عبَادَة الْبَصْرِيّ عَن مَالك فِي قَوْله: (رابح) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة فِي كتاب الْبيُوع.وَقَالَ يَحْيى بنُ يَحْيى وَإسْمَاعِيلُ عَن مالِكٍ رَايِحٌأَي: قَالَ يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي، رَحمَه الله تَعَالَى، وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس فِي روايتهما عَن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَايِح بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، أما رِوَايَة يحيى فستأتي مَوْصُولَة فِي الْوكَالَة، وَأما رِوَايَة إِسْمَاعِيل فوصلها البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي التَّفْسِير.

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ـ رضى الله عنه ـ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ‏}‏ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ ‏{‏لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ‏}‏ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ‏.‏ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ‏.‏ تَابَعَهُ رَوْحٌ‏.‏ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ‏.‏

    Narrated 'Is-haq bin `Abdullah bin Al Talha:I heard Anas bin Malik saying, "Abu Talha had more property of date-palm trees gardens than any other amongst the Ansar in Medina and the most beloved of them to him was Bairuha garden, and it was in front of the Mosque of the Prophet (ﷺ) . Allah's Messenger (ﷺ) used to go there and used to drink its nice water." Anas added, "When these verses were revealed:--'By no means shall you Attain righteousness unless You spend (in charity) of that Which you love. ' (3.92) Abu Talha said to Allah's Messenger (ﷺ) 'O Allah's Messenger (ﷺ)! Allah, the Blessed, the Superior says: By no means shall you attain righteousness, unless you spend (in charity) of that which you love. And no doubt, Bairuha' garden is the most beloved of all my property to me. So I want to give it in charity in Allah's Cause. I expect its reward from Allah. O Allah's Messenger (ﷺ)! Spend it where Allah makes you think it feasible.' On that Allah's Apostle said, 'Bravo! It is useful property. I have heard what you have said (O Abu Talha), and I think it would be proper if you gave it to your Kith and kin.' Abu Talha said, I will do so, O Allah's Apostle.' Then Abu Talha distributed that garden amongst his relatives and his cousins

    Telah menceritakan kepada kami ['Abdullah bin Yusuf] telah mengabarkan kepada kami [Malik] dari [Ishaq bin 'Abdullah bin Abu Thalhah] bahwa dia mendengar [Anas bin Malik radliallahu 'anhu] berkata; Abu Thalhah adalah orang yang paling banyak hartanya dari kalangan Anshar di kota Madinah berupa kebun pohon kurma dan harta benda yang paling dicintainya adalah Bairuha' (sumur yang ada di kebun itu) yang menghadap ke masjid dan Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam sering mamemasuki kebun itu dan meminum airnya yang baik tersebut. Berkata, Anas; Ketika turun firman Allah Ta'ala (QS Alu 'Imran: 92 yang artinya): "Kamu sekali-kali tidak akan sampai kepada kebajikan (yang sempurna), sebelum kamu menafkahkan sehahagian harta yang kamu cintai", Abu Thalhah mendatangi Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam lalu berkata; "Wahai Rasulullah, sesungguhnya Allah Ta'ala telah berfirman: "Kamu sekali-kali tidak akan sampai kepada kebajikan (yang sempurna), sebelum kamu menafkahkan sehahagian harta yang kamu cintai", dan sesungguhnya harta yang paling aku cintai adalah Bairuha' itu dan aku menshadaqahkannya di jalan Allah dengan berharap kebaikan dan simpanan pahala di sisiNya, maka ambillah wahai Rasulullah sebagaimana petunjuk Allah kepadanu". Dia (Anas) berkata,: "Maka Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam bersabda: Wah, inilah harta yang menguntungkan, inilah harta yang menguntungkan. Sungguh aku sudah mendengar apa yang kamu niyatkan dan aku berpendapat sebaiknya kamu shadaqahkan buat kerabatmu". Maka Abu Thalhah berkata,: "Aku akan laksanakan wahai Rasululloloh. Maka Abu Thalhah membagi untuk kerabatnya dan anak-anak pamannya". Hadits ini juga dikuatkan oleh [Rauh] dan berkata, [Yaha bin Yahya] dan [Isma'il] dari [Malik]: "Pahalanya mengalir terus

    Enes İbn Malik şöyle anlatır: Ebu Talha, hurmalıkları bakımından Medine'de en zengin kimse idi. O, en çok mescidin karşısında bulunan Beyruha adlı bahçesini severdi. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem oraya girer ve güzel suyundan içerdi. "Sevdiğiniz şeylerden (Allah yolunda) harcamadıkça iyiliğe eremezsiniz. Her ne harcarsanız Allah onu hakkıyla bilir [Al-i İmran, 92] ayeti nazil olunca Ebu Tal­ha, hemen kalkıp Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e geldi ve: "Ey Allah'ın Resulü! Allah, "Sevdiğiniz şeylerden infak etmedikçe iyiliğe kavuşamazsınız" ayetini indirdi. En sevdiğim mal, Beyruha'dır. Onu, Allah için sadaka olarak veriyorum. Bundan dolayı Allah'ın bana 'iyi'yi (birr) vermesini ve ahirette sevap almayı umuyorum. Ey Allah'ın Resulü! Bu bahçe hakkında, Allah'ın sana gösterdiği şekilde tasarrufta bulun" dedi. Bunun üzerine Efendimiz Sallallahu Aleyhi ve Sellem, "Ne güzel! Bu çok kazanç getiren bir mal. Bu çok kar getiren bir mal. Dediklerini işittim. Ben, bunu akrabalarına vermeni uygun görüyorum" buyurdu. Ebu Talha da, "(Buyurduğunuz şekilde) yapacağım, Ya Resülallah!" diyerek, bahçeyi, akrabaları ve amca çocukları arasında paylaştırdı. Yahya İbn Yahya ve İsmail'in Malik'ten yaptığı rivayette, "kazançlı" olarak tercüme ettiğimiz kelimesi yerine, "gelip giden" anlamına gelen kelimesi geçmektedir. Tekrar:

    ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم سے امام مالک رحمہ اللہ نے بیان کیا ‘ ان سے اسحاق بن عبداللہ بن ابی طلحہ نے ‘ کہ انہوں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے سنا ‘ انہوں نے کہا کہ ابوطلحہ رضی اللہ عنہ مدینہ میں انصار میں سب سے زیادہ مالدار تھے۔ اپنے کھجور کے باغات کی وجہ سے۔ اور اپنے باغات میں سب سے زیادہ پسند انہیں بیرحاء کا باغ تھا۔ یہ باغ مسجد نبوی کے بالکل سامنے تھا۔ اور رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم اس میں تشریف لے جایا کرتے اور اس کا میٹھا پانی پیا کرتے تھے۔ انس رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ جب یہ آیت نازل ہوئی «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون‏» یعنی ”تم نیکی کو اس وقت تک نہیں پا سکتے جب تک تم اپنی پیاری سے پیاری چیز نہ خرچ کرو۔“ یہ سن کر ابوطلحہ رضی اللہ عنہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں حاضر ہوئے اور عرض کیا کہ اے اللہ کے رسول! اللہ تبارک وتعالیٰ فرماتا ہے کہ تم اس وقت تک نیکی کو نہیں پا سکتے جب تک تم اپنی پیاری سے پیاری چیز نہ خرچ کرو۔ اور مجھے بیرحاء کا باغ سب سے زیادہ پیارا ہے۔ اس لیے میں اسے اللہ تعالیٰ کے لیے خیرات کرتا ہوں۔ اس کی نیکی اور اس کے ذخیرہ آخرت ہونے کا امیدوار ہوں۔ اللہ کے حکم سے جہاں آپ صلی اللہ علیہ وسلم مناسب سمجھیں اسے استعمال کیجئے۔ راوی نے بیان کیا کہ یہ سن کر رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ‘ خوب! یہ تو بڑا ہی آمدنی کا مال ہے۔ یہ تو بہت ہی نفع بخش ہے۔ اور جو بات تم نے کہی میں نے وہ سن لی۔ اور میں مناسب سمجھتا ہوں کہ تم اسے اپنے نزدیکی رشتہ داروں کو دے ڈالو۔ ابوطلحہ رضی اللہ عنہ نے کہا۔ یا رسول اللہ! میں ایسا ہی کروں گا۔ چنانچہ انہوں نے اسے اپنے رشتہ داروں اور چچا کے لڑکوں کو دے دیا۔ عبداللہ بن یوسف کے ساتھ اس روایت کی متابعت روح نے کی ہے۔ یحییٰ بن یحییٰ اور اسماعیل نے مالک کے واسطہ سے ( «رابح» کے بجائے ) «رائح» نقل کیا ہے۔

    وَقَالَ النَّبِيُّ لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেনঃ এরূপ দাতার দ্বিগুণ সওয়াব। আত্মীয়কে দান করার সওয়াব এবং যাকাত দেয়ার সওয়াব। ১৪৬১. আনাস (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, মাদ্বীনার আনসারীগণের মধ্যে আবূ তালহা (রাঃ) সবচাইতে বেশী খেজুর বাগানের মালিক ছিলেন। মসজিদে নাববীর নিকটবর্তী বায়রুহা নামক বাগানটি তাঁর কাছে অধিক প্রিয় ছিল। আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তাঁর বাগানে প্রবেশ করে এর সুপেয় পানি পান করতেন। আনাস (রাঃ) বলেন, যখন এ আয়াত অবতীর্ণ হলোঃ ‘‘তোমরা যা ভালবাস তা হতে ব্যয় না করা পর্যন্ত তোমরা কখনো পুণ্য লাভ করবে না’’- (আলু ইমরানঃ ৯২)। তখন আবূ তালহা (রাঃ) আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর কাছে গিয়ে বললেন, হে আল্লাহর রাসূল! আল্লাহ বলেছেনঃ ‘‘তোমরা যা ভালবাস তা হতে ব্যয় না করা পর্যন্ত তোমরা কখনো পুণ্য লাভ করবে না’’- (আলু ইমরানঃ ৯২)। আর বায়রুহা বাগানটি আমার কাছে অধিক প্রিয়। এটি আল্লাহর নামে সদাকাহ করা হলো, আমি এর কল্যাণ কামনা করি এবং তা আল্লাহর নিকট আমার জন্য সঞ্চয়রূপে থাকবে। কাজেই আপনি যাকে দান করা ভাল মনে করেন তাকে দান করুন। তখন আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ তোমাকে ধন্যবাদ, এ হচ্ছে লাভজনক সম্পদ, এ হচ্ছে লাভজনক সম্পদ। তুমি যা বলেছ তা শুনলাম। আমি মনে করি, তোমার আপন জনদের মধ্যে তা বণ্টন করে দাও। আবূ তালহা (রাঃ) বললেন, হে আল্লাহর রাসূল! আমি তাই করব। অতঃপর তিনি তাঁর আত্মীয়-স্বজন, আপন চাচার বংশধরের মধ্যে তা বণ্টন করে দিলেন। রাবী রাওহ (রহ.) رَايِحٌ শব্দে ‘আবদুল্লাহ ইবনু ইউসুফ (রহ.)-এর অনুসরণ করেছেন। আর রাবী ইয়াহইয়া ইবনু ইয়াহইয়া (রহ.) ও ইসমা‘ঈল (রহ.) মালিক (রহ.) হতে رَايِحٌ শব্দ বলেছেন। (২৩১৮, ২৭৫২, ২৭৫৮, ২৭৬৯, ৪৫৫৪, ৪৫৫৫, ৫৬১১, মুসলিম ১২/১৪, হাঃ ৯৯৮, আহমাদ ১২৪৪১) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৩৬৭, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அனஸ் பின் மாலிக் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: மதீனா அன்சாரிகளிலேயே அபூ தல்ஹா (ரலி) அவர்கள் அதிக வசதி படைத்தவராக இருந்தார். அவருக்குப் பேரீச்ச மரங்கள் அதிகம் இருந்தன. அவருடைய செல்வங்களில் ‘பைருஹா’ என்ற தோட்டமே அவருக்கு மிகவும் விருப்பமானதாக இருந்தது. அது மஸ்ஜிது(ந் நபவீ பள்ளிவாசலு)க்கு எதிரில் இருந்தது. அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் அத்தோட்டத்திற்குள் சென்று அங்குள்ள நல்ல (சுவை) நீரைக் குடிப்பது வழக்கம். இந்நிலையில், “நீங்கள் விரும்புகின்ற (செல்வத்)திலிருந்து தானம் செய்யாத வரை நீங்கள் ஒருபோதும் (நிறைவான) பலனை அடைந்துகொள்ளமாட்டீர்கள்” (3:92) எனும் இறைவசனம் அருளப்பெற்றபோது, அபூதல்ஹா (ரலி) அவர்கள் எழுந்து அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களிடம், “அல்லாஹ்வின் தூதரே! உயர்வும் வளமும் மிக்க அல்லாஹ், ‘நீங்கள் விரும்புகின்ற (செல்வத்)திலிருந்து தானம் செய்யாத வரை நீங்கள் ஒருபோதும் பலனை அடைந்துகொள்ளமாட்டீர்கள்’ என்று கூறுகின்றான். என் செல்வங்களில் எனக்கு மிகவும் விருப்பமானது, ‘பைருஹா’ எனும் தோட்டமேயாகும். (இனி) அது அல்லாஹ்வுக்காக (நான் வழங்கும்) தர்மம் ஆகும். அதற்கான நன்மையையும் அது (மறுமையில் எனக்குரிய) சேமிப்பாக இருப்பதையும் அல்லாஹ்விடம் நான் எதிர்பார்க்கிறேன். எனவே, அல்லாஹ்வின் தூதரே! அல்லாஹ் உங்களுக்குக் காட்டிய வழியில் அதைப் பயன்படுத்திக்கொள்ளுங்கள்” எனக் கூறினார். அப்போது அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், “நல்லது! அது (மறுமையில்) இலாபம் தரும் செல்வம்தானே! அது (மறுமையில்) இலாபம் தரும் செல்வம் தானே! நீர் கூறியதை நான் செவியுற்றேன். நீர் அதை உம்முடைய நெருங்கிய உறவினர்களுக்கு (தானமாக) வழங்கு வதையே நான் (உசிதமாகக்) கருதுகின் றேன்” எனக் கூறினார்கள். அதற்கு அபூதல்ஹா (ரலி) அவர்கள், “அல்லாஹ்வின் தூதரே! நான் அவ்வாறே செய்கிறேன்” எனக் கூறிவிட்டு, அத்தோட் டத்தைத் தம் நெருங்கிய உறவினருக்கும் தம் தந்தையின் சகோதரர் பிள்ளை களுக்கும் பங்கிட்டுவிட்டார்கள். இந்த ஹதீஸ் நான்கு அறிவிப்பாளர் தொடர்களில் வந்துள்ளது. அவற்றில் இஸ்மாயீல் பின் அப்தில்லாஹ் (ரஹ்) அவர்களின் அறிவிப்பில், (இலாபம் தரும் -‘ராபிஹ்’ என்பதற்குப் பதிலாக) ‘நன்மை கிடைத்துவிட்ட’ (ராயிஹ்) என இடம்பெற்றுள்ளது. அத்தியாயம் :