• 307
  • قَدِمْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَجَبَتْ ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَجَبَتْ ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا ، فَقَالَ : وَجَبَتْ ، فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ : فَقُلْتُ : وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّمَا مُسْلِمٍ ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ " فَقُلْنَا : وَثَلاَثَةٌ ، قَالَ : " وَثَلاَثَةٌ " فَقُلْنَا : وَاثْنَانِ ، قَالَ : " وَاثْنَانِ " ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ

    حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ ، قَالَ : قَدِمْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَجَبَتْ ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَجَبَتْ ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا ، فَقَالَ : وَجَبَتْ ، فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ : فَقُلْتُ : وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَيُّمَا مُسْلِمٍ ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ فَقُلْنَا : وَثَلاَثَةٌ ، قَالَ : وَثَلاَثَةٌ فَقُلْنَا : وَاثْنَانِ ، قَالَ : وَاثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ

    وقع: وقع : انتشر وتفشى بين الناس وأصابهم
    فأثني: الثناء : المدح والوصف بالخير
    أَيُّمَا مُسْلِمٍ ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ
    حديث رقم: 2528 في صحيح البخاري كتاب الشهادات باب تعديل كم يجوز؟
    حديث رقم: 1041 في جامع الترمذي أبواب الجنائز باب ما جاء في الثناء الحسن على الميت
    حديث رقم: 1926 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الجنائز باب الثناء
    حديث رقم: 138 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 208 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 318 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 388 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 3092 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْجَنَائِزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا فَصْلٌ فِي الْمَوْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رَاحَةِ الْمُؤْمِنِ ، وَبُشْرَاهُ
    حديث رقم: 2038 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْجَنَائِزِ الثَّنَاءُ
    حديث رقم: 11787 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْجَنَائِزِ فِي الْجِنَازَةِ يَمُرُّ بِهَا فَيُثْنَى عَلَيْهَا خَيْرًا
    حديث رقم: 6784 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجَنَائِزِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ
    حديث رقم: 18993 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابُ عَدَدِ الْمُزَكِّينَ
    حديث رقم: 21 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 134 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 2792 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1368] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَذكر أَصْحَابالْأَطْرَافِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ قَائِلًا فِيهِ قَالَ عَفَّانُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَفَّانَ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ هُوَ بِلَفْظِ النَّهْرِ الْمَشْهُورِ وَاسْمُهُ عَمْرٌو وَهُوَ كِنْدِيٌّ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ وَلَهُمْ شَيْخٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ اسْمُ أَبِيهِ بَكْرٌ وَأَبُو الْفُرَاتِ اسْمُ جَدِّهِ وَهُوَ أَشْجَعِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَقْدَمُ مِنَ الْكِنْدِيِّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ هُوَ الدِّيلِيُّ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ الْمَشْهُورُ وَلَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْهُ إِلَّا مُعَنْعَنًا وَقَدْ حَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ التَّتَبُّعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيّ أَن بن بُرَيْدَةَ إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الحَدِيث سَمِعت أَبَا الْأسود قلت وبن بُرَيْدَةَ وُلِدَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبَا الْأَسْوَدِ بِلَا رَيْبٍ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يكْتَفى بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أَخْرَجَهُ شَاهِدًا وَاكْتَفَى لِلْأَصْلِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُدَ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ سَرِيعًا قَوْلُهُ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا كَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ خَيْرًا بِالنَّصْبِ وَكَذَا شَرًّا وَقَدْ غَلِطَ مَنْ ضَبَطَ أَثْنَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ الْأُصُول مبْنى للْمَفْعُول قَالَ بن التِّينِ وَالصَّوَابُ الرَّفْعُ وَفِي نَصْبِهِ بُعْدٌ فِي اللِّسَانِ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ أُقِيمَ مقَام الْمَفْعُول الأول وَخيرا مَقَامَ الثَّانِي وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَكْسَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَي أثنى عَلَيْهَا بِخَير وَقَالَ بن مَالِكٍ خَيْرًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ فَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ فَنُصِبَتْ لِأَنَّ أُثْنِيَ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَالَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ إِلَى الْمَصْدَرِ وَالْإِسْنَادُ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَلِيلٌ قَوْلُهُ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ هُوَ الرَّاوِي وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ أَيْ قُلْتُ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ وَمَا مَعْنَى قَوْلِكَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَتْ مَعَ اخْتِلَافِ الثَّنَاءِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَوْلُهُ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا مُسْلِمٍ إِلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَيُّمَا مُسْلِمٍ هُوَ الْمَقُولُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ عُمَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَتْ قَالَهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ صِدْقَ الْوَعْدِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَمَّا اقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ فَهُوَ إِمَّا لِلِاخْتِصَارِ وَإِمَّا لِإِحَالَتِهِ السَّامِعَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعُرِفَ مِنَ الْقِصَّةِ أَنَّ الْمُثْنِيَ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْجَنَائِزِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَذَا فِي قَوْلِ عُمَرَ قُلْنَا وَمَا وَجَبَتْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا فِي الْبَقَرَة عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِمَّنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَقُلْنَا وَثَلَاثَةٌ فِيهِ اعْتِبَارُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّهُ سَأَلَ عَنِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَمَّا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ كَالْخَمْسَةِ مَثَلًا وَفِيهِ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَيْسَ دَلِيلًا قَطْعِيًّا بَلْ هُوَ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا لَمْ يَسْأَلْ عُمَرُ عَنِ الْوَاحِدِ اسْتِبْعَادًا مِنْهُ أَنْ يُكْتَفَى فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ الْعَظِيمِ بِأَقَلَّ مِنَ النِّصَابِ وَقَالَ أَخُوهُ فِي الْحَاشِيَةِ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ بِوَاحِدٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ غُمُوضٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الشَّهَادَةِ اثْنَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصِّدْقِ لَا الْفَسَقَةُ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ لِأَنَّ شَهَادَةالْعَدُوِّ لَا تُقْبَلُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِعْمَالُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ قَالَ لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنَّ الَّذِي يَقُولُونَهُ فِي حَقِّ شَخْصٍ يَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِقَوْلِهِمْ وَلَا الْعَكْسُ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا رَأَوْهُ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَبِالْعَكْسِ وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَجَبَتْ بَعْدَ الثَّنَاءِ حُكْمٌ عَقَّبَ وَصْفًا مُنَاسِبًا فَأَشْعَرَ بِالْعِلِّيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلتَّشْرِيفِ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةٍ عَالِيَةٍ عِنْدَ اللَّهِ فَهُوَ كَالتَّزْكِيَةِ لِلْأُمَّةِ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ قَالَ وَإِلَى هَذَا يُومِئُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا الْآيَةَ قُلْتُ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقَرَظِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَنَسٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِك فِي حَدِيث مَرْفُوع غَيره عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَوْلُكُ وَجَبَتْ هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ فَلَا وَكَذَا عَكْسُهُ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَأَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَهَذَا إِلْهَامٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَعْيِينِهَا وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ انْتَهَى وَهَذَا فِي جَانِبِ الْخَيْر وَاضح وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ أَحْمد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ وَقَالَ ثَلَاثَةٌ بَدَلَ أَرْبَعَةٍ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ مَرَاسِيلِ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ أَخْرَجَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ وَأَمَّا جَانِبُ الشَّرِّ فَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَكِنْ إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ غَلَبَ شَرُّهُ عَلَى خَيْرِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا أَوَّلًا فِي آخِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ آخِرِ الْجَنَائِزِ وَهُوَ أَصْلٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَنَّ أقل أَصْلهَا اثْنَان وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ وَقَبُولُهَا قَبْلَ الِاسْتِفْصَالِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الثَّنَاءِ فِي الشَّرِّ لِلْمُؤَاخَاةِ وَالْمُشَاكَلَةِ وَحَقِيقَتُهُ إِنَّمَا هِيَ فِي الْخَيْرِ وَالله أعلم(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ ل) م يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ لِكَوْنِ عَذَابِ الْقَبْرِ يَقَعُ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى الْجَسَدِ وَفِيهِ خِلَافٌ شَهِيرٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الَّتِي يَرْضَاهَا لَيْسَتْ قَاطِعَةً فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَمْ يَتَقَلَّدِ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَاكْتَفَى بِإِثْبَاتِ وُجُودِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهُ مُطْلَقًا مِنَ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ كَضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو وَبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَأَكْثَرُوا مِنَ الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْجَيَّانِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْكُفَّارِ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ أَيْ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ ذِكْرَ هَذِهِ الْآيَاتِ لِيُنَبِّهَ عَلَى ثُبُوتِ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِمَنْ رَدَّهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ إِلَّا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي الْأَنْعَام فروى الطَّبَرَانِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ قَالَ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْبَسْطُ الضَّرْبُ يَضْرِبُونَ وُجُوههم وادبارهم انْتَهَى وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقِتَالِ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدَّفْنِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا أُضِيفَ الْعَذَابُ إِلَى الْقَبْرِ لِكَوْنِ مُعْظَمِهِ يَقَعُ فِيهِ وَلِكَوْنِ الْغَالِبِ عَلَى الْمَوْتَى أَنْ يُقْبَرُوا وَإِلَّا فَالْكَافِرُ وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْذِيبَهُ مِنَ الْعُصَاةِ يُعَذَّبُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ لَمْ يُدْفَنْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ مَحْجُوبٌ عَنِ الْخَلْقِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ وروى الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ اخْرُجْ يَا فُلَانُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَفَضَحَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ فَهَذَا الْعَذَابُ الْأَوَّلُ وَالْعَذَابُ الثَّانِي عَذَابُ الْقَبْرِ وَرَوَيَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحسن سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْقَبْرِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ بَلَغَنِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافًا عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَالْأَغْلَبُ أَنَّ إِحْدَى الْمَرَّتَيْنِ عَذَابُ الْقَبْرِ وَالْأُخْرَى تَحْتَمِلُ أَحَدَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْجُوعِ أَوِ السَّبْيِ أَوِ الْقَتْلِ أَوِ الْإِذْلَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْن الْآيَةَ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ أَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ فِي طُيُورٍ سُودٍ تَغْدُو وَتَروح على النَّار فَذَلِك عرضهَا وَوَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ فَذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِيهِ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ فِي الْكَلَامِ على حَدِيث بن عُمَرَ بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْعَرْضَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَرْضَ يَكُونُ فِي الْبَرْزَخِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَثْبِيتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَقَعَ ذِكْرُ عَذَابِ الدَّارَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُفَسَّرًا مُبَيَّنًا لَكِنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ مُطْلَقًا لَا عَلَى مَنْ خَصَّهُ بِالْكُفَّارِ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ فِرَاقِ الْأَجْسَادِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي وَاحْتُجَّ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى أَنَّ النَّفْسَ وَالرُّوحَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى اخْرُجُوا أَنفسكُم وَالْمُرَادُ الْأَرْوَاحُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فِي التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الْآيَةَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُالْأَطْرَافِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ قَائِلًا فِيهِ قَالَ عَفَّانُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَفَّانَ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ هُوَ بِلَفْظِ النَّهْرِ الْمَشْهُورِ وَاسْمُهُ عَمْرٌو وَهُوَ كِنْدِيٌّ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ وَلَهُمْ شَيْخٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ اسْمُ أَبِيهِ بَكْرٌ وَأَبُو الْفُرَاتِ اسْمُ جَدِّهِ وَهُوَ أَشْجَعِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَقْدَمُ مِنَ الْكِنْدِيِّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ هُوَ الدِّيلِيُّ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ الْمَشْهُورُ وَلَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْهُ إِلَّا مُعَنْعَنًا وَقَدْ حَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ التَّتَبُّعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيّ أَن بن بُرَيْدَةَ إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الحَدِيث سَمِعت أَبَا الْأسود قلت وبن بُرَيْدَةَ وُلِدَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبَا الْأَسْوَدِ بِلَا رَيْبٍ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يكْتَفى بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أَخْرَجَهُ شَاهِدًا وَاكْتَفَى لِلْأَصْلِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُدَ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ سَرِيعًا قَوْلُهُ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا كَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ خَيْرًا بِالنَّصْبِ وَكَذَا شَرًّا وَقَدْ غَلِطَ مَنْ ضَبَطَ أَثْنَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ الْأُصُول مبْنى للْمَفْعُول قَالَ بن التِّينِ وَالصَّوَابُ الرَّفْعُ وَفِي نَصْبِهِ بُعْدٌ فِي اللِّسَانِ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ أُقِيمَ مقَام الْمَفْعُول الأول وَخيرا مَقَامَ الثَّانِي وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَكْسَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَي أثنى عَلَيْهَا بِخَير وَقَالَ بن مَالِكٍ خَيْرًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ فَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ فَنُصِبَتْ لِأَنَّ أُثْنِيَ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَالَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ إِلَى الْمَصْدَرِ وَالْإِسْنَادُ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَلِيلٌ قَوْلُهُ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ هُوَ الرَّاوِي وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ أَيْ قُلْتُ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ وَمَا مَعْنَى قَوْلِكَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَتْ مَعَ اخْتِلَافِ الثَّنَاءِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَوْلُهُ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا مُسْلِمٍ إِلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَيُّمَا مُسْلِمٍ هُوَ الْمَقُولُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ عُمَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَتْ قَالَهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ صِدْقَ الْوَعْدِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَمَّا اقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ فَهُوَ إِمَّا لِلِاخْتِصَارِ وَإِمَّا لِإِحَالَتِهِ السَّامِعَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعُرِفَ مِنَ الْقِصَّةِ أَنَّ الْمُثْنِيَ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْجَنَائِزِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَذَا فِي قَوْلِ عُمَرَ قُلْنَا وَمَا وَجَبَتْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا فِي الْبَقَرَة عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِمَّنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَقُلْنَا وَثَلَاثَةٌ فِيهِ اعْتِبَارُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّهُ سَأَلَ عَنِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَمَّا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ كَالْخَمْسَةِ مَثَلًا وَفِيهِ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَيْسَ دَلِيلًا قَطْعِيًّا بَلْ هُوَ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا لَمْ يَسْأَلْ عُمَرُ عَنِ الْوَاحِدِ اسْتِبْعَادًا مِنْهُ أَنْ يُكْتَفَى فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ الْعَظِيمِ بِأَقَلَّ مِنَ النِّصَابِ وَقَالَ أَخُوهُ فِي الْحَاشِيَةِ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ بِوَاحِدٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ غُمُوضٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الشَّهَادَةِ اثْنَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصِّدْقِ لَا الْفَسَقَةُ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ لِأَنَّ شَهَادَةالْعَدُوِّ لَا تُقْبَلُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِعْمَالُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ قَالَ لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنَّ الَّذِي يَقُولُونَهُ فِي حَقِّ شَخْصٍ يَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِقَوْلِهِمْ وَلَا الْعَكْسُ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا رَأَوْهُ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَبِالْعَكْسِ وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَجَبَتْ بَعْدَ الثَّنَاءِ حُكْمٌ عَقَّبَ وَصْفًا مُنَاسِبًا فَأَشْعَرَ بِالْعِلِّيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلتَّشْرِيفِ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةٍ عَالِيَةٍ عِنْدَ اللَّهِ فَهُوَ كَالتَّزْكِيَةِ لِلْأُمَّةِ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ قَالَ وَإِلَى هَذَا يُومِئُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا الْآيَةَ قُلْتُ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقَرَظِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَنَسٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِك فِي حَدِيث مَرْفُوع غَيره عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَوْلُكُ وَجَبَتْ هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ فَلَا وَكَذَا عَكْسُهُ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَأَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَهَذَا إِلْهَامٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَعْيِينِهَا وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ انْتَهَى وَهَذَا فِي جَانِبِ الْخَيْر وَاضح وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ أَحْمد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ وَقَالَ ثَلَاثَةٌ بَدَلَ أَرْبَعَةٍ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ مَرَاسِيلِ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ أَخْرَجَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ وَأَمَّا جَانِبُ الشَّرِّ فَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَكِنْ إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ غَلَبَ شَرُّهُ عَلَى خَيْرِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا أَوَّلًا فِي آخِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ آخِرِ الْجَنَائِزِ وَهُوَ أَصْلٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَنَّ أقل أَصْلهَا اثْنَان وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ وَقَبُولُهَا قَبْلَ الِاسْتِفْصَالِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الثَّنَاءِ فِي الشَّرِّ لِلْمُؤَاخَاةِ وَالْمُشَاكَلَةِ وَحَقِيقَتُهُ إِنَّمَا هِيَ فِي الْخَيْرِ وَالله أعلم(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ ل) م يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ لِكَوْنِ عَذَابِ الْقَبْرِ يَقَعُ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى الْجَسَدِ وَفِيهِ خِلَافٌ شَهِيرٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الَّتِي يَرْضَاهَا لَيْسَتْ قَاطِعَةً فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَمْ يَتَقَلَّدِ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَاكْتَفَى بِإِثْبَاتِ وُجُودِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهُ مُطْلَقًا مِنَ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ كَضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو وَبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَأَكْثَرُوا مِنَ الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْجَيَّانِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْكُفَّارِ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ أَيْ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ ذِكْرَ هَذِهِ الْآيَاتِ لِيُنَبِّهَ عَلَى ثُبُوتِ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِمَنْ رَدَّهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ إِلَّا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي الْأَنْعَام فروى الطَّبَرَانِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ قَالَ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْبَسْطُ الضَّرْبُ يَضْرِبُونَ وُجُوههم وادبارهم انْتَهَى وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقِتَالِ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدَّفْنِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا أُضِيفَ الْعَذَابُ إِلَى الْقَبْرِ لِكَوْنِ مُعْظَمِهِ يَقَعُ فِيهِ وَلِكَوْنِ الْغَالِبِ عَلَى الْمَوْتَى أَنْ يُقْبَرُوا وَإِلَّا فَالْكَافِرُ وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْذِيبَهُ مِنَ الْعُصَاةِ يُعَذَّبُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ لَمْ يُدْفَنْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ مَحْجُوبٌ عَنِ الْخَلْقِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ وروى الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ اخْرُجْ يَا فُلَانُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَفَضَحَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ فَهَذَا الْعَذَابُ الْأَوَّلُ وَالْعَذَابُ الثَّانِي عَذَابُ الْقَبْرِ وَرَوَيَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحسن سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْقَبْرِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ بَلَغَنِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافًا عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَالْأَغْلَبُ أَنَّ إِحْدَى الْمَرَّتَيْنِ عَذَابُ الْقَبْرِ وَالْأُخْرَى تَحْتَمِلُ أَحَدَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْجُوعِ أَوِ السَّبْيِ أَوِ الْقَتْلِ أَوِ الْإِذْلَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْن الْآيَةَ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ أَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ فِي طُيُورٍ سُودٍ تَغْدُو وَتَروح على النَّار فَذَلِك عرضهَا وَوَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ فَذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِيهِ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ فِي الْكَلَامِ على حَدِيث بن عُمَرَ بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْعَرْضَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَرْضَ يَكُونُ فِي الْبَرْزَخِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَثْبِيتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَقَعَ ذِكْرُ عَذَابِ الدَّارَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُفَسَّرًا مُبَيَّنًا لَكِنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ مُطْلَقًا لَا عَلَى مَنْ خَصَّهُ بِالْكُفَّارِ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ فِرَاقِ الْأَجْسَادِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي وَاحْتُجَّ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى أَنَّ النَّفْسَ وَالرُّوحَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى اخْرُجُوا أَنفسكُم وَالْمُرَادُ الْأَرْوَاحُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فِي التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الْآيَةَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُقَوْلُهُ (قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا) إِلَى آخِرِهِ يَعْنِي صَدَقُوا فِي أَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا وَكَذَبُوا فِي أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ بَلِ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعُذْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بن عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَائِزٌ وَأَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قوله (لايستطيعون أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ الْهُزْلِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ وَهَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ قَالَا وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْهُزَالِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَزِيَادَةِ الْأَلِفِ قُلْتُ وَلِلْأَوَّلِ وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ هَزَلْتَهُ هَزْلًا كَضَرَبْتَهُ ضَرْبًا وَتَقْدِيرُهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ يَطُوفُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَلَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ) هُوَ جَمْعُ عَاتِقٍ وَهِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ أَوِ الْمُقَارِبَةُ لِلْبُلُوغِ وَقِيلَ الَّتِي تَتَزَوَّجُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ مِنَ اسْتِخْدَامِ أَبَوَيْهَا وَابْتِذَالِهَا فِيقَوْلُهُ (قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا) إِلَى آخِرِهِ يَعْنِي صَدَقُوا فِي أَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا وَكَذَبُوا فِي أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ بَلِ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعُذْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بن عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَائِزٌ وَأَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قوله (لايستطيعون أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ الْهُزْلِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ وَهَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ قَالَا وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْهُزَالِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَزِيَادَةِ الْأَلِفِ قُلْتُ وَلِلْأَوَّلِ وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ هَزَلْتَهُ هَزْلًا كَضَرَبْتَهُ ضَرْبًا وَتَقْدِيرُهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ يَطُوفُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَلَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ) هُوَ جَمْعُ عَاتِقٍ وَهِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ أَوِ الْمُقَارِبَةُ لِلْبُلُوغِ وَقِيلَ الَّتِي تَتَزَوَّجُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ مِنَ اسْتِخْدَامِ أَبَوَيْهَا وَابْتِذَالِهَا فِيقَوْلُهُ (قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا) إِلَى آخِرِهِ يَعْنِي صَدَقُوا فِي أَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا وَكَذَبُوا فِي أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ بَلِ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعُذْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بن عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَائِزٌ وَأَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قوله (لايستطيعون أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ الْهُزْلِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ وَهَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ قَالَا وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ الْهُزَالِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَزِيَادَةِ الْأَلِفِ قُلْتُ وَلِلْأَوَّلِ وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ هَزَلْتَهُ هَزْلًا كَضَرَبْتَهُ ضَرْبًا وَتَقْدِيرُهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ يَطُوفُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَلَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ) هُوَ جَمْعُ عَاتِقٍ وَهِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ أَوِ الْمُقَارِبَةُ لِلْبُلُوغِ وَقِيلَ الَّتِي تَتَزَوَّجُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ مِنَ اسْتِخْدَامِ أَبَوَيْهَا وَابْتِذَالِهَا فِي(قَوْلُهُ بَابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَجَوَازُهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إِذَا أَفْضَى إِلَى الْإِطْرَاءِ خَشْيَةً عَلَيْهِ مِنَ الزَّهْوِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ

    [1368] حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: "قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ -وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ- فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ. فَقُلْنَا: وَثَلاَثَةٌ؟ قَالَ: وَثَلاَثَةٌ. فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ. ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ". [الحديث 1386 - طرفه في: 2643]. وبه قال: (حدّثنا عفان بن مسلم) بكسر اللام المخففة، زاد أبو ذرة هو الصفار، قال (حدّثنا داود بن أبي الفرات) بلفظ النهر، واسمه عمرو الكندي (عن عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء آخره هاء تأنيث (عن أبي الأسود) ظالم بن عمرو بن سفيان الديلي، بكسر الدال المهملة وسكون التحتية، ويقال: الدؤلي بضم الدال بعدها همزة مفتوحة، وهو أول من تكلم في النحو بعد عليّ بن أبي طالب. قال الحافظ ابن حجر: ولم أره من رواية عبد الله بن بريدة عنه، إلا معنعنًا. وقد حكى الدارقطني في كتاب التتبع، عن عليّ بن المديني: أن ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن معمر، عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث: سمعت أبا الأسود. قال الحافظ ابن حجر، وابن بريدة ولد في عهد عمر، فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب، لكن البخاري لا يكتفي بالمعاصرة، فلعله أخرجه شاهدًا أو اكتفى للأصل بحديث أنس السابق. (قال) أي: أبو الأسود: (قدمت المدينة) النبوية - (وقد وقع بها مرض) - جملة حالية، زاد في الشهادات: وهم يموتون موتًا ذريعًا. وهو بالذال المعجمة أي سريعًا (فجلست إلى) أي: عند (عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة، فأثني) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (على صاحبها خيرًا) كذا في جميع الأصول بالنصب، ووجهه ابن بطال، بأنه أقام الجار والمجرور، وهو قوله: على صاحبها مقام المفعول الأول وخيرًا مقام الثاني وإن كان الاختيار عكسه. وقال النووي: منصوب بنزع الخافض، أي أثنى عليها بخير. وقال في مصابيح الجامع: على صاحبها، نائب عن الفاعل، وخيرًا: مفعول لمحذوف. فقال المثنون خيرًا. (فقال عمر، رضي الله عنه: وجبت ثم مرّ) بضم الميم (بأخرى، فأثني على صاحبها) فقال المثنون: (خيرًا، فقال عمر، رضي الله عنه، وجبت ثم مر) بضم الميم (بالثالثة، فأثني على صاحبها) فقال المثنون (شرًّا، فقال) عمر رضي الله عنه: (وجبت. فقال أبو الأسود) المذكور بالإسناد السابق، (فقلت وما) معنى قولك لكل منهما (وجبت يا أمير المؤمنين): مع اختلاف الثناء بالخير والشر. (قال) عمر: (قلت كما قال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو المقول، وحينئذ فيكون قول عمر، رضي الله عنه لكل منهما وجبت، قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أدخله الله الجنة. (أيما مسلم شهد له أربعة) من المسلمين (بخير، أدخله الله الجنة). (فقلنا) أي عمر وغيره (وثلاثة؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (وثلاثة. فقلنا: واثنان؟ قال) عليه الصلاة والسلام (واثنان). (ثم لم نسأله عن الواحد) استبعادًا أن يكتفي في مثل هذا المقام العظيم، بأقل من النصاب. واقتصر على الشق الأول اختصارًا، أو لإحالة السامع على القياس. وفي حديث حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس، عند أحمد، وابن حبان والحاكم مرفوعًا: ما من مسلم يموت، فيشهد له أربعة من جيرانه الادنين، أنهم لا يعلمون منه إلا خيرًا، إلا قال الله تعالى قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون وهذا يؤيد قول النووي السابق: إن من مات فألهم الله الناس الثناء عليه بخير، كان دليلاً على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا. وهذا في جانب الخير واضح، وأما في جانب الشر، فظاهر الأحاديث أنه كذلك، لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره، وقد وقع في رواية النضر عند الحاكم: إن لله تعالى ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المؤمن من الخير أو الشر. وهل يختص الثناء الذي ينفع الميت بالرجال، أو يشمل النساء أيضًا. وإذا قلنا إنهن يدخلن، فهل يكتفى باْمرأتين، أو لا بد من رجل واْمرأتين؟ محل نظر. وقد يقال: لا يدخلن، لقصة أم العلاء الأنصارية، لا أثنت على عثمان بن مظعون بقولها: فشهادتي عليك لقد أكرمك الله تعالى. فقال لها النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وما يدريك أن الله أكرمه، فلم يكتف بشهادتها، لكن يجاب بأنه عليه الصلاة والسلام، إنما أنكر عليها القطع بأن الله أكرمه، وذلك مغيب عنها، بخلاف الشهادة للميتبأفعاله الحسنة التي يتلبس بها في الحياة الدنيا. ورواة هذا الحديث: كلهم بصريون، لكن داود مروزي، تحول إلى البصرة. وهو من أفراد المؤلّف. وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في الشهادات، والترمذي في: الجنائز، وكذا النسائي والله أعلم. 87 - باب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {{إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}} [الأنعام: 93] َالْهَوْنُ هُوَ الْهَوَانُ. وَالْهَوَانُ الرِّفْقُ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}} [التوبة: 101]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}} [غافر: 45]. (باب ما جاء في عذاب القبر) قد تظاهرت الدلائل من الكتاب والسنة على ثبوته، وأجمع عليه أهل السنة، ولا مانع في العقل أن يعيد الله الحياة في جزء من الجسد، أو في جميعه على الخلاف المعروف، فيثيبه ويعذبه. وإذا لم يمنعه العقل وورد به الشرع وجب قبوله، واعتقاده. ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تفرقت أجزاؤه، كما يشاهد في العادة، أو أكلته السباع والطيور وحيتان البحر. كما أن الله تعالى يعيده للحشر، وهو سبحانه وتعالى، قادر على ذلك، فلا يستبعد تعلق روح الشخص الواحد في آن واحد بكل واحد من أجزائه المتفرقة في المشارق والمغارب. فإن تعلقه ليس على سبيل الحلول حتى يمنعه الحلول في جزء من الحلول في غيره، قال في مصابيح الجامع: وقد كثرت الأحاديث في عذاب القبر، حتى قال غير واحد: إنها متواترة لا يصح عليها التواطؤ وإن لم يصح مثلها لم يصح شيء من أمر الدين. قال أبو عثمان الحداد وليس في قوله تعالى: إ {{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}} [الدخان: 56] ما يعارض ما ثبت من عذاب القبر، لأن الله تعالى أخبر بحياة الشهداء قبل يوم القيامة، وليست مرادة بقوله تعالى: {{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}} [الدخان: 56] فكذا حياة المقبور قبل الحشر. قال ابن المنير: وأشكل ما في القضية أنه إذا ثبت حياتهم، لزم أن يثبت موتهم بعد هذه الحياة ليجتمع الخلق كلهم في الموت عند قوله تعالى: {{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}} [غافر: 16] ويلزم تعدد الموت، وقد قال تعالى: {{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}} [الدخان: 56] الآية، والجواب الواضح عندي أن معنى قوله تعالى: {{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ}} [الدخان: 56] أي ألم الموت فيكون الموت الذى يعقب الحياة الأخروية بعد الموت الأول لا يذاق ألمه البتة، ويجوز ذلك في حكم التقدير بلا إشكال، وما وضع العرب اسم الموت إلا للمؤلم على ما فهموه لا باعتبار كونه ضدّ الحياة، فعلى هذا يخلق الله لتلك الحياة الثانية ضدًّا يعدمها به لا يسمى ذلك الضد موتًا، وإن كان للحياة ضد، جمعًا بين الأدلة العقلية والنقلية واللغوية. اهـ. وقد ادعى قوم عدم ذكر عذاب القبر في القرآن، وزعموا أنه لم يرد ذكره إلا من أخبار الآحاد، فذكر المصنف آيات تدل لذلك ردًّا عليهم فقال: (وقوله تعالى) بالجر عطفًا على عذاب، أو بالرفع على الاستئناف ({{إذ الظالمون}}) ولأبي ذر، وابن عساكر: {{ولو ترى إذ الظالمون}} جوابه محذوف، أي: ولو ترى زمن غمراتهم لرأيت أمرًا فظيعًا ({{في غمرات الموت}}) شدائده ({{والملائكة باسطو أيديهم}}) لقبض أرواحهم أو بالعذاب ({{أخرجوا أنفسكم}}) أي: يقولون لهم أخرجوها إلينا من أجسادكم تغليطًا وتعنيفًا عليهم، فقد ورد أن أرواح الكفار تتفرق في أجسادهم، وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج ({{اليوم}}) يريد وقت الإماتة لما فيه من شدة النزع، أو الوقت الممتد من الإماتة إلى ما لا نهاية له الذي فيه عذاب البرزخ والقيامة ({{تجزون عذاب الهون}}) [الأنعام: 93]. وروى الطبري، وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس {{والملائكة باسطو أيديهم}} قال: هذا عند الموت، والبسط الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم (الهون) بالضم، ولأبي ذر: قال أبو عبد الله أي البخاري: الهون (هو الهوان) يريد العذاب المتضمن لشدة وإهانة، وأضافه إلى الهون لتمكنه فيه، (والهون) بالفتح والرفع: (الرفق. وقوله جل ذكره: ({{سنعذبهم مرتين}}) بالفضيحة في الدنيا، وعذاب القبر، رواه الطبري وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، عن ابن عباس بلفظ: خطب رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الجمعة، فقال: أخرج يا فلان فإنك منافق ... فذكر الحديث. وفيه: ففضح الله المنافقين، فهذا العذاب الأول. والعذاب الثاني، عذاب القبر، أو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم، ثم عذاب القبر ({{ثم يردون إلى عذاب عظيم}}) [التوبة: 101] في جهنم. (وقوله تعالى: {{وحاق بآل فرعون}})فرعون وقومه، واستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك ({{سوء العذاب}}) الغرق في الدنيا، ثم النقلة منه إلى النار ({{النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًّا}}) جملة مستأنفة، أو: النار، بدل من سوء العذاب، ويعرضون حال. وروى ابن مسعود: أن أرواحهم في أجواف طير سود تعرض على النار بكرة وعشيًا، فقال لهم: هذه داركم. رواه ابن أبي حاتم، قال القرطبي: الجمهور على أن هذا العرض في البرزخ، وفيه دليل على بقاء النفس، وعذاب القبر ({{ويوم تقوم الساعة}}) أي: هذا ما دامت الدنيا، فإذا قامت الساعة قيل لهم: ({{أدخلوا}}) {{آَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}} [غافر: 45] عذاب جهنم فإنه أشد مما كانو فيه، أو أشد عذاب جهنم. وهذه الآية المكية أصل في الاستدلال لعذاب القبر، لكن استشكلت مع الحديث المروي في مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين: أن يهودية في المدينة كانت تعيذ عائشة من عذاب القبر، فسألت عنه رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: كذب يهود، لا عذاب دون القيامة. فلما مضى بعض أيام، نادى رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، محمرًا عيناه، بأعلى صوته: أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر، فإنه حق. وأجيب: بأن الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ، وما نفاه أوّلاً ثم أثبته، عليه الصلاة والسلام، عذاب الجسد فيه. والأولى أن يقال: الآية دلت على عذاب الكفار، وما نفاه، ثم أثبته عذاب القبر للمؤمنين. ففي صحيح مسلم، من طريق ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها، أن يهودية قالت لها: أشعرت أنكم تفتنون في القبور؟ فلما سمع، عليه الصلاة والسلام، قولها ارتاع، وقال: إنما تفتن اليهود. ثم قال بعد ليال: أشعرت أنه أوحي إليّ أنكم تفتنون في القبور، وفي الترمذي، عن عليّ قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت {{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}} [التكاثر: 1 - 2] وفي صحيح ابن حبان، من حديث أبي هريرة مرفوعًا في قوله تعالى: {{فإن له معيشة ضنكًا}} قال عذاب القبر.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1313 ... ورقمه عند البغا:1368 ]
    - حدَّثنا عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ حدَّثنا دَاوُدُ بنُ أبي الفُرَاتِ عنْ عَبْدِ الله بنِ بُرَيْدَةَ عنْ أبِي الأسْوَدِ قَالَ قَدِمْتُ المَدِينَةَ وقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ فَجَلَسْتُ إلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَمَرَّ بِهِمْ جَنَازَةُ فأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرا فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فأُثْنِيَ عَلَى صاحِبِهَا خَيْرا فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شرَّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ أبُو الأسْوَدِ فقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ فقُلْنَا وثَلاَثَةٌ قَالَ وثَلاَثَةٌ فقُلْنَا واثْنَان قالَ واثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْألْهُ عنِ الوَاحِدِ.(الحَدِيث 8631 طرفه فِي: 3462) .مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة قَوْله: (حَدثنَا) ، كَذَا وَقع لأكْثر الروَاة، وَذكر أَصْحَاب الْأَطْرَاف أَنه أخرجه قَائِلا: قَالَ عَفَّان،
    وَبِذَلِك جزم الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره البُخَارِيّ مُعَلّقا عَن شَيْخه، فَقَالَ: وَقَالَ عَفَّان، وَقَالَهُ أَيْضا أَبُو الْعَبَّاس الطرقي، وَخلف فِي كتاب (الْأَطْرَاف) : وَالَّذِي فِي نسخه سَمَاعنَا: حَدثنَا عَفَّان، وعَلى تَقْدِير صِحَة الأول فقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي (صَحِيحه) فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا عَفَّان إِلَى آخِره.ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَفَّان، بتَشْديد الْفَاء: ابْن مُسلم، بِكَسْر اللَّام الْخَفِيفَة: الصفار. الثَّانِي: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، بِلَفْظ النَّهر الْمَشْهُور، وَاسم أبي الْفُرَات: عَمْرو، وَهُوَ كندي وَلَهُم شيخ آخر يُقَال لَهُ: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَاسم أَبِيه: بكر، وَاسم جده: أَبُو الْفُرَات، وَهُوَ أشجعي من أهل الْمَدِينَة أقدم من الْكِنْدِيّ. الثَّالِث: عبد الله بن بُرَيْدَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، مر فِي أَوَاخِر كتاب الْحيض. الرَّابِع: أَبُو الْأسود ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان من سَادَات التَّابِعين، ولي الْبَصْرَة وَهُوَ أول من تكلم فِي النَّحْو بعد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ، وَهُوَ الْمَشْهُور بالدؤلي، وَفِيه اختلافات: فَقيل، بِضَم الدَّال وَسُكُون الْوَاو وبالضم والهمزة الْمَفْتُوحَة، قَالَ الْأَخْفَش: هُوَ بِالضَّمِّ وَكسر الْهمزَة، إلاَّ أَنهم فتحُوا الْهمزَة فِي النِّسْبَة استثقالاً للكسرتين، وياء النِّسْبَة، وَرُبمَا قَالُوا: بِضَم الدَّال وَفتح الْوَاو المقلوبة عَن الْهمزَة، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: بِكَسْر الدَّال وقلب الْهمزَة يَاء. الْخَامِس: عمر ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: عَفَّان بن مُسلم الصفار مَذْكُور فِي بعض النّسخ بالصفار وَفِي بَعْضهَا بِدُونِهِ. وَفِيه: رِوَايَة عبد الله بن بُرَيْدَة معنعنة عَن أبي الْأسود، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب (التتبع) عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ أَن ابْن بُرَيْدَة إِنَّمَا يروي عَن يحيى بن يعمر عَن أبي الْأسود، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: سَمِعت أَبَا الْأسود، قيل: إِن ابْن بُرَيْدَة ولد فِي عهد عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فقد أدْرك أَبَا الْأسود بِلَا ريب، لَكِن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا يَكْتَفِي بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أخرجه شَاهدا، وَاكْتفى للْأَصْل بِحَدِيث أنس الَّذِي قبله. وَفِيه: قَالَ الْكرْمَانِي: وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون. قلت: دَاوُد مروزي، وَلكنه تحول إِلَى الْبَصْرَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز، وَقَالَ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى وَهَارُون بن عبد الله الْبَزَّار، قَالَا: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات حَدثنَا عبد الله بن بُرَيْدَة (عَن أبي الْأسود الديلِي، قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمروا بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت، فَقلت لعمر: مَا وَجَبت؟ قَالَ: أَقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا من مُسلم يشْهد لَهُ ثَلَاثَة إلاَّ وَجَبت لَهُ الْجنَّة. قُلْنَا: وإثنان؟ قَالَ: وإثنان، قَالَ: وَلم نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوَاحِد) . قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ وَفِي لَفظه: (أَرْبَعَة) مثل لفظ البُخَارِيّ.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدمت الْمَدِينَة) أَي: مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وَقد وَقع مرض) ، جملَة حَالية، وَزَاد البُخَارِيّ فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات: (وهم يموتون موتا ذريعا) ، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، أَي: سَرِيعا. قَوْله: (فَجَلَست إِلَى عمر) ، يحْتَمل أَن يكون إِلَى هَهُنَا على بابُُه بِمَعْنى الِانْتِهَاء والغاية، وَالْمعْنَى انْتهى جلوسي إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْأَوْجه أَن يكون إِلَى هَهُنَا بِمَعْنى: عِنْد، أَي: جَلَست عِنْد عمر كَمَا قَالَ فِي قَول الشَّاعِر:(أم لَا سَبِيل إِلَى الشَّبابُُ وَذكره ... أشهى إِلَيّ من الرَّحِيق السلسل)قَوْله: (فَأثْنى على صَاحبهَا خيرا) بِنصب: خيرا، فِي أَكثر الْأُصُول، وَكَذَا شرا. ويروى: (خير وَشر) ، بِالرَّفْع فيهمَا، وأثني على صِيغَة الْمَجْهُول. فَوجه النصب مَا قَالَه ابْن بطال: إِنَّه أَقَامَ الْجَار وَالْمَجْرُور مقَام الْمَفْعُول الأول، وَخيرا مقَام الْمَفْعُول الثَّانِي. وَقَالَ ابْن مَالك: خيرا، صفة لمصدر مَحْذُوف وأقيمت مقَامه فنصب لِأَن: أثنى، مُسْند إِلَى الْجَار وَالْمَجْرُور، والتفاوت بَين الْإِسْنَاد إِلَى الْمصدر والإسناد إِلَى الْجَار وَالْمَجْرُور قَلِيل. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ مَنْصُوب بِإِسْقَاط الْجَار أَي: فَأثْنى عَلَيْهَا بِخَير، وَوجه الرّفْع ظَاهر، وَهُوَ أَن: أُثنى، مُسْند إِلَيْهِ، وَقَالَ ابْن التِّين: الصَّوَاب بِالرَّفْع، وَفِي نَصبه بعد فِي اللِّسَان. قَوْله: (وَجَبت) أَي: الْجنَّة، كَمَا ذكرنَا. قَوْله: (قَالَ أَبُو الْأسود) وَهُوَ الرَّاوِي الْمَذْكُور، وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (وَمَا وَجَبت؟) اسْتِفْهَام عَن
    معنى الْوُجُوب فيهمَا مَعَ اخْتِلَاف الثَّنَاء بِالْخَيرِ وَالشَّر. قَوْله: (أَيّمَا مُسلم) إِلَى آخِره، مقول قَول النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (شهد لَهُ أَرْبَعَة) أَي: أَرْبَعَة من الْمُسلمين، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: ثَلَاثَة، كَمَا ذكرنَا. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي اخْتِلَاف هَذَا الْعدَد حَيْثُ جَاءَ أَرْبَعَة وَثَلَاثَة وَاثْنَانِ؟ قلت: لاخْتِلَاف الْمعَانِي، لِأَن الثَّنَاء قد يكون بِالسَّمَاعِ الفاشي على الْأَلْسِنَة فاستحب فِي ذَلِك التَّوَاتُر وَالْكَثْرَة، وَالشَّهَادَة لَا تكون إلاَّ بالمعرفة بأحوال الْمَشْهُود لَهُ، فَيَأْتِي فِي ذَلِك أَرْبَعَة شُهَدَاء، لِأَن ذَلِك أَعلَى مَا يكون من الشَّهَادَة، أَلا يرى أَن الله تَعَالَى جعل فِي الزِّنَى أَرْبَعَة شُهَدَاء، فَإِن قصروا يَأْتِي فِيهِ ثَلَاثَة، فَإِن قصروا فِيهِ يَأْتِي فِيهِ شَاهِدَانِ؟ لِأَن ذَلِك أقل مَا يَجْزِي فِي الشَّهَادَة على سَائِر الْحُقُوق رَحْمَة من الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ، وتجاوزا عَنْهُم حَيْثُ أجْرى أُمُورهم فِي الْآخِرَة على نمط أُمُورهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لم يسْأَلُوا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْوَاحِد، حَيْثُ قَالَ: (ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد) أَي: ثمَّ لم نسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثَنَاء الشَّخْص الْوَاحِد: هَل يَكْتَفِي بِهِ؟ وَذَلِكَ أَن هَذَا الْمقَام مقَام عَظِيم فَلَا يَكْتَفِي فِيهِ بِأَقَلّ من النّصاب. فَإِن قلت: هَل يخْتَص الثَّنَاء الَّذِي ينفع الْمَيِّت بِالرِّجَالِ أم يشْتَرك فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء، فَإِذا قُلْنَا: يشتركون فِيهِ، فَهَل يَكْتَفِي فِي ذَلِك بامرأتين؟ أَو لَا بُد من رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو أَربع نسْوَة؟ قلت: الظَّاهِر الِاكْتِفَاء بِاثْنَيْنِ مُسلمين، وَإنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى قيام امْرَأتَيْنِ مقَام رجل وَاحِد، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير من رِوَايَة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن قسطاس عَن سعد بن إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا لأَصْحَابه: (مَا تَقولُونَ فِي رجل قتل فِي سَبِيل الله؟ قَالُوا: ألله وَرَسُوله أعلم. قَالَ الْجنَّة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ: فَمَا تَقولُونَ فِي رجل مَاتَ فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل فَقَالَا: لَا نعلم إلاَّ خيرا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: الْجنَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ: فَمَا تَقولُونَ فِي رجل مَاتَ فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل، فَقَالَا: لَا نعلم خيرا، فَقَالُوا: النَّار، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مذنب، وَالله غَفُور رَحِيم) . فقد يُقَال: لَا يكْتَفى بِشَهَادَة النِّسَاء، ألاَ يُرى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكتف بِشَهَادَة الْمَرْأَة الَّتِي أثنت على عُثْمَان بن مَظْعُون بقولِهَا: شهادتي عَلَيْك أَبَا السَّائِب، فَقَالَ لَهَا: وَمَا يدْريك؟ وَقد يُجَاب عَنهُ: بِأَنَّهُ إِنَّمَا أنكر عَلَيْهَا الْقطع بِأَن الله أكْرمه، وَذَلِكَ مغيب عَنْهَا، بِخِلَاف الشَّهَادَة للْمَيت بأفعاله الجميلة الَّتِي كَانَ متلبسا بهَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، والْحَدِيث الَّذِي فِيهِ قَضِيَّة عُثْمَان بن مَظْعُون رَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث حَارِثَة بن زيد: أَن أم الْعَلَاء امْرَأَة من الْأَنْصَار قد بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته أَنهم اقتسموا للمهاجرين قرعَة، فطار لنا عُثْمَان بن مَظْعُون فأنزلناه فِي أَبْيَاتنَا، فوجع وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا توفّي وَغسل وكفن فِي أثوابه دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا عُثْمَان بن مَظْعُون، رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب، فشهادتي عَلَيْك، لقد أكرمك الله تَعَالَى، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه؟ فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، فَمن؟ فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين فوَاللَّه إِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَاذَا يفعل بِي قَالَت فوَاللَّه مَا أزكي بعده أحدا) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ. فَإِن قلت: هَل يخْتَص الثَّنَاء الَّذِي ينفع الْمَيِّت بِكَوْنِهِ مِمَّن خالطه وَعرف حَاله أم هُوَ على عُمُومه؟ قلت: الظَّاهِر الأول بِدَلِيل قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَدِيث أنس الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي فِي (مُسْنده) بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ: قَالَ رَسُول الله: (مَا من مُسلم يَمُوت فَيشْهد لَهُ أَرْبَعَة من أهل أَبْيَات من جِيرَانه الأدنين أَنهم لَا يعلمُونَ إلاَّ خيرا، إلاَّ قَالَ الله تَعَالَى: قد قبلت علمكُم وغرت لَهُ مَا لَا تعلمُونَ) . فَإِن قلت: هَل ينفع الثَّنَاء على الْمَيِّت بِالْخَيرِ وَإِن خَالف الْوَاقِع أم لَا بُد أَن يكون الثَّنَاء عَلَيْهِ مطابقا للْوَاقِع؟ قلت: قَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء أصَحهمَا أَن ذَلِك يَنْفَعهُ، وَأَن لم يُطَابق الْوَاقِع لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَا يَنْفَعهُ إلاَّ بالموافقة لم يكن للثناء فَائِدَة، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة فرات بن السَّائِب عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن العَبْد سيرزق الثَّنَاء والستر وَالْحب من النَّاس حَتَّى تَقول الْحفظَة: رَبنَا إِنَّك تعلم ونعلم غير مَا يَقُولُونَ، فَيَقُول: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُ مَا لَا يعلمُونَ، وَقبلت شَهَادَتهم على مَا يَقُولُونَ) . فَإِن قلت: الحَدِيث
    الْمَذْكُور الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى يدل على أَن المُرَاد الثَّنَاء المطابق بِدَلِيل قَوْله: (قد قبلت علمكُم) ، وَالْعلم لَا يُخَالف الْوَاقِع. قلت: المُرَاد بِالْعلمِ: الشَّهَادَة، كَمَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى عَن ابْن عمر، وَكَذَلِكَ فِي (مُسْند أَحْمد) فِي هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة: (قد قبلت شَهَادَتهم) ، وَمعنى قَوْله: (غفرت لَهُ مَا لَا يعلمُونَ) ، أَي: من الذُّنُوب الَّتِي لم يطلعوا عَلَيْهَا. فَإِن قلت: عل تشْتَرط فِي هَذِه الشَّهَادَة الْعَدَالَة كَسَائِر الشَّهَادَات؟ أم تَكْفِي فِي ذَلِك شَهَادَة الْمُسلمين وَإِن لم يَكُونُوا بِوَصْف الْعَدَالَة المشترطة فِي الشَّهَادَة؟ قلت: يدل على الأول حَدِيث كَعْب بن عجْرَة الَّذِي ذَكرْنَاهُ آنِفا، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: (فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل) ، وعَلى الثَّانِي يدل ظَاهر حَدِيث الْبابُُ، وَمَعَ هَذَا الأَصْل فِي الشَّهَادَة الْعَدَالَة.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: فَضِيلَة هَذِه الْأمة. وَفِيه: إِعْمَال الحكم بِالظَّاهِرِ. وَفِيه: جَوَاز ذكر الْمَرْء بِمَا فِيهِ من خير أَو شَرّ للْحَاجة، وَلَا يكون ذَلِك من الْغَيْبَة، وَذكر الْغَزالِيّ وَالنَّوَوِيّ إِبَاحَة الْعلمَاء الْغَيْبَة فِي سِتَّة مَوَاضِع، فَهَل تُبَاح فِي حق الْمَيِّت أَيْضا؟ وَإِن مَا جَازَ غيبَة الْحَيّ بِهِ جَازَت غيبَة الْمَيِّت بِهِ، أم يخْتَص جَوَاز الْغَيْبَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع المستثناة بِالْإِحْيَاءِ، يَنْبَغِي أَن ينظر فِي السَّبَب الْمُبِيح للغيبة إِن كَانَ قد انْقَطع بِالْمَوْتِ كالمصاهرة والمعاملة، فَهَذَا لَا يذكر فِي حق الْمَيِّت، لِأَنَّهُ قد انْقَطع ذَلِك بِمَوْتِهِ، وَإِن لم يَنْقَطِع ذَلِك بِمَوْتِهِ كجرح الروَاة وَكَونه يُؤْخَذ عَنهُ اعْتِقَاد أَو نَحوه فَلَا بَأْس بِذكرِهِ بِهِ ليحذر ويتجنب. وَفِيه: جَوَاز الشَّهَادَة قبل الاستشهاد. وَفِيه: اعْتِبَار مَفْهُوم الْمُوَافقَة لِأَنَّهُ سَأَلَ عَن الثَّلَاثَة وَلم يسْأَل عَمَّا فَوق الْأَرْبَعَة كالخمسة مثلا. وَفِيه: أم مَفْهُوم الْعدَد لَيْسَ دَلِيلا قَطْعِيا، بل هُوَ فِي مقَام الِاحْتِمَال.

    حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رضى الله عنه ـ فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ ـ رضى الله عنه ـ وَجَبَتْ‏.‏ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ ـ رضى الله عنه ـ وَجَبَتْ‏.‏ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ‏.‏ فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ‏"‏‏.‏ فَقُلْنَا وَثَلاَثَةٌ قَالَ ‏"‏ وَثَلاَثَةٌ ‏"‏‏.‏ فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ ‏"‏ وَاثْنَانِ ‏"‏‏.‏ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ‏.‏

    Narrated Abu Al-Aswad:I came to Medina when an epidemic had broken out. While I was sitting with `Umar bin Al-Khattab a funeral procession passed by and the people praised the deceased. `Umar said, "It has been affirmed to him." And another funeral procession passed by and the people praised the deceased. `Umar said, "It has been affirmed to him." A third (funeral procession) passed by and the people spoke badly of the deceased. He said, "It has been affirmed to him." I (Abu Al-Aswad) asked, "O chief of the believers! What has been affirmed?" He replied, "I said the same as the Prophet (ﷺ) had said, that is: if four persons testify the piety of a Muslim, Allah will grant him Paradise." We asked, "If three persons testify his piety?" He (the Prophet) replied, "Even three." Then we asked, "If two?" He replied, "Even two." We did not ask him regarding one witness

    Telah menceritakan kepada kami ['Affan bin Muslim, dia dijuluki Ash-Shaffar] telah menceritakan kepada kami [Daud bin Abu Al Furat] dari ['Abdullah bin Buraidah] dari [Abu Al Aswad] berkata,: "Aku pernah berkunjung ke kota Madinah saat sedang berjangkitnya penyakit. Saat aku sedang duduk dekat ['Umar bin Al Khaththab radliallahu 'anhu] tiba-tiba ada jenazah yang lewat di hadapan mereka lalu mereka menyanjungnya dengan kebaikan. Maka 'Umar radliallahu 'anhu berkata,: "Pasti baginya". Tak lama kemudian lewat jenazah yang lain lalu jenazah itu pun disanjung dengan kebaikan. Maka 'Umar radliallahu 'anhu berkata, lagi: "Pasti baginya". Kemudian lewat jenazah yang ketiga lalu jenazah itu disebut dengan keburukan, maka 'Umar radliallahu 'anhu pun berkata,: "Pasti baginya". Berkata, Abu Al Aswad; maka aku bertanya: "Apa yang dimaksud pasti baginya, wahai Amirul mu'minin?". Maka dia berkata,: "Aku mengatakannya seperti yang dikatakan oleh Nabi Shallallahu'alaihiwasallam: "Bilamana seorang muslim (meninggal dunia) lalu disaksikan (disanjung) oleh empat orang muslim lainnya dengan kebaikan maka pasti Allah akan memasukakannya ke dalam surga". Maka kami bertanya kepadanya: "Bagaimana kalau tiga orang muslim?". Dia menjawab; "Juga oleh tiga orang". Kami berkata lagi: "Bagaimana kalau dua orang muslim?". Dia menjawab; "Juga oleh dua orang". Dan kami tidak menanyakannya lagi bagaimana kalau satu orang

    Ebu'l-Esved şöyle dedi: Medine'ye geldim. Orada kötü bir hastalık yayılmıştı. (İnsanlar ölüyorlardı). Ömer İbnü'l-Hattab'ın yanına oturdum. Yanımızdan bir cenaze geçti, cenaze hayırla yad edildi. Bunun üzerine Ömer: "Vacib oldu" dedi. Daha sonra bir başka cenaze daha geçti, cenaze hayırla yad edildi. Ömer yine: "Vacip oldu" dedi. Sonra üçüncü bir cenaze geçti, sahibi kötü olarak anıldı, Ömer yine: "Vacib oldu" dedi. (Ebu'l-Esved şöyle dedi): Ömer'e şöyle dedim: "Ey mu'minlerin emiri! Ne vacib oldu?." Ömer şöyle dedi: "Ben Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in şu sözünde olduğu gibi dedim: "Dört kişinin hayırla andığı her Müslümanı Allah cennete ko­yar. Biz: 'Ya üç kişi anarsa?' dedik. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem: 'Üç kişi de öyledir' buyurdu. Biz: Ya iki kişi?' dedik. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem: 'İki kişi de öyledir' buyurdu. Artık bir kişiyi sormadık. Tekrar:

    ہم سے عفان بن مسلم صفار نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم سے داؤد بن ابی الفرات نے ‘ ان سے عبداللہ بن بریدہ نے ‘ ان سے ابوالاسود دئلی نے کہ میں مدینہ حاضر ہوا۔ ان دنوں وہاں ایک بیماری پھیل رہی تھی۔ میں عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ کی خدمت میں تھا کہ ایک جنازہ سامنے سے گزرا۔ لوگ اس میت کی تعریف کرنے لگے تو عمر رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہ واجب ہو گئی پھر ایک اور جنازہ گزرا، لوگ اس کی بھی تعریف کرنے لگے۔ اس مرتبہ بھی آپ نے ایسا ہی فرمایا کہ واجب ہو گئی۔ پھر تیسرا جنازہ نکلا ‘ لوگ اس کی برائی کرنے لگے ‘ اور اس مرتبہ بھی آپ نے یہی فرمایا کہ واجب ہو گئی۔ ابوالاسود دئلی نے بیان کیا کہ میں نے پوچھا کہ امیرالمؤمنین کیا چیز واجب ہو گئی؟ آپ نے فرمایا کہ میں نے اس وقت وہی کہا جو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا تھا کہ جس مسلمان کی اچھائی پر چار شخص گواہی دے دیں اللہ اسے جنت میں داخل کرے گا۔ ہم نے کہا اور اگر تین گواہی دیں؟ آپ نے فرمایا کہ تین پر بھی، پھر ہم نے پوچھا اور اگر دو مسلمان گواہی دیں؟ آپ نے فرمایا کہ دو پر بھی۔ پھر ہم نے یہ نہیں پوچھا کہ اگر ایک مسلمان گواہی دے تو کیا؟

    আবুল আসওয়াদ হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি মাদ্বীনায় আসলাম, তখন সেখানে একটি রোগ (মহামারী আকারে) ছড়িয়ে পড়েছিল। আমি ‘উমার ইবনুল খাত্তাব (রাঃ)-এর নিকট উপবিষ্ট ছিলাম। এ সময় তাদের পাশ দিয়ে একটি জানাযা অতিক্রম করল। তখন জানাযার লোকটি সম্পর্কে প্রশংসাসূচক মন্তব্য করা হল। ‘উমার (রাঃ) বললেন, ওয়াজিব হয়ে গেলে। অতঃপর অপর একটি (জানাযা) অতিক্রম করল, তখন সে লোকটি সম্পর্কেও প্রশংসাসূচক মন্তব্য করা হল। (এবারও) তিনি বললেন, ওয়াজিব হয়ে গেল। অতঃপর তৃতীয় একটি (জানাযা) অতিক্রম করল, লোকটি সম্বন্ধে নিন্দাসূচক মন্তব্য করা হল। তিনি বললেন, ওয়াজিব হয়ে গেল। আবুল আসওয়াদ (রাঃ) বলেনঃ আমি বললাম, হে আমীরুল মু‘মিনীন! কি ওয়াজিব হয়ে গেল। তিনি বললেন, আমি তেমনই বলেছি, যেমন নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছিলেন, যে কোন মুসলিম সম্পর্কে চার ব্যক্তি ভাল বলে সাক্ষ্য দিবে, আল্লাহ্ তাকে জান্নাতে দাখিল করবেন। ‘উমার (রাঃ) বলেনঃ তখন আমরা বলেছিলাম, তিনজন হলে? তিনি বললেন, তিনজন হলেও। আমরা বললাম, দু’জন হলে? তিনি বললেন, দু’জন হলেও। অতঃপর আমরা একজন সম্পর্কে আর তাঁকে জিজ্ঞেস করিনি। (২৬৪৩) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১২৭৭, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபுல்அஸ்வத் அத்துஅலீ (ரஹ்) அவர்கள் கூறியதாவது நான் மதீனாவில் (கொள்ளை) நோய் பரவியிருந்தபோது மதீனாவுக்கு வந்து உமர் (ரலி) அவர்களுடன் அமர்ந்திருந் தேன். அப்போது ஒரு பிரேதம் (ஜனாஸா) மக்களைக் கடந்து சென்றது. அவருடைய நற்பண்புகளைக் கூறிப் புகழ்ந்துரைக்கப்பட்டது. அப்போது உமர் (ரலி) அவர்கள், “உறுதியாகிவிட்டது” என்றார்கள். பிறகு இன்னொரு பிரேதம் கடந்து சென்றது. அப்போது அவருடைய நற்பண்புகளைக் கூறிப் புகழ்ந்து பேசப்பட்டது. உடனே உமர் (ரலி) அவர்கள், “உறுதியாகிவிட்டது” என்றார்கள். பிறகு மூன்றாவது பிரேதம் கடந்து சென்றது. அவருடைய தீய பண்புகளைக் கூறி இகழ்ந்து பேசப்பட்டது. அப்போதும் உமர் (ரலி) அவர்கள், “உறுதியாகி விட்டது” எனக் கூறினார்கள். நான் “இûறைநம்பிக்கையாளர் களின் தலைவரே! எது உறுதியாகி விட்டது?” எனக் கேட்டேன். அதற்கு உமர் (ரலி) அவர்கள் கூறி னார்கள்: “எந்த முஸ்லிமுக்காவது அவர் நல்லவர் என நான்கு பேர் சாட்சியம் கூறினால், அவரை அல்லாஹ் சொர்க் கத்தில் அனுமதிப்பான்” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள். நாங்கள், லி“மூவர் சாட்சியாயிருந் தால்...?” என்று கேட்டோம். அதற்கு அவர்கள் “மூன்று பேர் சாட்சியம் கூறினாலும்தான்” என்றார்கள். மீண்டும் “இருவர் சாட்சியாக இருந்தால்...?” என நாங்கள் கேட்டதற்கு, “இரண்டு பேர் சாட்சியம் கூறினாலும்தான்” என்றார்கள். பிறகு நாங்கள் ஒரு நபர் பற்றிக் கேட்கவில்லை. எனவே, நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறியதன் அடிப்படையிலேயே நான் இவ்வாறு கூறினேன். அத்தியாயம் :