• 2667
  • لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ : " يَا عَمِّ ، قُلْ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ : {{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ }} الآيَةَ

    حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ : يَا عَمِّ ، قُلْ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ : {{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ }} الآيَةَ

    وأبى: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    يَا عَمِّ ، قُلْ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،
    حديث رقم: 4512 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56]
    حديث رقم: 3705 في صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب قصة أبي طالب
    حديث رقم: 4420 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]
    حديث رقم: 6331 في صحيح البخاري كتاب الأيمان والنذور باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم، فصلى، أو قرأ، أو سبح، أو كبر، أو حمد، أو هلل، فهو على نيته
    حديث رقم: 60 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ أَوَّلُ الْإِيمَانِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
    حديث رقم: 2026 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الجنائز النهي عن الاستغفار للمشركين
    حديث رقم: 23075 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ
    حديث رقم: 987 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الرَّقَائِقِ بَابُ الْأَدْعِيَةِ
    حديث رقم: 2137 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْجَنَائِزِ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ
    حديث رقم: 10788 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
    حديث رقم: 10941 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْقَصَصِ
    حديث رقم: 17607 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 250 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرُ أَبِي طَالِبٍ وَضَمِّهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ ، وَخُرُوجِهِ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى
    حديث رقم: 18 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ الْأَعْمَالِ وَالْفَرَائِضِ الَّتِي إِذَا أَدَّاهَا بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ،
    حديث رقم: 669 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم وَمِنْ ذِكْرِ الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ
    حديث رقم: 369 في كتاب الناسخ والمنسوخ للنحاس سُورَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
    حديث رقم: 5668 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء الْمُسَيِّبُ بْنُ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ أَبُو سَعِيدٍ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ سَعِيدٌ ، وَأُمُّهُ بِنْتُ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ ، وَكَانَ الْمُسَيِّبُ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ، وَقُتِلَ حَزْنٌ يَوْمَ الْيَمَامَةِ
    حديث رقم: 2070 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1360] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين الْآيَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ ثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَة(قَوْلُهُ بَابُ الْجَرِيدَةِ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ وَضْعُهَا أَوْ غَرْزُهَا قَوْلُهُ وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ إِلَخْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ فِي قَبْرِهِ وَلِلْمُسْتَمْلِي على قَبره وَقد وَصله بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ أَوْصَى بُرَيْدَةُ أَنْ يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ وَمَاتَ بِأَدْنَى خُرَاسَان قَالَ بن الْمُرَابِطِ وَغَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بُرَيْدَةُ أَمَرَ أَنْ يُغْرَزَا فِي ظَاهِرِ الْقَبْرِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَضْعِهِ الْجَرِيدَتَيْنِ فِي الْقَبْرَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ أَنْ يُجْعَلَا فِي دَاخِلِ الْقَبْرِ لِمَا فِي النَّخْلَةِ من الْبركَة لقَوْله تَعَالَى كشجرة طيبَة وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ إِيرَادُ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَ الْقَبْرَيْنِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَكَأَنَّ بُرَيْدَةَ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ وَلَمْ يَرَهُ خَاصًّا بِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ قَالَ بن رَشِيدٍ وَيَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ خَاص بهما فَلذَلِك عقبه بقول بن عمر إِنَّمَا يظله عمله قَوْله وَرَأى بن عُمَرَ فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَبِطَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ هُوَ الْبَيْتُ مِنَ الشَّعْرِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الشَّعْرِ وَفِيهِ لُغَاتٌ أُخْرَى بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وبِالْمُثَنَّاتَيْنِ بَدَلَ الطَّاءَيْنِ وَإِبْدَالِ الطَّاءِ الْأُولَى مُثَنَّاةً وَإِدْغَامِهِمَا فِي السِّينِ وَكَسْرِ أَوَّلِهِ فِي الثَّلَاثَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَن هُوَ بن أبي بكر الصّديق بَينه بن سَعْدٍ فِي رِوَايَتِهِ لَهُ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ فَقَالَ يَا غُلَامُ انْزِعْهُ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ قَالَ الْغُلَامُ تَضْرِبُنِي مَوْلَاتِي قَالَ كلا فَنَزَعَهُ وَمن طَرِيق بن عون عَن رجل قَالَ قَدِمَتْ عَائِشَةُ ذَا طُوًى حِينَ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَمَرَتْ بِفُسْطَاطٍ فَضُرِبَ عَلَى قَبْرِهِ وَوَكَّلَتْ بِهِ إنْسَانا وَارْتَحَلت فَقدم بن عُمَرَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ إِدْخَالِ هَذَا الْأَثَرِ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ.
    وَقَالَ خَارِجَة بن زيد أَي بن ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَحَدُ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وَهُوَ أَحَدُ السَّبْعَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَخْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ جَوَازُ تَعْلِيَةِ الْقَبْرِ وَرَفْعِهِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ رَأَيْتُنِي بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ ضَمِيرَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَمَظْعُونٌ وَالِدُ عُثْمَانَ بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمُنَاسَبَتُهُ مِنْ وَجْهِ أَنَّ وَضْعَ الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ يُرْشِدُ إِلَى جَوَازِ وَضْعِ مَا يَرْتَفِعُ بِهِ ظَهْرُ الْقَبْرِ عَنِ الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخر الْجَنَائِز قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الَّذِي يَنْفَعُ أَصْحَابَ الْقُبُورِ هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَأَنَّ عُلُوَّ الْبِنَاءِ وَالْجُلُوسَ عَلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِصُورَتِهِ وَإِنَّمَا يَضُرُّ بِمَعْنَاهُ إِذَا تَكَلَّمَ الْقَاعِدُونَ عَلَيْهِبِمَا يَضُرُّ مَثَلًا قَوْلُهُ.
    وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيم أَخذ بيَدي خَارِجَة أَي بن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ الْكَبِيرِ وَبَيَّنَ فِيهِ سَبَبَ إِخْبَارِ خَارِجَةَ لِحَكِيمٍ بِذَلِكَ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ مَا دُونَ لَحْمِي حَتَّى تُفْضِيَ إِلَيَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ قَالَ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي الْمَقَابِرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَأَخَذَ بِيَدِي الْحَدِيثَ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ إِنَّمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ فَكَأَنَّمَا جَلَسَ عَلَى جَمْرَةٍ لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ قَالَ بن رَشِيدٍ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ وَالَّذِي بَعْدَهُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَهُوَ بَابُ مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ وَكَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَالَ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ طَرِيقٌ يَكُونُ بِهِ مِنَ الْبَابِ وَهِيَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ ضَرْبَ الْفُسْطَاطِ إِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالتَّسَتُّرِ مِنَ الشَّمْس مثلا للحي لَا لإظلال الْمَيِّت فقد جَازَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا أُعْلِيَ الْقَبْرُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَا لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ جَازَ كَمَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَا لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا التَّغَوُّطُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ مِنَ إِحْدَاثِ مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الْفُحْشِ قَوْلًا وَفِعْلًا لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ بِذَلِكَ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْآثَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ مُنَاسَبَتِهَا لِلتَّرْجَمَةِ وَإِلَى مُنَاسَبَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ وَذَكَرَ أَثَرَ بُرَيْدَة وَهُوَ يُؤذن بمشروعيتها ثمَّ أثر بن عُمَرَ الْمُشْعِرَ بِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِمَا يُوضَعُ عَلَى الْقَبْرِ بَلِ التَّأْثِيرُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ فَلِذَلِكَ أَبْهَمَ حُكْمَ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ تَرْجِيح الْوَضع وَيُجَاب عَن أثر بن عُمَرَ بِأَنَّ ضَرْبَ الْفُسْطَاطِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَيِّتُ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدَةِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا ثَبَتَتْ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِنْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ إِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِمَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَالِ الْمَيِّتِ وَأَمَّا الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْر فَإِن عُمُوم قَول بن عُمَرَ إِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَنَّهُ كَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِتَظْلِيلِهِ وَلَوْ كَانَ تَعْظِيمًا لَهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ.
    وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ بن عُمَرَ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ لَأَنْ أَطَأَ عَلَى رَضْفٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ وَهَذِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَوَرَدَ فِيهَا مِنْ صَحِيحِ الْحَدِيثِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مِرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ مَرْفُوعًا لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْجُلُوسِ الْقُعُودُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ مَالِكٌ الْمُرَادُ بِالْقُعُودِ الْحَدَثُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ انْتَهَى وَهُوَ يُوهِمُ انْفِرَادَ مَالك بذلك وَكَذَا أَوْهَمهُ كَلَام بن الْجَوْزِيِّ حَيْثُ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْجُمْهُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَثَرِ بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَأَخْرَجَ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ لِحَدَثِ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا لَا تَقْعُدُوا عَلَى الْقُبُورِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهُ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَلَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُلُوسِ الْقُعُودُ عَلَى حَقِيقَته ورد بن حَزْمٍ التَّأْوِيلَ الْمُتَقَدِّمَ بِأَنَّ لَفْظَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ قَالَ وَمَا عَهِدْنَا أَحَدًا يَقْعُدُ عَلَى ثِيَابِهِ لِلْغَائِطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْقُعُودُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
    وَقَالَ بن بَطَّالٍ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ عَلَى الْقَبْرِ أَقْبَحُ مِنْ أَنْ يُكْرَهَ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلُوس الْمُتَعَارف

    [1360] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جاءه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ}} الآيَةَ". [الحديث أطرافه في: 3884، 4675، 4772، 6681]. وبالسند قال: (حدّثنا إسحاق) هو: ابن راهويه، أو: ابن منصور، قال: (أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدَّثني) بالإفراد (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو: ابن كيسان الغفاري (عن ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب) بضم الميم وفتح المهملة والمثناة التحتية المشدّدة، تابعي اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل (عن أبيه) المسيب بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاي بعدها نون، وهو وأبوه صحابيان، هاجرا إلى المدينة (أنّه أخبره): (أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي علاماتها قبل النزع، وإلا لما كان ينفعه الإيمان لو آمن، ولهذا كان ما وقع بينهم وبينه من المراجعة. قاله البرماوي كالكرماني، قال في الفتح: ويحتمل أن يكون انتهى إلى النزع، لكن رجا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنه إذا أقر بالتوحيد، ولو في تلك الحالة، إن ذلك ينفعه بخصوصه، ويؤيد الخصوصية أنه بعد أن امتنع شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره، (جاءه رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فوجد عنده أبا جهل بن هشام) مات على كفره (وعبد الله بن أبي أمية) بضم الهمزة (ابن المغيرة) أخا أم سلمة، وكان شديد العداوة للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم أسلم عام الفتح، ويحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة حال كفره، ولا يلزم من تأخر إسلامه أن لا يكون شهد ذلك، كما شهدها عبد الله بن أبي أمية (قال رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي طالب): (يا عم) ولأبوي ذر، والوقت: أي عم، منادى مضاف، ويجوز إثبات الياء وحذفها: (قل: لا إله إلا الله كلمة) نصب على البدل أو الاختصاص (أشهد لك بها عند الله) أشهد مرفوع، والجملة في موضع نصب صفة لكلمة. (فقال أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب! أترغب) بهمزة الاستفهام الإنكاري، أي: أتعرض (عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يعرضها عليه) بفتح أوّله وكسر الراء، (ويعود بتلك المقالة) أي يترغب عن ملة عبد المطلب (حتى قال أبو طالب، آخر ما كلمهم) بنصب آخر على الظرفية أي: آخر أزمنة تكليمه إياهم (هو على ملة عبد المطلب) أراد بقوله: هو، نفسه أو قال: أنا، فغيّره الراوي أنفة أن يحكي كلام أبي طالب استقباحًا للفظ المذكور، أو: هو من التصرفات الحسنة (وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (أما) بالألف بعد الميم المخففة، حرف تنبيه أو بمعنى: حقًّا، ولأبي ذر عن الكشميهني: أم (والله لأستغفرن لك) أي: كما استغفر إبراهيم لأبيه (ما لم أُنْهَ عنك) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول وللحموي والمستملي ما لمأنه عنه، أي: عن الاستغفار الدال عليه قوله لأستغفرن لك. (فأنزل الله تعالى فيه) أي: في أبي طالب: ({{ما كان للنبي}}) [التوبة: 113] (الآية) خبر بمعنى النهي ولأبي ذر: فأنزل الله تعالى فيه الآية، فحذف لفظ {{ما كان للنبي}}. ورواة هذا الحديث، ما بين: مروزي، وهو شيخ المؤلّف ومدني وهو بقيتهم، وفيه رواية الابن عن الأب، والتحديث والإخبار والعنعنة. وأخرجه المؤلّف أيضًا في: سورة القصص. 82 - باب الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: انْزِعْهُ يَا غُلاَمُ، فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ -رضي الله عنهما- يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ. (باب) وضع (الجريد على القبر) ولأبي ذر: الجريدة بالإفراد. قال في القاموس: والجريدة سعفة طويلة رطبة، أو يابسة، أو: التي تقشر من خوصها. وقال في الصحاح: والجريد الذي يجرد عنه الخوص، ولا يسمى جريدًا ما دام عليه الخوص، وإنما سمى سعفًا الواحدة جريدة. (وأوصى بريدة الأسلمي) بضم الموحدة وفتح الراء، ابن الخصيب، بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، مما وصله ابن سعد من طريق مورّق العجلي: (أن يجعل في) وللمستملي: على (قبره جريدان) بغير مثناة فوقية بعد الدال، ولأبي ذر: جريدتان. فعلى رواية في: يحتمل أن يكون بريدة أوصى بجعل الجريدتين داخل قبره، لما في النخلة من البركة، لقوله: {{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ}} [إبراهيم: 24] على رواية: على، أن يكونا على ظاهره اقتداء بفعل النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في وضع الجريدتين على القبر، وهذا الأخير هو الأظهر. وصنيع المؤلّف في إيراده حديث القبرين آخر الباب، يدل عليه، وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه ولم يره خاصًّا بذينك الرجلين، لكن الظاهر من تصرف المؤلّف أن ذلك خاص المنفعة بما فعله الرسول، عليه الصلاة والسلام، ببركته الخاصة به، وأن الذي ينتفع به أصحاب القبور إنما هو الأعمال الصالحة فلذلك عقبه بقوله: (ورأى ابن عمر) بضم العين (رضي الله عنهما فسطاطًا) بتثليث الفاء وسكون السين المهملة وبطاءين مهملتين، وبإبدال الطاءين بمثناتين فوقيتين، وبإبدال أولاهما فقط، وبإبالها وإدغامها في السين. فهي: اثنا عشر فسطاطًا فسطاطًا فسطاطًا، فستاتًا فستاتًا فستاتًا، فستاطًا فستاطًا فستاطًا، فساطًا فساطًا فساطًا، والذي ذكره صاحب القاموس: الفسطاط، والفستاط، والفستات، والفساط. بالطاءين وبإبدال الأولى وبإبدالهما معًا، وبتشديد السين وضم الفاء وكسرها فيهن، هو: الخباء من شعر. وقد يكون من غيره (على قبر عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما، كما بينه ابن سعد في روايته له موصولاً، من طريق أيوب بن عبد الله بن يسار، قال: مرّ عبد الله بن عمر على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر، أخي عائشة رضي الله عنهما، وعليه فسطاط مضروب (فقال: انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله) لا غيره. (وقال خارجة بن زيد) الأنصاري، أحد الفقهاء السبعة: (رأيتني) بضم المثناة الفوقية، والفاعل والمفعول ضميران لشيء واحد، وهو من خصائص أفعال القلوب، والتقدير: رأيت نفسي (ونحن شبان) بضم الشين المعجمة، وتشديد الموحدة، جمع شاب، والواو للحال (في زمن عثمان) بن عفان في مدة خلافته (رضي الله عنه، وإن أشدنا وثبة) بالمثلثة، أي: طفرة، مصدر من: وثب يثب وثبًا ووثبة. (الذي يثب قبر عثمان بن مظعون) بظاء معجمة ساكنة، ثم عين مهملة (حتى يجاوزه) من ارتفاعه. قيل: ومنسابة ذلك للترجمة من حيث إن وضع الجريد على القبر يرشد إلى جواز وضع ما يرتفع به ظهر القبر عن الأرض، فالذي ينفع الميت عمله الصالح وعلو البناء على القبر لا يضر بصورته. (وقال عثمان بن حكيم) بفتح الحاء المهملة، الأنصاري المدني ثم الكوفي (أخذ بيدي خارجة) بن زيد، ذكر مسدد في مسنده الكبير: سبب ذلك مما وصله فيه عنه من حديث أبي هريرة، أنه قال: لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي إلي، أحب إلي من أن أجلس على قبر. قال عثمان: فرأيت خارجة بن زيد في المقابر، فذكرت له ذلك، فأخذ بيدي (فأجلسني على قبر وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت) بالمثلثة أوله، ويزيد من الزيادة أنه (قال: إنما كره ذلك) أي: الجلوس على القبر (لمن أحدث عليه) ما لا يليق من الفحش قولاً أو فعلاً لتأذي الميت بذلك، أو المراد: تغوّط أو بال. (وقال نافع) مولى ابن عمر: (كان ابن عمر، رضي الله عنهما، يجلس على القبور) أي: يقعد عليها. ويؤيده حديث عمرو بن حزم الأنصاري عند أحمد: لا تقعدواعلى القبور. فالمراد بالجلوس القعود حقيقة، كما هو مذهب الجمهور خلافًا لمالك وأبي حنيفة وأصحابه، وحديث أبي هريرة مرفوعًا، عند الطحاوي: من جلس على قبر يبول أو يتغوط، فكأنما جلس على جمر ضعيف. نعم؛ حديث زيد بن ثابت، عند الطحاوي أيضًا: إنما نهى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عن الجلوس على القبور لحدث غائط أو بول، رجال إسناده ثقات. فإن قيل: ما وجه المناسبة بين الترجمة وأثر ابن عمر هذا؟ وعثمان بن حكيم الذي قبله؟ أجيب: بأن عموم قول ابن عمر: إنما يظله عمله، يدخل فيه أنه كما لا ينتفع بتظليله، وإن كان تعظيمًا له، لا يتضرر بالجلوس عليه، وإن كان تحقيرًا. وقال ابن رشيد: كأن بعض الرواة كتبهما في غير موضعهما، فإن الظاهر أنهما من الباب التالي لهذا، وهو باب: موعظة المحدّث عند القبر، وقعود أصحابه حوله.

    (بابٌُ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لاَ إلاهَ إلاَّ الله)أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا قَالَ الْمُشرك عِنْد مَوته كلمة: لَا إِلَه إلاَّ الله، وَلم يذكر جَوَاب: إِذا، لمَكَان التَّفْصِيل فِيهِ، وَهُوَ أَنه لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون من أهل الْكتاب أَو لَا يكون، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، فِي حَيَاته قبل مُعَاينَة الْمَوْت، أَو قَالَهَا عِنْد مَوته، وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَنْفَعهُ ذَلِك عِنْد الْمَوْت لقَوْله تَعَالَى: {{يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا ... (الْأَنْعَام: 851) . الآبة، وينفعه ذَلِك إِذا كَانَ فِي حَيَاته وَلم يكن من أهل الْكتاب حَتَّى يحكم بِإِسْلَامِهِ، بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلاه إلاَّ الله) الحَدِيث، وَإِن كَانَ من أهل الْكتاب فَلَا يَنْفَعهُ حَتَّى يتَلَفَّظ بكلمتي الشَّهَادَة. وَاشْترط أَيْضا أَن يتبرأ عَن كل دين سوى دين الْإِسْلَام، وَقيل: إِنَّمَا ترك الْجَواب لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قَالَ لِعَمِّهِ أبي طَالب: قل: لَا إلاه إلاَّ الله أشهد لَك بهَا. كَانَ مُحْتملا أَن يكون ذَلِك خَاصّا بِهِ، لِأَن غَيره إِن قَالَ بهَا وَقد أَيقَن بالوفاة لَا يَنْفَعهُ ذَلِك.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1306 ... ورقمه عند البغا:1360 ]
    - حدَّثنا إسْحَاقُ قَالَ أخبرنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثني أبي عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ عنْ أبِيهِ أنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طالِبٍ الوَفَاةُ جاءَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَجدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بنِ هِشَامٍ وعَبْدَ الله بنَ أبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ فَقال رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأِبِي طالبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إلاه إلاَّ الله كَلِمَةً أشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله فَقَالَ أبُو جَهْلٍ وعَبْدُ الله بنُ أبِي أُمَيَّةَ يَا أبَا طَالِبٍ أتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
    يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ويَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أبُو طالِبٍ آخِرَ مَا كلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وأبَى أنْ يَقُولَ لَا إلاه إلاَّ الله فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَا وَالله لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ الله تعَالى فيِهِ مَا كانَ لِلنَّبِيِّ الآيَةَ..مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة فِيمَا إِذا قَالَ الْمُشرك عِنْد الْمَوْت: لَا إلاه إلاَّ الله، والْحَدِيث فِيمَا إِذا قيل للمشرك: قل: لَا إلاه إلاَّ الله.ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: إِسْحَاق. قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إِمَّا ابْن رَاهَوَيْه، وَإِمَّا ابْن مَنْصُور، وَلَا قدح فِي الْإِسْنَاد بِهَذَا اللّبْس لِأَن كلا مِنْهُمَا بِشَرْط البُخَارِيّ، وَفِيه نظر لَا يخفى. الثَّانِي: يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الزُّهْرِيّ، مَاتَ فِي فَم الصُّلْح، قَرْيَة على دجلة وَاسِط فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ. الثَّالِث: أَبوهُ إِبْرَاهِيم بن سعد أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ الْقرشِي، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد وَمَات بهَا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة. الرَّابِع: صَالح بن كيسَان أَبُو الْحَارِث، وَيُقَال أَبُو مُحَمَّد الْغِفَارِيّ، مَاتَ بعد الْأَرْبَعين وَمِائَة. الْخَامِس: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. السَّادِس: سعيد بن الْمسيب. السَّابِع: أَبوهُ الْمسيب، بِضَم الْمِيم وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة الْمَفْتُوحَة على الْمَشْهُور: ابْن حزن ضد السهل الْقرشِي المَخْزُومِي، وهما صحابيان هاجرا إِلَى الْمَدِينَة، وَكَانَ الْمسيب مِمَّن بَايع تَحت شَجَرَة الرضْوَان، وَكَانَ رجلا تَاجِرًا، يرْوى لَهُ سَبْعَة أَحَادِيث، للْبُخَارِيّ مِنْهَا: ثَلَاثَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: الْمسيب بن حزن ابْن أبي وهب المَخْزُومِي لَهُ صُحْبَة، ويروي عَنهُ ابْنه، أسلم بعد خَيْبَر، وَقَالَ: حزن بن أبي وهب بن عَمْرو بن عَائِذ بن عمرَان ابْن مَخْزُوم المَخْزُومِي، لَهُ هِجْرَة، وَكَانَ أحد الْأَشْرَاف وَهُوَ من الطُّلَقَاء، وَقتل يَوْم الْيَمَامَة فِي ربيع الأول سنة عشر فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع. وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: ثَلَاثَة أَشْيَاء. الأول: أَنه من أَفْرَاد الصَّحِيح، لِأَن الْمسيب لم يرو عَنهُ غير ابْنه سعيد. الثَّانِي: أَنه من مراسل الصَّحَابَة لِأَنَّهُ هُوَ وَأَبوهُ من مسلمة الْفَتْح، وَهُوَ على قَول أبي أَحْمد العسكري: بَايع تَحت الشَّجَرَة. وأيا مَا كَانَ، فَلم يشْهد أَمر أبي طَالب لِأَنَّهُ توفّي هُوَ وَخَدِيجَة فِي أَيَّام ثَلَاثَة، قَالَ صاعد فِي (كتاب النُّصُوص) : فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسَمِّي ذَلِك الْعَام عَام الْحزن، وَكَانَ ذَلِك وَقد أَتَى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع وَأَرْبَعُونَ سنة وَثَمَانِية أشهر وَأحد عشر يَوْمًا. وَقيل: مَاتَ فِي نصف شَوَّال من السّنة الْعَاشِرَة من النُّبُوَّة، وَقَالَ ابْن الجزار: قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين، وَقيل: قبل الْهِجْرَة بِخمْس، وَقيل: بِأَرْبَع سِنِين، وَقيل: بعد الْإِسْرَاء. الثَّالِث: يكون مُرْسلا حَقِيقَة لَان ابْن حبَان ذكره فِي ثِقَات التَّابِعين، وَهُوَ قَول فِيهِ غرابة. وَفِيه: أَن شَيْخه إِن كَانَ ابْن رَاهَوَيْه فَهُوَ مروزي سكن نيسابور، وَإِن كَانَ إِسْحَاق بن مَنْصُور فَهُوَ أَيْضا مروزي. وَبَقِيَّة الروَاة مدنيون. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: صَالح وَابْن شهَاب وَسَعِيد يروي بَعضهم عَن بعض. وَفِيه: رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب فِي موضِعين.وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي سُورَة بَرَاءَة عَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره نَحوه.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة) ، يَعْنِي، حضرت علاماتها، وَذَلِكَ قبل النزع وإلاَّ لما نَفعه الْإِيمَان، وَيدل عَلَيْهِ محاورته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكفار قُرَيْش، وَأَبُو طَالب اسْمه: عبد منَاف، قَالَه غير وَاحِد، وَقَالَ الْحَاكِم: تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار أَن اسْمه كنيته، قَالَ: وَوجد بِخَط عَليّ الَّذِي لَا شكّ فِيهِ: وَكتب عَليّ بن أبي طَالب، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم المغربي الْوَزير اسْمه: عمرَان. قَوْله: (أَبَا جهل) ، كنيته أَبُو الحكم، كَذَا كناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسْمه: عَمْرو بن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، وَيُقَال لَهُ: ابْن الحنظلية، وَاسْمهَا أَسمَاء بنت سَلامَة بن مخرمَة، وَكَانَ أَحول مأبونا، وَكَانَ رَأسه أول رَأس حز فِي الْإِسْلَام، فِيمَا ذكره ابْن دُرَيْد فِي (وشاحه) . قَوْله: (وَعبد الله بن أبي أُميَّة) أمه عَاتِكَة عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، توفّي شَهِيدا بِالطَّائِف وَكَانَ شَدِيدا على الْمُسلمين معاديا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلم قبل الْفَتْح هُوَ وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَلَهُم عبد الله بن أبي أُميَّة بن وهب حَلِيف بني أَسد وَابْن أخيهم اسْتشْهد بِخَيْبَر، وَلَهُم عبد الله بن أُميَّة إثنان: أَحدهمَا بَدْرِي. قَوْله: (أَي: عَم) أَي: يَا عمي. قَوْله: (كلمة) ،
    نصب إِمَّا على الْبَدَلِيَّة أَو على الِاخْتِصَاص. قَوْله: (أشهد لَك) أَي: لخيرك. وَفِي لفظ: (أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله تَعَالَى) . قَوْله: (أترغب؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار، أَي: أتعرض؟ قَوْله: (يعرضهَا) بِكَسْر الرَّاء، قَوْله: (ويعودان بِتِلْكَ الْمقَالة) . قَالَ عِيَاض وَفِي نُسْخَة ويعيدان يَعْنِي: أَبَا جهل وَعبد الله. وَقَالَ عِيَاض أَيْضا فِي جَمِيع الْأُصُول. وَيعود لَهُ بِتِلْكَ الْمقَالة، يَعْنِي: أَبَا طَالب. وَوَقع فِي مُسلم: (لَوْلَا تعيرني قُرَيْش يَقُولُونَ: إِنَّمَا حمله على ذَلِك الْجزع) ، بِالْجِيم وَالزَّاي، وَهُوَ الْخَوْف، وَذهب الْهَرَوِيّ والخطابي فِيمَا رَوَاهُ عَن ثَعْلَب فِي آخَرين أَنه: بخاء مُعْجمَة وزاي مفتوحتين، وَنَبَّهنَا غير وَاحِد أَنه الصَّوَاب، وَمَعْنَاهُ: الضعْف والخور. قَوْله: آخر مَا كَلمه) أَي: فِي آخر تكليمه إيَّاهُم. قَوْله: (هُوَ) إِمَّا عبارَة أبي طَالب، وإراد بِهِ نَفسه، وَإِمَّا عبارَة الرَّاوِي، وَلم يحك كَلَامه بِعَيْنِه لقبحه، وَهُوَ من التَّصَرُّفَات الْحَسَنَة. قَوْله: (أما) ، حرف تَنْبِيه، وَقيل: بِمَعْنى حَقًا، قَوْله: (مَا لم أُنْهَ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (عَنْك) ، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (مَا لم أَنه عَنهُ) . أَي: عَن الاسْتِغْفَار الَّذِي دلّ عَلَيْهِ قَوْله: (لأَسْتَغْفِرَن) ، قَوْله: فَأنْزل الله فِيهِ: {{مَا كَانَ للنَّبِي. .}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة أَي: فَأنْزل الله فِي الاسْتِغْفَار قَوْله تَعَالَى: {{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، أَي: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ وَلَا لَهُم الاسْتِغْفَار للْمُشْرِكين. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: قَالَ أهل الْمعَانِي: مَا تَأتي فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن بمعني النَّفْي كَقَوْلِه: {{مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا}} (النَّحْل: 06) . {{وَمَا كَانَ لنَفس أَن تَمُوت إلاَّ بِإِذن الله}} (آل عمرَان: 541) . وَالْآخر بِمَعْنى النَّهْي. كَقَوْلِه: {{وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}} (الْأَحْزَاب: 35) . وَهِي فِي حَدِيث أبي طَالب نهي، وَتَأَول بَعضهم الاسْتِغْفَار هُنَا بِمَعْنى الصَّلَاة. وَقَالَ الواحدي: سَمِعت أَبَا عُثْمَان الْحِيرِي سَمِعت أَبَا الْحسن بن مقسم سَمِعت أَبَا إِسْحَاق الزّجاج يَقُول فِي هَذِه الْآيَة: أجمع الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهَا نزلت فِي أبي طَالب، وَفِي (مَعَاني الزّجاج) : يرْوى أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عرض على أبي طَالب الْإِسْلَام عِنْد وَفَاته، وَذكر لَهُ وجوب حَقه عَلَيْهِ فَأبى أَبُو طَالب فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأَسْتَغْفِرَن لَك حَتَّى أُنهى عَن ذَلِك، ويروى أَنه اسْتغْفر لأمه. وَرُوِيَ أَنه اسْتغْفر لِأَبِيهِ، وَأَن الْمُؤمنِينَ ذكرُوا محَاسِن آبَائِهِم فِي الْجَاهِلِيَّة وسألوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِآبَائِهِمْ لما كَانَ من محَاسِن كَانَت لَهُم، فَأعْلم اا تَعَالَى أَن ذَلِك لَا يجوز، فَقَالَ: {{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا. .}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، وَذكر الواحدي من حَدِيث مُوسَى بن عُبَيْدَة، قَالَ: (أخبرنَا مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه لما اشْتَكَى أَبُو طَالب شكواه الَّتِي قبض فِيهَا، قَالَت لَهُ قُرَيْش: أرسل إِلَى ابْن أَخِيك يُرْسل إِلَيْك من هَذِه الْجنَّة الَّتِي ذكرهَا يكون لَك شِفَاء، فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الله حرمهَا على الْكَافرين: طعامها وشرابها، ثمَّ أَتَاهُ فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام، فَقَالَ: لَوْلَا أَن نعير بهَا فَيُقَال: جزع عمك من الْمَوْت لأقررت بهَا عَيْنك) واستغفر لَهُ بَعْدَمَا مَاتَ، فَقَالَ الْمُسلمُونَ: مَا يمنعنا أَن نَسْتَغْفِر لآبائنا ولذوي قرابتنا، قد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَبِيهِ، وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ، فاستغفروا للْمُشْرِكين حَتَّى نزلت {{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، وَمن حَدِيث ابْن وهب: حَدثنَا ابْن جريج عَن أَيُّوب بن هانىء عَن مَسْرُوق (عَن عبد الله: خرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ينظر فِي الْمَقَابِر وَنحن مَعَه، فتخطى الْقُبُور حَتَّى انْتهى إِلَى قبر مِنْهَا، فناجاه طَويلا، وَفِيه: (فجَاء وَله نحيب، فَسئلَ، فَقَالَ: هَذَا قبر أبي) . وَفِيه: (وَإِنِّي اسْتَأْذَنت بعد رَبِّي فِي زِيَارَة أُمِّي فَأذن، واستأذنته فِي الاسْتِغْفَار لَهَا فَلم يَأْذَن لي) ، وَفِيه: وَنزل على {{مَا كَانَ للنَّبِي}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، فأخذني مَا يَأْخُذ الْوَالِد لوَلَده من الرقة، فَذَلِك الَّذِي أبكاني) . وَفِي كتاب (مقامات التَّنْزِيل) لأبي الْعَبَّاس الضَّرِير: لما أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك الْوُسْطَى، وَاعْتمر، فَلَمَّا هَبَط من عسفان أَمر أَصْحَابه أَن يستندوا إِلَى الْعقبَة حَتَّى أرجع، فَنزل على قبر أمه ثمَّ بَكَى، فَلَمَّا رَجَعَ سَأَلَ عَن بكائهم، فَقَالُوا: بكينا لبكائك، قَالَ: نزلت على قبر أُمِّي فدعوت الله ليأذن لي فِي شَفَاعَتهَا يَوْم الْقِيَامَة فَأبى أَن يَأْذَن لي، فرحمتها فَبَكَيْت، ثمَّ جَاءَنِي جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ: {{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ}} (التَّوْبَة: 411) . الْآيَة وَفِي تَفْسِير ابْن مرْدَوَيْه: عَن عِكْرِمَة، وَفِي آخِره: كَانَت مدفونة تَحت كَذَا، وَكَانَت عسفان لَهُم وَبهَا ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الضَّرِير: وَفِي رِوَايَة الْكَلْبِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ، وَهُوَ مُشْرك لأَسْتَغْفِرَن لأمي. فَأتى قبرها ليَسْتَغْفِر لَهَا فَدفعهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن الْقَبْر. وَقَالَ: {{مَا كَانَ للنَّبِي}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة. وَفِي تَفْسِير ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه، صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ بعسفان، وَقَالَ اسْتَأْذَنت فِي الاسْتِغْفَار لآمنة، فنهيت فَبَكَيْت ثمَّ عدت فَصليت رَكْعَتَيْنِ، واستأذنت فِي الاسْتِغْفَار لَهَا فزجرت، ثمَّ دَعَا نَاقَته فَمَا استطاعته الْقيام لنقل الْوَحْي، فَأنْزل الله {{مَا كَانَ للنَّبِي}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة،
    وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سعيد عَن أَبِيه الْمسيب: قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي عَم، إِنَّك أعظم النَّاس عَليّ حَقًا، وَأَحْسَنهمْ عِنْدِي يدا ولأنت أعظم عِنْدِي حَقًا من وَالِدي، فَقل كلمة تجب لَك بهَا شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة. وَفِيه: نزلت: {{مَا كَانَ للنَّبِي}} (التَّوْبَة: 3111) . الْآيَة، وروى الْحَاكِم من حَدِيث أبي الْجَلِيل عَن عَليّ، قَالَ: سَمِعت رجلا يسْتَغْفر لِأَبَوَيْهِ وهما مُشْرِكَانِ، فَقلت: تستغفر لِأَبَوَيْك وهما مُشْرِكَانِ؟ قَالَ: أَو لم يسْتَغْفر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَبِيهِ، فَذَكرته لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {{مَا كَانَ للنَّبِي}} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، قَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَلما ذكر السُّهيْلي قَوْله تَعَالَى: {{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين}} (التَّوْبَة: 311) . قَالَ قد اسْتغْفر سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد، فقاال: أللهم إغفر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ، وَلَا يَصح أَن تكون الْآيَة الَّتِي نزلت فِي عَمه ناسخة لاستغفاره يَوْم أحد، لِأَن عَمه توفّي قبل ذَلِك، وَلَا ينْسَخ الْمُتَقَدّم الْمُتَأَخر، وَيُجَاب بِأَن استغفاره لِقَوْمِهِ مَشْرُوط بتوبتهم من الشّرك، كَأَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاء لَهُم بِالتَّوْبَةِ، وَجَاء فِي بعض الرِّوَايَات: أللهم إهذ قومِي، وَقيل: أَرَادَ مغْفرَة تصرف عَنْهُم عُقُوبَة الدُّنْيَا من المسخ وَشبهه، وَقيل: تكون الْآيَة تَأَخّر نُزُولهَا مُتَقَدما ونزولها مُتَأَخّر، لَا سِيمَا وَبَرَاءَة من آخر مَا نزل، فَتكون على هَذَا ناسخة للاستغفار، وَقَالَ ابْن بطال مَا محصله: أَي مُحَاجَّة يحْتَاج إِلَيْهَا من وافى ربه بِمَا يدْخلهُ الْجنَّة، أُجِيب: بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظن أَن عَمه اعْتقد أَن من آمن فِي مثل حَاله لَا يَنْفَعهُ إيمَانه إِذا لم يقارنه عمل سواهُ من صَلَاة أَو صِيَام وَحج وشرائط الْإِسْلَام كلهَا، فَأعلمهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من قَالَ: لَا إلاه إلاَّ الله، عِنْد مَوته أَنه يدْخل فِي جملَة الْمُؤمنِينَ، وَإِن تعرى من عمل سواهَا. قلت: فِي قَوْله: وَحج، نظر لِأَنَّهُ لم يكن مَفْرُوضًا بِالْإِجْمَاع يَوْمئِذٍ. وَقيل: أَن يكون أَبُو طَالب قد عاين أَمر الْآخِرَة وأيقن بِالْمَوْتِ وَصَارَ فِي حَالَة من لَا ينْتَفع بِالْإِيمَان لَو آمن، فَرحا لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن قَالَ: لَا إلاه إلاَّ الله، وأيقن بنبوته أَن يشفع لَهُ بذلك، ويحاج لَهُ عِنْد الله تَعَالَى فِي أَن يتَجَاوَز عَنهُ وَيقبل مِنْهُ إيمَانه فِي تِلْكَ الْحَال، وَيكون ذَلِك خَاصّا بِأبي طَالب وَحده لمكانته من حمايته ومدافعته عَنهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل: كَانَ أَبُو طَالب مِمَّن عاين براهين النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصدق بمعجزاته وَلم يشك فِي صِحَة نبوته، فرجا لَهُ المحاجة بِكَلِمَة الْإِخْلَاص حَتَّى يسْقط عَنهُ إِثْم العناد والتكذيب، لما قد تبين حَقِيقَته لَكِن آنسه، بقوله: (أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله) لِئَلَّا يتَرَدَّد فِي الْإِيمَان وَلَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ لتماديه على خلاف مَا تبين حَقِيقَته، وَقيل: (أُحَاج لَك بهَا) ، كَقَوْلِه (أشهد لَك بهَا عِنْد الله) لِأَن الشَّهَادَة للمرء حجَّة لَهُ فِي طلب حَقه، وَلذَلِك ذكر البُخَارِيّ هُنَا الشَّهَادَة لِأَنَّهُ أقرب التَّأْوِيل فِي قصَّة أبي طَالب فِي كتاب الْبَعْث، لاحتمالها التَّأْوِيل. وَوَقع عِنْد إِبْنِ إِسْحَاق: أَن الْعَبَّاس قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا ابْن أخي، إِن الْكَلِمَة الَّتِي عرضتها على عمك سمعته يَقُولهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم أسمع. قَالَ السُّهيْلي: لِأَن الْعَبَّاس قَالَ ذَلِك فِي حَال كَونه على غير الْإِسْلَام، وَلَو أَدَّاهَا بعد الْإِسْلَام لقبلت مِنْهُ، كَمَا قبل من جُبَير بن مطعم حَدِيثه الَّذِي سَمعه فِي حَال كفره وَأَدَّاهُ فِي الْإِسْلَام.

    حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأَبِي طَالِبٍ ‏"‏ يَا عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ‏"‏‏.‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ ‏{‏مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ‏}‏ الآيَةَ‏.‏

    Narrated Sa`id bin Al-Musaiyab from his father:When the time of the death of Abu Talib approached, Allah's Messenger (ﷺ) went to him and found Abu Jahl bin Hisham and `Abdullah bin Abi Umaiya bin Al-Mughira by his side. Allah's Messenger (ﷺ) said to Abu Talib, "O uncle! Say: None has the right to be worshipped but Allah, a sentence with which I shall be a witness (i.e. argue) for you before Allah. Abu Jahl and `Abdullah bin Abi Umaiya said, "O Abu Talib! Are you going to denounce the religion of `Abdul Muttalib?" Allah's Messenger (ﷺ) kept on inviting Abu Talib to say it (i.e. 'None has the right to be worshipped but Allah') while they (Abu Jahl and `Abdullah) kept on repeating their statement till Abu Talib said as his last statement that he was on the religion of `Abdul Muttalib and refused to say, 'None has the right to be worshipped but Allah.' (Then Allah's Messenger (ﷺ) said, "I will keep on asking Allah's forgiveness for you unless I am forbidden (by Allah) to do so." So Allah revealed (the verse) concerning him (i.e. It is not fitting for the Prophet (ﷺ) and those who believe that they should invoke (Allah) for forgiveness for pagans even though they be of kin, after it has become clear to them that they are companions of the fire

    Telah menceritakan kepada kami [Ishaq] telah mengabarkan kepada kami [Ya'qub bin Ibrahim] berkata, telah menceritakan [apakku] kepadaku dari [Shalih] dari [Ibnu Syihab] berkata, telah mengabarkan kepada saya telah mengabarkan kepada saya [Sa'id bin Al Musayyab] dari [bapaknya] bahwasanya dia mengabarkan kepadanya: "Ketika menjelang wafatnya Abu Tholib, Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam mendatanginya dan ternyata sudah ada Abu Jahal bin Hisyam dan 'Abdullah bin Abu Umayyah bin Al Mughirah. Maka Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam berkata, kepada Abu Tholib: "Wahai pamanku katakanlah laa ilaaha illallah, suatu kalimat yang dengannya aku akan menjadi saksi atasmu di sisi Allah". Maka berkata, Abu Jahal dan 'Abdullah bin Abu Umayyah: "Wahai Abu Thalib, apakah kamu akan meninggalkan agama 'Abdul Muthalib?". Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam terus menawarkan kalimat syahadat kepada Abu Tholib dan bersamaan itu pula kedua orang itu mengulang pertanyaannya yang berujung Abu Tholib pada akhir ucapannya tetap mengikuti agama 'Abdul Muthalib dan enggan untuk mengucapkan laa ilaaha illallah. Maka berkatalah Rasulullah Shallallahu'alaihiwasallam: "Adapun aku akan tetap memintakan ampun buatmu selama aku tidak dilarang". Maka turunlah firman Allah subhanahu wata'ala tentang peristiwa ini: ("Tidak patut bagi Nabi …") dalam QS AT-Taubah ayat

    Saîd İbnü'i-Müseyyeb babasından şunu aktarmıştır: Ebu Talib'in ölümü yaklaştığında Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem onun yanına geldi. Ebu Cehl bin Hişam, Abdullah İbn Ebi Ümeyye İbnü'l-Muğîre'nin orada olduğunu gördü. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem Ebu Talib'e: "Amca! La ilahe illallah de. Bu kelimeyi söyle ki onun sayesinde senin için Allah katında şahit (şefaatçi) olayım" dedi. Ebu Cehil ve Abdullah İbn Ebu Ümeyye: "Ey Ebu Talib! Abdülmuttalib'in dininden yüz mü çeviriyorsun?" dediler. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem amcasına bu kelimeyi söylemesini teklif ettikçe onlar da söyledikleri sözü tekrarladılar. Sonunda Ebu Talib onlara son olarak şunu söyledi: "O (yani ben) Abdül-muttalib'in dini üzere" dedi ve "La ilahe illallah" demekten sakındı. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem: "Vallahi, bana yasaklanmadığı sürece ben senin için istiğfar edeceğim" dedi. Bunun üzerine Yüce Allah onunla ilgili olarak şu ayeti indirdi: "Nebi ve iman edenlerin, kendi akrabaları bile olsa müşrikler için istiğfar etmeleri uygun değildir.[Tevbe 113] Tekrar:

    ہم سے اسحاق بن راہویہ نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہمیں یعقوب بن ابراہیم نے خبر دی ‘ کہا کہ مجھے میرے باپ (ابراہیم بن سعد) نے صالح بن کیسان سے خبر دی ‘ انہیں ابن شہاب نے ‘ انہوں نے بیان کیا کہ مجھے سعید بن مسیب نے اپنے باپ (مسیب بن حزن رضی اللہ عنہ) سے خبر دی ‘ ان کے باپ نے انہیں یہ خبر دی کہ جب ابوطالب کی وفات کا وقت قریب آیا تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ان کے پاس تشریف لائے۔ دیکھا تو ان کے پاس اس وقت ابوجہل بن ہشام اور عبداللہ بن ابی امیہ بن مغیرہ موجود تھے۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سے فرمایا کہ چچا! آپ ایک کلمہ «لا إله إلا الله» ( اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں کوئی معبود نہیں ) کہہ دیجئیے تاکہ میں اللہ تعالیٰ کے ہاں اس کلمہ کی وجہ سے آپ کے حق میں گواہی دے سکوں۔ اس پر ابوجہل اور عبداللہ بن ابی امیہ مغیرہ نے کہا ابوطالب! کیا تم اپنے باپ عبدالمطلب کے دین سے پھر جاؤ گے؟ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم برابر کلمہ اسلام ان پر پیش کرتے رہے۔ ابوجہل اور ابن ابی امیہ بھی اپنی بات دہراتے رہے۔ آخر ابوطالب کی آخری بات یہ تھی کہ وہ عبدالمطلب کے دین پر ہیں۔ انہوں نے «لا إله إلا الله» کہنے سے انکار کر دیا پھر بھی رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں آپ کے لیے استغفار کرتا رہوں گا۔ تاآنکہ مجھے منع نہ کر دیا جائے اس پر اللہ تعالیٰ نے آیت «ما كان للنبي‏» الآية‏ نازل فرمائی۔ ( التوبہ:)

    সাঈদ ইবনু মুসাইয়্যাব (রহ.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আবূ তালিব এর মৃত্যুর সময় উপস্থিত হলে, আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তার নিকট আসলেন। তিনি সেখানে আবূ জাহল ইবনু হিশাম ও ‘আবদুল্লাহ্ ইবনু আবূ উমায়্যা ইবনু মুগীরাকে উপস্থিত দেখতে পেলেন। (রাবী বলেন) আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আবূ তালিবকে লক্ষ্য করে বললেনঃ চাচাজান! ‘লা- ইলা-হা ইল্লাল্লাহ’ কালিমা পাঠ করুন, তা হলে এর অসীলায় আমি আল্লাহ্‌র সমীপে আপনার জন্য সাক্ষ্য দিতে পারব। আবূ জাহল ও ‘আবদুল্লাহ্ ইবনু আবূ উমায়্যা বলে উঠল, ওহে আবূ তালিব! তুমি কি আবদুল মুত্তালিবের ধর্ম হতে বিমুখ হবে? অতঃপর আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তার নিকট কালিমাহ পেশ করতে থাকেন, আর তারা দু’জনও তাদের উক্তি পুনরাবৃত্তি করতে থাকে। অবশেষে আবূ তালিব তাদের সামনে শেষ কথাটি যা বলল, তা এই যে, সে আবদুল মুত্তালিবের ধর্মের উপর অবিচল রয়েছে, সে ‘লা- ইলা-হা ইল্লাল্লাহ’ বলতে অস্বীকার করল। আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ আল্লাহ্‌র কসম! তবুও আমি আপনার জন্য মাগফিরাত কামনা করতে থাকব, যতক্ষণ না আমাকে তা হতে নিষেধ করা হয়। এ প্রসঙ্গে আল্লাহ্ তা‘আলা নাযিল করেন : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ) الأية(নবীর জন্য সঙ্গত নয়....- (আত্-তওবাঃ ১১৩)। (৩৮৮৪, ৪৬৭৫, ৪৭৭২, ৬৬৮১) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১২৭০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    முசய்யப் பின் ஹஸ்ன் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களின் பெரிய தந்தை) அபூதாலிப் அவர்களுக்கு மரணம் நெருங்கியபோது, நபி (ஸல்) அவர்கள் அவரிடம் வந்தார்கள். அங்கு அபூஜஹ்ல் பின் ஹிஷாம், அப்துல்லாஹ் பின் அபீஉமய்யா ஆகிய இருவரும் இருப்பதைக் கண்டார்கள். அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் அபூதாலிபிடம், “என் தந்தையின் சகோதரரே! லா இலாஹ இல்லல்லாஹ் (அல்லாஹ்வைத் தவிர வேறு இறைவ னில்லை) என்று ஒரு வார்த்தை சொல்லி விடுங்கள்! அதன் மூலம் நான் அல்லாஹ்விடம் உங்களுக்காகச் சாட்சி யம் கூறுவேன்” எனக் கூறினார்கள். அப்போது அபூஜஹ்லும் அப்துல் லாஹ் பின் அபீஉமய்யாவும், “அபூ தாலிபே! (உங்கள் தந்தை) அப்துல் முத்தலிபின் மார்க்கத்தைப் புறக்கணிக் கப்போகின்றீரா?” எனக் கேட்டனர். இவ்வாறு அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் ஒருபுறமும் அவ்விருவரும் மறுபுறமுமாக அவரை வற்புறுத்திக் கொண்டிருக்கும்போது அபூதாலிப் கடைசிப் பேச்சாக, “நான் அப்துல் முத்தலிபின் மார்க்கத்திலேயே (மரணிக் கின்றேன்)” என்று கூறியதோடு, ‘லா இலாஹ இல்லல்லாஹ்’ எனக் கூறவும் மறுத்துவிட்டார். அப்போது அல்லாஹ் வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், “அல்லாஹ் வின் மீதாணையாக! நான் தடுக்கப்படும்வரை உங்களுக்காகப் பாவமன்னிப்புக் கோருவேன்” என்று கூறினார்கள். அப்போது “இணைவைப்பாளர்கள் நரகவாசிகள் என்பது தெளிவான பின்னர், அவர்கள் நெருங்கிய உறவினர்களாக இருந்தாலும்கூட அவர்களுக்காகப் பாவமன்னிப்புக் கோருவது நபிக்கும் இறைநம்பிக்கை கொண்டோருக்கும் தகாது” (9:113) எனும் வசனத்தை உயர்ந்தோன் அல்லாஹ் அருளினான். அத்தியாயம் :