• 426
  • عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةَ الكُسُوفِ ، فَقَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ قَامَ ، فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، فَسَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَقَالَ : " قَدْ دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ ، حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا ، لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا ، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ : أَيْ رَبِّ ، وَأَنَا مَعَهُمْ ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ ، قُلْتُ : مَا شَأْنُ هَذِهِ ؟ قَالُوا : حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ، لاَ أَطْعَمَتْهَا ، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قَالَ نَافِعٌ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : مِنْ خَشِيشِ - أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ "

    حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةَ الكُسُوفِ ، فَقَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ قَامَ ، فَأَطَالَ القِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، فَسَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ رَفَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَقَالَ : قَدْ دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ ، حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا ، لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا ، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ : أَيْ رَبِّ ، وَأَنَا مَعَهُمْ ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ ، قُلْتُ : مَا شَأْنُ هَذِهِ ؟ قَالُوا : حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ، لاَ أَطْعَمَتْهَا ، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قَالَ نَافِعٌ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : مِنْ خَشِيشِ - أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ

    الكسوف: الكسوف : احتجاب الشمس أو القمر وذهاب ضوئهما
    دنت: الدنو : الاقتراب
    اجترأت: اجترأ : تشجع وأقدم
    ودنت: الدنو : الاقتراب
    تخدشها: خدش الجلد : قشره
    خشاش: خشاش الأرض : حشراتها وهوامُّها وقيل الخشاش صغار الطير
    دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ ، حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا ، لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ
    حديث رقم: 2263 في صحيح البخاري كتاب المساقاة باب فضل سقي الماء
    حديث رقم: 1560 في صحيح مسلم كِتَابُ الْكُسُوفِ بَابُ مَا عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ
    حديث رقم: 1560 في صحيح مسلم كِتَابُ الْكُسُوفِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 1561 في صحيح مسلم كِتَابُ الْكُسُوفِ بَابُ مَا عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ
    حديث رقم: 1561 في صحيح مسلم كِتَابُ الْكُسُوفِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 1494 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف باب التشهد والتسليم في صلاة الكسوف
    حديث رقم: 1260 في سنن ابن ماجة كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 26385 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ النِّسَاءِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 26393 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ النِّسَاءِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 26394 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ النِّسَاءِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 26398 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ النِّسَاءِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 1866 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ التَّشَهُّدُ وَالتَّسْلِيمُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 20119 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 20215 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 4772 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 6001 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بَابُ النِّسَاءِ يَحْضُرْنَ الْمَسْجِدَ لِصَلَاةِ الْخُسُوفِ
    حديث رقم: 1955 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ ذِكْرُ وُجُوبِ ذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِغْفَارِهِ عِنْدَ الْكُسُوفِ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ
    حديث رقم: 2845 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الْكُسُوفِ ذِكْرُ حُضُورِ النِّسَاءِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ

    [745] قَوْلُهُ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَالضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَوْلُهُ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا سَقَطَ لَفْظُ هِيَ مِنْ رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْحَمَوِيِّ قَوْلُهُ تَأْكُلُ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خَشَاشِ الْأَرْضِ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الشَّكِّ وَكُلٌّ مِنَ اللَّفْظَيْنِ بِمُعَجَّمَاتٍ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ وَأَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ رِوَايَةَ خَشِيشٍ وَضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى التَّصْغِيرِ مِنْ لَفْظِ خَشَاشٍ فَعَلَى هَذَا لَا إِنْكَارَ وَرَوَاهَا بَعْضُهُمْ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ.
    وَقَالَ عِيَاضٌ هُوَ تَصْحِيفٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْكُسُوفِ وَعَلَى قِصَّةِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْهِرَّةِ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى(قَوْلُهُ بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ نَظَرُ الْمَأْمُومِ إِلَى الْإِمَامِ مِنْ مَقَاصِدِ الِائْتِمَامِ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ مُرَاقَبَتِهِ بِغَيْرِ الْتِفَاتٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ إصْلَاح صلَاته.
    وَقَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي أَنَّ نَظَرَ الْمُصَلِّي يَكُونُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ.
    وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْخُشُوعِ وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا.
    وَقَالَ الْمُرْسَلُ هُوَ الْمَحْفُوظُ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِينَ هُمْ فِي صلَاتهم خاشعون وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ النَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ وَكَذَا لِلْمَأْمُومِ إِلَّا حَيْثُ يَحْتَاجُ إِلَى مُرَاقَبَةِ إِمَامِهِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ إِذَا انْفَلَتَتِ الدَّابَّةُ وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ حِينَ رَأَيْتُمُونِي

    [745] حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا. وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَىْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ -حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لاَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ -قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- مِنْ خَشِيشِ أَوْ خُشَاشِ الأَرْضِ. [الحديث طرفه في: 2364]. وبالسند قال: (حدّثنا ابن أبي مريم) سعيد بن محمد بن الحكم الجمحي، مولاهم البصري (قال: أخبرنا نافع بن عمر) بن عبد الله بن جميل الجمحي القرشى، المتوفى سنة تسع وستين ومائة (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن أبي مليكة) عبد الرحمن واسم أبي مليكة، بضم الميم وفتح اللام، زهير بن عبد الله التيمي الأول المكي (عن أسماء بنت أبي بكر) وللأصيلي زيادة: الصديق رضي الله تعال عنهما. (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى صلاة الكسوف) بالكاف. أي صلاة كسوف الشمس (فقام) عليه الصلاة والسلام (فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد فأطال السجود، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فأطال القيام) وللأصيلي قال: فأطال القيام (ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فسجد) وللأصيلي: ثم سجد (فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد فأطال السجود، ثم انصرف. فقال): (قد دنت) أي: قربت (مني الجنة حتى لو اجترأت عليها) أي على الجنة (لجئتكم بقطاف من قطافها). بكسر القاف فيهما أي بعنقود من عناقيدها، أو اسم لكل ما يقطف. قال العيني وأكثر المحدثين يروونه بفتح القاف وإنما هو بالكسر. واجترأت من الجرأءة، وإنما قال ذلك لأنه لأنه لم يكن مأذونًا له من عند الله بأخذه. (ودنت مني النار حتى قلت: أي ربّ أوَ أنا معهم) بهمزة الاستفهام بعدها واو عاطفة، كذا لأبوي الوقت وذر وللأصيلي، ونسبه في الفتح للأكثرين، قال. ولكريمة، وأنا معهم بحذف الهمزة، وهي مقدرة وثبت قوله: رب، ولأبي ذر عن الحموي. (فإذا امرأة) قال نافع بن عمر: (حسبت أنه) أي ابن أبي مليكة (قال): (تخدشها) بفتح المثناة الفوقية وكسر الدال ثم شين معجمة، أي تقشر جلدها (هرة) بالرفع، فاعل لتخدشها (قلت ما شأن هذه) المرأة؟ (قالوا: حبستها حتى ماتت جوعًا لا أطعمتها) أي: لا أطعمت الهرة، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: لا هي أطعمتها بالضمير الراجع للمرأة (ولا أرسلتها) وللأصيلي وابن عساكر ولا هي أرسلتها (تأكل) - (قال نافع) الجمحي: (حسبت أنه) أي ابن أبي مليكة وللأصيلي حسبته (قال): (من خشيش) بفتح الخاء المعجمة لا بالمهملة وكسر الشين المعجمة، أي حشرات الأرض (أو) قال: (خشاش)، مثلت الأول. وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني زيادة: الأرض. وفي الحديث أن تعذيب الحيوانات غير جائز، وأن من ظلم منها شيئًا يسلط على ظالمه يوم القيامة. ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين مصري ومكّي، وفيهتابعي عن صحابية، والتحديث بالجمع والإفراد والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الشرب، والنسائي وابن ماجة في الصلاة. 91 - باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ: «فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ». (باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة). (قالت عائشة) رضي الله عنها، مما هو طرف حديث وصلة المؤلّف في باب: إذا انفلتت الدابة (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صلاة الكسوف) (فرأيت) بالفاء قبل الراء، ولأبوي الوقت وذر وابن عساكر: رأيت (جهنم يحطم) بكسر الطاء، أي يأكل (بعضها بعضًا حين رأيتموني تأخرت).


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:724 ... ورقمه عند البغا:745 ]
    - حَدَّثَنَا ابن أَبِي مريم: أنا نَافِع بْن عُمَر: حَدَّثَنِي ابن أَبِي مليكة، عَن أسماء بنة أَبِي بَكْر، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى صلاة الكسوف، فقام فأطال القيام، ثُمَّ ركع فأطال الركوع، ثُمَّ قام فأطال القيام، ثُمَّ ركع فأطال الركوع، ثُمَّ رفع، ثُمَّ سجد فأطال السجود، ثُمَّ رفع، ثُمَّ سجد فأطال السجود، ثُمَّ قام فأطال القيام، ثُمَّ ركع فأطال الركوع، ثُمَّ رفع فأطال القيام، ثُمَّ ركع فأطال الركوع، ثُمَّ رفع فسجد فأطال السجود، ثُمَّ رفع، ثُمَّ سجد فأطال السجود، ثُمَّ انصرف، فَقَالَ: ((قَدْ دنت مني الجنة حَتَّى لَوْ اجترأت عَلَيْهَا لجئتكم بقطاف من قطافها، ودنت مني النار حَتَّى قُلتُ: أي رب، وأنا معهم؟ فإذا امرأة)) - حسبت أَنَّهُ قَالَ: تخدشها هرة - ((قُلتُ: مَا شأن هذه؟ قالوا: حبستها حَتَّى ماتت جوعاً لا هِيَ أطعمتها ولا هِيَ أرسلتها تأكل)) .قَالَ نَافِع: حسبته من خشيش الأرض - أو خشاش.قَالَ الخطابي: خشيش ليس بشيء، إنما هُوَ خشاش - مفتوحة الخاء -، وَهُوَ حشرات الأرض وهوامها، فأما الخشاش - بكسر الخاء -، فهو العود الَّذِي يجعل فِي أنف البعير.
    وفي ((الفائق)) : خشاش الأرض: هوامها. الواحدة: خشاشة، سميت بذلك لاندساسها فِي التراب من خش فِي الشيء إذا دَخَلَ فِيهِ، يخش وخشه غيره فخشه، ومنه الخشاش؛ لأنه يخش فِي أنف البعير، انتهى.وفي هَذَا الحَدِيْث فوائد كثيرة:مِنْهَا: مَا يتعلق بصفة صلاة الكسوف، ويأتي الكلام عَلِيهِ فِي موضعه - إن شاء الله - سبحانه وتعالى -.ومنها: أَنَّهُ يدل عَلَى وجود الجنة والنار، كما هُوَ مذهب أهل السنة والجماعة.ومنها: مَا يدل عَلَى تحريم قتل الحيوان غير المؤذي، لغير مأكله.ومنها: مَا هُوَ مقصوده بإيراد الحَدِيْث فِي هذا الباب: أن المصلي لَهُ النظر فِي صلاته إلى مَا بَيْن يديه، وما كَانَ قريباً، ولا يقدح ذَلِكَ فِي صلاته.ولكن المنظور إليه نوعان:أحدهما: مَا هُوَ من الدنيا الملهية، فهذا يكره النظر إليه فِي الصلاة؛ فإنه يلهي.وقد دل عَلِيهِ حَدِيْث الإنبجانية، وقد سبق. مَا ينظر إليه مِمَّا يكشف من أمور الغيب، فالنظر إليه غير قادح فِي الصلاة؛ لأنه كالفكر فِيهِ بالقلب، ولو فكر فِي الجنة والنار بقلبه فِي صلاته كَانَ حسناً.وقد كَانَ ذَلِكَ حال كثير من السلف، ومنهم من كَانَ يكشف لقلبه عَن بعض ذَلِكَ حَتَّى ينظر إليه بقلبه
    بنور إيمانه، وَهُوَ من كمال مقام الإحسان.وأما النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنه كشف ذَلِكَ لَهُ فرآه عياناً بعين رأسه، هَذَا هُوَ الظاهر، ويحتمل أن يكون جلي ذَلِكَ لقلبه.وقوله: ((أي رب، وأنا معهم)) يشير إلى قوله: {{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}} [الأنفال:33] ، فخشي أن يكون إدناؤها مِنْهُ عذاباً أرسل عَلَى الأمة، فاستفهم عَن ذَلِكَ، وَقَالَ: ((أتعذبهم وأنا معهم؟)) بحذف همزة الاستفهام.وهذا القول، الظاهر: أَنَّهُ كَانَ بقلبه دون لسانه، وكذلك سؤاله عَن المرأة؛ فإن عالم الغيب فِي هذه الدار إنما تدركه الأرواح دون الأجساد - غالباً -، وقد تدرك بالحواس الظاهرة لمن كشف الله لَهُ ذَلِكَ من أنبيائه ورسله، ويحتمل أن يكون قوله:((وأنا فيهم)) بلسانه؛ لأن هَذَا من بَاب الدعاء؛ فإنه إشارة مِنْهُ إلى أَنَّهُ موعود بأنه لا تعذب أمته وَهُوَ فيهم.يدل عَلَى ذَلِكَ: مَا رَوَى عَطَاء بْن السائب، عَن أَبِيه، عَن عَبْد الله بْن عَمْرِو بْن العاص، قَالَ: كسفت الشمس عَلَى عهد رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر الحَدِيْث بطوله، وفيه: فجعل ينفخ فِي آخر سجوده فِي الركعة الثانية، ويبكي، ويقول: ((لَمْ تعدني هَذَا وأنا فيهم، لَمْ تعدني هَذَا ونحن نستغفرك)) - وذكر بقية الحَدِيْث.خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
    وأما سؤاله عَن المرأة فلا يحتمل أن يكون بلسانه. والله أعلم.وفي الجملة؛ فإن كَانَ البخاري ذكر هَذَا الباب للاستدلال بهذا الحَدِيْث عَلَى أن نظر المصلي إلى مَا بَيْن يديه غير قادح فِي صلاته، فَقَدْ ذكرنا أن الحَدِيْث لا دليل فِيهِ عَلَى النظر إلى الدنيا ومتعلقاتها، وإن كَانَ مقصوده الاستدلال بِهِ عَلَى استحباب الفكر للمصلي فِي الآخرة ومتعلقاتها، وجعل نظر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ إلى الجنة بقلبه كَانَ حسناً؛ لأن المصلي مأمور بأن يعبد الله كأنه يراه، فينبغي لَهُ أن يسغرق فكره فِي قربه من الله، وفيما وعد الله أولياءه، وتوعد بِهِ أعداءه، وفي الفكر فِي معاني مَا يتلوه من القرآن.وقد كَانَ السلف الصالح ينجلي الغيب لقلوبهم فِي الصلاة، حَتَّى كأنهم ينظرون إليها رأى عين، فمن كَانَ يغلب عَلِيهِ الخوف والخشية ظهر لقلبه فِي الصلاة صفات الجلال من القهر والبطش والعقاب والانتقام ونحو ذَلِكَ، فيشهد النار ومتعلقاتها وموقف القيامة، كما كَانَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز - صاحب الأوزاعي - يَقُول: مَا دخلت فِي الصلاة قط إلا مثلت لِي جهنم.ومن كَانَ يغلب عَلِيهِ المحبة والرجاء، فإنه مستغرق فِي مطالعة صفات الجلال والكمال والرأفة والرحمة والود واللطف ونحو ذَلِكَ، فيشهد الجنة ومتعلقاتها، وربما شهد يوم المزيد وتقريب المحبين فِيهِ.وقد روي عَن أَبِي ريحانة - وَهُوَ من الصَّحَابَة -، أَنَّهُ صلى ليلة، فما انصرف حَتَّى أصبح، وَقَالَ: مَا زال قلبي يهوى فِي الجنة وما أعد الله فيها
    لأهلها حَتَّى أصبحت.وعن ابن ثوبان - وكان من عباد أهل الشام -، أَنَّهُ صلى ليلة ركعة الوتر، فما انصرف إلى الصبح، وَقَالَ: عرضت لِي روضة من رياض الجنة، فجعلت أنظر إليها حَتَّى أصبحت.يعني: ينظرها بعين قلبه.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:724 ... ورقمه عند البغا:745 ]
    - ح دَّثنا ابنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ أخبَرَنَا نافِعُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثني ابْن أبي مُلَيْكَةَ عَنْ أسْمَاءَ بنتِ أبِي بَكْرٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى صَلاَةَ الكُسُوفِ فقَامَ فأطالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قامَ فأطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثمَّ رفَعَ ثُمَّ سجَدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثمَّ سَجَدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قامَ فأطالَ القِيَامَ ثمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فأطالَ القِيامَ ثُمَّ ركعَ فأطَالَ الركوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انصَرفَ فقالَ قَدْ دَنَتْ منِّي الجَنَّةُ حَتى لَوِ اجْتَرأتُ علَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا ودَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أيْ ربِّ أوَأنَا مَعَهُمْ فَإذَا امْرَأةٌ حَسِبْتُ أنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأنُ هَذِهِ قالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعا لَا أطْعَمَتْهَا وَلَا أرْسَلَتْهَا تَأكُلُ. قَالَ نافِعٌ حَسِبْتُ أنهُ قَالَ مِنْ خَشِيش الارْضِ أوْ خِشَاشِ (الحَدِيث 745 طرفه فِي: 2364) .لم يَقع بَين هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث الَّذِي قبله شَيْء من لَفْظَة: بابُُ، مُجَرّدَة وَلَا بترجمة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَأبي الْوَقْت، وَكَذَا لم يذكر أَبُو نعيم، وَلَا ذكره ابْن بطال فِي (شَرحه) . وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة لَفْظَة: بابُُ، بِلَا تَرْجَمَة، وَكَذَا ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ لَفْظَة: بابُُ، بِلَا تَرْجَمَة. ثمَّ على تَقْدِير عدم وُقُوع شَيْء من ذَلِك بَين الْحَدِيثين يطْلب من وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة، فَقَالَ بَعضهم: فعلى هَذَا مُنَاسبَة الحَدِيث غير ظَاهِرَة للتَّرْجَمَة قلت: ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: (فَقَامَ فَأطَال الْقيام) . لِأَن إطالة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقيام بِحَسب الظَّاهِر كَانَت مُشْتَمِلَة على قِرَاءَة الدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَقد علم أَن الدُّعَاء عقيب الِافْتِتَاح قبل الشُّرُوع فِي الْقِرَاءَة، فَصدق عَلَيْهِ: بابُُ مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، وَهِي مُطَابقَة ظَاهِرَة جدا. وَقد قَالَ الْكرْمَانِي: لما كَانَت قِرَاءَة دُعَاء الِافْتِتَاح مستلزمة لتطويل الْقيام، وَهَذَا فِيهِ تَطْوِيل الْقيام، ذكره هَهُنَا من جِهَة هَذِه الْمُنَاسبَة. قلت: هَذَا غير سديد، لِأَن التَّرْجَمَة: بابُُ مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، وَلَيْسَت فِي تَطْوِيل الْقيام، وَقَالَ بَعضهم: وَأحسن مِنْهُ مَا قَالَه ابْن رشيد: يحْتَمل أَن تكون الْمُنَاسبَة فِي قَوْله: (حَتَّى قلت إِي رب أوأنا مَعَهم؟) لِأَنَّهُ، وَإِن لم يكن فِيهِ دُعَاء فَفِيهِ مُنَاجَاة واستعطاف، فيجمعه مَعَ الَّذِي قبله جَوَاز دُعَاء الله ومناجاته بِكُل مَا فِيهِ خضوع، وَلَا يخْتَص بِمَا ورد فِي الْقُرْآن، خلافًا للحنفية. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام طائح، أما أَولا فَلِأَنَّهُ لَا يدل
    أصلا على الْمَقْصُود على مَا لَا يخفى على من لَهُ ذوق من طعم تراكيب الْكَلَام. وَأما ثَانِيًا فَلِأَن العَبْد يُنَاجِي ربه ويستعطفه وَهُوَ سَاكِت، ومقام الْمُنَاجَاة والاستعطاف يكون بِكُل ذكر يَلِيق لذاته وَصِفَاته. وَالْحَال أَن الله حث عبيده فِي غير مَوضِع من الْقُرْآن، وحث نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غير مَوضِع من حَدِيثه بِذكرِهِ ومدح الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَات، وكل ذَلِك بِاللِّسَانِ، وَهُوَ ترجمان الْقلب. وَمُجَرَّد الخضوع لَا يُغني عَن الذّكر، وَالْحسن فِي الخضوع مَعَ الذّكر. وَأما ثَالِثا فَكيف يَقُول: وَلَا يخْتَص بِمَا ورد فِي الْقُرْآن؟ أفيليق للْعَبد أَن يَقُول فِي صلَاته، وَهِي مَحل الْمُنَاجَاة والخضوع: اللَّهُمَّ اعطني ألف دِينَار مثلا؟ أَو: زَوجنِي امْرَأَة فلانية؟ وَهَذَا يُنَافِي الخضوع والخشوع؟ وَكَيف وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس) الحَدِيث؛ وَأما على تَقْدِير وُقُوع لَفْظَة: بابُُ، بَين الْحَدِيثين فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْفَصْل من الْبابُُ الَّذِي قبله، وَتَكون الْمُنَاسبَة بَينهمَا تعلقا مَا، وَالَّذِي ذكره الْكرْمَانِي هُوَ هَذَا التَّعَلُّق. فَافْهَم.ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم ابْن أبي مَرْيَم الجُمَحِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ. الثَّانِي: نَافِع بن عمر ابْن عبد الله الجُمَحِي الْقرشِي، من أهل مَكَّة، ذكر الطَّبَرِيّ أَنه: مَاتَ بِمَكَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة. الثَّالِث: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي مليكَة. وَأَبُو بكر. وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد، وَاسم أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم: زُهَيْر بن عبد الله التَّيْمِيّ الْأَحول الْمَكِّيّ القَاضِي على عهد ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. الرَّابِع: أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، أم عبد الله بن الزبير، وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا: ذَات النطاقين، أُخْت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، مَاتَت بِمَكَّة سنة ثَلَاث وَسبعين، وَكَانَت بنت مائَة سنة.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين، وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومكي، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن الصحابية.ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: إخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشّرْب عَن سعيد بن أبي مَرْيَم. قلت: أخرجه فِي: بابُُ فضل سقِِي المَاء. حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا نَافِع بن عمر عَن ابْن أبي مليكَة: (عَن أَسمَاء بنت أبي بكر: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف، فَقَالَ: دنت مني النَّار حَتَّى قلت: إِي رب أوأنا مَعَهم؟ فَإِذا امْرَأَة حسبت أَنه قَالَ: تخدشها هرة، قَالَ: مَا شَأْن هَذِه؟ قَالُوا: حبستها حَتَّى مَاتَت جوعا) . انْتهى. فسنده بِعَين سَنَد حَدِيث هَذَا الْبابُُ، إلاّ أَن فِي الْمَتْن اقتصارا وَبَعض اخْتِلَاف. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة: عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب عَن مُوسَى بن دَاوُد. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحرز بن سَلمَة، ثَلَاثَتهمْ عَن نَافِع بن عمر عَن ابْن مليكَة بِهِ.وَصَلَاة الْكُسُوف رويت عَن أَرْبَعَة وَعشْرين نفسا من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وهم: أَسمَاء بنت أبي بكر، أخرجه السِّتَّة خلا التِّرْمِذِيّ فاتفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ من رِوَايَة فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر. وَأخرج أَبُو دَاوُد مِنْهُ فِي الْأَمر بالعتاقة فِي كسوف الشَّمْس، وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه من رِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، وَرَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة صَفِيَّة بنت شيبَة عَن أَسمَاء. وَابْن عَبَّاس: أخرج حَدِيثه مُسلم عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَأَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد وَالتِّرْمِذِيّ عَن بنْدَار وَالنَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس. وَعلي بن أبي طَالب: أخرج حَدِيثه أَحْمد من رِوَايَة حَنش عَنهُ. وَعَائِشَة: أخرج حَدِيثهَا الْأَئِمَّة السِّتَّة فَالْبُخَارِي عَن عبد الله بن مُحَمَّد، وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ، وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر. وَأخرجه خلا التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة يُونُس بن يزِيد، وَرَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وعلقه البُخَارِيّ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن كثير، وسُفْيَان بن حُسَيْن، سنتهمْ عَن الزُّهْرِيّ، وَقد وصل التِّرْمِذِيّ رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن، وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، وَأَبُو دَاوُد من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَن عُرْوَة، وَرَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، وَأَبُو دَاوُد من رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر، وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة. وَعبد الله بن عَمْرو: أخرج حَدِيثه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن عَمْرو، وَله حَدِيث آخر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب
    عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو وَسكت عَلَيْهِ. والنعمان بن بشير: أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان بن بشير. والمغيرة بن شُعْبَة: أخرج حَدِيثه الشَّيْخَانِ من رِوَايَة زِيَاد بن علاقَة. وَأَبُو مَسْعُود: أخرج حَدِيثه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم، قَالَ: سَمِعت أَبَا مَسْعُود ... الحَدِيث. وَأَبُو بكرَة: أخرج حَدِيثه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة الْحسن عَن أبي بكرَة. وَسمرَة بن جُنْدُب: أخرج حَدِيثه أَصْحَاب السّنَن من رِوَايَة ثَعْلَبَة ابْن عباد، بِكَسْر الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة. وَابْن مَسْعُود: أخرج حَدِيثه أَحْمد من طَرِيق ابْن إِسْحَاق. وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أخرج حَدِيثه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر عَن ابْن عمر. وَقبيصَة الْهِلَالِي: أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي قلَابَة عَنهُ. وَجَابِر: أخرج حَدِيثه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة هِشَام الدستوَائي عَن ابي الزبير عَن جَابر. وَأَبُو مُوسَى: أخرج حَدِيثه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة يزِيد ابْن عبد الله. وَعبد الرَّحْمَن، بن سَمُرَة: أخرج حَدِيثه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ. وَأبي بن كَعْب: أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد من رِوَايَة أبي حَفْص الرَّازِيّ. وبلال: أخرج حَدِيثه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) و (الْأَوْسَط) من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى عَن بِلَال. وَحُذَيْفَة: أخرج حَدِيثه الْبَزَّار من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي ليلى. ومحمود بن لبيد: أخرج حَدِيثه أَحْمد من رِوَايَة عَاصِم بن عَمْرو بن قَتَادَة عَنهُ. وَأَبُو الدَّرْدَاء: أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة زِيَاد بن صَخْر عَنهُ. وَأَبُو هُرَيْرَة: أخرج حَدِيثه النَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة. وَأم سُفْيَان: أخرج حَدِيثهَا الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن عَنْهَا. وَعقبَة بن عَامر: أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) بِلَفْظ: (لما توفّي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، كسفت الشَّمْس) الحَدِيث.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (صَلَاة الْكُسُوف) ، روى جمَاعَة أَن الْكُسُوف يكون فِي الشَّمْس وَالْقَمَر، وروى جمَاعَة فيهمَا: بِالْخَاءِ، وروى جمَاعَة: فِي الشَّمْس بِالْكَاف وَفِي الْقَمَر بِالْخَاءِ، وَالْكثير فِي اللُّغَة، وَهُوَ اخْتِيَار الْفراء: أَن يكون الْكُسُوف للشمس والخسوف للقمر. يُقَال: كسفت الشَّمْس، وكسفها الله عز وَجل وانكسفت، وَخسف الْقَمَر وخسفه الله وانخسف. وَذكر ثَعْلَب فِي (الفصيح) : انكسفت الشَّمْس وَخسف الْقَمَر أَجود الْكَلَام. وَفِي (التَّهْذِيب) لأبي مَنْصُور: خسف الْقَمَر وخسفت الشَّمْس: إِذا ذهب ضوؤها. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى: خسف الْقَمَر وكسف وَاحِد: ذهب ضوؤه وَقيل: الْكُسُوف أَن يكسف ببعضهما، والخسوف أَن يخسف بكلهما. قَالَ تَعَالَى: {{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض}} (الْقَصَص: 81) . وَقَالَ ابْن حبيب فِي (شرح الْمُوَطَّأ) : الْكُسُوف تغير اللَّوْن والخسوف انخسافهما، وَكَذَلِكَ تَقول فِي عين الْأَعْوَر: إِذا انخسفت وَغَارَتْ فِي جفن الْعين وَذهب نورها وضوؤها. وَقَالَ الْقَزاز: وكسف الشَّمْس وَالْقَمَر تكسف كسوفا فَهِيَ كاسفة، وكسفت فَهِيَ مكسوفة، وَقوم يَقُولُونَ: انكسفت، وَهُوَ غلط. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: والعامة تَقول: إنكسفت، وَفِي (الْمُحكم) : كسفها الله وأكسفها. وَالْأول أَعلَى. وَالْقَمَر كَالشَّمْسِ. وَقَالَ اليزيدي: كسف الْقَمَر وَهُوَ يخسف خسوفا فَهُوَ خسف وخسيف وخاسف، وانخسف انخسافا. قَالَ: وانخسف أَكثر فِي أَلْسِنَة النَّاس. وَفِي (شرح الفصيح) : كسفت الشَّمْس أَي: اسودت فِي رَأْي الْعين من ستر الْقَمَر إِيَّاهَا عَن الْأَبْصَار، وَبَعْضهمْ يَقُول: كسفت على مَا لم يسم فَاعله، وانكسفت. قَوْله: (ثمَّ انْصَرف) أَي: من الصَّلَاة بعد أَن فرغ مِنْهَا على هَذِه الْهَيْئَة. قَوْله: (دنت) أَي: قربت من الدنو. قَوْله: (لَو اجترأت) من الجراءة، وَهُوَ الجسارة، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يكن مَأْذُونا من عِنْد الله بِأَخْذِهِ. قَوْله: (بقطاف) ، بِكَسْر الْقَاف: قَالَ الْجَوْهَرِي: القطف، بِالْكَسْرِ: العنقود، وبجمعه جَاءَ الْقُرْآن. {{قطوفها}} ، والقطاف، بِالْكَسْرِ وبالفتح: وَقت القطف، بِالْفَتْح. يُقَال: قطفت الْعِنَب قطفا. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: القطف، بِالْكَسْرِ: اسْم لكل مَا يقطف، كالذبح والطحن، وَيجمع على: قطاف وقطوف، وَأكْثر الْمُحدثين يرويهِ بِفَتْح الْقَاف، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْكَسْرِ. قَوْله: (أوَأَنَا مَعَهم؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام بعْدهَا وَاو عاطفة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وبحذف الْهمزَة فِي رِوَايَة كَرِيمَة. وَهِي مقدرَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: عطف: الْوَاو، على مُقَدّر بعد الْهمزَة، يدل عَلَيْهِ السِّيَاق، وَلم يبين ذَلِك وَلَا غَيره الَّذِي أَخذ مِنْهُ، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: (وَأَنا فيهم) . وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَالصَّحِيح: (أوَأنا مَعَهم) قَوْله: (فَإِذا امْرَأَة) كلمة إِذا، للمفاجأة، فتختص بالجمل الإسمية، وَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال، نَحْو: خرجت فَإِذا الْأسد بِالْبابُُِ. قَوْله: (حسبت أَنه قَالَ)
    جملَة مُعْتَرضَة بَين قَوْله: (امْرَأَة) ، وَبَين قَوْله: (تخدشها) أَي: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: حسبت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ، هَكَذَا. فسره الْكرْمَانِي. وَقَالَ غَيره: قَائِل ذَلِك هُوَ نَافِع بن عمر رَاوِي الحَدِيث، وَالضَّمِير فِي: أَنه، لِابْنِ أبي مليكَة، وَذكر أَن الْإِسْمَاعِيلِيّ بَينه كَذَا. (قَوْله: (تخدشها) من الخدش، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره شين مُعْجمَة: وَهُوَ خدش الْجلد وقشره بِعُود أَو نَحوه، وَهُوَ من بابُُ: ضرب يضْرب. قَوْله: (هرة) بِالرَّفْع فَاعل لقَوْله: (تخدشها) . قَوْله: (لَا أطعمتها) أَي: لَا أطعمت المرأةُ الْهِرَّة، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (لَا هِيَ أطعمتها) ، بالضمير الرَّاجِع إِلَى الْمَرْأَة. قَوْله: (تَأْكُل) ، من الْأَحْوَال المنتظرة. قَوْله: (قَالَ نَافِع) وَهُوَ: ابْن عمر رَاوِي الحَدِيث. قَوْله: (حسبت أَنه قَالَ) فَاعل: حسبت، هُوَ نَافِع، وَالضَّمِير فِي: أَنه، يرجع إِلَى ابْن أبي مليكَة. قَوْله: (من خشيش الأَرْض أَو خشَاش الأَرْض) كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالشَّكِّ، و: الخشيش، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة: وَهُوَ حشرات الأَرْض وهوامها، والخشاش، بِكَسْر الْخَاء: هُوَ الحشرات أَيْضا. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: تَأْكُل من خشَاش الأَرْض. وَفِي رِوَايَة: من خشيشها، وَهِي بِمَعْنَاهُ. ويروى بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ: يَابِس النَّبَات، وَهُوَ وهم. وَقيل: إِنَّمَا هُوَ خشيش، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة تَصْغِير: خشَاش، على الْحَذف أَو: خشيش، بِغَيْر حذف. وَقَالَ الْخطابِيّ لَيْسَ بِشَيْء، وَإِنَّمَا هُوَ الخشاش مَفْتُوحَة الْحَاء وَهُوَ: حشرات الأَرْض.ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه الأول: أَن صَلَاة الْكُسُوف أجمع الْعلمَاء على أَنَّهَا سنة وَلَيْسَت بواجبة وَهُوَ الْأَصَح، وَقَالَ بعض مَشَايِخنَا: إِنَّهَا وَاجِبَة لِلْأَمْرِ بهَا، وَنَصّ فِي الْأَسْرَار على وُجُوبهَا. قلت: الْأَمر فِيهَا هُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من هَذِه الأفزاع فافزعوا إِلَى الصَّلَاة) . وثبوتها بِالْكتاب وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {{وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفا}} (الْإِسْرَاء: 59) ، والكسوف آيَة من آيَات الله تَعَالَى يخوف الله بِهِ عباده ليتركوا الْمعاصِي ويرجعوا إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى الَّتِي فِيهَا فوزهم، وبالسنة وَهُوَ مَا ذَكرْنَاهُ، وبالإجماع: فَإِن الْأمة قد اجْتمعت عَلَيْهَا من غير إِنْكَار من أحد.الْوَجْه الثَّانِي: أَن يُصَلِّي بهَا فِي الْمَسْجِد الْجَامِع: أَو فِي مصلى الْعِيد، قَالَه الطَّحَاوِيّ: وَقَالَت الشَّافِعِيَّة والحنابلة: السّنة فِي الْمَسْجِد لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا فِيهِ، وَلِأَن وَقت الْكُسُوف يضيق عَن الْخُرُوج إِلَى الْمصلى.الْوَجْه الثَّالِث: فِي وَقت أَدَائِهَا فَأَما أَولهَا فوقت يجوز فِيهِ أَدَاء النَّافِلَة، وَفِيه خلاف يَأْتِي وَآخِرهَا، فَعَن مَالك: لَا يُصَلِّي بعد الزَّوَال، رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم. وَفِي رِوَايَة ابْن وهب: يُصَلِّي وَإِن زَالَت الشَّمْس، وَعنهُ: لَا يُصَلِّي بعد الْعَصْر، وَمذهب أبي حنيفَة أَن طلعت مكسوفة لَا يُصَلِّي حَتَّى يدْخل وَقت الْجَوَاز، قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه أَقُول خلافًا للشَّافِعِيّ. وَفِي (الْمُحِيط) : لَا يُصَلِّي فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة، وَذكر ابْن عمر فِي الاستذكار، قَالَ اللَّيْث بن سعد: حججْت سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة، وعَلى الْمَوْسِم سُلَيْمَان بن هِشَام، وبمكة شرفها الله عَطاء بن أبي رَبَاح وَابْن شهَاب وَابْن أبي مليكَة وَعِكْرِمَة بن خَالِد وَعَمْرو بن شُعَيْب وَأَيوب بن مُوسَى، وكسفت الشَّمْس بعد الْعَصْر، فَقَامُوا قيَاما يدعونَ الله فِي الْمَسْجِد، فَقلت لأيوب: مَا لَهُم لَا يصلونَ؟ فَقَالَ: النَّهْي قد جَاءَ عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر فَلذَلِك لَا يصلونَ، إِنَّمَا يذكرُونَ حَتَّى تنجلي الشَّمْس، وَهُوَ مَذْهَب الْحسن بن أبي الْحسن وَابْن علية وَالثَّوْري، وَقَالَ إِسْحَاق: يصلونَ بعد الْعَصْر مَا لم تصفر الشَّمْس، وَبعد صَلَاة الصُّبْح، وَلَا يصلونَ فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة، فَلَو كسفت عِنْد الْغُرُوب لم يصل إِجْمَاعًا، وَقَالَ ابْن قدامَة: إِذا كَانَ الْكُسُوف فِي غير وَقت صَلَاة جعل بمَكَان الصَّلَاة شرعا هَذَا ظَاهر الْمَذْهَب، لِأَن النَّافِلَة لَا تفعل أَوْقَات النَّهْي، سَوَاء كَانَ لَهَا سَبَب أَو لم يكن، رُوِيَ ذَلِك عَن الْحسن وَأبي بكر بن مُحَمَّد بن عمر بن حزم وَأبي حنيفَة وَمَالك وَأبي ثَوْر، وَنَصّ عَلَيْهِ أَحْمد، روى قَتَادَة قَالَ: انكسفت الشَّمْس وَنحن بِمَكَّة، شرفها الله تَعَالَى، بعد الْعَصْر فَقَامُوا قيَاما يدعونَ، فَسَأَلت عَطاء عَن ذَلِك، فَقَالَ: هَكَذَا يصنعون. وروى إِسْمَاعِيل بن سعد عَن أَحْمد: أَنهم يصلونها فِي أَوْقَات النَّهْي، قَالَ أَبُو بكر بن عبد الْعَزِيز: وبالأول أَقُول، وَهَذَا أظهر الْقَوْلَيْنِ.الْوَجْه الرَّابِع: فِي صفتهَا، وَهِي كَهَيئَةِ النَّافِلَة عندنَا بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة مثل صَلَاة الْفجْر وَالْجُمُعَة فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد، وَبِه قَالَ النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَابْن أبي ليلى، وَهُوَ مَذْهَب عبد الله بن الزبير، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن ابْن عَبَّاس، وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن ابْن عمر وَأبي بكرَة وَسمرَة بن جُنْدُب وَعبد الله بن عَمْرو، وَقبيصَة الْهِلَالِي والنعمان بن بشير وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، وَعند الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَأبي ثَوْر وعلماء الْحجاز: صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ، فِي كل رَكْعَة
    ركوعان وسجودان، وَعَن أَحْمد وَإِسْحَاق. فِي كل رَكْعَة ثَلَاث ركوعات وَاحْتج الشَّافِعِي وَمن مَعَه بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ على مَا سَيَأْتِي فِي بابُُه إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَحَدِيث: الثَّلَاث ركوعات فِي كل رَكْعَة أخرجه مُسلم عَن عَطاء عَن جَابر، (قَالَ: كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى سِتّ رَكْعَات بِأَرْبَع سَجدَات) . وَذكر فِي (الْخُلَاصَة الغزالية) إِذا انكسفت الشَّمْس فِي وَقت مَكْرُوه أَو غير مَكْرُوه، وَنُودِيَ: الصَّلَاة جَامِعَة، وَصلى الإِمَام بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِد رَكْعَتَيْنِ، وَركع فِي كل رَكْعَة ركوعين وأوائلها أطول من أواخرها، ثمَّ ذكر قِرَاءَة الطوَال الْأَرْبَع فِي أول الْقُرْآن فِي الْقيام الْأَرْبَع، ثمَّ قَالَ: ويسبح فِي الرُّكُوع الأول قدر مائَة آيَة، وَفِي الثَّانِي قدر ثَمَانِينَ، وَفِي الثَّالِث قدر سبعين، وَفِي الرَّابِع قدر خمسين آيَة. وَعند طَاوُوس بن كيسَان وحبِيب ابْن أبي ثَابت وَعبد الْملك بن جريج: صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة أَربع ركوعات وسجدتان، ويحكى هَذَا عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث ابْن عَبَّاس، أخرجه مُسلم عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه صلى فِي كسوف قَرَأَ ثمَّ ركع ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع ثمَّ سجد. قَالَ: وَالْأُخْرَى مثلهَا. وَقَالَ قَتَادَة وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَإِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر: صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة ثَلَاث ركوعات وسجدتان وَعند سعيد بن جُبَير وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي رِوَايَة، وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَبَعض الشَّافِعِيَّة: لَا تَوْقِيت فِي الرُّكُوع فِي صَلَاة الْكُسُوف بل يُطِيل أبدا يرْكَع وَيسْجد إِلَى أَن تنجلي الشَّمْس. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: قَالَ بعض أهل الْعلم: إِنَّمَا ذَلِك على حسب مكث الْكُسُوف، فَمَا طَال مكثه زَاد تَكْرِير الرُّكُوع فِيهِ، وَمَا قصر اقْتصر فِيهِ وَمَا توَسط اقتصد فِيهِ. قَالَ: وَإِلَى هَذَا نحى الْخطابِيّ وَابْن رَاهَوَيْه وَغَيرهمَا، وَقد يعْتَرض عَلَيْهِ بِأَن طولهَا ودوامها لَا يعلم فِي أول الْحَال وَلَا فِي الرَّكْعَة الأولى.وأصحابنا احْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيث عبد الله بن عَمْرو، وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل: عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: (انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وسلمد فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يكد يرْكَع ثمَّ ركع فَلم يكد يرفع ثمَّ رفع فَلم يكد يسْجد ثمَّ سجد فَلم يكد يرفع ثمَّ رفع، وَفعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك) . الحَدِيث. وَبِحَدِيث النُّعْمَان بن بشير، رَوَاهُ أَبُو قلَابَة عَنهُ أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِذا خسفت الشَّمْس وَالْقَمَر فصلوا كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة) . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأحمد وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: على شرطهم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَفظه: (كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجعل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيسْأل عَنْهَا حَتَّى انجلت) . وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُرْسل، أَبُو قلَابَة لم يسمع من النُّعْمَان. قلت: صرح فِي الْكَمَال بِسَمَاعِهِ عَنهُ، وَقَالَ ابْن حزم: أَبُو قلَابَة أدْرك النُّعْمَان وروى هَذَا الْخَبَر عَنهُ، وَصرح ابْن عبد الْبر بِصِحَّة هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: من أحسن حَدِيث ذهب إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ حَدِيث أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان، فَرد كَلَام الْبَيْهَقِيّ، فَإِنَّهُ بِلَا دَلِيل، وَلِأَنَّهُ ناف وَغَيره مُثبت. وَبِحَدِيث قبيصَة الْهِلَالِي: أخرجه أَبُو دَاوُد عَنهُ قَالَ: (كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج فَزعًا يجر رِدَاءَهُ، وَأَنا مَعَه يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فصلى رَكْعَتَيْنِ فَأطَال فِيهَا الْقيام، ثمَّ انْصَرف وانجلت، فَقَالَ: إِنَّمَا هَذِه الْآيَات يخوف الله بهَا فَإِذا رأيتموها فصلوا كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة) . وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا وَالْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن رَوَاهُ سقط بَين أبي قلَابَة وَقبيصَة رجل وَهُوَ: هِلَال بن عَامر، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (الْخُلَاصَة) : وَهَذَا لَا يقْدَح فِي صِحَة الحَدِيث. وَبِحَدِيث أبي بكرَة أخرجه البُخَارِيّ عَن الْحسن عَنهُ، قَالَ: (خسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج يجر رِدَاءَهُ حَتَّى انْتهى إِلَى الْمَسْجِد وثاب النَّاس إِلَيْهِ، فصلى رَكْعَتَيْنِ فانجلت الشَّمْس) . وَسَيَأْتِي هَذَا فِي بابُُه. وَبِحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، أخرجه مُسلم وَفِيه: (فصلى رَكْعَتَيْنِ) .وَقد تكلّف الْخصم فِي الْجَواب عَن هذَيْن الْحَدِيثين لأجل أَنَّهُمَا عَلَيْهِم، فَقَالَ النَّوَوِيّ: قَوْله: (صلى رَكْعَتَيْنِ) ، يَعْنِي فِي كل رَكْعَة قيامان وركوعان. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَنه إِنَّمَا أخبر عَن حكم رَكْعَة وَاحِدَة وَسكت عَن الْأُخْرَى. قلت: فِي هذَيْن الجوابين إِخْرَاج اللَّفْظ عَن ظَاهره بِغَيْر ضَرُورَة، فَلَا يجوز إلاّ بِدَلِيل، وَأَيْضًا فِي لفظ النَّسَائِيّ: (كَمَا تصلونَ) ، وَفِي لفظ ابْن حبَان: (مثل صَلَاتكُمْ) . وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: أَكثر الْآثَار فِي هَذَا الْبابُُ مُوَافقَة لمَذْهَب أبي حنيفَة، وَمن مَعَه، وَهُوَ النّظر عندنَا، لأَنا رَأينَا سَائِر الصَّلَوَات
    من المكتوبات والتطوع مَعَ كل رَكْعَة سَجْدَتَانِ، فالنظر على ذَلِك أَن تكون صَلَاة الْكُسُوف كَذَلِك، وَقَالَ ابْن حزم: الْعَمَل بِمَا صَحَّ ورأي أهل بَلَده، قد يجوز أَن يكون ذَلِك اخْتِلَاف إِبَاحَة وتوسعة غير سنة قلت: الصَّوَاب أَن لَا يُقَال: اخْتلفُوا فِي صَلَاة الْكُسُوف، بل تحيروا؛ فَكل وَاحِد مِنْهُم تعلق بِحَدِيث وَرَآهُ أولى من غَيره بِحَسب مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فِي صِحَّته، فَأَبُو حنيفَة تعلق بِأَحَادِيث من ذَكَرْنَاهُمْ من الصَّحَابَة لموافقتها الْقيَاس فِي أَبْوَاب الصَّلَاة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي، وَأَبُو الطّيب وَغَيرهمَا: تحمل أحاديثنا على الِاسْتِحْبابُُ، وأحاديثهم على الْجَوَاز. وَقَالَ السرُوجِي: قُلْنَا: لم يفعل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ إلاّ مرّة وَاحِدَة، فَإِذا حصل هَذَا الِاضْطِرَاب الْكثير من رُكُوع وَاحِد إِلَى عشر ركوعات يعْمل بِمَا لَهُ أصل فِي الشَّرْع. انْتهى. قلت: فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ فعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْكُسُوف غير مرّة، وَفِي غير سنة، فروى كل وَاحِد مَا شَاهده من صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَضَبطه من فعله، وَذكر النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : أَن عِنْد الشَّافِعِيَّة لَا تجوز الزِّيَادَة على ركوعين، وَبِه قطع جمهورهم قَالَ: وَهُوَ ظَاهر نصوصه قلت: الزِّيَادَة من الْعدْل مَقْبُولَة عِنْدهم، وَقد صحت الزِّيَادَة على الركوعين وَلم يعملوا بهَا فَكل، جَوَاب لَهُم عَن الزِّيَادَة على الركوعين فَهُوَ جَوَاب لنا عَمَّا زَاد على رُكُوع وَاحِد. وَقَالَ السَّرخسِيّ: وَتَأْويل الركوعين فَمَا زَاد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طوَّل الرُّكُوع فِيهَا، فَإِنَّهُ عرضت عَلَيْهِ الْجنَّة وَالنَّار، فمل بعض الْقَوْم وظنوا أَنه رفع رَأسه فَرفعُوا رؤوسهم وَمن خلف الصَّفّ الأول ظنُّوا أَنه ركع ركوعين، فَرَوَوْه على حسب مَا وَقع عِنْدهم قلت: وَفِيه نظر لَا يخفى، وَقيل: رفع رَأسه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ليختبر حَال الشَّمْس هَل انجلت أم لَا؟ وَهَكَذَا فعل فِي كل رُكُوع، وَفِيه نظر أَيْضا.الْوَجْه الْخَامِس: فِي صفة الْقِرَاءَة فِيهَا. فمذهب أبي حنيفَة أَن الْقِرَاءَة تُخفى فِيهَا، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) : إِن مَذْهَبنَا وَمذهب مَالك وَأبي حنيفَة وَاللَّيْث بن سعد وَجُمْهُور الْفُقَهَاء أَنه يسر فِي كسوف الشَّمْس ويجهر فِي خُسُوف الْقَمَر، وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَأحمد وَإِسْحَاق: يجْهر فيهمَا. وَحكى الرَّافِعِيّ عَن الصيدلاني مثله، وَقَالَ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ: الْجَهْر والإسرار سَوَاء، وَمَا حَكَاهُ الثَّوْريّ عَن مَالك هُوَ الْمَشْهُور بِخِلَاف مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَقد حكى ابْن الْمُنْذر عَن مَالك الْإِسْرَار، كَقَوْل الشَّافِعِي، وَكَذَا روى ابْن عبد الْبر فِي (الاستذكار) ، وَقَالَ الْمَازرِيّ: إِن مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن مَالك من الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ رِوَايَة شَاذَّة مَا وقفت عَلَيْهَا فِي غير كِتَابَة، قَالَ: وَذكرهَا ابْن شعْبَان عَن الْوَاقِدِيّ عَن مَالك، وَقَالَ القَاضِي عِيَاض فِي (الْإِكْمَال) والقرطبي فِي (الْمُفْهم) : إِن معن بن عِيسَى والواقدي رويا عَن مَالك الْجَهْر، قَالَا: ومشهور قَول مَالك الْإِسْرَار فِيهَا، وَأما مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الشَّافِعِي من الْإِسْرَار فَهُوَ الْمَعْرُوف عَنهُ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْبُوَيْطِيّ والمزني. وَحكى الرَّافِعِيّ أَن أَبَا سُلَيْمَان الْخطابِيّ ذكر أَن الَّذِي يَجِيء على مَذْهَب الشَّافِعِي: الْجَهْر فيهمَا، وَتَابعه النَّوَوِيّ فِي (الرَّوْضَة) على نَقله ذَلِك، وَتعقبه فِي (شرح الْمُهَذّب) فَقَالَ: إِن مَا نَقله عَن الْخطابِيّ لم أره فِي كتاب لَهُ. وَتعقب صَاحب (الْمُهِمَّات) أَيْضا الرَّافِعِيّ بِأَن الَّذِي نَقله الْخطابِيّ فِي (معالم السّنَن) : الْإِسْرَار. وَقَالَ شَارِح التِّرْمِذِيّ: مَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْخطابِيّ مَوْجُود عَنهُ، وَقد ذكره فِي كِتَابه (أَعْلَام الْجَامِع الصَّحِيح) فَقَالَ، بعد أَن حكى عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأهل الرَّأْي: ترك الْجَهْر لحَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فحزرنا قِرَاءَته، فَلَو جهر لما احْتَاجَ إِلَى: الحزر. قَالَ: والجهر أشبه بِمذهب الشَّافِعِي، لِأَن عَائِشَة تثبت الْجَهْر. قَالَ: وَيجوز أَن ابْن عَبَّاس وقف فِي آخر الصَّفّ فَلم يسمع. وَاحْتج الطَّحَاوِيّ لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمن مَعَهُمَا فِي الْإِسْرَار بِحَدِيث ابْن عَبَّاس. أخرجه فِي (مَعَاني الْآثَار) أَنه قَالَ: مَا سَمِعت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْكُسُوف حرفا. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى فِي (مسانيدهم) وَأَبُو نعيم فِي (الْحِلْية) وَبِحَدِيث سَمُرَة ابْن جُنْدُب، قَالَ: (صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْكُسُوف وَلَا نسْمع لَهُ صَوتا) . وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ مطولا، ثمَّ احْتج لأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَمن مَعَهُمَا فِي الْجَهْر بِحَدِيث عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... . إِلَى آخِره، ثمَّ قَالَ: يجوز أَن يكون ابْن عَبَّاس وَسمرَة لم يسمعا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلَاته حرفا، وَقد جهر فِيهَا، لبعدهما عَنهُ، فَهَذَا لَا يَنْفِي الْجَهْر. وَقَالَ أَيْضا: النّظر فِي ذَلِك أَن يكون حكمهَا كَحكم صَلَاة الاسْتِسْقَاء عِنْد من يَرَاهَا وَصَلَاة الْعِيدَيْنِ، لِأَن ذَلِك هُوَ الْمَفْعُول فِي خَاص من الْأَيَّام، فَكَذَلِك هَذَا. قلت: ظهر من كَلَامه أَنه مَعَ أبي يُوسُف وَمُحَمّد؟قلت: اخْتلفت الْأَحَادِيث فِي الْجَهْر والإسرار فِي صَلَاة الْكُسُوف، فَعِنْدَ مُسلم من حَدِيث عَائِشَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جهر فِي صَلَاة الْكُسُوف، وَقَالَهُ البُخَارِيّ فِي صَلَاة الْكُسُوف، وَعند أبي دَاوُد من رِوَايَة
    الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ، فَذكره بِلَفْظ: (قَرَأَ قِرَاءَة طَوِيلَة فجهر بهَا) ، يَعْنِي: فِي صَلَاة الْكُسُوف، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ، بِلَفْظ: (صلى صَلَاة الْكُسُوف وجهر بهَا فِي الْقِرَاءَة) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَعند أَصْحَاب السّنَن من حَدِيث سَمُرَة وَابْن عَبَّاس كَمَا ذكرنَا: أَنَّهُمَا لم يسمعا حرفا، وَلَا شكّ أَن حَدِيث عَائِشَة أصرح بالجهر فِيهَا، وحديثها مُتَّفق عَلَيْهِ، وَقد أجَاب عَنهُ الْقَائِلُونَ بالإسرار بجوابين: أَحدهمَا: مَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) : بِأَن هَذَا عِنْد أَصْحَابنَا، وَالْجُمْهُور مَحْمُول على كسوف الْقَمَر. وَالثَّانِي: مَا قَالَه ابْن عبد الْبر فِي (الاستذكار) من الْإِشَارَة إِلَى تَضْعِيف الحَدِيث قلت: يرد الْجَواب الأول مَا رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَائِشَة: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم فِي كسوف الشَّمْس وجهر بِالْقِرَاءَةِ) . رَوَاهُ الْخطابِيّ فِي (أَعْلَام الْجَامِع الصَّحِيح) من طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه. وَأما تَضْعِيف ابْن عبد الْبر الحَدِيث فَكَأَنَّهُ من جِهَة سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ، فَإِن أَحْمد قَالَ: لَيْسَ بذلك فِي حَدِيثه عَن الزُّهْرِيّ، وَعَن يحيى: ثِقَة فِي غير الزُّهْرِيّ لَا يدْفع قلت: قَالَ يَعْقُوب ابْن شيبَة: صَدُوق ثِقَة، روى لَهُ مُسلم فِي مُقَدّمَة كِتَابه، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، وروى لَهُ عَن الْأَرْبَعَة وَمَعَ ذَلِك فقد تَابعه على ذَلِك عَن الزُّهْرِيّ عبد الرَّحْمَن بن نمر وَسليمَان بن كثير، وَإِن كَانَا ليني الحَدِيث، وَقَالَ شَارِح التِّرْمِذِيّ: وعَلى هَذَا فالمختار الْجَهْر، فَلذَلِك قَالَ الْخطابِيّ: إِنَّه أشبه بِمذهب الشَّافِعِي لقَوْله: إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي. وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث عَائِشَة فِي الْجَهْر أصح من حَدِيث سَمُرَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي (الخلافيات) : لكنه لَيْسَ بأصح من حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي قَالَ فِيهِ نَحوا من قِرَاءَة سُورَة الْبَقَرَة. قَالَ الشَّافِعِي: فِيهِ دَلِيل على أَنه لم يسمع مَا قَرَأَ لِأَنَّهُ لَو سَمعه لم يقدره بِغَيْرِهِ، فَإِن قيل: قَالَ الشَّافِعِي: وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: قُمْت إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خُسُوف الشَّمْس فَمَا سَمِعت مِنْهُ حرفا؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا يَصح هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، لِأَن فِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة، وَفِي آخر الوافدي، وَفِي آخر الحكم بن أبان.الْوَجْه السَّادِس: فِي صَلَاة خُسُوف الْقَمَر: قَالَ أَصْحَابنَا: لَيْسَ فِي خُسُوف الْقَمَر جمَاعَة، وَقيل: الْجَمَاعَة جَائِزَة عندنَا لَكِنَّهَا لَيست بِسنة لتعذر اجْتِمَاع النَّاس بِاللَّيْلِ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي كل وَاحِد مُنْفَردا، وَعند مَالك: لَا صَلَاة فِيهِ، وَعند الشَّافِعِي: يُصَلِّي للخسوف كَمَا يُصَلِّي للكسوف بِجَمَاعَة وركوعين وبالجهر بِالْقِرَاءَةِ وبخطبتين بَينهمَا جلْسَة، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق إلاّ فِي الْخطْبَة. وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة وَمَالك بإن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع لكسوف الشَّمْس، وَلما خسف الْقَمَر فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع فِيمَا ذكره ابْن الْجَوْزِيّ وَغَيره لم يجمع فِيهِ. وَقَالَ مَالك: لم يبلغنَا وَلَا أهل بلدنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع لخسوف الْقَمَر، وَلَا نقل عَن أحد من الْأَئِمَّة بعده أَنه جمع فِيهِ، وَذكر ابْن قدامَة أَن أَكثر أهل الْعلم على مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة لخسوف الْقَمَر، فعله ابْن عَبَّاس، وَبِه قَالَ عَطاء وَالْحسن وَأَبُو ثَوْر، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَجَمَاعَة الْمُحدثين وَعمر بن عبد الْعَزِيز مستدلين بقوله: (إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فصلوا) . وروى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث إِسْحَاق بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وَيقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بالعنكبوت أَو: الرّوم، وَفِي الثَّانِيَة: بيس) . وَفِي حَدِيث قبيصَة مَرْفُوعا: (إِذا انكسفت الشَّمْس أَو الْقَمَر فصلوا) . وروى الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد جيد من حَدِيث حبيب بن ثَابت عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر ثَمَان رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات) . وَبَوَّبَ البُخَارِيّ: بابُُ الصَّلَاة فِي كسوف الْقَمَر، على مَا يَجِيء بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.فَائِدَة: اخْتلفت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْكُسُوف من الِاقْتِصَار على ركوعين، كَمَا فِي حَدِيث أبي بكرَة وَغَيره، وَثَلَاث ركوعات فِي كل رَكْعَة كَمَا فِي حَدِيث جَابر، وَأَرْبع ركوعات فِي رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة وَغَيره، وست ركوعات فِي رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي حَدِيث جَابر وَغَيره وثمان ركوعات فِي رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي حَدِيث أبي بن كَعْب، وَخَمْسَة عشر رَكْعَة فِي ثَلَاث ركوعات، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) عَن أبي بن كَعْب.وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور: أَن الْجنَّة وَالنَّار مخلوقتان الْيَوْم، وَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة. وَفِيه: أَن تَعْذِيب الْحَيَوَان غير جَائِز، وَأَن الْمَظْلُوم من الْحَيَوَان يُسَلط يَوْم الْقِيَامَة على ظالمه. وَفِيه: معْجزَة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

    حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ ‏"‏ قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَىْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ ـ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ ـ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لاَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ ‏"‏‏.‏ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ ‏"‏ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خُشَاشِ الأَرْضِ ‏"‏‏.‏

    Narrated Asma' bint Abi Bakr:The Prophet (ﷺ) once offered the eclipse prayer. He stood for a long time and then did a prolonged bowing. He stood up straight again and kept on standing for a long time, then bowed a long bowing and then stood up straight and then prostrated a prolonged prostration and then lifted his head and prostrated a prolonged prostration. And then he stood up for a long time and then did a prolonged bowing and then stood up straight again and kept on standing for a long time. Then he bowed a long bowing and then stood up straight and then prostrated a prolonged prostration and then lifted his head and went for a prolonged prostration. On completion o the prayer, he said, "Paradise became s near to me that if I had dared, I would have plucked one of its bunches for you and Hell became so near to me that said, 'O my Lord will I be among those people?' Then suddenly I saw a woman and a cat was lacerating her with it claws. On inquiring, it was said that the woman had imprisoned the cat till it died of starvation and she neither fed it no freed it so that it could feed itself

    Bab. Telah menceritakan kepada kami [Ibnu Abu Maryam] berkata, telah mengabarkan kepada kami [Nafi' bin 'Umar] berkata, telah menceritakan kepadaku [Ibnu Abu Mulaikah] dari [Asma' binti Abu Bakar Ash Shiddiiq] bahwa Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pernah mengerjakan shalat gerhana, maka Beliau berdiri dan dipanjangkan (lama) berdirinya, kemudian rukuk maka dipanjangkannya rukuk, kemudian berdiri lagi dan dipanjangkan berdirinya, kemudian rukuk maka dipanjangkannya rukuk, kemudian bangkit (dari rukuk), kemudian sujud dan memanjangkan sujudnya, kemudian mengangkat (kepala dari sujud), kemudian sujud dan memanjangkan sujudnya, kemudian berdiri lagi dan memanjangkan berdirinya, kemudian rukuk maka dipanjangkannya rukuk, kemudian berdiri (bangkit dari rukuk) dan dipanjangkan berdirinya, kemudian rukuk maka dipanjangkannya rukuk, kemudian bangkit (dari rukuk), kemudian sujud maka dipanjangkannya sujud, kemudian mengangkat (kepala dari sujud), lalu sujud dan dipanjangkannya sujud, selesai salam beliau bersabda: "Telah didekatkan surga kepadaku hingga seandainya aku dibenarkan (berani) untuk mengambilnya tentu aku akan bawakan kepada kalian kurma dari kurma-kurma didalamnya. Dan didekatkan juga neraka kepadaku hingga aku berkata, 'Wahai Rabb, aku bersama mereka. Tiba-tiba aku melihat seorang wanita'. Aku (Nafi') menduga beliau mengatakan, "Dicakar-cakar oleh seekor kucing. Aku bertanya, 'Apa yang menyebabkan demikian? Mereka menjawab, 'Wanita tersebut menahan kucing tersebut hingga mati karena kelaparan karena dia tidak memberinya makan atau membiarkan kucing tersebut pergi mencari makan.' Nafi' berkata, "Aku menduga beliau mengatakan, "Mencari makan dari serangga di permukaan tanah

    Esma binti Ebu Bekir (r.anha) şunları nakletmiştir: "Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem bir güneş tutulması namazı kıldırmıştı. Kıyama durdu ve kıyamı epey uzattı. Sonra rüku etti ve rükuda oldukça uzun kaldı. Sonra doğruldu ve bu şekilde yine uzunca bir süre bekledi. Sonra yeniden rüku etti ve bu rükuda da epey bekleyip doğruldu. Sonra secdeye gitti ve secdede uzun bir süre bekleyip doğruldu. Sonra yeniden secde etti ve secdeyi oldukça uzun tuttu. Sonra kalktı ve kıyamda uzun bir süre bekledi. Sonra rüku etti ve rükuda oldukça uzun kaldı. Sonra doğruldu ve bu şekilde yine uzunca bir süre bekledi. "Sonra yeniden rüku etti ve bu rükuda da epey bekleyip doğruldu. Sonra secde­ye gitti ve secdede uzun bir süre bekleyip doğruldu. Sonra yeniden secde etti ve secdeyi oldukça uzun tuttu. Sonra namazdan çıktı ve şöyle buyurdu: "Cennet bana öylesine yaklaştırıldı ki ona doğru gidebiiseydim oradaki meyve dalların­dan devşirip sîze getirebilirdim. Ardından cehennem bana yaklaştırıldı ve ben: 'Ey Allahım ben onlarla beraberken mi cehennemi yaklaştırıyorsun?' dedim. O sırada bir kadın gördüm. Bu kadını bir kedi tırmalayıp duruyordu. 'Bu kadının hali ne böyle?' diye sorduğumda bana: 'Gördüğün o kadın bu zavallı kediciği hapsetmişti; ne karnını doyuruyor ne de kendi yakaladıklarıyla beslenebilmesi için salıveriyordu. Sonunda bu kedi açlıktan öldü' dediler. Tekrar:

    ہم سے سعید بن ابی مریم نے بیان کیا، کہا کہ ہمیں نافع بن عمر نے خبر دی، کہا کہ مجھ سے ابن ابی ملیکہ نے اسماء بنت ابی بکر سے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے سورج گہن کی نماز پڑھی۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم جب کھڑے ہوئے تو دیر تک کھڑے رہے پھر رکوع میں گئے تو دیر تک رکوع میں رہے۔ پھر رکوع سے سر اٹھایا تو دیر تک کھڑے ہی رہے۔ پھر ( دوبارہ ) رکوع میں گئے اور دیر تک رکوع کی حالت میں رہے اور پھر سر اٹھایا، پھر سجدہ کیا اور دیر تک سجدہ میں رہے۔ پھر سر اٹھایا اور پھر سجدہ کیا اور دیر تک سجدہ میں رہے پھر کھڑے ہوئے اور دیر تک کھڑے ہی رہے۔ پھر رکوع کیا اور دیر تک رکوع میں رہے۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے سر اٹھایا اور دیر تک کھڑے رہے۔ پھر ( دوبارہ ) رکوع کیا اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم دیر تک رکوع کی حالت میں رہے۔ پھر سر اٹھایا۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم سجدہ میں چلے گئے اور دیر تک سجدہ میں رہے۔ جب نماز سے فارغ ہوئے تو فرمایا کہ جنت مجھ سے اتنی نزدیک ہو گئی تھی کہ اگر میں چاہتا تو اس کے خوشوں میں سے کوئی خوشہ تم کو توڑ کر لا دیتا اور مجھ سے دوزخ بھی اتنی قریب ہو گئی تھی کہ میں بول پڑا کہ میرے مالک میں تو اس میں سے نہیں ہوں؟ میں نے وہاں ایک عورت کو دیکھا۔ نافع بیان کرتے ہیں کہ مجھے خیال ہے کہ ابن ابی ملیکہ نے بتلایا کہ اس عورت کو ایک بلی نوچ رہی تھی، میں نے پوچھا کہ اس کی کیا وجہ ہے؟ جواب ملا کہ اس عورت نے اس بلی کو باندھے رکھا تھا تاآنکہ بھوک کی وجہ سے وہ مر گئی، نہ تو اس نے اسے کھانا دیا اور نہ چھوڑا کہ وہ خود کہیں سے کھا لیتی۔ نافع نے بیان کیا کہ میرا خیال ہے کہ ابن ابی ملیکہ نے یوں کہا کہ نہ چھوڑا کہ وہ زمین کے کیڑے وغیرہ کھا لیتی۔

    আসমা বিনত আবূ বাকর (রাযি.) হতে বর্ণিত যে, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম একবার সালাতুল কুসূফ (সূর্য গ্রহণের সালাত) আদায় করলেন। তিনি সালাতে দীর্ঘক্ষণ দাঁড়িয়ে থাকলেন। অতঃপর রুকূ‘তে গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ থাকলেন। অতঃপর দাঁড়ালেন এবং দীর্ঘক্ষণ দাঁড়িয়ে থাকলেন। অতঃপর আবা রুকূ‘তে গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ রুকূ‘তে থাকলেন। অতঃপর উঠলেন, পরে সিজদা্য় গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ সিজদা্য় রইলেন। আবার সিজদা্য় গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ সিজদা্য় থাকলেন। অতঃপর আবার দাঁড়ালেন এবং দীর্ঘক্ষণ দাঁড়িয়ে থাকলেন। আবার রুকূ‘তে গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ রকূ‘তে থাকলেন। অতঃপর রুকূ‘ হতে উঠে আবার দীর্ঘক্ষণ দাঁড়িয়ে থাকলেন এবং আবার রুকূ‘তে থাকলেন। অতঃপর রুকূ‘ হতে উঠে আবার দীর্ঘক্ষণ দাঁড়িয়ে থাকলেন এবং আবার রুকূ‘তে গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ থাকলেন। অতঃপর রুকূ‘ হতে উঠে সিজদা্য় গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ সিজদা্য় থাকলেন। অতঃপর উঠে সিজদা্য় গেলেন এবং দীর্ঘক্ষণ সিজদা্য় থাকলেন। অতঃপর সালাত শেষ করে ফিরে বললেনঃ জান্নাত আমার খুবই নিকটে এসে গিয়েছিল এমনকি আমি যদি চেষ্টা করতাম তাহলে জান্নাতের একগুচ্ছ আঙ্গুর তোমাদের এনে দিতে পারতাম। আর জাহান্নামও আমার একেবারে নিকটবর্তী হয়ে গিয়েছিল। এমনকি আমি বলে উঠলাম, ইয়া রব! আমিও কি তাদের সাথে? আমি একজন স্ত্রী লোককে দেখতে পেলাম। আবূ হুরাইরাহ্ (রাযি.) বলেন, আমার মনে হয়, তিনি বলেছিলেন, একটি বিড়াল তাকে খামচাচ্ছে। আমি জিজ্ঞেস করলাম, এ স্ত্রী লোকটির এমন অবস্থা কেন? মালাকগণ জবাব দিলেন, সে একটি বিড়ালকে আটকিয়ে রেখেছিল, ফলে বিড়ালটি অনাহারে মারা যায়। উক্ত স্ত্রী লোকটি তাকে খেতেও দেয়নি এবং তাকে ছেড়েও দেয়নি, যাতে সে আহার করতে পারে। নাফি‘ (রহ.) বলেন, আমার মনে হয়, ইবনু আবূ মুলায়কাহ (রাযি.) বর্ণনা করেছিলেন, যাতে সে যমীনের পোকা মাকড় খেতে পারে। (২৩৬৪) (আধুনিক প্রকাশনীঃ৭০১, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அஸ்மா பின்த் அபீபக்ர் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் சூரிய கிரகணத் தொழுகையைத் தொழு(வித்)தார்கள். அப்போது நீண்ட நேரம் நிலையில் நின்றார்கள். பின்னர் குனிந்து நீண்ட நேரம் ருகூஉ செய்தார்கள். பின்னர் (ருகூஉ வி-ருந்து நிமிர்ந்து) நீண்ட நேரம் நின்றார்கள். பின்னர் (மற்றொரு) ருகூஉ செய்தார்கள். அந்த ருகூஉவையும் நீண்ட நேரம் செய்தார்கள். பிறகு (ருகூஉவி-ருந்து) நிமிர்ந்துவிட்டுப் பிறகு (சஜ்தா விற்குச் சென்று) நீண்ட நேரம் சஜ்தா (சிரவணக்கம்) செய்தார்கள். பின்பு (முதல் சஜ்தாவி-ருந்து தலையை) உயர்த்திவிட்டுப் பிறகு (மற்றொரு) சஜ்தா செய்தார்கள். அந்த சஜ்தாவையும் நீண்ட நேரம் செய்தார்கள். பிறகு (இரண்டாவது ரக்அத்திற்காக) எழுந்து நீண்ட நேரம் நிலையில் நின்றார்கள். பின்னர் குனிந்து நீண்ட நேரம் ருகூஉ செய்தார்கள். பின்னர் (ருகூவி-ருந்து தலையை) உயர்த்தி நீண்ட நேரம் நிலையில் நின்றார்கள். பிறகு குனிந்து நீண்ட நேரம் (மறுபடியும்) ருகூஉ செய்தார்கள். பிறகு (ருகூவி-ருந்து தலையை) உயர்த்தி சஜ்தா செய்தார்கள். அந்த சஜ்தாவையும் நீண்ட நேரம் செய்தார்கள். பின்னர் (தலையை) உயர்த்திவிட்டு (மற்றொரு) சஜ்தா செய்தார்கள். அந்த சஜ்தாவையும் நீண்ட நேரம் செய்தார்கள். பின்னர் தொழுகையை முடித்துவிட்டு அவர்கள் கூறினார்கள்: (நான் தொழுதுகொண்டிருந்தபோது) சொர்க்கம் என்னை நெருங்கி வந்தது; எனக்குச் சக்தியிருந்திருக்குமானால் அதன் பழக்குலைகளில் ஒன்றை நான் (பறித்து) உங்களிடம் தந்திருப்பேன். நரகமும் என்னை நெருங்கி வந்தது. எந்த அளவுக்கென்றால், “இறைவா! நானும் இ(ந்த நரகத்தி-ருப்ப)வர்களுடன் இருக்கப் போகிறேனா?” என்று நான் (மருண்டு போய்க்)கேட்டேன். அ(ந்த நரகத்)தில் ஒரு பெண் இருந்தாள். அந்தப் பெண்ணைப் பூனை ஒன்று பிறாண்டிக்கொண்டிருந்தது. “இவளுக்கு என்ன நேர்ந்தது (ஏன் இவள் இவ்வாறு வேதனை செய்யப்படுகிறாள்)?” என்று நான் கேட்டேன். அதற்கு அ(ங்கி ருந்த வான)வர்கள், “இந்தப் பூனையை, அது பசியால் துடித்துச் சாகும்வரை இந்தப் பெண் அடைத்துவைத்திருந்தாள். அதற்கு, தானும் உணவளிக்கவில்லை; அது பூமி யிலுள்ள புழு பூச்சிகளைத் தின்று (பிழைத்துக்)கொள்ளட்டும் என்று அதை அவள் அவிழ்த்துவிடவுமில்லை” என்று பதிலளித்தனர்.41 அத்தியாயம் :