• 900
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : الإِمَامُ العَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ "

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : الإِمَامُ العَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ

    ففاضت: فاضت عيناه : سال دمعها
    سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا
    حديث رقم: 6141 في صحيح البخاري كتاب الرقاق باب البكاء من خشية الله
    حديث رقم: 1368 في صحيح البخاري كتاب الزكاة باب الصدقة باليمين
    حديث رقم: 6453 في صحيح البخاري كتاب الحدود باب فضل من ترك الفواحش
    حديث رقم: 1774 في صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ بَابُ فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ
    حديث رقم: 2421 في جامع الترمذي أبواب الزهد باب ما جاء في الحب في الله
    حديث رقم: 5331 في السنن الصغرى للنسائي كتاب آداب القضاة الإمام العادل
    حديث رقم: 1740 في موطأ مالك كتابُ الشَّعَرِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ
    حديث رقم: 358 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ فَضْلِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَذِكْرِ دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لِمُنْتَظِرِ
    حديث رقم: 9473 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 4563 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ
    حديث رقم: 7462 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْخِصَالِ الَّتِي يُرْتَجَى لِمَنْ فَعَلَهَا ، أَوْ أَخَذَ بِهَا أَنْ
    حديث رقم: 5749 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْقَضَاءِ ثَوَابُ الْإِصَابَةِ فِي الْحُكْمِ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ لِمَنْ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ
    حديث رقم: 11372 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الرَّقَائِقِ بابُ الرَّقَائِقِ
    حديث رقم: 6437 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 9306 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ مَسْعَدَةُ
    حديث رقم: 7381 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ السِّرِّ
    حديث رقم: 4648 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 15508 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ بَابُ فَضْلِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ
    حديث رقم: 18778 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابُ فَضْلِ مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ , فَقَامَ فِيهِ بِالْقِسْطِ
    حديث رقم: 370 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ
    حديث رقم: 2575 في مسند الطيالسي مَا أَسْنَدَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ
    حديث رقم: 1324 في الزهد و الرقائق لابن المبارك ما رواه المروزي بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
    حديث رقم: 5649 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأُمَرَاءِ بَيَانُ ثَوَابِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ الْمُقْسِطِ
    حديث رقم: 82 في مسند عبدالله بن المبارك مسند عبدالله بن المبارك الصلاة
    حديث رقم: 136 في اعتلال القلوب للخرائطي اعتلال القلوب للخرائطي بَابُ مَنْ عَفَّ فِي عِشْقِهِ عَنْ مُوَاقَعَةِ الْحَرَامِ وَرَاقَبَ اللَّهَ تَعَالَى
    حديث رقم: 43 في الأربعون حديثاً للآجري الأربعون حديثاً للآجري
    حديث رقم: 24 في معجم أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي حَرْفُ الْأَلِفِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ ، الْمَعْرُوفُ بِالشُّلَاثَائِيِّ
    حديث رقم: 226 في الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين بَابٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ كِتَابِي كِتَابِ الْبُكَاءِ وَفَضْلِ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ
    حديث رقم: 40 في الأربعون الصغرى للبيهقي الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى
    حديث رقم: 5114 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 5115 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 5116 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [660] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَخُبَيْبٌ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ خَالُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْهُ وَحَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ هُوَ بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَدُّ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ لِأَبِيهِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ خُبَيْبٍ فَقَالَ عَن أبي سعيد أَو أبي هُرَيْرَةَ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَجَعَلَهُ عَنْهُمَا وَتَابَعَهُ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَشَذَّا فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ حَفِظَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ خَالِهِ وَجَدِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ سَبْعَةٌ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْمَذْكُورِينَ بِالثَّوَابِ الْمَذْكُورِ وَوَجَّهَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ الطَّاعَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرب أَو بَينه وَبَين الْخلق فَالْأولى بِاللِّسَانِ وَهُوَ الذِّكْرُ أَوْ بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ النَّاشِئُ فِي الْعِبَادَةِ وَالثَّانِي عَامٌّ وَهُوَ الْعَادِلُ أَوْ خَاصٌّ بِالْقَلْبِ وَهُوَ التَّحَابُّ أَوْ بِالْمَالِ وَهُوَ الصَّدَقَةُ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ الْعِفَّةُ وَقَدْ نَظَمَ السَّبْعَةَ الْعَلَّامَةُ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا أَنَشَدَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ إِذْنًا عَنْ أَبِي الْهُدَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شَامَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمَاعًا مِنْ لَفْظِهِ قَالَ.
    وَقَالَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِظِلِّهِ مُحِبٌّ عَفِيفٌ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالْإِمَامُ بِعَدْلِهِوَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ مَرْفُوعًا مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَهَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ غَيْرُ السَّبْعَةِ الْمَاضِيَة فَدلَّ على أَن الْعدَد الْمَذْكُورَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ أَلْقَيْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْعَالِمِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ عَطَاءٍ الرَّازِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْهَرَوِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْقَاهِرَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ يَحْفَظُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ فَسَأَلْتُهُ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ الْمُؤَيَّدِ عَنْ هَذَا وَعَنْ غَيْرِهِ فَمَا اسْتَحْضَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ تَتَبَّعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَزَادَتْ عَلَى عَشْرِ خِصَالٍ وَقَدِ انْتَقَيْتُ مِنْهَا سَبْعَةً وَرَدَتْ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ وَنَظَمْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ تَذْيِيلًا عَلَى بَيْتَيْ أَبِي شَامَةَ وَهُمَا وَزِدْ سَبْعَةً إِظْلَالَ غَازٍ وَعَوْنَهُ وَإِنْظَارَ ذِي عُسْرٍ وَتَخْفِيفَ حِمْلِهِ وَإِرْفَادَ ذِي غُرْمٍ وَعَوْنَ مُكَاتَبٍ وَتَاجِرَ صِدْقٍ فِي الْمَقَالِ وَفِعْلِهِ فَأَمَّا إِظْلَالُ الْغَازِي فَرَوَاهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَمَّا عَوْنُ الْمُجَاهِد فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَمَّا إِنْظَارُ الْمُعْسِرِ وَالْوَضِيعَةُ عَنْهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا إِرْفَادُ الْغَارِمِ وَعَوْنُ الْمُكَاتِبِ فَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا التَّاجِرُ الصَّدُوقُ فَرَوَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّيْمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَنَظَمْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقُلْتُ فِي السَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ وَتَحْسِينَ خُلْقٍ مَعْ إِعَانَةِ غَارِمٍ خَفِيفَ يَدٍ حَتَّى مُكَاتِبَ أَهْلِهِ وَحَدِيثُ تَحْسِينِ الْخُلُقِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ ثُمَّ تَتَبَّعْتُ ذَلِكَ فَجَمَعْتُ سَبْعَةً أُخْرَى وَنَظَمْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ آخَرَيْنِ وَهُمَا وَزِدْ سَبْعَةً حُزْنٌ وَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ وَكُرْهُ وُضُوءٍ ثُمَّ مُطْعِمُ فَضْلِهِ وَآخِذُ حَقٍّ بَاذِلٍ ثُمَّ كَافِلٍ وَتَاجِرُ صِدْقٍ فِي الْمَقَالِ وَفِعْلِهِ ثُمَّ تَتَبَّعْتُ ذَلِكَ فَجَمَعْتُ سَبْعَةً أُخْرَى وَلَكِنَّ أَحَادِيثَهَا ضَعِيفَةٌ وَقُلْتُ فِي آخِرِ الْبَيْتِ تُرَبَّعُ بِهِ السَّبْعَاتُ مِنْ فَيْضِ فَضْلِهِ وَقَدْ أَوْرَدْتُ الْجَمِيعَ فِي الْأَمَالِي وَقَدْ أَفْرَدْتُهُ فِي جُزْءٍ سَمَّيْتُهُ مَعْرِفَةَ الْخِصَالِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الظِّلَالِ قَوْلُهُ فِي ظِلِّهِ قَالَ عِيَاضٌ إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ مِلْكُهُ كَذَا قَالَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ لِيَحْصُلَ امْتِيَازُ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظِلِّهِ كَرَامَتُهُ وَحِمَايَتُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ الْمَلِكِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ظِلَّ الْعَرْشِ اسْتَلْزَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بن الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ ظِلُّ طُوبَى أَوْ ظِلُّ الْجَنَّةِ لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يحصل لَهُم بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى امْتِيَازِ أَصْحَابِ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ فَيُرَجَّحُ أَنَّ الْمُرَادَ ظِلُّ الْعَرْشِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ قَوْلُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْعَدْلِ وَذكر بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ بِلَفْظِ الْعَدْلِ قَالَ وَهُوَ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى نَفْسَهُ عَدْلًا وَالْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى وَيَلْتَحِقُ بِهِكُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رَفَعَهُ أَنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا وَأَحْسَنُ مَا فُسِّرَ بِهِ الْعَادِلُ أَنَّهُ الَّذِي يَتَّبِعُ أَمْرَ اللَّهِ بِوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ لِعُمُومِ النَّفْعِ بِهِ قَوْلُهُ وَشَابٌّ خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى قَوْلُهُ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَهُمَا بِمَعْنًى زَادَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ أَفْنَى شَبَابَهُ وَنَشَاطَهُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ قَوْلُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ هَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنَ التَّعْلِيقِ كَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْقِنْدِيلِ مَثَلًا إِشَارَةً إِلَى طُولِ الْمُلَازَمَةِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ كَانَ جَسَدُهُ خَارِجًا عَنْهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْجَوْزَقِيِّ كَأَنَّمَا قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَلَاقَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحُبِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ وَكَذَا رِوَايَةُ سَلْمَانَ مِنْ حُبِّهَا وَزَادَ الْحَمَوِيُّ وَالْمُسْتَمْلِي مُتَعَلِّقٌ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ زَادَ سَلْمَانُ مِنْ حُبِّهَا وَزَادَ مَالِكٌ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْخَصْلَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلرُّكْنِ الثَّانِي مِنَ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ فَضْلُ الْمَسَاجِدِ ظَاهِرَةٌ وَلِلْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمُلَازَمَةِ لِلْمَسْجِدِ وَاسْتِمْرَارِ الْكَوْنِ فِيهِ بِالْقَلْبِ وَإِنْ عَرَضَ لِلْجَسَدِ عَارِضٌ قَوْلُهُ تَحَابَّا بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَأَصْلُهُ تَحَابَبَا أَيِ اشْتَرَكَا فِي جِنْسِ الْمَحَبَّةِ وَأَحَبَّ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ حَقِيقَةً لَا إِظْهَارًا فَقَطْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَرَجُلَانِ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ فَصَدَرَا عَلَى ذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ قَوْلُهُ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى الْحُبِّ الْمَذْكُورِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا دَامَا عَلَى الْمَحَبَّةِ الدِّينِيَّةِ وَلَمْ يَقْطَعَاهَا بِعَارِضٍ دُنْيَوِيٍّ سَوَاءٌ اجْتَمَعَا حَقِيقَةً أَمْ لَا حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ وَوَقَعَ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ اجْتَمَعَا عَلَى خَيْرٍ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا مِنَ الْمُسْتَخْرَجَاتِ وَهِيَ عِنْدِي تَحْرِيفٌ تَنْبِيهٌ عُدَّتْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ وَاحِدَةً مَعَ أَنَّ مُتَعَاطِيهَا اثْنَانِ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِاثْنَيْنِ أَوْ لَمَّا كَانَ الْمُتَحَابَّانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَانَ عَدُّ أَحَدِهِمَا مُغْنِيًا عَنْ عَدِّ الْآخَرِ لِأَنَّ الْغَرَضَ عَدُّ الْخِصَالِ لَا عَدُّ جَمِيعِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا قَوْلُهُ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ ذَاتُ مَنْصِبٍ بَيَّنَ الْمَحْذُوفَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَقَالَ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَلِمُسْلِمٍ وَهُوَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْحُدُود عَن بن الْمُبَارَكِ وَالْمُرَادُ بِالْمَنْصِبِ الْأَصْلُ أَوِ الشَّرَفُ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ دَعَتْهُ ذَاتُ حَسَبٍ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْأَصْلِ وَعَلَى الْمَالِ أَيْضًا وَقَدْ وَصَفَهَا بِأَكْمَلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِمَزِيدِ الرَّغْبَةِ لِمَنْ تَحْصُلُ فِيهِ وَهُوَ الْمَنْصِبُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُهُ الْجَاهُ وَالْمَالُ مَعَ الْجَمَالِ وَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ ذَلِك فِيهَا من النِّسَاء زَاد بن الْمُبَارَكِ إِلَى نَفْسِهَا وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَى الْفَاحِشَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ دَعَتْهُ إِلَى التَّزَوُّجِ بِهَا فَخَافَ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنِ الْعِبَادَةِ بِالِافْتِتَانِ بِهَا أَوْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ بِحَقِّهَا لِشُغْلِهِ بِالْعِبَادَةِ عَنِ التَّكَسُّبِ بِمَا يَلِيقُ بِهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ وُجُودُ الْكِنَايَةِ فِي قَوْلِهِ إِلَى نَفْسِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ التَّزْوِيجُ لَصَرَّحَ بِهِ وَالصَّبْرُ عَنِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَكْمَلِ الْمَرَاتِبِ لِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي مِثْلِهَا وَعُسْرِ تَحْصِيلِهَا لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَغْنَتْ مِنْ مَشَاقِّ التَّوَصُّلِ إِلَيْهَا بِمُرَاوَدَةٍ وَنَحْوِهَا قَوْلُهُ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ إِمَّالِيَزْجُرَهَا عَنِ الْفَاحِشَةِ أَوْ لِيَعْتَذِرَ إِلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَهُ بِقَلْبِهِ قَالَ عِيَاضٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا يَصْدُرُ ذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ خَوْفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَتِينِ تَقْوَى وَحَيَاءٍ قَوْلُهُ تَصَدَّقَ أَخْفَى بِلَفْظِ الْمَاضِي قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هُوَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ تَصَدَّقَ فَأَخْفَى وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ فِي الزَّكَاةِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رَاوِيَ الْأُولَى حَذَفَ الْعَاطِفَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ تَصَدَّقَ إِخْفَاءً بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أَوْ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ أَيْ مُخْفِيًا وَقَوْلُهُ بِصَدَقَةٍ نَكَّرَهَا لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَةَ وَالْمَفْرُوضَةَ لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِظْهَارَ الْمَفْرُوضَةِ أَوْلَى مِنْ إِخْفَائِهَا قَوْلُهُ حَتَّى لَا تَعْلَمَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا قَوْلُهُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَقْلُوبًا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث أغفله بن الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ أَفْرَدَ نَوْعَ الْمَقْلُوبِ لَكِنَّهُ قَصَرَهُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ وَمَثَّلَ لَهُ بِحَدِيث أَن بن أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ.
    وَقَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ الْمَعْكُوسَ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَسْمِيَتُهُ مَقْلُوبًا فَيَكُونُ الْمَقْلُوبُ تَارَةً فِي الْإِسْنَادِ وَتَارَةً فِي الْمَتْنِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُدْرَجِ سَوَاءً وَقَدْ سَمَّاهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مَقْلُوبًا قَالَ عِيَاضٌ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَقْلُوبٌ أَوِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الصَّدَقَةِ إِعْطَاؤُهَا بِالْيَمِينِ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمَّا أَوْرَدَهَا عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ لَبَيَّنَهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ انْتَهَى وَلَيْسَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْهُ بَلْ هُوَ مِنْ شَيْخِهِ أَوْ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أخرجه عَن زُهَيْر بن حَرْب وبن نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى وَأَشْعَرَ سِيَاقُهُ بِأَنَّ اللَّفْظَ لِزُهَيْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زُهَيْرٍ وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنْ أَبِي حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ كَذَلِكَ وَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ يَقُولُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَنَا وَاهِمٌ فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ قُلْتُ وَالْجَزْمُ بِكَوْنِ يَحْيَى هُوَ الْوَاهِمُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَفِي الزَّكَاةِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَحَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَكُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى وَكَأَنَّ أَبَا حَامِدٍ لَمَّا رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَدْ تَابَعَ زُهَيْرًا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ يَحْيَى وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ هَذَيْنِ خَاصَّةً مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ مِنْهُمَا تَوَارَدَا عَلَيْهِ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَوْجِيهَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَقْلُوبَةِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌّ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ شَيْخِ يَحْيَى فِيهِ وَلَا عَلَى شَيْخِهِ خُبَيْبٍ وَلَا عَلَى مَالِكٍ رَفِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ عِيَاضٍ عَلَى أَنَّ الْوَهْمَ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَدْ عَكَسَهُ غَيْرُهُ فَوَاخَذَ مُسْلِمًا بِقَوْلِهِ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَوْنِهِمَا لَيْسَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُسْلِمًا لَا يَقْصُرُ لَفْظَ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَاوِي فِي جَمِيعِ اللَّفْظِ وَالتَّرْتِيبِ بَلْ هُوَ فِي الْمُعْظَمِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنَّمَا هُوَ إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَلَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مَالِكٍ مِنَ التَّرَدُّدِ هَلْ هُوَ عَنْهُ أَوْ عَنْ أبيسَعِيدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلُ وَلَمْ نَجِدْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ حَفْصٍ وَلَا عَنْ حَفْصٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ خُبَيْبٍ نَعَمْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ سُهَيْلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَتْرُوكٍ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَوَافَقَ فِي قَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَكِنْ حُكْمُهُ الرَّفْعُ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ يَا رَبِّ هَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْجِبَالِ قَالَ نَعَمْ الْحَدِيدُ قَالَتْ فَهَلْ أَشَدُّ مِنَ الْحَدِيدِ قَالَ نَعَمْ النَّارُ قَالَتْ فَهَلْ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ قَالَ نَعَمْ الْمَاءُ قَالَتْ فَهَلْ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ قَالَ نَعَمْ الرِّيحُ قَالَتْ فَهَلْ أَشَدُّ من الرّيح قَالَ نعم بن آدَمَ يَتَصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَيُخْفِيهَا عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُبَالَغَةُ فِي إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ بِحَيْثُ إنَّ شِمَالَهُ مَعَ قُرْبِهَا مِنْ يَمِينِهِ وَتَلَازُمِهِمَا لَوْ تَصَوَّرَ أَنَّهَا تَعْلَمُ لَمَا عَلِمَتْ مَا فَعَلَتِ الْيَمِينُ لِشِدَّةِ إِخْفَائِهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْجَوْزَقِيِّ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ كَأَنَّمَا أَخْفَى يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ وَالتَّقْدِيرِ حَتَّى لَا يَعْلَمَ مَلَكُ شِمَالِهِ وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِشِمَالِهِ نَفْسُهُ وَأَنَّهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ إِلَى أَنَّ نَفْسَهُ لَا تَعْلَمُ مَا تُنْفِقُ نَفْسُهُ وَقِيلَ هُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ وَالْمُرَادُ بِشِمَالِهِ مَنْ عَلَى شِمَالِهِ مِنَ النَّاسِ كَأَنَّهُ قَالَ مُجَاوِرُ شِمَالِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُرَائِي بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَكْتُبُهَا كَاتِبُ الشِّمَالِ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الضَّعِيفِ الْمُكْتَسِبِ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ لِتَرْوِيجِ سِلْعَتِهِ أَوْ رَفْعِ قِيمَتِهَا وَاسْتَحْسَنَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُرَادُ الْحَدِيثِ خَاصَّةً وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ الصَّدَقَةِ الْمَخْفِيَّةِ فَمُسلم وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ ذَكَرَ اللَّهَ أَيْ بِقَلْبِهِ من التَّذَكُّر أَو بِلِسَانِهِ من الذّكر وخاليا أَيْ مِنَ الْخُلُوِّ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَبْعَدَ مِنَ الرِّيَاءِ وَالْمُرَادُ خَالِيًا مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَلَوْ كَانَ فِي مَلَأٍ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيِّ ذُكِرَ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُؤَيِّدُ الأول رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ أَيْ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ وَهِيَ أَصَحُّ قَوْلُهُ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ أَيْ فَاضَتِ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ وَأُسْنِدَ الْفَيْضُ إِلَى الْعَيْنِ مُبَالَغَةً كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فَاضَتْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفَيْضُ الْعَيْنِ بِحَسَبِ حَالِ الذَّاكِرِ وَبِحَسَبِ مَا يُكْشَفُ لَهُ فَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَلَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَمَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْهِ قُلْتُ قَدْ خُصَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْأَوَّلِ فَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْجَوْزَقِيِّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يُصِيبَ الْأَرْضَ مِنْ دُمُوعِهِ لَمْ يُعَذَّبْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ ذِكْرُ الرِّجَالِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَشْتَرِكُ النِّسَاءُ مَعَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَإِلَّا فَيُمْكِنُ دُخُولُ الْمَرْأَةِ حَيْثُ تَكُونُ ذَاتَ عِيَالٍ فَتَعْدِلُ فِيهِمْ وَتَخْرُجُ خَصْلَةُ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْمُشَارَكَةُ حَاصِلَةٌ لَهُنَّ حَتَّى الرَّجُلُ الَّذِي دَعَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي امْرَأَةٍ دَعَاهَا مَلِكٌ جَمِيلٌ مَثَلًا فَامْتَنَعَتْ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ حَاجَتِهَا أَوْ شَابٌّ جَمِيلٌ دَعَاهُ مَلِكٌ إِلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ مَثَلًا فَخَشِيَ أَنْ يَرْتَكِبَ مِنْهُ الْفَاحِشَةَ فَامْتَنَعَ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ الثَّانِي اسْتَوْعَبْتُ شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا شَرَطْتُ لِأَنَّ أَلْيَقَ الْمَوَاضِعِ بِهِ كِتَابُ الرِّقَاقِ وَقَدِ اخْتَصَرَهَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ أَوْرَدَهُ فِيهِ وَسَاقَهُ تَامًّا فِي الزَّكَاةِ وَالْحُدُودِ فَاسْتَوْفَيْتُهُ هُنَا لِأَنَّ لِلْأَوَّلِيَّةِ وَجْهًا مِنَ الْأَوْلَوِيَّةِ

    [660] حدثنا مُحَمَّد بْن بشار: ثنا يَحْيَى، عَن عُبَيْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنِي خبيب ابن عَبْد الرحمان، عَن حفص بْن عاصم، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((سبعة يظلهم الله فِي ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ فِي عُبَادَة ربه عز وجل، ورجل قلبه متعلق فِي المساجد، ورجلان تحابا فِي الله اجتمعا عَلَى ذَلِكَ وتفرقا عَلِيهِ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فَقَالَ: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حَتَّى لا تعلم شماله مَا تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) .هذه السبعة اختلفت أعمالهم فِي الصورة، وجمعها معنى واحد، وَهُوَ مجاهدتهم لأنفسهم، ومخالفتهم لأهوائها، وذلك يحتاج أولاً إلى رياضة شديدة وصبر عَلَى الامتناع مِمَّا يدعو إليه داعي الشهوة أو الغضب أو الطمع، وفي تجشم ذَلِكَ مشقة شديدة عَلَى النفس، ويحصل لها بِهِ تألم عظيم، فإن القلب يكاد يحترق من حر نار الشهوة أو الغضب عِنْدَ هيجانها إذا لَمْ يطفء ببلوغ الغرض من ذَلِكَ، فلا جرم كَانَ ثواب الصبر عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذا اشتد الحر فِي الموقف، ولم يكن للناس ظل يظلهم ويقيهم حر الشمس يومئذ، وكان هؤلاء السبعة فِي ظل الله - عز وجل -، فَلَمْ يجدوا لحر الموقف ألماً جزاءً لصبرهم عَلَى حر نار الشهوة أو الغضب فِي الدنيا. وأول هذه السبعة: الإمام العادل. وَهُوَ أقرب النَّاس من الله يوم القيامة، وَهُوَ عَلَى منبر من نور عَلَى يمين الرحمن - عز وجل -، وذلك جزاء لمخالفته الهوى، وصبره عَن تنفيذ مَا تدعوه إليه شهواته وطمعه وغضبه، مَعَ قدرته عَلَى بلوغ غرضه من ذَلِكَ؛ فإن الإمام العادل دعته الدنيا كلها إلى نفسها، فقالَ: إني أخاف الله رب العالمين. وهذا أنفع الخلق لعباد الله، فإنه إذا صلح صلحت الرعية كلها. وقد روي أَنَّهُ ظل الله فِي الأرض؛ لأن الخلق كلهم يستظلون بظله، فإذا عدل فيهم أظله الله فِي ظله. والثاني: الشاب الَّذِي نشأ فِي عُبَادَة الله - عز وجل -. فإن الشباب شعبةمن الجنون، وَهُوَ داع للنفس إلى استيفاء الغرض من شهوات الدنيا ولذاتها المحظورة، فمن سلم مِنْهُ فَقَدْ سلم. وفي الحَدِيْث: ((عجب ربك من شاب ليست لَهُ صبوة)) . وفي بعض الآثار: يَقُول الله: ((أيها الشاب التارك شهوته، المتبذل شبابه من أجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي)) . والثالث: الرَّجُلُ المعلق قلبه بالمساجد. وفي رِوَايَة: ((إذا خرج مِنْهُ حَتَّى يعود إِلَيْهِ)) ، فهو يحب المسجد ويألفه لعبادة الله فِيهِ، فإذا خرج مِنْهُ تعلق قلبه بِهِ حَتَّى يرجع إِلَيْهِ، وهذا إنما يحصل لمن ملك نفسه وقادها إلى طاعة الله فانقادت لَهُ؛ فإن الهوى إنما يدعو إلى محبة مواضع الهوى واللعب، إما المباح أو المحظور، ومواضع التجارة واكتساب الأموال، فلا يقصر نفسه عَلَى محبة بقاع العبادة إلا من خالف هواه، وقدم عَلِيهِ محبة مولاه. وقد مدح عمار المساجد فِي قوله: {{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ - رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ - لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}} [النور: 36 - 38] . وفي ((المسند)) و ((سنن ابن ماجه)) من حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((لا توطن رَجُل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله بِهِ كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم)) .وروى ابن لهيعة، عَن دراج، عَن أَبِي الهيثم، عَن أَبِي سَعِيد، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((من ألف المسجد ألفه الله)) . ويروى عَن سَعِيد بْن المُسَيِّب، قَالَ: من جلس فِي المسجد فإنما يجالس ربه - عز وجل -. الرابع: المتحابان فِي الله - عز وجل -. فإن الهوى داع إلى التحاب فِي غير الله؛ لما فِي ذَلِكَ من طوع النفس أغراضها من الدنيا، فالمتحابان فِي الله جاهدا أنفسهما فِي مخالفة الهوى حَتَّى صار تحابهما وتوادهما فِي الله من غير غرض دنيوي يشوبه، وهذا عزيز جداً. ولن يتحابا فِي الله حَتَّى يجتمعا فِي الدنيا فِي ظل الله المعنوي، وَهُوَ تأليف قلوبهما عَلَى طاعة الله، وإيثار مرضاته وطلب مَا عنده، فلهذا اجتمعا يوم القيامة فِي ظل الله الحسي. وقوله: ((اجتمعا عَلَى ذَلِكَ وتفرقا عَلِيهِ)) يحتمل أَنَّهُ يريد: أنهما اجتمعا عَلَى التحاب فِي الله حَتَّى فرق بَيْنَهُمَا الموت فِي الدنيا أو غيبة أحدههما عَن الآخر، ويحتمل أَنَّهُ أراد أنهما اجتمعا عَلَى التحاب فِي الله، فإن تغير أحدهما عما كَانَ عَلِيهِ مِمَّا توجب محبته فِي الله فارقه الآخر بسبب ذَلِكَ، فيدور تحاببهما عَلَى طاعة الله وجوداً وعدماً. قَالَ بعض السلف: إذا كَانَ لَكَ أخ تحبه فِي الله، فأحدث حدثاً فَلَمْ تبغضه فِي الله لَمْ تكن محبتك لله - أو هَذَا المعنى. الخامس: رَجُل دعته أمرأة ذات منصب وجمال. ويعني بالمنصب:النسب والشرف والرفعة فِي الدنيا، فإذا اجتمع ذَلِكَ مَعَ الجمال فَقَدْ كمل الأمر وقويت الرغبة، فإن كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ هِيَ الطالبة الداعية إلي نفسها، كَانَ أعظم وأعظم، فإن الامتناع بعد ذَلِكَ كله دليل عَلَى تقديم خوف الله عَلَى هوى النفس، وصاحبه داخل فِي قوله تعالى: {{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}} [النازعات: 40] ، وهذا كما جرى ليوسف عَلِيهِ السلام. قَالَ عُبَيْدِ بْن عمير: من صدق الإيمان وبره إسباغ الوضوء فِي المكاره، ومن صدق الإيمان وبره أن يخلو الرَّجُلُ بالمرأة الجميلة فيدعها، لا يدعها إلا لله عز وجل. ومثل هَذَا؛ إذا قَالَ: ((إني أخاف الله)) فهو صادق فِي قوله؛ لأن علمه مصدق لقوله، وقوله لها: ((إني أخاف الله)) موعظة لها، فربما تنْزجر عَن طلبها، وترجع عَن غيها. وقد وقع ذَلِكَ لغير واحدٍ، وفيه حكايات مذكروة فِي كِتَاب ((ذم الهوى)) وغيره. السادس: رَجُل تصدق بصدقة فاجتهد فِي إخفائها غاية الاجتهاد حَتَّى لَمْ يعلم بِهِ إلا الله. وضرب المثال لذلك عَلَى طريق المبالغة: ((حَتَّى لا تعلم شماله مَا تنفق يمينه)) . وهذا دليل عَلَى قوة الإيمان والاكتفاء باطلاع الله عَلَى العبد وعلمه بِهِ، وفيه مخالفة للهوى ومجاهدة للنفس؛ فإنها تحب إظهار الصدقة، والتمدح بِهَا عِنْدَ الخلق، فيحتاج فِي إخفاء الصدقة إلى قوة شديدةٍ تخالف هوى النفس.وخرج الإمام أحمد والترمذي من حَدِيْث أَنَس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عَلَيْهَا فاستقرت، فعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالوا: يَا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قَالَ: نَعَمْ، الحديد. قالوا: يَا رب، فهل شيء من خلقك أشد من الحديد؟ قَالَ: نَعَمْ، النار، قالوا: يارب، فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قَالَ: نَعَمْ، الماء. قالوا: يارب، فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قَالَ: نَعَمْ، الريح. قالوا: يارب، فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قَالَ: نَعَمْ، ابن آدم؛ يتصدق بيمينه يخفيها من شماله)) . السابع: رَجُل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه. فهذا رَجُل يخشى الله فِي سره، ويراقبه فِي خلوته، وافضلُ الأعمال خشية الله فِي السر والعلانية، وخشية الله فِي السر إنما تصدر عَن قوة إيمان ومجاهدةٍ للنفس والهوى، فإن الهوى يدعو فِي الخلوة إلى المعاصي، ولهذا قيل: إن من أعز الأشياء الورع فِي الخلوة. وذكر الله يشمل ذكر عظمته وبطشه وانتقامه وعقابه؛ والبكاء الناشيء عَن هَذَا هُوَ بكاء الخوف، ويشمل ذكر جماله وكماله وبره ولطفه وكرامته لأوليائه بأنواع البر والألطاف، لا سيما برؤيته فِي الجنة، والبكاء الناشيء عَن هَذَا هُوَ بكاء الشوق. ويدخل فِي - أيضاً -: رَجُل ذكر أن الله مَعَهُ حيثما كَانَ، فتذكر معيته وقربه واطلاعه عَلِيهِ حيث كَانَ يبكي حياء مِنْهُ، وَهُوَ من نوع الخوف - أيضاً.وخرج الطبراني بإسناد فِيهِ ضعف، عَن أَبِي أمامة مرفوعاً: ((ثَلاَثَة فِي ظل الله يوم لا ظل إلا ظله: رَجُل حيث توجه علم أن الله مَعَهُ)) . وهذا الحَدِيْث يدل عَلَى أن هؤلاء السبعة يظلهم الله فِي ظله، ولا يدل عَلَى الحصر، ولا عَلَى أن غيرهم لا يحصل لَهُ ذَلِكَ؛ فإنه صح عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أن من أنظر معسراً أو وضع عَنْهُ أظله الله فِي ظله يوم لا ظل إلا ظله)) . خرجه مُسْلِم من من حَدِيْث أَبِي اليسر الأنصاري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه - من حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((من نفس عَن غريمه، أو محا عَنْهُ كَانَ فِي ظل العرش يوم القيامة)) . وهذا يدل عَلَى أن المراد بظل الله: ظل عرشه. الحَدِيْث الثالث:


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:640 ... ورقمه عند البغا: 660 ]
    - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. [الحديث 660 - أطرافه في: 1423، 6479، 6806].وبه قال (حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة ولابن عساكر ابن بشار بندار وهو لقب محمد (قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بالتصغير، العمري (قال:حدّثني) بالإفراد (خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وموحدتين، أولاهما مفتوحة
    بينهما مثناة تحتية، الأنصاري المدني (عن حفص بن عاصم) هو ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو جدّ عبيد الله المذكور، لأبيه، كما أنّ خبيبًا خاله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:):(سبعة) من الناس، (يظلهم الله في ظله) أي ظل عرشه (يوم لا ظل) في القيامة ودنو الشمس من الخلق (إلاّ ظله) أحدهم. (الأمام) الأعظم (العادل) التابع لأوامر الله، فيضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط، وقدّم على تاليه لعموم نفعه، ويلتحق به من ولي شيئًا من أمور المسلمين فعدل فيه، لحديث: إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا.(و) الثاني من السبعة (شاب نشأ في عبادة ربه) لأن عبادته أشق لغلبة شهوته وكثرة الدواعي لطاعة الهوى، فلازمة العبادة حينئذٍ أشدّ وأدلّ على غلبة التقوى، وفي الحديث يعجب ربك من شاب ليست له صبوة.(و) الثالث: (رجل قلبه معلق) بفتح اللام كالقنديل (في المساجد) من شدة حبه لها، وإن كان جسده خارجًا عنها، وكُنِّيَ به عن انتظار أوقات الصلوات، فلا يصلّي صلاة في المسجد ويخرج منه إلا وهو ينتظر أخرى ليصلّيها فيه فهو ملازم للمسجد بقلبه وإن عرض لجسده عارض، وبهذا تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة.ولأبي ذر عن المستملي والحموي: متعلق بزيادة مثناة فوقية بعد الميم مع كسر اللام.(و) الرابع: (رجلان تحابا في الله) أي لأجله لا لغرض دنيوي (اجتمعا عليه) سواء كان اجتماعهما بأجسادهما حقيقة أم لا، وللحموي والمستملي: اجتمعا على ذلك أي: على الحب في الله.كالضمير في قوله (وتفرّقا عليه) أي استمرا على محبتهما لأجله تعالى حتى فرّق بينهما الموت، ولم يقطعاها لعارض دنيوي، وتحابا بتشديد الموحدة. وأصله، تحاببا. فلما اجتمع المثلان أسكن الأوّل منهما وأدغم في الثاني، وليس التفاعل هنا كهو، أي: أظهر الجهل من نفسه، والمحبة من نفسه. بل المراد التلبس بالحب كقوله: باعدته فتباعد. فهو عبارة عن معنى حصل عن فعل متعدّ.وقع في رواية حماد بن زيد: ورجلان قال كل منهما للآخر: إني أحبك في الله فصدرا على ذلك. (و) الخامس: (رجل طلبته ذات) وفي رواية كريمة طلبته امرأة ذات (منصب) بكسر الصاد المهملة، أصل أو شرف أو مال (وجمال) حسن للزنا (فقال) بلسانه زجرًا لها عن الفاحشة، أو بقلبه زجرًا لنفسه: (اني أخاف الله). زاد في رواية كريمة ربّ العالمين والصبر على الموصوفة، بما ذكر من الأصل والشرف والمال والجمال المرغوب فيها عادة، لعزّة ما جمع فيها من أكمل المراتب وأكملالمناصب، لا سيما وقد أغنت عن مشاق التوصّل إليها بمراودة ونحوها، وهي رتبة صدّيقية، ووراثة نبوية.(و) السادس: (رجل تصدّق) تطوعًا حال كونه قد (أخفى) الصدقة، ولأحمد: تصدق فأخفى. وللمؤلّف، في الزكاة، كمالك: فأخفاها. فحمل على أن راوي الأوّل حذف العاطف.وللأصيلي: تصدّق. إخفاء بكسر الهمزة والمدّ أي صدقة إخفاء. فنصب بمصدر محذوف، أو حالاً من الفاعل، أي مخفيًّا. قال البدر على تأويل المصدر باسم الفاعل جعل كأنه نفس الإخفاء مبالغة (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) جملة في موضع نصب بتعلم ذكرت للمبالغة في إخفاء الصدقة والإسرار بها. وضرب المثل بهما لقربهما وملازمتهما. أي لو قدّر أن الشمال رجل متيقظ لما علم صدقة اليمين للمبالغة في الإخفاء فهو من مجاز التشبيه أو من مجاز الحذف، أي حتى لا يعلم ملك شماله أو حتى لا يعلم من على شماله من الناس، أو هو من باب تسمية الكل بالجزء، فالمراد بشماله نفسه، أي أن نفسه لا تعلم ما تنفق يمينه.ووقع في مسلم: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ولا يخفى أن الصواب ما في البخاري، لأن السُّنَّة المعهودة إعطاء الصدقة باليمين لا بالشمال، والوهم فيه من أحد رواته، وفي تعيينه خلاف. وهذا يسميه أهل الصناعة: المقلوب. ويكون في المتن والإسناد.(و) السابع: (رجل ذكر الله) بلسانه أو بقلبه حال كونه (خاليًا) من الخلق لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء، أو خاليًا من الالتفات إلى غير المذكور تعالى، وإن كان
    في ملأ ويدل له رواية البيهقي بلفظ: ذكر الله بين يديه (ففاضت عيناه) من الدمع لرقة قلبه وشدة خوفه من جلاله أو مزيد شوقه إلى جماله. والفيض انصباب عن امتلاء، فوضع موضع الإمتلاء للمبالغة، أو جعلت العين من فرط البكاء كأنها تفيض بنفسها.وذكر الرجال في قوله: ورجل لا مفهوم له، فتدخل النساء؟ نعم. لا يدخلن في الإمامة العظمى، ولا في خصلة ملازمة المسجد، لأن صلاتهنّ في بيتهنّ أفضل، لكن يمكن في الإمامة حيث يكن ذوات عيال فيعدلن، ولا يقال لا يدخلن في خصلة من دعته امرأة لأنًّا نقول: إنه يتصور في امرأة دعاها ملك جميل مثلاً للزنا، فامتنعت خوفًا من الله مع حاجتها. وذكر المتحابين لا يصير العدد ثمانية لأن المراد عدّ الخصال لا عدّ المتصفين بها.ومفهوم العدد بالسبعة لا مفهوم له، بدليل ورود غيرها. ففي مسلم من حديث أي اليسر مرفوعًا: من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.وزاد ابن حبّان، وصححه من حديث ابن عمر المغازي، وأحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف عون المجاهد، وكذا زاد أيضًا من حديثه: إرفاد الغارم، وعون المكاتب.والبغوي في شرح السُّنَّة: التاجر الصدوق.والطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف: تحسين الخلق.ومن تتبع دواوين الحديث وجد زيادة كثيرة على ما ذكرته.وللحافظ ابن حجر مؤلف سماه: (معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال). ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في الزكاة والرقاق.ورواته الستة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، ورواية الرجل عن خاله وجده، وأخرجه في الزكاة وفي الرقاق، ومسلم في الزكاة والنسائي في القضاء والرقاق.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:640 ... ورقمه عند البغا:660 ]
    - حدَّثنا مْحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثني خبَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ عنْ حفْصِ بنِ عاصِمٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةِ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ الإمامُ العادِلُ وشابُّ نَشأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ ورَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وتفرقا عَلَيْهِ ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إنِّي أخَافُ الله ورَجُلٌ تَصَدَّقَ أخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ورَجُلٌ ذَكَرَ الله خالِيا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَرجل قلبه مُعَلّق فِي الْمَسَاجِد) ، أَي: مُتَعَلق، وَلَو لم يكن للمساجد فضل لم يكن لمن قلبه مُعَلّق فِيهَا هَذَا الْفضل الْعَظِيم، وَهَذَا للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة، وَهُوَ قَوْله: (وَفضل الْمَسَاجِد) ، وَيدل على هَذَا الْجُزْء أَيْضا قَوْله:
    (وشاب نَشأ فِي عبَادَة ربه) ، لِأَن من هَذِه صفته يكون لَهُ مُلَازمَة للمساجد بقالبه، وَأما عَن قلبه فَلَا يَخْلُو، وَإِن عرض لقالبه عَارض، وَهَذَا أَيْضا يدل على فضل الْمَسَاجِد.ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة. الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان. الثَّالِث: عبيد الله، بتصغير العَبْد، ابْن عمر الْعمريّ. الرَّابِع: خبيب، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، ابْن عبد الرَّحْمَن بن خبيب بن يسَاف، أَبُو الْحَارِث الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَهُوَ خَال عبيد الله بن عمر الْمَذْكُور، الْخَامِس: حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، وَهُوَ جد عبيد الله الْمَذْكُور لِأَبِيهِ. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: رِوَايَة الرجل عَن خَاله وجده. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بصريين وهما: مُحَمَّد بن بشار وَيحيى، والبقية مدنيون. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ مَشْهُورا ببندار، وَيحيى مَشْهُور بالقطان. وَفِيه: عَن حَفْص ابْن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة من حَدِيث يحيى بن يحيى وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث معن، قَالَا: حَدثنَا مَالك عَن خبيب عَن حَفْص ابْن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة أَو أبي سعيد قَالَ التِّرْمِذِيّ كَذَا روى غير وَاحِد عَن مَالك وَشك فِيهِ وَقَالَ ابْن عبد الْبر كل من رَوَاهُ عَن مَالك قَالَ فِيهِ أَو أبي سعيد، إلاَّ أَبَا قُرَّة ومصعبا، فَإِنَّهُمَا قَالَا: عَن مَالك عَن خبيب عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد جَمِيعًا، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو معَاذ الْبَلْخِي عَن مَالك وَرَوَاهُ الْوَقار زَكَرِيَّا بن يحيى عَن ثَلَاثَة من أَصْحَاب مَالك عَن أبي سعيد وَحده وَلم يُتَابع. قلت: الثَّلَاثَة هم: عبد الله بن وهب، وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، ويوسف بن عَمْرو بن يزِيد. وَفِي (غرائب) مَالك) للدارقطني: رَوَاهُ أَبُو معَاذ عَن أبي سعيد أَو عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَنْهُمَا جَمِيعًا أَنَّهُمَا قَالَا ... فَذكره. قلت: وَفِيه رد لما ذكره ابْن عبد الْبر.ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الزَّكَاة عَن مُسَدّد، وَفِي الرقَاق عَن مُحَمَّد بن بشار، وَفِي الْمُحَاربين عَن مُحَمَّد بن سَلام. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن الْمثنى وَعَن يحيى بن يحيى عَن مَالك. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن سوار بن عبد الله الْعَنْبَري وَمُحَمّد بن الْمثنى وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء وَفِي الرقَاق عَن سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله بن الْمُبَارك بِهِ.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سَبْعَة) أَي: سَبْعَة أشخاص، وَإِنَّمَا قَدرنَا هَكَذَا ليدْخل فِيهِ النِّسَاء، فالأصوليون ذكرُوا أَن إحكام الشَّرْع عَامَّة لجَمِيع الْمُكَلّفين، وَحكمه على الْوَاحِد حكم على الْجَمَاعَة إلاَّ مَا دلّ الدَّلِيل على خُصُوص الْبَعْض فَإِن قلت: مَا وَجه التَّخْصِيص بِذكر هَذِه السَّبْعَة؟ قلت: التَّنْصِيص بِالْعدَدِ فِي شَيْء لَا يَنْفِي الحكم عَمَّا عداهُ، وَقد روى مُسلم من حَدِيث أبي الْيُسْر مَرْفُوعا: (من أنظر مُعسرا أَو وضع لَهُ، أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله) . وَهَاتَانِ الخصلتان غير الْخِصَال السَّبْعَة الْمَذْكُورَة، فَدلَّ على مَا قُلْنَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأما التَّخْصِيص بِذكر هَذِه السَّبْعَة فَيحْتَمل أَن يُقَال فِيهِ: ذَلِك لِأَن الطَّاعَة إِمَّا تكون بَين العَبْد وَبَين الله أَو بَينه وَبَين الْخلق، وَالْأول: إِمَّا أَن يكون بِاللِّسَانِ أَو بِالْقَلْبِ أَو بِجَمِيعِ الْبدن، وَالثَّانِي: إِمَّا أَن يكون عَاما وَهُوَ الْعدْل، أَو خَاصّا وَهُوَ إِمَّا من جِهَة النَّفس وَهُوَ التحاب أَو من جِهَة الْبدن، أَو من جِهَة المَال. انْتهى. قلت: أَرَادَ كَونه بِاللِّسَانِ هُوَ الذّكر، وَأَرَادَ كَونه بِالْقَلْبِ هُوَ الْمُعَلق بِالْمَسْجِدِ، وَأَرَادَ بِجِهَة جَمِيع الْبدن الناشيء بِالْعبَادَة، وبجهة المَال: الصَّدَقَة، وَمن جِهَة الْبدن فِي الصُّورَة الْخَاصَّة هِيَ: الْعِفَّة. قَوْله: (يظلهم الله) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر للمبتدأ أَعنِي قَوْله: (سَبْعَة) . وَقَالَ عِيَاض: إِضَافَة الظل إِلَى الله إِضَافَة ملك، وكل ظله فَهُوَ ملكه قلت: إِضَافَة الظل إِلَيْهِ إِضَافَة تشريف ليحصل امتياز هَذَا عَن غَيره، كَمَا يُقَال للكعبة: بَيت الله، مَعَ أَن الْمَسَاجِد كلهَا ملكه. وَأما الظل الْحَقِيقِيّ فَالله تَعَالَى منزه عَنهُ، لِأَنَّهُ من خَواص الْأَجْسَام، وَيُقَال: المُرَاد ظلّ الْعَرْش، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث سلمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (سَبْعَة يظلهم الله فِي ظلّ عَرْشه) فَذكر الحَدِيث، ثمَّ كَونهم فِي ظلّ عَرْشه يسْتَلْزم مَا ذكره بَعضهم من أَن معنى: (يظلهم الله) ، يسترهم فِي ستره وَرَحمته. تَقول الْعَرَب: أَنا فِي ظلّ فلَان، أَي: فِي ستره وكنفه، وتسمي الْعَرَب اللَّيْل: ظلاً، لبرده، وَيُقَال المُرَاد من الظل: ظلّ طُوبَى أَو ظلّ الْجنَّة، وَيرد هَذَا قَوْله: (يَوْم لَا ظلّ إلاَّ ظله) ، لِأَن المُرَاد
    من الْيَوْم الْمَذْكُور يَوْم الْقِيَامَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن عبد الله بن الْمُبَارك صرح بِهِ فِي رِوَايَته عَن عبد الله بن عمر على مَا يَجِيء فِي كتاب الْحُدُود، وظل طُوبَى أَو ظلّ الْجنَّة إِنَّمَا يكون بعد استقرارهم فِي الْجنَّة، وَهَذَا عَام فِي حق كل من يدخلهَا، والْحَدِيث يدل على امتياز هَؤُلَاءِ السَّبْعَة من بَين الْخلق، وَلَا يكون ذَلِك إلاَّ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين، وَدنت مِنْهُم الشَّمْس، ويشتد عَلَيْهِم حرهَا ويأخذهم الْغَرق وَلَا ظلّ هُنَاكَ لشَيْء إِلَّا ظلّ الْعَرْش.قَوْله: (الْأَمَام الْعَادِل) ، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أحد السَّبْعَة: الْأَمَام الْعَادِل. وَالْكَلَام فِيهِ من وُجُوه: الأول: إِن قَوْله: (الْعَادِل) اسْم فَاعل من الْعدْل، وَقَالَ أَبُو عمر: أَكثر رُوَاة (الْمُوَطَّأ) رَوَوْهُ ... عَادل، وَقد رَوَاهُ بَعضهم؛ عدل، وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد أهل اللُّغَة. يُقَال: رجل عدل. وَرِجَال عدل، وَامْرَأَة عدل. وَيجوز أَمَام عَادل على اسْم الْفَاعِل، يُقَال: عدل فَهُوَ عَادل، كَمَا يُقَال: ضرب فَهُوَ ضَارب. وَقَالَ ابْن الاثير: الْعدْل فِي الأَصْل مصدر سمي بِهِ فَوضع مَوضِع الْعَادِل، وَهُوَ أبلغ مِنْهُ لِأَنَّهُ جعل الْمُسَمّى نَفسه عدلا. الثَّانِي: مَعْنَاهُ: الْوَاضِع كل شَيْء فِي مَوْضِعه. وَقيل: الْمُتَوَسّط بَين طرفِي الإفراط والتفريط، سَوَاء كَانَ فِي العقائد أَو فِي الْأَعْمَال أَو فِي الْأَخْلَاق. وَقيل: الْجَامِع بَين أُمَّهَات كمالات الْإِنْسَان الثَّلَاث، وَهِي: الْحِكْمَة والشجاعة والعفة الَّتِي هِيَ أوساط القوى الثَّلَاث، أَعنِي: الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة والغضبية والشهوانية. وَقيل: الْمُطِيع لأحكام الله تَعَالَى. وَقيل المراعي لحقوق الرّعية وَهُوَ عَام فِي كل من أليه نظر فِي شَيْء من أُمُور الْمُسلمين من الْوُلَاة والحكام. الثَّالِث: قدم الإِمَام الْعَادِل فِي ذكر السَّبْعَة لِكَثْرَة مَصَالِحه وَعُمُوم نَفعه، فالإمام الْعَادِل يصلح الله بِهِ أمورا عَظِيمَة، وَيُقَال: لَيْسَ أحد أقرب منزلَة من الله تَعَالَى بعد الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، من إِمَام عَادل. وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. مَا حَكَمَ قوم بِغَيْر حق إلاَّ سلط الله عَلَيْهِم إِمَامًا جائرا.قَوْله: (وشاب) أَي: وَالثَّانِي: من السَّبْعَة شَاب نَشأ فِي عبَادَة ربه، يُقَال: نَشأ الصَّبِي ينشأ نَشأ فَهُوَ ناشيء إِذا كبر وشب. يُقَال: نَشأ وَأَنْشَأَ إِذا خرج وابتدا، وَأَنْشَأَ يفعل كَذَا أَي: ابتدا يفعل، وَفِي رِوَايَة الإِمَام أَحْمد عَن يحيى الْقطَّان: (شَاب نَشأ بِعبَادة الله) ، وَهِي رِوَايَة مُسلم أَيْضا، وَزَاد حَمَّاد بن زيد من عبيد الله بن عمر: (حَتَّى توفّي على ذَلِك) ، أخرجه الجوزقي. وَفِي حَدِيث سلمَان: (أفنى شبابُه ونشاطه فِي عبَادَة الله) . فَإِن قلت: لِمَ خص الثَّانِي من السَّبْعَة بالشبابُ، وَلم يقل: رجل نَشأ؟ قلت: لِأَن الْعِبَادَة فِي الشَّبابُُ أَشد وأشق لِكَثْرَة الدَّوَاعِي وَغَلَبَة الشَّهَوَات، وَقُوَّة البواعث على اتِّبَاع الْهوى.قَوْله: (وَرجل قلبه) أَي: الثَّالِث: رجل قلبه مُعَلّق فِي الْمَسَاجِد، بِفَتْح اللَّام. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَي: بالمساجد، وحروف الْجَرّ بَعْضهَا يقوم مقَام بعض، وَمَعْنَاهُ: شَدِيد الْحبّ لَهَا والملازمة للْجَمَاعَة فِيهَا. قلت: رِوَايَة أَحْمد: (مُعَلّق بالمساجد) وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (مُتَعَلق) ، بِزِيَادَة التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعد الْمِيم، وَمَعْنَاهُ: شدَّة تعلق قلبه بالمساجد، وَإِن كَانَ خَارِجا عَنهُ، وَتعلق قلبه بالمساجد كِنَايَة عَن انْتِظَاره أَوْقَات الصَّلَوَات فَلَا يُصَلِّي صَلَاة وَيخرج مِنْهُ إلاَّ وَهُوَ منتظر وَقت صَلَاة أُخْرَى حَتَّى يُصَلِّي فِيهِ، وَهَذَا يسْتَلْزم صلَاته أَيْضا بِالْجَمَاعَة.قَوْله: (ورجلان تحابا) أَي: الرَّابِع: رجلَانِ تحابا، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَأَصله تحاببا، فَلَمَّا اجْتمع الحرفان المتماثلان أسكن الأول مِنْهُمَا وأدرج فِي الثَّانِي وَهُوَ حد الْإِدْغَام، وَهُوَ من بابُُ: التفاعل، وَقَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت: التفاعل هُوَ الْإِظْهَار إِذْ أصل الْفِعْل حَاصِل لَهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلَا يُرِيد حُصُوله نَحْو تجاهلت؟ قلت: قد يَجِيء لغير ذَلِك نَحْو: باعدته فتباعد. انْتهى. قلت: التَّحْقِيق فِي هَذَا أَن: تفَاعل، لمشاركة أَمريْن أَو أَكثر فِي أَصله يَعْنِي فِي مصدر فعله الثلاثي صَرِيحًا، نَحْو: تضارب زيد وَعَمْرو، فَلذَلِك نقص مَفْعُولا عَن فَاعل، وَحَاصِله أَن وضع فَاعل لنسبة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل مُتَعَلقا بِغَيْرِهِ، مَعَ أَن الْغَيْر فعل مثل ذَلِك وَوضع: تفَاعل، لنسبته إِلَى المشتركين فِي شَيْء من غير قصد إِلَى تعلق لَهُ، فَلذَلِك جَاءَ الأول زَائِدا على الثَّانِي بمفعول أبدا، فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك كَانَ الْمقَام يَقْتَضِي أَن يُقَال: ورجلان تحاببا، من بابُُ: المفاعلة، لَا من بابُُ: التفاعل، ليدل على أَن الْغَيْر فعل مثل مَا فعل هُوَ، وَالْجَوَاب: عَنهُ أَن تفَاعل، قد يَجِيء للمطاوعة وَهِي كَونهَا دَالَّة على معنى حصل عَن تعلق فعل آخر مُتَعَدٍّ كَقَوْلِك: باعدته فتباعد، فقولك: تبَاعد، عبارَة عَن معنى حصل عَن تعلق فعل مُتَعَدٍّ، وَهَهُنَا كَذَلِك، فَإِن تحابا عبارَة عَن معنى حصل عَن تعلق حابب، وَالْجَوَاب الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي غير مُسْتَقِيم، لِأَن معنى ذَلِك هُوَ الدّلَالَة على أَن الْفَاعِل أظهر أَن الْمَعْنى الَّذِي اشتق مِنْهُ: تفَاعل، حصل لَهُ، مَعَ أَنه لَيْسَ فِي الْحَقِيقَة كَذَلِك. فَمَعْنَى: تجاهل زيد أَنه أظهر الْجَهْل من نَفسه، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة، وَلَيْسَ الْمَعْنى هَهُنَا أَنه أظهر الْمحبَّة من نَفسه، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة. فَافْهَم، فَإِنَّهُ مَوضِع دَقِيق. فَإِن قلت: قَالَ: رجلَانِ، فَيكون الْمَذْكُور ثَمَانِيَة لَا سَبْعَة؟
    قلت: مَعْنَاهُ: وَرجل يحب غَيره فِي الله، والمحبة أَمر نسبي فَلَا بُد لَهَا من المنتسبين، فَلذَلِك قَالَ: رجلَانِ. قَوْله: (فِي الله) أَي: لأجل الله لَا لغَرَض دنياوي، وَكلمَة: فِي، قد تَجِيء للسَّبَبِيَّة، كَمَا فِي قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فِي النَّفس المؤمنة مائَة إبل) ، أَي: بِسَبَب قتل النَّفس المؤمنة، وَوَقع فِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد: (ورجلان قَالَ كل مِنْهُمَا للْآخر: إِنِّي أحبك فِي الله، فصدرا على ذَلِك) . قَوْله: (اجْتمعَا على ذَلِك) أَي: على الْحبّ فِي الله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (اجْتمعَا عَلَيْهِ) أَي: على الْحبّ الْمَذْكُور، وَكَذَلِكَ الضَّمِير فِي عَلَيْهِ، يَعْنِي: كَانَ سَبَب اجْتِمَاعهمَا حب الله والاستمرار عَلَيْهِ حَتَّى تفَرقا من مجلسهما، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَلَا يحْتَاج إِلَى قَوْله: حَتَّى تفَرقا من مجلسهما، بل الْمَعْنى: أَنَّهُمَا داما على الْمحبَّة الدِّينِيَّة وَلم يقطعاها بِعَارِض دُنْيَوِيّ، سَوَاء اجْتمعَا حَقِيقَة أَو لَا، حَتَّى فرق بَينهمَا الْمَوْت.قَوْله: (وَرجل طلبته) أَي: وَالْخَامِس: رجل طلبته امْرَأَة، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن يحيى الْقطَّان: (دَعَتْهُ امْرَأَة) ، وَكَذَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَلمُسلم وللبخاري أَيْضا فِي الْحُدُود: عَن ابْن الْمُبَارك، وَزَاد ابْن الْمُبَارك: (إِلَى نَفسهَا) ، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ فِي (شعب الْإِيمَان) ، من طَرِيق أبي صَالح: عَن أبي هُرَيْرَة: (فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ) ، وَظَاهر الْكَلَام أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَى الْفَاحِشَة، وَبِه جزم الْقُرْطُبِيّ. وَقيل: يحْتَمل أَن تكون طلبته إِلَى التَّزْوِيج بهَا فخاف أَن يشْتَغل عَن الْعِبَادَة بالافتتان بهَا، أَو خَافَ أَن لَا يقوم بِحَقِّهَا لشغله بِالْعبَادَة عَن التكسب بِمَا يَلِيق بهَا، وَالْأول أظهر لوُجُود قَرَائِن عَلَيْهِ. قَوْله: (ذَات منصب) المنصب، بِكَسْر الصَّاد: الْحسب وَالنّسب الشريف. قَالَ الْجَوْهَرِي: المنصب الأَصْل، وَكَذَلِكَ النّصاب، وَإِنَّمَا خصصها بِالذكر لِكَثْرَة الرَّغْبَة فِيهَا وعسر حُصُولهَا، وَهِي طالبة لذَلِك وَقد أغنت عَن مراودته. قَوْله: (فَقَالَ: إِنِّي أَخَاف الله) ، زَاد فِي رِوَايَة كَرِيمَة: (رب الْعَالمين) ، وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: يحْتَمل أَن يَقُول ذَلِك بِلِسَانِهِ زجرا لَهَا عَن الْفَاحِشَة، وَيحْتَمل أَن يَقُول بِقَلْبِه لزجر نَفسه. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا يصدر ذَلِك عَن شدَّة الْخَوْف من الله وَالصَّبْر عَنْهَا لخوف الله من أكمل الْمَرَاتِب وَأعظم الطَّاعَات.قَوْله: (وَرجل تصدق) أَي: وَالسَّادِس: رجل تصدق أخْفى، بِلَفْظ الْمَاضِي، وَهُوَ جملَة وَقعت حَالا بِتَقْدِير: قد، ومفعول: أخْفى، مَحْذُوف أَي: أخْفى الصَّدَقَة، وَوَقع فِي رِوَايَة أَحْمد: (تصدق فأخفى) ، وَكَذَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الزَّكَاة: عَن مُسَدّد عَن يحيى (تصدق بِصَدقَة فأخفاها) ، وَمثله لمَالِك فِي (الْمُوَطَّأ) . وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (تصدق إخفاء) ، بِكَسْر الْهمزَة ممدودا على أَنه مصدر مَنْصُوب، على أَنه حَال بِمَعْنى مخفيا. قَوْله: (حَتَّى لَا تعلم) ، بِضَم الْمِيم وَفتحهَا، نَحْو: مرض حَتَّى لَا يرجونه، وسرت حَتَّى تغيب الشَّمْس. قَوْله: (شِمَاله) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل لقَوْله: (لَا تعلم) . قَوْله: (مَا تنْفق يَمِينه) ، جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا مفعول، وَإِنَّمَا ذكر الْيَمين وَالشمَال للْمُبَالَغَة فِي الْإخْفَاء والإسرار بِالصَّدَقَةِ، وَضرب الْمثل بهما لقرب الْيَمين من الشمَال ولملازمتهما، وَمَعْنَاهُ: لَو قدرت الشمَال رجلا متيقظا لما علم صَدَقَة الْيَمين لمبالغته فِي الْإخْفَاء. وَقيل: المُرَاد مَنْ على شِمَاله من النَّاس.ثمَّ إعلم أَن أَكثر الرِّوَايَات فِي هَذَا الحَدِيث فِي البُخَارِيّ وَغَيره: (حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه) ، وَوَقع فِي (صَحِيح مُسلم) مقلوبا، وَهُوَ: حَتَّى لَا تعلم يَمِينه مَا تنْفق شِمَاله. وَقَالَ عِيَاض: هَكَذَا فِي جَمِيع النّسخ الَّتِي وصلت إِلَيْنَا من (صَحِيح مُسلم) مقلوبا، وَالصَّوَاب الأول قلت: لِأَن السُّنَّة الْمَعْهُودَة إِعْطَاء الصَّدَقَة بِالْيَمِينِ، وَقد ترْجم عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي الزَّكَاة: بابُُ الصَّدَقَة بِالْيَمِينِ، قَالَ: وَيُشبه أَن يكون الْوَهم فِيهِ مِمَّن دون مُسلم، وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ الْوَهم فِيهِ مِمَّن دون مُسلم وَلَا مِنْهُ، بل هُوَ من شَيْخه أَو شيخ شَيْخه: يحيى الْقطَّان، وَقد طول الْكَلَام فِيهِ، وَلَا يُنكر الْوَهم من مُسلم وَلَا مِمَّن هُوَ دونه أَو فَوْقه، وَيُمكن أَن يكون هَذَا الْقلب من الْكَاتِب واستمرت الروَاة عَلَيْهِ.قَوْله: (وَرجل) أَي: وَالسَّابِع: رجل ذكر الله خَالِيا، أَي: من الْخلق، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون أبعد من الرِّيَاء، وَقيل: خَالِيا من الِالْتِفَات إِلَى غَيره تَعَالَى، وَلَو كَانَ فِي الْمَلأ، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ (ذكر الله بَين يَدَيْهِ) ، وَيُؤَيّد الأول رِوَايَة ابْن الْمُبَارك وَحَمَّاد بن زيد: (ذكر الله فِي خلاء) ، أَي: فِي مَوضِع خَال، وَقَالَ بَعضهم: (ذكر الله) أَي: بِقَلْبِه من التَّذَكُّر أَو بِلِسَانِهِ من الذّكر قلت: لَيْسَ كَذَلِك، لِأَن الذّكر بِالْقَلْبِ من: الذّكر، بِضَم الذَّال، وباللسان من: الذّكر، بِكَسْر الذَّال، وَأَيْضًا لفظ: ذكر بِلَا قيد، وَلَا يكون مشتقا من التَّذَكُّر، فَمن لَهُ يَد فِي علم التصريف يفهم هَذَا. قَوْله: (فَفَاضَتْ عَيناهُ) ، وَإِنَّمَا أسْند الْفَيْض إِلَى الْعين مَعَ أَن الْعين لَا تفيض، لِأَن الفائض هُوَ الدمع، مُبَالغَة كَأَنَّهَا هِيَ الفائض، وَذَلِكَ كَقَوْلِه: {{وَترى أَعينهم تفيض من الدمع}} (الْمَائِدَة: 83) . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وفيض الْعين بِحَسب حَال الذاكر وبحسب مَا ينْكَشف لَهُ، فَفِي حَال أَوْصَاف الْجلَال يكون الْبكاء من خشيَة الله، وَفِي حَال أَوْصَاف الْجمال يكون الْبكاء من الشوق إِلَيْهِ، وَيشْهد للْأولِ مَا رَوَاهُ الجوزقي من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد: (فَفَاضَتْ عَيناهُ من خشيَة الله) .
    ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: فَضِيلَة الإِمَام الْعَادِل، وَقد روى مُسلم من حَدِيث عبد الله بن عمر رَفعه: (إِن المقسطين عِنْد الله على مَنَابِر من نور عَن يَمِين الرَّحْمَن الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا) ، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا أَخْفَر قوم الْعَهْد إلاَّ سلط الله عَلَيْهِم الْعَذَاب، وَمَا نقص قوم الميكال إلاَّ منعُوا الْقطر، وَلَا كثر الرب فِي قوم إلاَّ سلط الله عَلَيْهِم الوباء، وَمَا حكم قوم بِغَيْر حق إلاَّ سلط عَلَيْهِم إِمَام جَائِر) . فالإمام الْعَادِل يصلح الله بِهِ. وَفِيه: فَضِيلَة الشَّاب الَّذِي نَشأ فِي عبَادَة ربه، وَفِي الحَدِيث: (تعجب رَبك من شَاب لَيست لَهُ ضبوة) . وَفِيه: فضل من سلم من الذُّنُوب واشتغل بِطَاعَة ربه طول عمره، وَقد يحْتَج بِهِ من قَالَ: إِن الْملك أفضل من الْبشر لأَنهم: {{يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون}} (الْأَنْبِيَاء: 20) . وَقيل لِابْنِ عَبَّاس: رجل كثير الصَّلَاة كثير الْقيام يقارف بعض الْأَشْيَاء، وَرجل يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة ويصوم مَعَ السَّلامَة. قَالَ: لَا أعدل بالسلامة شَيْئا، قَالَ تَعَالَى: {{وَالَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إلاَّ اللمم}} (النَّجْم: 32) . وَفِيه: فَضِيلَة من يلازم الْمَسْجِد للصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة، لِأَن الْمَسْجِد بَيت الله وَبَيت كل تَقِيّ، وحقيق على المزور إكرام الزائر، فَكيف بأكرام الكرماء؟ وَفِيه: فَضِيلَة التحاب فِي الله تَعَالَى، فَإِن الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله من الْإِيمَان، وَعند مَالك من الْفَرَائِض، وروى ابْن مَسْعُود والبراء بن عَازِب مَرْفُوعا: إِن ذَلِك من أوثق عرى الْإِيمَان، وروى ثَابت عَن أنس رَفعه: (مَا تحاب رجلَانِ فِي الله إلاَّ كَانَ أفضلهما أشدهما حبا لصَاحبه) ، وروى أَبُو رزين، قَالَ: (قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا رزين إِذا خلوت حرك لسَانك بِذكر الله، وَحب فِي الله وَأبْغض فِي الله، فَإِن الْمُسلم إِذا زار فِي الله شيعه سَبْعُونَ ألف ملك يَقُولُونَ: أللهم وَصله فِيك فَصله وَمن فضل المتحابين فِي الله أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا دَعَا لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب أَمن الْملك على دُعَائِهِ) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعا. وَفِيه: فَضِيلَة من يخَاف الله قَالَ الله تَعَالَى: {{وَأما من خَافَ مقَام ربه وَنهى النَّفس عَن الْهوى فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى}} (النازعات: 40، 41) . وَقَالَ: {{وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان}} (الرَّحْمَن: 46) . وروى أَبُو معمر عَن سَلمَة بن نبيط عَن عبيد بن أبي الْجَعْد عَن كَعْب الْأَحْبَار، قَالَ: إِن فِي الْجنَّة، لدارا، درة فَوق درة، ولؤلؤة فَوق لؤلؤة، فِيهَا سَبْعُونَ ألف قصر، فِي كل قصر سَبْعُونَ ألف دَار، فِي كل دَار سَبْعُونَ ألف بَيت، لَا ينزلها إلاَّ نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد أَو مُحكم فِي نَفسه أَو إِمَام عَادل. قَالَ سَلمَة: فَسَأَلت عبيدا عَن: الْمُحكم فِي نَفسه: قَالَ: هُوَ الرجل يطْلب الْحَرَام من النِّسَاء أَو من المَال فيتعرض لَهُ، فَإِذا ظفر بِهِ تَركه مَخَافَة الله تَعَالَى، فَذَلِك الْمُحكم فِي نَفسه. وَفِيه: فَضِيلَة المخفي صدقته ومصداق هَذَا الحَدِيث فِي قَوْله تَعَالَى: {{وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم}} (الْبَقَرَة: 271) . وَقَالَت الْعلمَاء: هَذَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع، فالسر فِيهَا أفضل لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْإِخْلَاص، وَأبْعد من الرِّيَاء. وَأما الوجبة فإعلانها أفضل ليقتدي بِهِ فِي ذَلِك. وَيظْهر دعائم الْإِسْلَام، وَهَكَذَا حكم الصَّوْم فإعلان فرائضها أفضل. وَاخْتلف فِي السّنَن: كالوتر وركعتي الْفجْر، هَل إعلانهما أفضل أم كتمانهما؟ حَكَاهُ ابْن التِّين، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَقد سمعنَا من بعض الْمَشَايِخ: إِن ذَلِك الْإخْفَاء أَن يتَصَدَّق على الضَّعِيف فِي صُورَة الْمُشْتَرى مِنْهُ، فيدفه لَهُ مثلا درهما فِي شَيْء يُسَاوِي نصف دِرْهَم، فالصورة مبايعة والحقيقة صَدَقَة، وَهُوَ اعْتِبَار حسن قيل: إِن أَرَادَ أَن المُرَاد فِي هَذَا الحَدِيث هَذِه الصُّورَة خَاصَّة، فَفِيهِ نظر. وَإِن أَرَادَ أَن هَذَا أَيْضا من صُورَة الصَّدَقَة المخفية فَمُسلم، وَفِي (مُسْند أَحْمد) رَحمَه الله، من حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِإِسْنَاد حسن مَرْفُوعا: (إِن الْمَلَائِكَة قَالَت: يَا رب! هَل من خلقك شَيْء أَشد من الْجبَال؟ قَالَ: نعم، الْحَدِيد. قَالَت: فَهَل أَشد من الْحَدِيد؟ قَالَ: نعم، النَّار، قَالَت: فَهَل أَشد من النَّار؟ قَالَ: نعم، المَاء. قَالَت: فَهَل أَشد من المَاء؟ قَالَ: نعم، الرّيح. قَالَت: فَهَل أَشد من الرّيح؟ قَالَ: نعم، ابْن آدم، يتَصَدَّق بِيَمِينِهِ فيخفيها عَن شِمَاله) . وَفِيه: فَضِيلَة ذكر الله فِي الخلوات مَعَ فيضان الدمع من عَيْنَيْهِ، وروى أَبُو هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (لَا يلج النَّار أحد بَكَى من خشيَة الله حَتَّى يعود اللَّبن فِي الضَّرع) . وروى أَبُو عمرَان: (عَن أبي الْخلد، قَالَ: قَرَأت فِي مَسْأَلَة دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ربه تَعَالَى: إلهي مَا جَزَاء من بَكَى من خشيتك حَتَّى تسيل دُمُوعه على وَجهه؟ قَالَ: أسلم وَجهه من لفح النَّار) . وروى الْحَاكِم من حَدِيث أنس مَرْفُوعا: (من ذكر الله فَفَاضَتْ عَيناهُ من خشيَة الله حَتَّى يُصِيب الأَرْض من دُمُوعه لم يعذب يَوْم الْقِيَامَة) .

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ‏ "‏ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ‏.‏ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Huraira:The Prophet (ﷺ) said, "Allah will give shade, to seven, on the Day when there will be no shade but His. (These seven persons are) a just ruler, a youth who has been brought up in the worship of Allah (i.e. worships Allah sincerely from childhood), a man whose heart is attached to the mosques (i.e. to pray the compulsory prayers in the mosque in congregation), two persons who love each other only for Allah's sake and they meet and part in Allah's cause only, a man who refuses the call of a charming woman of noble birth for illicit intercourse with her and says: I am afraid of Allah, a man who gives charitable gifts so secretly that his left hand does not know what his right hand has given (i.e. nobody knows how much he has given in charity), and a person who remembers Allah in seclusion and his eyes are then flooded with tears

    Telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Basysyar Bundar] berkata, telah menceritakan kepada kami [Yahya] dari ['Ubaidullah] berkata, telah menceritakan kepadaku [Khubaib bin 'Abdurrahman] dari [Hafsh bin 'Ashim] dari [Abu Hurairah] dari Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Ada tujuh golongan manusia yang akan mendapat naungan Allah pada hari yang tidak ada naungan kecuali naungan-Nya; pemimpin yang adil, seorang pemuda yang menyibukkan dirinya dengan 'ibadah kepada Rabbnya, seorang laki-laki yang hatinya terpaut dengan masjid, dua orang laki-laki yang saling mencintai karena Allah; mereka tidak bertemu kecuali karena Allah dan berpisah karena Allah, seorang laki-laki yang diajak berbuat maksiat oleh seorang wanita kaya lagi cantik lalu dia berkata, 'Aku takut kepada Allah', dan seorang yang bersedekah dengan menyembunyikannya hingga tangan kirinya tidak mengetahui apa yang diinfakkan oleh tangan kanannya, serta seorang laki-laki yang berdzikir kepada Allah dengan mengasingkan diri hingga kedua matanya basah karena menangis

    Ebu Hureyre (r.a.) Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in şöyle buyurduğunu nakletmiştir: Şu yedi kişiyi Allah Teala, kendi gölgesinden başka bir gölgenin olmadığı günde gölgelendirecektir: Adil yönetici. Rabbine ibadetle yetişen genç. Kalbi camilere bağlı olan adam. Allah için birbirlerini seven iki adam. Bir araya gelince de Allah için bir araya gelir, ayrılınca da Allah İçin ayrılırlar. Makam ve güzellik sahibi bir kadın'ın kendisini zinaya davet etmesi durumunda 'Ben Allah'tan korkarım' diye cevap veren kimse. Sağ elinin infak ettiğini sol eli bilmeyecek kadar gizli hayır ve hasenatta bulunan kişi. Yalnız başına iken Allah'ı andığı zaman gözleri dolan kimse. Tekrar:

    ہم سے محمد بن بشار نے بیان کیا، کہا کہ ہم سے یحییٰ بن سعید قطان نے عبیداللہ بن عمر عمری سے بیان کیا، کہا کہ مجھ سے خبیب بن عبدالرحمٰن نے بیان کیا حفص بن عاصم سے، انہوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے، انہوں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ سات طرح کے آدمی ہوں گے۔ جن کو اللہ اس دن اپنے سایہ میں جگہ دے گا۔ جس دن اس کے سایہ کے سوا اور کوئی سایہ نہ ہو گا۔ اول انصاف کرنے والا بادشاہ، دوسرے وہ نوجوان جو اپنے رب کی عبادت میں جوانی کی امنگ سے مصروف رہا، تیسرا ایسا شخص جس کا دل ہر وقت مسجد میں لگا رہتا ہے، چوتھے دو ایسے شخص جو اللہ کے لیے باہم محبت رکھتے ہیں اور ان کے ملنے اور جدا ہونے کی بنیاد یہی «للهى» ( اللہ کے لیے محبت ) محبت ہے، پانچواں وہ شخص جسے کسی باعزت اور حسین عورت نے ( برے ارادہ سے ) بلایا لیکن اس نے کہہ دیا کہ میں اللہ سے ڈرتا ہوں، چھٹا وہ شخص جس نے صدقہ کیا، مگر اتنے پوشیدہ طور پر کہ بائیں ہاتھ کو بھی خبر نہیں ہوئی کہ داہنے ہاتھ نے کیا خرچ کیا۔ ساتواں وہ شخص جس نے تنہائی میں اللہ کو یاد کیا اور ( بے ساختہ ) آنکھوں سے آنسو جاری ہو گئے۔

    আবূ হুরাইরাহ্ (রাযি.) হতে বর্ণিত। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেন, যে দিন আল্লাহর (রহমতের) ছায়া ছাড়া আর কোন ছায়া থাকবে না, সেদিন সাত ব্যক্তিকে আল্লাহ তা‘আলা তাঁর নিজের (আরশের) ছায়ায় আশ্রয় দিবেন। ১. ন্যায়পরায়ণ শাসক, ২. সে যুবক যার জীবন গড়ে উঠেছে তার প্রতিপালকের ইবাদতের মধ্যে, ৩. সে ব্যক্তি যার অন্তর মসজিদের সাথে সম্পৃক্ত রয়েছে, ৪. সে দু’ ব্যক্তি যারা পরস্পরকে ভালবাসে আল্লাহর ওয়াস্তে, একত্র হয় আল্লাহর জন্য এবং পৃথকও হয় আল্লাহর জন্য, ৫. সে ব্যক্তি যাকে কোনো উচ্চ বংশীয় রূপসী নারী আহবান জানায়, কিন্তু সে এ বলে প্রত্যাখ্যান করে যে, ‘আমি আল্লাহকে ভয় করি’, ৬. সে ব্যক্তি যে এমন গোপনে দান করে যে, তার ডান হাত যা খরচ করে বাম হাত তা জানে না, ৭. সে ব্যক্তি যে নির্জনে আল্লাহর যিকর করে, ফলে তার দু’ চোখ দিয়ে অশ্রুধারা বইতে থাকে। (১৪২৩, ৬৪৭৯; মুসলিম ১২/৩০, হাঃ ১০৩১,আহমদ ৯৬৭১) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৬২০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: அல்லாஹ், தனது (அரியணையின்) நிழலைத் தவிர வேறு நிழலே இல்லாத (மறுமை) நாளில் ஏழு பேருக்கு நிழல் (அடைக்கலம்) அளிப்பான்: 1. நீதி மிக்க ஆட்சியாளர். 2. இறை வழிபாட்டிலேயே வளர்ந்த இளைஞர். 3. பள்ளிவாசல்களுடன் (எப்போதும்) தொடர்பு வைத்துக்கொள்ளும் இதய முடையவர். 4. அல்லாஹ்வுக்காகவே நேசித்து, அவனுக்காகவே இணைந்து, அவனுக் காகவே பிரிந்த இருவர். 5. அந்தஸ்தும் அழகும் உள்ள ஒரு பெண் தம்மை (தவறு செய்ய) அழைத்த போதும், “நான் அல்லாஹ்வை அஞ்சுகி றேன்” என்று கூறியவர். 6. தமது வலக் கரம் செய்த தர்மத்தை இடக் கரம்கூட அறியாத வகையில் இரகசியமாகத் தர்மம் செய்தவர். 7. தனிமையில் அல்லாஹ்வை நினைத்து (அவனது அச்சத்தால்) கண்ணீர் சிந்திய மனிதர். இதை அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் அறிவிக்கிறார்கள். அத்தியாயம் :