عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ : عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَ : " يَا أُبَيُّ ، إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ فَقَالَ أُبَيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَقَدْ ذُكِرْتُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى ؟ فَقَالَ : " نَعَمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ " فَارْتَعَشَ أُبَيٌّ لِذَلِكَ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ احْتَضَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَسَكَّنَهُ ، فَهَدَأَ أُبَيٌّ وَسَكَنَ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا قَرَأَ وَفَرَغَ ، قَالَ أُبَيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا كَانَتْ لِي خَاصَّةً لِقِرَاءَتِكَ الْقُرْآنَ عَلَيَّ ، فَخُصَّنِي بِعِلْمِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَطْلَعَكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " نَعَمْ يَا أُبَيُّ ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَآمَنَ بِهِ ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ إِلَّا أَعْطَاهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْطِقُ الْأَلْسُنِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ " فَقَالَ أُبَيٌّ : قَدْ عَلِمْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانَ بِهِ ، فَمَا قَوْلُكَ فِيمَنْ قَبِلَهُ بِقُبُولِهِ ؟ قَالَ : يُحِلُّ حَلَالَهُ ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ ، وَيَقَفُ عِنْدَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، لَا يُمَارِي فِيمَنْ يُمَارِي ، وَلَا يَجْهَلُ فِيمَنْ يَجْهَلُ ، يَقُولُ الْحَقَّ ، وَيَعْمَلُ بِهِ ، وَيَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَيَفْعَلُهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَلَا سَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ الرُّسُلَ وَيَسْأَلُهُمْ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّسُلَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ، وَالْأَخْذِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ ، فَكَمَا وَجَبَ لِلَّهِ عَلَى الرُّسُلِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْقُرْآنِ النَّصِيحَةُ لَعِبَادِ اللَّهِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، فِي قَصْدٍ وَرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَتَؤُدَّةٍ ، لَا يَحْمِلُهُ قَوْلُهُ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِمْ ، وَلَا يَرْفَعُ مَا فِيهِ وَضَيَّعُوا مِنْ حَقِّ اللَّهِ بِذِكْرِهِمْ وَعِيدَهُ ، وَتَخَوُّفَهُمْ آيَاتِهِ ، وَيُحَذِّرُهُمْ نَفْسَهُ وَعَذَابَهُ ، وَيُذَكِّرُهُمْ أَيَّامَ اللَّهِ وَنِعَمَهُ عَلَيْهِمْ وَحُسْنَ ثَوَابِهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ ، فَكَذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يُعْطِي الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ أُبَيٌّ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ لِمَا صَبَرَ عَلَيْهِ ، وَرَجَا ثَوَابَهُ ؟ قُلْتُ : فَمَنْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ وَيَرْجُو ثَوَابَهُ ؟ قَالَ : مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ وَعَظُمَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَبِّهِ ، جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ السَّدَادُ ، وَالتَّوْفِيقُ وَحُسْنُ الْمَعُونَةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
وَأُخْبِرْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ ، أَخُو مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الصُّبْحِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ ، عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ : عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَ : يَا أُبَيُّ ، إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ فَقَالَ أُبَيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَقَدْ ذُكِرْتُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فَارْتَعَشَ أُبَيٌّ لِذَلِكَ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ احْتَضَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَسَكَّنَهُ ، فَهَدَأَ أُبَيٌّ وَسَكَنَ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا قَرَأَ وَفَرَغَ ، قَالَ أُبَيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا كَانَتْ لِي خَاصَّةً لِقِرَاءَتِكَ الْقُرْآنَ عَلَيَّ ، فَخُصَّنِي بِعِلْمِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَطْلَعَكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : نَعَمْ يَا أُبَيُّ ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَآمَنَ بِهِ ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ إِلَّا أَعْطَاهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْطِقُ الْأَلْسُنِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ أُبَيٌّ : قَدْ عَلِمْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانَ بِهِ ، فَمَا قَوْلُكَ فِيمَنْ قَبِلَهُ بِقُبُولِهِ ؟ قَالَ : يُحِلُّ حَلَالَهُ ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ ، وَيَقَفُ عِنْدَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، لَا يُمَارِي فِيمَنْ يُمَارِي ، وَلَا يَجْهَلُ فِيمَنْ يَجْهَلُ ، يَقُولُ الْحَقَّ ، وَيَعْمَلُ بِهِ ، وَيَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَيَفْعَلُهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَلَا سَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ الرُّسُلَ وَيَسْأَلُهُمْ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّسُلَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ، وَالْأَخْذِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ ، فَكَمَا وَجَبَ لِلَّهِ عَلَى الرُّسُلِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْقُرْآنِ النَّصِيحَةُ لَعِبَادِ اللَّهِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، فِي قَصْدٍ وَرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَتَؤُدَّةٍ ، لَا يَحْمِلُهُ قَوْلُهُ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِمْ ، وَلَا يَرْفَعُ مَا فِيهِ وَضَيَّعُوا مِنْ حَقِّ اللَّهِ بِذِكْرِهِمْ وَعِيدَهُ ، وَتَخَوُّفَهُمْ آيَاتِهِ ، وَيُحَذِّرُهُمْ نَفْسَهُ وَعَذَابَهُ ، وَيُذَكِّرُهُمْ أَيَّامَ اللَّهِ وَنِعَمَهُ عَلَيْهِمْ وَحُسْنَ ثَوَابِهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ ، فَكَذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يُعْطِي الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ أُبَيٌّ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ لِمَا صَبَرَ عَلَيْهِ ، وَرَجَا ثَوَابَهُ ؟ قُلْتُ : فَمَنْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ وَيَرْجُو ثَوَابَهُ ؟ قَالَ : مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ وَعَظُمَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَبِّهِ ، جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ السَّدَادُ ، وَالتَّوْفِيقُ وَحُسْنُ الْمَعُونَةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ