قَالَ لَنَا عُمَرُ : أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ بُدُوَّ إِسْلَامِي ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أُرِيدُ هَذَا الَّذِي الَّذِي الَّذِي ، قَالَ : عَجَبًا لَكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ هَكَذَا ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ بَيْتَكَ ، قُلْتُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : أُخْتُكَ قَدْ صَبَتْ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالرِّجْلَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا عِنْدَ الرَّجُلِ بِهِ قُوَّةٌ يُصِيبَانِ مِنْ طَعَامِهِ ، قَالَ : وَقَدْ كَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ ، فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وَكَانُوا يَقْرَءُونَ صَحِيفَةً مَعَهُمْ ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِي اخْتَفَوْا وَنَسُوا الصَّحِيفَةَ ، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْ لِي ، فَقُلْتُ : يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكِ صَبَوْتِ ، وَأَرْفَعُ شَيْئًا فِي يَدِي فَأَضْرِبَهَا ، فَسَالَ الدَّمُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ بَكَتْ وَقَالَتْ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ ، قَالَ : فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا بِكِتَابٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ أَعْطِيَنِيهِ ، قَالَتْ : لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ ، إِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَلَا تَطْهُرُ ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتَنِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذُعِرْتُ وَرَمَيْتُ بِالصَّحِيفَةِ ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا فِيهِ : {{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }} ، كُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ذُعِرْتُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي ، حَتَّى بَلَغْتُ {{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }} ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ يَتَنَادَوْنَ بِالتَّكْبِيرِ اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوا مِنِّي ، وَحَمِدُوا اللَّهَ ، وَقَالُوا : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، أَبْشِرْ ، فَلَمَّا أَنْ عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ : أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالُوا : هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا ، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا إِسْلَامِي ، قَالَ : فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِفَتْحِ الْبَابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " افْتَحُوا لَهُ ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ " ، قَالَ : فَفَتَحُوا لِي ، وَأَخَذَ رَجُلٌ بِعَضُدِي ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَرْسِلُوهُ " ، فَأَرْسَلُونِي فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ : " أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ " ، قَالَ : قُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِطُرُقِ مَكَّةَ ، وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى ، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا إِذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : مَا أُحِبُّ إِلَّا أَنْ يُصِيبَنِي مِمَّا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ، فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي ، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، فَخَرَجَ ، فَقُلْتُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي ، قُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ ، فَخَرَجَ ، فَقُلْتُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَدَخَلَ فَأَجَابَ الْبَابَ ، قَالَ : فَانْصَرَفْتُ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَائْتِ فُلَانًا ، رَجُلًا لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ ، فَأَصْغِ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ : إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ ، فَإِنَّهُ سَوْفَ يَظْهَرُ عَلَيْكَ وَيَصِيحُ وَيُعْلِنُهُ ، قَالَ : فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ جِئْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَدَنَوْتُ فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ : إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ ، فَقَالَ : قَدْ صَبَوْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَرَفَعَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ : أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَا ، فَثَابَ إِلَيَّ النَّاسُ فَضَرَبُونِي وَضَرَبْتُهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ خَالِي : مَا هَذَا ؟ فَقِيلَ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ : أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي ، فَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنِّي ، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ ، وَأَنَا لَا أُضْرَبُ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمْهَلْتُ حَتَّى إِذَا جُلِسَ فِي الْحِجْرِ ، دَخَلْتُ إِلَى خَالِي قُلْتُ : اسْمَعْ ، قَالَ : مَا أَسْمَعُ ؟ قُلْتُ : جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ ، فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أُخْتِي ، قُلْتُ : بَلَى هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : مَا شِئْتَ ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سُفْيَانَ الطَّائِيُّ الْحِمْصِيُّ قثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ قَالَ : ذَكَرَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، يَعْنِي ابْنُ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَسْلَمَ قَالَ : قَالَ لَنَا عُمَرُ : أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ بُدُوَّ إِسْلَامِي ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أُرِيدُ هَذَا الَّذِي الَّذِي الَّذِي ، قَالَ : عَجَبًا لَكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ هَكَذَا ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ بَيْتَكَ ، قُلْتُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : أُخْتُكَ قَدْ صَبَتْ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالرِّجْلَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا عِنْدَ الرَّجُلِ بِهِ قُوَّةٌ يُصِيبَانِ مِنْ طَعَامِهِ ، قَالَ : وَقَدْ كَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ ، فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وَكَانُوا يَقْرَءُونَ صَحِيفَةً مَعَهُمْ ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِي اخْتَفَوْا وَنَسُوا الصَّحِيفَةَ ، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْ لِي ، فَقُلْتُ : يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكِ صَبَوْتِ ، وَأَرْفَعُ شَيْئًا فِي يَدِي فَأَضْرِبَهَا ، فَسَالَ الدَّمُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ بَكَتْ وَقَالَتْ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ ، قَالَ : فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا بِكِتَابٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ أَعْطِيَنِيهِ ، قَالَتْ : لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ ، إِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَلَا تَطْهُرُ ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتَنِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذُعِرْتُ وَرَمَيْتُ بِالصَّحِيفَةِ ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا فِيهِ : {{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }} ، كُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ذُعِرْتُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي ، حَتَّى بَلَغْتُ {{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }} ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ يَتَنَادَوْنَ بِالتَّكْبِيرِ اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوا مِنِّي ، وَحَمِدُوا اللَّهَ ، وَقَالُوا : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، أَبْشِرْ ، فَلَمَّا أَنْ عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ : أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالُوا : هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا ، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا إِسْلَامِي ، قَالَ : فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِفَتْحِ الْبَابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : افْتَحُوا لَهُ ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ ، قَالَ : فَفَتَحُوا لِي ، وَأَخَذَ رَجُلٌ بِعَضُدِي ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَرْسِلُوهُ ، فَأَرْسَلُونِي فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ : أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِطُرُقِ مَكَّةَ ، وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى ، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا إِذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : مَا أُحِبُّ إِلَّا أَنْ يُصِيبَنِي مِمَّا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ، فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي ، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، فَخَرَجَ ، فَقُلْتُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي ، قُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ ، فَخَرَجَ ، فَقُلْتُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَدَخَلَ فَأَجَابَ الْبَابَ ، قَالَ : فَانْصَرَفْتُ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَائْتِ فُلَانًا ، رَجُلًا لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ ، فَأَصْغِ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ : إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ ، فَإِنَّهُ سَوْفَ يَظْهَرُ عَلَيْكَ وَيَصِيحُ وَيُعْلِنُهُ ، قَالَ : فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ جِئْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَدَنَوْتُ فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ : إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ ، فَقَالَ : قَدْ صَبَوْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَرَفَعَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ : أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَا ، فَثَابَ إِلَيَّ النَّاسُ فَضَرَبُونِي وَضَرَبْتُهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ خَالِي : مَا هَذَا ؟ فَقِيلَ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ : أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي ، فَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنِّي ، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ ، وَأَنَا لَا أُضْرَبُ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمْهَلْتُ حَتَّى إِذَا جُلِسَ فِي الْحِجْرِ ، دَخَلْتُ إِلَى خَالِي قُلْتُ : اسْمَعْ ، قَالَ : مَا أَسْمَعُ ؟ قُلْتُ : جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ ، فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أُخْتِي ، قُلْتُ : بَلَى هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : مَا شِئْتَ ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ أَبُو عَلِيٍّ قثنا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، يَعْنِي : ابْنَ أَسْلَمَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَوَّلَ إِسْلَامِي ؟ قَالَ : قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فِي الْهَاجِرَةِ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قُلْتُ : أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي الَّذِي ، فَقَالَ : عَجَبٌ لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى آخِرِهِ