• 2305
  • عَنْ أُمِّهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَتْ : وَاللَّهِ ، إِنَّهُ لَنَرْتَحِلُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدْ ذَهَبَ عَامِرٌ فِي بَعْضِ حَاجَتِنَا ، إِذْ أَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ ، قَالَتْ : وَكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ الْبَلَاءَ أَذًى لَنَا وَشَرًّا عَلَيْنَا ، فَقَالَتْ : فَقَالَ : إِنَّهُ لَانْطِلَاقٌ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَنَخْرُجَنَّ فِي أَرْضِ اللَّهِ ، آذَيْتُمُونَا وَقَهَرْتُمُونَا ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَنَا مَخْرَجًا ، قَالَتْ : فَقَالَ : صَحِبَكُمُ اللَّهُ ، وَرَأَيْتُ لَهُ رِقَّةً لَمْ أَكُنْ أَرَاهَا ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ أَحْزَنَهُ فِيمَا أَرَى خُرُوجُنَا ، قَالَتْ : فَجَاءَ عَامِرٌ مِنْ حَاجَتِنَا تِلْكَ فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا وَرِقَّتَهُ وَحُزْنَهُ عَلَيْنَا ، قَالَ : أَطَمِعْتِ فِي إِسْلَامِهِ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : لَا يُسْلِمُ الَّذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ ، قَالَتْ : يَأْسًا لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ . وَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ أُخْتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْخَطَّابِ ، وَكَانَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ زَوْجُهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ مَعَهَا ، وَهُمْ يَسْتَخْفُونَ بِإِسْلَامِهِمْ مِنْ عُمَرَ ، وَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمَ ، وَكَانَ أَيْضًا يَسْتَخْفِي بِإِسْلَامِهِ فَرَقًا مِنْ قَوْمِهِ ، وَكَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ يَخْتَلِفُ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ يُقْرِئُهَا الْقُرْآنَ ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ ، فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ، وَلَمْ يَخْرُجْ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، فَلَقِيَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ مُحَمَّدًا ، هَذَا الصَّابِيءُ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ أَمْرَ قُرَيْشٍ ، وَسَفَّهَ أَحْلَامَهَا ، وَعَابَ دِينَهَا ، وَسَبَّ آلِهَتَهَا ، فَأَقْتُلُهُ ، فَقَالَ لَهُ نُعَيْمٌ : وَاللَّهِ ، لَقَدْ غَرَّتْكَ نَفْسُكَ مِنْ نَفْسِكَ يَا عُمَرُ ، أَتَرَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَارِكِيكَ تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا ؟ أَفَلَا تَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ فَتُقِيمَ أَمْرَهُمْ ؟ قَالَ : وَأَيُّ أَهْلِ بَيْتِي ؟ قَالَ : خَتَنُكَ وَابْنُ عَمِّكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، وَأُخْتُكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ ، فَقَدْ أَسْلَمَا وَتَابَعَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دِينِهِ ، فَعَلَيْكَ بِهِمَا ، فَرَجَعَ عُمَرُ عَامِدًا لِخَتَنِهِ وَأُخْتِهِ ، وَعِنْدَهُمَا خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ مَعَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا طَهَ يُقْرِئُهُمَا إِيَّاهَا ، فَلَمَّا سَمِعُوا حَسَّ عُمَرَ تَغَيَّبَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ فِي مَخْدَعٍ لِعُمَرَ أَوْ فِي بَعْضِ الْبَيْتِ ، وَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ الصَّحِيفَةَ فَجَعَلَتْهَا تَحْتَ فَخِذِهَا ، وَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ حِينَ دَنَا مِنَ الْبَيْتِ قِرَاءَتَهُ عَلَيْهِمَا ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا ؟ قَالَا : مَا سَمِعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ عَمَّا تَابَعْتُمَا مُحَمَّدًا عَلَى دِينِهِ ، وَبَطَشَ بِخَتَنِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَقَامَتْ إِلَيْهِ فَاطِمَةُ أُخْتُهُ لِتَكُفَّهُ عَنْ زَوْجِهَا ، فَضَرَبَهَا فَشَجَّهَا ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ وَخَتَنُهُ : نَعَمْ ، قَدْ أَسْلَمْنَا وَآمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ . وَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِأُخْتِهِ مِنَ الدَّمِ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَارْعَوَى وَقَالَ لِأُخْتِهِ : أَعْطِينِي هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الَّتِي سَمِعْتُكُمْ تُقْرَآنِ آنِفًا أَنْظُرْ مَا هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ؟ وَكَانَ عُمَرُ كَاتِبًا ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ : إِنَّا نَخْشَاكَ عَلَيْهَا ، قَالَ : لَا تَخَافِي ، وَحَلَفَ لَهَا بِآلِهَتِهِ لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا إِذَا قَرَأَهَا ، فَلَمَّا قَالَ لَهَا ذَلِكَ طَمِعَتْ فِي إِسْلَامِهِ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَخِي ، إِنَّكَ نَجِسٌ عَلَى شِرْكِكَ ، وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهَا إِلَّا الطَّاهِرُ ، فَقَامَ عُمَرُ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ الصَّحِيفَةَ ، وَفِيهَا طَهَ ، فَقَرَأَهَا ، فَلَمَّا قَرَأَ صَدْرًا مِنْهَا قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ : يَا عُمَرُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ خَصَّكَ بِدَعْوَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " ، فَاللَّهَ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ : فَادْلُلَّنِي عَلَيْهِ يَا خَبَّابُ حَتَّى آتِيَهُ فَأُسْلِمَ ، فَقَالَ لَهُ خَبَّابٌ : هُوَ فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا ، مَعَهُ فِئَةٌ ، يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَتَوَشَّحَهُ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْبَابَ ، فَرَآهُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فَزِعٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : فَائْذَنْ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ خَيْرًا بَذَلْنَا لَهُ ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ شَرًّا قَتَلْنَاهُ بِسَيْفِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ائْذَنْ لَهُ " ، فَأَذِنَ لَهُ الرَّجُلُ وَنَهَضَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَقِيَهُ فِي الْحُجْرَةِ ، فَأَخَذَ بِحُجْزَتِهِ أَوْ بِجُمْعِ رِدَائِهِ ، ثُمَّ جَبَذَهُ جَبْذَةً شَدِيدَةً وَقَالَ : " مَا جَاءَ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَنْتَهِيَ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ قَارِعَةً " ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْتُكَ أُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، قَالَ : فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِيرَةً عَرَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ أَسْلَمَ ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ عَزُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ حِينَ أَسْلَمَ عُمَرُ مَعَ إِسْلَامِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمَا سَيَمْنَعَانِ رَسُولَ اللَّهِ ، وَيَنْتَصِفُونَ بِهِمَا مِنْ عَدُوِّهِمْ .

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَتْ : وَاللَّهِ ، إِنَّهُ لَنَرْتَحِلُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدْ ذَهَبَ عَامِرٌ فِي بَعْضِ حَاجَتِنَا ، إِذْ أَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ ، قَالَتْ : وَكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ الْبَلَاءَ أَذًى لَنَا وَشَرًّا عَلَيْنَا ، فَقَالَتْ : فَقَالَ : إِنَّهُ لَانْطِلَاقٌ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَنَخْرُجَنَّ فِي أَرْضِ اللَّهِ ، آذَيْتُمُونَا وَقَهَرْتُمُونَا ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَنَا مَخْرَجًا ، قَالَتْ : فَقَالَ : صَحِبَكُمُ اللَّهُ ، وَرَأَيْتُ لَهُ رِقَّةً لَمْ أَكُنْ أَرَاهَا ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ أَحْزَنَهُ فِيمَا أَرَى خُرُوجُنَا ، قَالَتْ : فَجَاءَ عَامِرٌ مِنْ حَاجَتِنَا تِلْكَ فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا وَرِقَّتَهُ وَحُزْنَهُ عَلَيْنَا ، قَالَ : أَطَمِعْتِ فِي إِسْلَامِهِ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : لَا يُسْلِمُ الَّذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ ، قَالَتْ : يَأْسًا لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ . وَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ أُخْتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْخَطَّابِ ، وَكَانَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ زَوْجُهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ مَعَهَا ، وَهُمْ يَسْتَخْفُونَ بِإِسْلَامِهِمْ مِنْ عُمَرَ ، وَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمَ ، وَكَانَ أَيْضًا يَسْتَخْفِي بِإِسْلَامِهِ فَرَقًا مِنْ قَوْمِهِ ، وَكَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ يَخْتَلِفُ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ يُقْرِئُهَا الْقُرْآنَ ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ ، فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَكَّةَ ، وَلَمْ يَخْرُجْ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، فَلَقِيَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ مُحَمَّدًا ، هَذَا الصَّابِيءُ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ أَمْرَ قُرَيْشٍ ، وَسَفَّهَ أَحْلَامَهَا ، وَعَابَ دِينَهَا ، وَسَبَّ آلِهَتَهَا ، فَأَقْتُلُهُ ، فَقَالَ لَهُ نُعَيْمٌ : وَاللَّهِ ، لَقَدْ غَرَّتْكَ نَفْسُكَ مِنْ نَفْسِكَ يَا عُمَرُ ، أَتَرَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَارِكِيكَ تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا ؟ أَفَلَا تَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ فَتُقِيمَ أَمْرَهُمْ ؟ قَالَ : وَأَيُّ أَهْلِ بَيْتِي ؟ قَالَ : خَتَنُكَ وَابْنُ عَمِّكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، وَأُخْتُكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ ، فَقَدْ أَسْلَمَا وَتَابَعَا مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى دِينِهِ ، فَعَلَيْكَ بِهِمَا ، فَرَجَعَ عُمَرُ عَامِدًا لِخَتَنِهِ وَأُخْتِهِ ، وَعِنْدَهُمَا خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ مَعَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا طَهَ يُقْرِئُهُمَا إِيَّاهَا ، فَلَمَّا سَمِعُوا حَسَّ عُمَرَ تَغَيَّبَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ فِي مَخْدَعٍ لِعُمَرَ أَوْ فِي بَعْضِ الْبَيْتِ ، وَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ الصَّحِيفَةَ فَجَعَلَتْهَا تَحْتَ فَخِذِهَا ، وَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ حِينَ دَنَا مِنَ الْبَيْتِ قِرَاءَتَهُ عَلَيْهِمَا ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا ؟ قَالَا : مَا سَمِعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ عَمَّا تَابَعْتُمَا مُحَمَّدًا عَلَى دِينِهِ ، وَبَطَشَ بِخَتَنِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَقَامَتْ إِلَيْهِ فَاطِمَةُ أُخْتُهُ لِتَكُفَّهُ عَنْ زَوْجِهَا ، فَضَرَبَهَا فَشَجَّهَا ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ وَخَتَنُهُ : نَعَمْ ، قَدْ أَسْلَمْنَا وَآمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ . وَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِأُخْتِهِ مِنَ الدَّمِ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَارْعَوَى وَقَالَ لِأُخْتِهِ : أَعْطِينِي هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الَّتِي سَمِعْتُكُمْ تُقْرَآنِ آنِفًا أَنْظُرْ مَا هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ؟ وَكَانَ عُمَرُ كَاتِبًا ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ : إِنَّا نَخْشَاكَ عَلَيْهَا ، قَالَ : لَا تَخَافِي ، وَحَلَفَ لَهَا بِآلِهَتِهِ لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا إِذَا قَرَأَهَا ، فَلَمَّا قَالَ لَهَا ذَلِكَ طَمِعَتْ فِي إِسْلَامِهِ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَخِي ، إِنَّكَ نَجِسٌ عَلَى شِرْكِكَ ، وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهَا إِلَّا الطَّاهِرُ ، فَقَامَ عُمَرُ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ الصَّحِيفَةَ ، وَفِيهَا طَهَ ، فَقَرَأَهَا ، فَلَمَّا قَرَأَ صَدْرًا مِنْهَا قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ : يَا عُمَرُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ خَصَّكَ بِدَعْوَةِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَاللَّهَ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ : فَادْلُلَّنِي عَلَيْهِ يَا خَبَّابُ حَتَّى آتِيَهُ فَأُسْلِمَ ، فَقَالَ لَهُ خَبَّابٌ : هُوَ فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا ، مَعَهُ فِئَةٌ ، يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَتَوَشَّحَهُ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْبَابَ ، فَرَآهُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فَزِعٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : فَائْذَنْ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ خَيْرًا بَذَلْنَا لَهُ ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ شَرًّا قَتَلْنَاهُ بِسَيْفِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ائْذَنْ لَهُ ، فَأَذِنَ لَهُ الرَّجُلُ وَنَهَضَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى لَقِيَهُ فِي الْحُجْرَةِ ، فَأَخَذَ بِحُجْزَتِهِ أَوْ بِجُمْعِ رِدَائِهِ ، ثُمَّ جَبَذَهُ جَبْذَةً شَدِيدَةً وَقَالَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَنْتَهِيَ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ قَارِعَةً ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْتُكَ أُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، قَالَ : فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَكْبِيرَةً عَرَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ أَسْلَمَ ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ عَزُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ حِينَ أَسْلَمَ عُمَرُ مَعَ إِسْلَامِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمَا سَيَمْنَعَانِ رَسُولَ اللَّهِ ، وَيَنْتَصِفُونَ بِهِمَا مِنْ عَدُوِّهِمْ . فَهَذَا حَدِيثُ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ