رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ فِي أَمْرِ الْحَكَمَيْنِ فَدَخَلَ دَارَ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَدَخَلْتُ مَعَهُ , فَمَا زَالَ يَرْمِي إِلَيْهِ رَجُلٌ ثُمَّ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ " يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَفَرْتَ وَأَشْرَكْتَ وَنَدَّدْتَ , قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَذَا ، وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ، وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ، حَتَّى دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ , قَالَ : وَمَنْ هُمْ ؟ هُمْ وَاللَّهِ السِّنُّ الْأُوَلُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ، هُمْ وَاللَّهِ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ وَالسَّوَارِي ، قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : انْظُرُوا أَخْصَمَكُمْ وَأَجْدَلَكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِحُجَّتِكُمْ , فَلْيَتَكَلَّمْ , فَاخْتَارُوا رَجُلًا أَعْوَرَ يُقَالُ لَهُ عَتَّابٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ , فَقَامَ فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ كَذَا , وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ; كَأَنَّمَا يَنْزِعُ بِحَاجَتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ , قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنِّي أَرَاكَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ عَالِمًا بِمَا قَدْ فَصَلْتَ وَوَصَلْتَ , أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ سَأَلُوا الْقَضِيَّةَ فَكَرِهْنَاهَا وَأَبَيْنَاهَا , فَلَمَّا أَصَابَتْكُمُ الْجُرُوحُ وَعَضَّكُمُ الْأَلَمُ وَمُنِعْتُمْ مَاءَ الْفُرَاتِ وَأَنْشَأْتُمْ تَطْلُبُونَهَا , وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ أُتِيَ بِفَرَسٍ بَعِيدِ الْبَطْنِ مِنَ الْأَرْضِ لِيَهْرُبَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَاهُ آتٍ مِنْكُمْ , فَقَالَ : إِنِّي تَرَكْتُ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَمُوجُونَ مِثْلَ النَّاسِ لَيْلَةَ النَّفْرِ بِمَكَّةَ , يَقُولُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِثْلُ لَيْلَةِ النَّفْرِ بِمَكَّةَ , قَالَ : ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ , أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , أَيَّ رَجُلٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا : خَيْرٌ ، وَأَثْنَوْا ، فَقَالَ : أَفَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَأَصَابَ ظَبْيًا أَوْ بَعْضَ هَوَامِّ الْأَرْضِ فَحَكَمَ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ , أَكَانَ لَهُ , وَاللَّهُ يَقُولُ {{ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ }} فَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْأُمَّةِ أَعْظَمُ , يَقُولُ : فَلَا تُنْكِرُوا حَكَمَيْنِ فِي دِمَاءِ الْأُمَّةِ , وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي قَتْلِ طَائِرٍ حَكَمَيْنِ , وَقَدْ جَعَلَ بَيْنَ اخْتِلَافِ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ حَكَمَيْنِ لِإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ بَيْنَهُمَا فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ "
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : إِنِّي لَخَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ إِذْ رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ فِي أَمْرِ الْحَكَمَيْنِ فَدَخَلَ دَارَ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَدَخَلْتُ مَعَهُ , فَمَا زَالَ يَرْمِي إِلَيْهِ رَجُلٌ ثُمَّ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَفَرْتَ وَأَشْرَكْتَ وَنَدَّدْتَ , قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَذَا ، وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ، وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ، حَتَّى دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ , قَالَ : وَمَنْ هُمْ ؟ هُمْ وَاللَّهِ السِّنُّ الْأُوَلُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ، هُمْ وَاللَّهِ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ وَالسَّوَارِي ، قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : انْظُرُوا أَخْصَمَكُمْ وَأَجْدَلَكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِحُجَّتِكُمْ , فَلْيَتَكَلَّمْ , فَاخْتَارُوا رَجُلًا أَعْوَرَ يُقَالُ لَهُ عَتَّابٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ , فَقَامَ فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ كَذَا , وَقَالَ اللَّهُ كَذَا ; كَأَنَّمَا يَنْزِعُ بِحَاجَتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ , قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنِّي أَرَاكَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ عَالِمًا بِمَا قَدْ فَصَلْتَ وَوَصَلْتَ , أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ سَأَلُوا الْقَضِيَّةَ فَكَرِهْنَاهَا وَأَبَيْنَاهَا , فَلَمَّا أَصَابَتْكُمُ الْجُرُوحُ وَعَضَّكُمُ الْأَلَمُ وَمُنِعْتُمْ مَاءَ الْفُرَاتِ وَأَنْشَأْتُمْ تَطْلُبُونَهَا , وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ أُتِيَ بِفَرَسٍ بَعِيدِ الْبَطْنِ مِنَ الْأَرْضِ لِيَهْرُبَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَاهُ آتٍ مِنْكُمْ , فَقَالَ : إِنِّي تَرَكْتُ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَمُوجُونَ مِثْلَ النَّاسِ لَيْلَةَ النَّفْرِ بِمَكَّةَ , يَقُولُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِثْلُ لَيْلَةِ النَّفْرِ بِمَكَّةَ , قَالَ : ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ , أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , أَيَّ رَجُلٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا : خَيْرٌ ، وَأَثْنَوْا ، فَقَالَ : أَفَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَأَصَابَ ظَبْيًا أَوْ بَعْضَ هَوَامِّ الْأَرْضِ فَحَكَمَ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ , أَكَانَ لَهُ , وَاللَّهُ يَقُولُ {{ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ }} فَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْأُمَّةِ أَعْظَمُ , يَقُولُ : فَلَا تُنْكِرُوا حَكَمَيْنِ فِي دِمَاءِ الْأُمَّةِ , وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي قَتْلِ طَائِرٍ حَكَمَيْنِ , وَقَدْ جَعَلَ بَيْنَ اخْتِلَافِ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ حَكَمَيْنِ لِإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ بَيْنَهُمَا فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ