• 2417
  • أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ , وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُدْعَى نَاجِيَةَ يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ , حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدِيرًا بِعُسْفَانَ يُقَالُ لَهُ غَدِيرُ الْأَسْطَاطِ فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الْأَسْطَاطِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , تَرَكْتُ قَوْمَكَ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدِ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ , وَتَرَكْتُ عُبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ , وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " مَاذَا تَقُولُونَ ؟ مَاذَا تَرَوْنَ ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ , قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ مَرَّتَيْنِ وَمَا صَنَعَتْ , فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ " , قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا , وَمَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ , أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ , فَإِنْ أَتْبَعْنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , الْأَمْرُ أَمْرُكَ وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ , فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْفِعْلِ , فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ وَلَا الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ فَتْرَةَ الْجَيْشِ وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ , فَبَرَكَتْ فَقَالَ : حَلْ حَلْ , فَلَمْ تَنْبَعِثْ , فَقَالُوا : خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ , قَالَ : " إِنَّهَا وَاللَّهِ مَا خَلَأَتْ , وَلَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ , وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ , أَمَّا وَاللَّهِ لَا يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً ، وَلَا يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا " , ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ , فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ عَوْدُهُ عَلَى بَدْئِهِ , حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرُّضًا , فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِلَّةَ الْمَاءِ , فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ , فَأَمَرَ رَجُلًا فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ , فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ , فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ , قَالَ : " يَا بُدَيْلُ , إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ , إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ , وَإِلَّا فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ , هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ , وَيُخَلُّونَ فِيهَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ , فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ ، أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ , وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا " , قَالَ بُدَيْلٌ : سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ , فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ فَقَالُوا : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ , فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ : لَا تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا , وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ : بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ ، وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ , قَالَ : وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ , فَوَثَبَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ , أَلَسْتُ بِالْوَلَدِ وَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ , أَوَلَسْتُ قَدِ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ , فَلَمَّا مَلَجُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي , قَالُوا : بَلَى , قَدْ فَعَلْتَ , قَالَ : فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ , قَالُوا : فَاذْهَبْ , فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ ، كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ لَا يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ , وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : أَنْ يُجْتَاحَ قَوْمُكَ , فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطُّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ , وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ , فَإِنِّي لَا أَرَى مَعَكَ إِلَّا أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ , لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَلَا وُجُوهَهُمْ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَضِبَ : امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ , أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ أَوْ نُسْلِمُهُ , فَقَالَ عُرْوَةُ : أَمَّا وَاللَّهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ , وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ , وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ , فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ , وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ , حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , قَالَ عُرْوَةُ : أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ , وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ الْأَمْسِ بِعُكَاظٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ , فَقَامَ عُرْوَةُ فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ , عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ , وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ , وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ , وَاللَّهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ , وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ , فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ , فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ , قَالُوا : اجْلِسْ وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ : الْحُلَيْسُ , فَقَالُوا : انْطَلِقْ فَانْظُرْ مَا قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ , فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا عَرَفَهُ ; قَالَ : هَذَا الْحُلَيْسُ , وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ , فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ , فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنَتٌ ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ , قَالُوا : اجْلِسْ : وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , فَبَعَثُوهُ , فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلِأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ , فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ , فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ , فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ : قَدْ بَعَثَنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمِ ، اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : مَا أَعْرِفُ اللَّهَ وَلَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ ، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالُوا : لَا نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , قَالَ سُهَيْلٌ : إِذًا لَا أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : لَا أُقِرُّ , لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا خَالَفْتُكَ وَلَا عَصَيْتُكَ , وَلَكِنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا , قَالَ : " اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى , قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي , وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ بِنَاحِيَةٍ , فَأَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , فَقَالَ : نَعَمْ , قَالَ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى , قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ; قَالَ : دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ , فَإِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ وَلَنْ يَعْصِيَهُ , وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ ، قَالَ : أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلَا حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ , وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ , فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ قَدْ خَلَا لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ , فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ , فَقَالَ , هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ ; فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا سُهَيْلُ ، إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ , قَالَ : وَلَا أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ , قَالَ : فَشَأْنُكَ بِهِ ، قَالَ : فَهَشَّ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي , فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ وَعُمَرُ يَقُولُ : إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ , وَمَعَكَ السَّيْفُ , فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ , فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ , فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ رَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ وَأَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ , فَكَأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ , فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا نَرَاهَا مِنْكَ صِلَةً أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْكَ وَتَجْمَعَهُمْ , فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ , وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَقْضِي نُسُكَهُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ , فَقَالُوا : لَا تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا ، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا , فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلَاثًا , وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلنَّاسِ : قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ ، وَاحْلِقُوا وَحِلُّوا , فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلَا تَحَرَّكَ , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ , فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ , فَقَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ , مَا بَالُ النَّاسِ , أَمَرْتُهُمْ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا وَأَنْ يَحْلِقُوا وَأَنْ يَحِلُّوا فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ , قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , اخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ وَدَعَا حَلَّاقًا فَحَلَقَهُ , فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ , وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَضُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا , لِكُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ "

    حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ , وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُدْعَى نَاجِيَةَ يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ , حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَدِيرًا بِعُسْفَانَ يُقَالُ لَهُ غَدِيرُ الْأَسْطَاطِ فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الْأَسْطَاطِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , تَرَكْتُ قَوْمَكَ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدِ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ , وَتَرَكْتُ عُبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ , وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَاذَا تَقُولُونَ ؟ مَاذَا تَرَوْنَ ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ , قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ مَرَّتَيْنِ وَمَا صَنَعَتْ , فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ , قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا , وَمَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ , أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ , فَإِنْ أَتْبَعْنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , الْأَمْرُ أَمْرُكَ وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ , فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْفِعْلِ , فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ وَلَا الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ فَتْرَةَ الْجَيْشِ وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ , فَبَرَكَتْ فَقَالَ : حَلْ حَلْ , فَلَمْ تَنْبَعِثْ , فَقَالُوا : خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ , قَالَ : إِنَّهَا وَاللَّهِ مَا خَلَأَتْ , وَلَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ , وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ , أَمَّا وَاللَّهِ لَا يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً ، وَلَا يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا , ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ , فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ عَوْدُهُ عَلَى بَدْئِهِ , حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرُّضًا , فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قِلَّةَ الْمَاءِ , فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ , فَأَمَرَ رَجُلًا فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ , فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ , فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ , قَالَ : يَا بُدَيْلُ , إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ , إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ , وَإِلَّا فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ , هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ , وَيُخَلُّونَ فِيهَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ , فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ ، أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ , وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا , قَالَ بُدَيْلٌ : سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ , فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ فَقَالُوا : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ , فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ : لَا تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا , وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ : بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ ، وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ , قَالَ : وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ , فَوَثَبَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ , أَلَسْتُ بِالْوَلَدِ وَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ , أَوَلَسْتُ قَدِ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ , فَلَمَّا مَلَجُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي , قَالُوا : بَلَى , قَدْ فَعَلْتَ , قَالَ : فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ , قَالُوا : فَاذْهَبْ , فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ ، كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ لَا يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ , وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : أَنْ يُجْتَاحَ قَوْمُكَ , فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطُّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ , وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ , فَإِنِّي لَا أَرَى مَعَكَ إِلَّا أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ , لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَلَا وُجُوهَهُمْ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَضِبَ : امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ , أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ أَوْ نُسْلِمُهُ , فَقَالَ عُرْوَةُ : أَمَّا وَاللَّهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ , وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ , وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ , فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ , وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ , حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , قَالَ عُرْوَةُ : أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ , وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ الْأَمْسِ بِعُكَاظٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ , فَقَامَ عُرْوَةُ فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ , عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ , وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ , وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ , وَاللَّهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ , وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ , فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ , فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ , قَالُوا : اجْلِسْ وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ : الْحُلَيْسُ , فَقَالُوا : انْطَلِقْ فَانْظُرْ مَا قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ , فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُقْبِلًا عَرَفَهُ ; قَالَ : هَذَا الْحُلَيْسُ , وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ , فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ , فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنَتٌ ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ , قَالُوا : اجْلِسْ : وَدَعَوْا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , فَبَعَثُوهُ , فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلِأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ , فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ , فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ , فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ : قَدْ بَعَثَنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمِ ، اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : مَا أَعْرِفُ اللَّهَ وَلَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ ، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالُوا : لَا نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , قَالَ سُهَيْلٌ : إِذًا لَا أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : لَا أُقِرُّ , لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا خَالَفْتُكَ وَلَا عَصَيْتُكَ , وَلَكِنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا , قَالَ : اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى , قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي , وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ بِنَاحِيَةٍ , فَأَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , فَقَالَ : نَعَمْ , قَالَ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ؟ أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى , قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ; قَالَ : دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ , فَإِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ وَلَنْ يَعْصِيَهُ , وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ ، قَالَ : أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلَا حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ , وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ , فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ قَدْ خَلَا لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ , فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ , فَقَالَ , هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ ; فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا سُهَيْلُ ، إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ , قَالَ : وَلَا أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ , قَالَ : فَشَأْنُكَ بِهِ ، قَالَ : فَهَشَّ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي , فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ وَعُمَرُ يَقُولُ : إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ , وَمَعَكَ السَّيْفُ , فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ , فَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ , فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ رَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ وَأَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ , فَكَأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ , فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّا نَرَاهَا مِنْكَ صِلَةً أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْكَ وَتَجْمَعَهُمْ , فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ , وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَقْضِي نُسُكَهُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ , فَقَالُوا : لَا تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا ، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا , فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلَاثًا , وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لِلنَّاسِ : قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ ، وَاحْلِقُوا وَحِلُّوا , فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلَا تَحَرَّكَ , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ , فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ , فَقَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ , مَا بَالُ النَّاسِ , أَمَرْتُهُمْ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا وَأَنْ يَحْلِقُوا وَأَنْ يَحِلُّوا فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ , قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , اخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ وَدَعَا حَلَّاقًا فَحَلَقَهُ , فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ , وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَضُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا , لِكُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ