جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، إِنَّكَ قَدْ أَصْبَحْتَ عَلَى جَنَاحِ فِرَاقِ الدُّنْيَا ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، وَأَذْكُرُكَ بِهِ ، فَقَالَ : " إِنَّكَ مِنْ أُمَّةٍ مُعَافَاةٍ ، فَأَقِمِ الصَّلَاةَ ، وَأَدِّ الزَّكَاةَ إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ ، وَصُمْ رَمَضَانَ ، وَاجْتَنِبْ الْفَوَاحِشَ ، ثُمَّ أَبْشِرْ " ، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَنَفَضَ الرَّجُلُ رِدَاءَهُ ، ثُمَّ قَالَ : {{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ }} ، إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }} ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " عَلَيَّ بِالرَّجُلِ " ، فَجَاءَ ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " مَا قُلْتُ ؟ " ، قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مُعَلَّمًا ، عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ إِلَّا قَوْلًا وَاحِدًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " اجْلِسْ ثُمَّ اعْقِلْ مَا أَقُولُ لَكَ : أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا عَرْضُ ذِرَاعَيْنِ فِي طُولِ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ ، أَقْبَلَ بِكَ أَهْلُكَ الَّذِينَ كَانُوا لَا يُحِبُّونَ فِرَاقَكَ وَجُلَسَاؤُكَ وَإِخْوَانُكَ فَأَتْقَنُوا عَلَيْكَ الْبُنْيَانَ وَأَكْثَرُوا عَلَيْكَ التُّرَابَ وَتَرَكُوكَ لِمِثْلِكَ ذَلِكَ ، وَجَاءَكَ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ جَعْدَانِ ، أَسْمَاهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ، فَأَجْلَسَاكَ ، ثُمَّ سَأَلَاكَ : مَا أَنْتَ وَعَلَى مَاذَا كُنْتَ ؟ وَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَإِنْ قُلْتَ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْتُ قَوْلَ النَّاسِ ، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، وَإِنْ قُلْتَ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ ، فَآمَنْتُ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ إِلَّا بِتَثْبِيتٍ مِنَ اللَّهِ مَعَ مَا تَرَى مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّخْوِيفِ ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمَيْكَ ، وَيَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ ، النَّاسُ فِيهِ قِيَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَأُدْنِيَتِ الشَّمْسُ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الظِّلِّ فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الشَّمْسِ فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ جِيءَ بِجَهَنَّمَ قَدْ سَدَّتْ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ وَقِيلَ : لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ حَتَّى تَخُوضَ النَّارَ ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ نُورٌ اسْتَقَامَ بِكَ الصِّرَاطُ ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ نُورٌ تَشَبَّثَتْ بِكَ بَعْضُ خَطَاطِيفِ جَهَنَّمَ ، أَوْ كَلَالِيبِهَا ، أَوْ شَبَابِيَّتِهَا ، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، فَوَرَبِّ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، إِنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ ، فَاعْقِلْ مَا أَقُولُ "
غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، إِنَّكَ قَدْ أَصْبَحْتَ عَلَى جَنَاحِ فِرَاقِ الدُّنْيَا ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، وَأَذْكُرُكَ بِهِ ، فَقَالَ : إِنَّكَ مِنْ أُمَّةٍ مُعَافَاةٍ ، فَأَقِمِ الصَّلَاةَ ، وَأَدِّ الزَّكَاةَ إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ ، وَصُمْ رَمَضَانَ ، وَاجْتَنِبْ الْفَوَاحِشَ ، ثُمَّ أَبْشِرْ ، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَنَفَضَ الرَّجُلُ رِدَاءَهُ ، ثُمَّ قَالَ : {{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ }} ، إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }} ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : عَلَيَّ بِالرَّجُلِ ، فَجَاءَ ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَا قُلْتُ ؟ ، قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مُعَلَّمًا ، عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ إِلَّا قَوْلًا وَاحِدًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ : اجْلِسْ ثُمَّ اعْقِلْ مَا أَقُولُ لَكَ : أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا عَرْضُ ذِرَاعَيْنِ فِي طُولِ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ ، أَقْبَلَ بِكَ أَهْلُكَ الَّذِينَ كَانُوا لَا يُحِبُّونَ فِرَاقَكَ وَجُلَسَاؤُكَ وَإِخْوَانُكَ فَأَتْقَنُوا عَلَيْكَ الْبُنْيَانَ وَأَكْثَرُوا عَلَيْكَ التُّرَابَ وَتَرَكُوكَ لِمِثْلِكَ ذَلِكَ ، وَجَاءَكَ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ جَعْدَانِ ، أَسْمَاهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ، فَأَجْلَسَاكَ ، ثُمَّ سَأَلَاكَ : مَا أَنْتَ وَعَلَى مَاذَا كُنْتَ ؟ وَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَإِنْ قُلْتَ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْتُ قَوْلَ النَّاسِ ، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، وَإِنْ قُلْتَ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ ، فَآمَنْتُ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ إِلَّا بِتَثْبِيتٍ مِنَ اللَّهِ مَعَ مَا تَرَى مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّخْوِيفِ ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمَيْكَ ، وَيَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ ، النَّاسُ فِيهِ قِيَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَأُدْنِيَتِ الشَّمْسُ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الظِّلِّ فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الشَّمْسِ فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ جِيءَ بِجَهَنَّمَ قَدْ سَدَّتْ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ وَقِيلَ : لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ حَتَّى تَخُوضَ النَّارَ ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ نُورٌ اسْتَقَامَ بِكَ الصِّرَاطُ ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ نُورٌ تَشَبَّثَتْ بِكَ بَعْضُ خَطَاطِيفِ جَهَنَّمَ ، أَوْ كَلَالِيبِهَا ، أَوْ شَبَابِيَّتِهَا ، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ ، فَوَرَبِّ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، إِنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ ، فَاعْقِلْ مَا أَقُولُ