" أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ ، فِي بَعْضِ مَسِيرِهِ دَخَلَ مَدِينَةً ، فَاسْتَكَفَّ عَلَيْهِ أَهْلُهَا ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَرْكَبِهِ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ ، وَالصِّبْيَانِ ، وَعِنْدَ بَابِهَا شَيْخٌ عَلَى عَمَلٍ لَهُ ، فَمَرَّ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَلَمْ يَلْتَفِتِ الشَّيْخُ إِلَيْهِ ، فَعَجِبَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ اسْتَكَفَّ لِيَ النَّاسُ وَنَظَرُوا إِلَى مَرْكِبِي ، فَقَالَ : فَمَا بَالُكَ أَنْتَ ؟ قَالَ : لَمْ يُعْجِبْنِي مَا أَنْتَ فِيهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ مَلِكًا مَاتَ فِي يَوْمٍ هُوَ وَمِسْكِينٌ ، وَلِمَوْتَانَا مَوْضِعٌ يُجْعَلُونَ فِيهِ ، فَأُدْخِلَا جَمِيعًا ، فَاطَّلَعْتُهُمَا بَعْدَ أَيَّامٍ ، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ أَكْفَانُهُمَا ، ثُمَّ اطَّلعْتُهُمَا وَقَدْ تَزَايَلَ لُحُومُهُمَا ، ثُمَّ رَأَيْتُهُمَا تَقَلَّصَتِ الْعِظَامُ وَاخْتَلَطَتْ ، فَمَا أَعْرِفُ الْمَلِكَ مِنَ الْمِسْكِينِ ، فَمَا يُعْجِبُنِي مُلْكُكَ ؟ قَالَ : مَا كَسْبُكَ ؟ قَالَ : فِي يَدِي عَمَلٌ ، أَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، فَدِرِهَمٌ أَقْضِيهِ ، وَدِرْهَمٌ آكُلُهُ ، وَدِرْهَمٌ أُسَلِّفُهُ ، فَأَمَّا الدِّرْهَمُ الَّذِي أَقْضِي فَأُنْفِقُهُ عَلَى أَبَوَيَّ ، كَمَا كَانَا يُنْفِقَانِ عَلَيَّ وَأَنَا صَغِيرٌ حَتَّى بَلَغْتُ ، فَأَنَا أَقْضِيهِمَا قَالَ : أَنْتَ ، فَلَمَّا خَرَجَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ "
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ ، فِي بَعْضِ مَسِيرِهِ دَخَلَ مَدِينَةً ، فَاسْتَكَفَّ عَلَيْهِ أَهْلُهَا ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَرْكَبِهِ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ ، وَالصِّبْيَانِ ، وَعِنْدَ بَابِهَا شَيْخٌ عَلَى عَمَلٍ لَهُ ، فَمَرَّ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَلَمْ يَلْتَفِتِ الشَّيْخُ إِلَيْهِ ، فَعَجِبَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ اسْتَكَفَّ لِيَ النَّاسُ وَنَظَرُوا إِلَى مَرْكِبِي ، فَقَالَ : فَمَا بَالُكَ أَنْتَ ؟ قَالَ : لَمْ يُعْجِبْنِي مَا أَنْتَ فِيهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ مَلِكًا مَاتَ فِي يَوْمٍ هُوَ وَمِسْكِينٌ ، وَلِمَوْتَانَا مَوْضِعٌ يُجْعَلُونَ فِيهِ ، فَأُدْخِلَا جَمِيعًا ، فَاطَّلَعْتُهُمَا بَعْدَ أَيَّامٍ ، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ أَكْفَانُهُمَا ، ثُمَّ اطَّلعْتُهُمَا وَقَدْ تَزَايَلَ لُحُومُهُمَا ، ثُمَّ رَأَيْتُهُمَا تَقَلَّصَتِ الْعِظَامُ وَاخْتَلَطَتْ ، فَمَا أَعْرِفُ الْمَلِكَ مِنَ الْمِسْكِينِ ، فَمَا يُعْجِبُنِي مُلْكُكَ ؟ قَالَ : مَا كَسْبُكَ ؟ قَالَ : فِي يَدِي عَمَلٌ ، أَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، فَدِرِهَمٌ أَقْضِيهِ ، وَدِرْهَمٌ آكُلُهُ ، وَدِرْهَمٌ أُسَلِّفُهُ ، فَأَمَّا الدِّرْهَمُ الَّذِي أَقْضِي فَأُنْفِقُهُ عَلَى أَبَوَيَّ ، كَمَا كَانَا يُنْفِقَانِ عَلَيَّ وَأَنَا صَغِيرٌ حَتَّى بَلَغْتُ ، فَأَنَا أَقْضِيهِمَا قَالَ : أَنْتَ ، فَلَمَّا خَرَجَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ