حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَا : ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي الْمَشَدِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : كُونُوا لِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَامَا مِنْكُمْ بِالْعَمَلِ ، فَإِنَّهُ لَنْ يَقِلَّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى ، وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَفِيرٍ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ الرِّحَالِ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ ، مَالُكَ وَوَلَدُكَ ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ ، وَيَعْظُمَ حِلْمُكَ ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ
وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ : رَجُلٌ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَهُوَ تَدَارَكَ ذَلِكَ بِتَوْبَةٍ ، أَوْ رَجُلٌ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ وَلَا يَقِلُّ عَمَلٌ فِي تَقْوَى ، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ ؟
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ ، ثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ ، ثَنَا عِيسَى بْنُ مُسْلِمٍ الطُّهَوِيُّ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ ، عَنْ أَبِي الزَّغْلِ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : احْفَظُوا عَنِّي خَمْسًا ، فَلَوْ رَكِبْتُمُ الْإِبِلَ فِي طَلَبِهِنَّ لَأَنْضَيْتُمُوهُنَّ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَا يَرْجُو عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ ، وَلَا يَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ ، وَلَا يَسْتَحِي جَاهِلٌ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ، وَلَا يَسْتَحِي عَالِمٌ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُ أَعْلَمُ ، وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ، ثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ ، ثَنَا أَبُو مَرْيَمَ ، عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ اتِّبَاعُ الْهَوَى ، وَطُولُ الْأَمَلِ . فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، وَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ . أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً ، أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، عَنْ زُبَيْدٍ مِثْلَهُ ، عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلًا ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مُهَاجِرَ بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : أَفَادَنِي هَذَا الْحَدِيثَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ شَيْخِي ، لَمْ أَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَا : ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو هِشَامٍ ، ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ جُعْفِيٍّ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي أَرَاكَةَ ، قَالَ : صَلِّي عَلِيٌّ الْغَدَاةَ ثُمَّ لَبِثَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ ، كَأَنَّ عَلَيْهِ كَآبَةٌ ، ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ أَثَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمَا أَرَى أَحَدًا يُشْبِهُهُمْ ، وَاللَّهِ إِنْ كَانُوا لَيُصْبِحُونَ شُعْثًا غُبْرًا صُفْرًا ، بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مِثْلُ رُكَبِ الْمِعْزَى ، قَدْ بَاتُوا يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ أَقْدَامِهِمْ وَجِبَاهِهِمْ ، إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ مَادُوا كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرَةُ فِي يَوْمِ رِيحٍ ، فَانْهَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ وَاللَّهِ ثِيَابَهُمْ ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّ الْقَوْمَ بَاتُوا غَافِلِينَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ ، ثَنَا هَنَّادٌ ، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ نُؤَمَةٍ ، عَرَفَ النَّاسَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ ، عَرَفَهُ اللَّهُ بِرِضْوَانٍ ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، يَكْشِفُ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلَّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ ، سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِالْمَذَايِيعِ الْبَذِرِ ، وَلَا الْجُفَاةِ الْمُرَائِينَ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، ثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : أَلَا إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفَقِيهِ الَّذِي لَا يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَلَا يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَلَا يُرَخِّصُ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ ، وَلَا يَدَعُ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ
وَلَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَا عِلْمَ فِيهَا ، وَلَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَا فَهْمَ فِيهِ ، وَلَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَا تَدَبُّرَ فِيهَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، ثَنَا عَمِّي أَحْمَدُ بْنُ حُبَيْشٍ ، ثَنَا الْمَخْزُومِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ ، مَصَابِيحَ اللَّيْلِ ، خُلْقَ الثِّيَابِ ، جُدُدَ الْقُلُوبِ ، تُعْرَفُوا بِهِ فِي السَّمَاءِ ، وَتُذْكَرُوا بِهِ فِي الْأَرْضِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، ثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ ، ثَنَا عَبْدَةُ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خَلِيفَةَ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوَلِهِ الْعَجَالِ ، وَدَعَوْتُمْ دُعَاءَ الْحَمَامِ ، وَجَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتِّلِي الرُّهْبَانِ ، ثُمَّ خَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ ، أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَاهَا كَتَبَتْهُ ، لَكَانَ قَلِيلًا فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ جَزِيلِ ثَوَابِهِ ، وَأَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ ، فَبِاللَّهِ بِاللَّهِ بِاللَّهِ لَوْ سَالَتْ عُيُونُكُمْ رَهْبَةً مِنْهُ ، وَرَغْبَةً إِلَيْهِ ، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا ، مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ ، وَلَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئًا مِنْ جَهْدِكِمْ لِأَنْعُمِهِ الْعِظَامِ عَلَيْكُمْ بِهِدَايَتِهِ إِيَّاكُمْ لِلْإِسْلَامِ ، مَا كُنْتُمْ تَسْتَحِقُّونَ بِهِ - الدَّهْرَ مَا الدَّهْرُ قَائِمٌ بِأَعْمَالِكُمْ - جَنَّتَهُ ، وَلَكِنْ بِرَحْمَتِهِ تُرْحَمُونَ ، وَإِلَى جَنَّتِهِ يَصِيرُ مِنْكُمُ الْمُقْسِطُونَ ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ التَّائِبِينَ الْعَابِدِينَ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامٍ الدِّمَشْقِيُّ ، ثَنَا أَبُو صَفْوَانَ الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَوَانَةَ ، عَنِ ابْنِ حَرْثٍ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ عَلِيًّا ، شَيَّعَ جَنَازَةً ، فَلَمَّا وُضِعَتْ فِي لَحْدِهَا عَجَّ أَهْلُهَا وَبَكَوْا ، فَقَالَ : مَا تَبْكُونَ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَايَنُوا مَا عَايَنَ مَيِّتُهُمْ لَأَذْهَلَتْهُمْ مُعَايَنَتُهُمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ ، وَإِنَّ لَهُ فِيهِمْ لَعَوْدَةٌ ثُمَّ عَوْدَةٌ ، حَتَّى لَا يُبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا . ثُمَّ قَامَ فَقَالَ : أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ ، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ ، وَجَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعًا تَعِي مَا عَنَاهَا ، وَأَبْصَارًا لِتَجْلُوَ عَنْ غِشَاهَا ، وَأَفْئِدَةً تَفْهَمُ مَا دَهَاهَا فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا وَمَا أَعْمَرَهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثًا ، وَلَمْ يَضْرِبْ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا ، بَلْ أَكْرَمَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ ، وَأَرْفَدَكُمْ بِأَوْفَرِ الرَّوَافِدِ ، وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ ، وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَجِدُّوا فِي الطَّلَبِ ، وَبَادِرُوا بِالْعَمَلِ مُقَطِّعَ النَّهَمَاتِ ، وَهَادِمَ اللَّذَّاتِ ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا ، وَلَا تُؤْمَنُ فَجَائِعُهَا ، غَرُورٌ حَائِلٌ ، وَشَبَحٌ فَائِلٌ ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ ، يَمْضِي مُسْتَطْرِفًا ، وَيُرْدِي مُسْتَرْدِفًا ، بِإِتْعَابِ شَهَوَاتِهَا ، وَخَتْلِ تَرَاضِعِهَا ، اتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ ، وَاعْتَبِرُوا بِالْآيَاتِ وَالْأَثَرِ ، وَازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ ، وَانْتَفِعُوا بِالْمَوَاعِظِ ، فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخَالِبُ الْمَنِيَّةِ ، وَضَمَّكُمْ بَيْتُ التُّرَابِ ، وَدَهَمَتْكُمْ مُقَطَّعَاتُ الْأُمُورِ بِنَفْخَةِ الصُّورِ ، وَبَعْثَرَةِ الْقُبُورِ ، وَسِيَاقَةِ الْمَحْشَرِ ، وَمَوْقِفِ الْحِسَابِ بِإِحَاطَةِ قُدْرَةِ الْجَبَّارِ ، كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ يَسُوقُهَا لِمَحْشَرِهَا ، وَشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا ، {{ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ، وَوُضِعَ الْكِتَابُ ، وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }} ، فَارْتَجَّتْ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الْبِلَادُ ، وَنَادَى الْمُنَادِ ، وَكَانَ يَوْمُ التَّلَاقِ ، وَكُشِفَ عَنْ سَاقٍ ، وَكُسِفَتِ الشَّمْسُ ، وَحُشِرَتِ الْوُحُوشُ مَكَانَ مَوَاطِنِ الْحَشْرِ ، وَبَدَتِ الْأَسْرَارُ ، وَهَلَكَتِ الْأَشْرَارُ ، وَارْتَجَّتِ الْأَفْئِدَةُ ، فَنَزَلَتْ بِأَهْلِ النَّارِ مِنَ اللَّهِ سَطْوَةٌ مُجِيخَةٌ ، وَعُقُوبَةٌ مَنِيحَةٌ ، وَبَرَزَتِ الْجَحِيمُ لَهَا كَلَبٌ وَلَجَبٌ ، وَقَصِيفُ رَعْدٍ ، وَتَغَيُّظٌ وَوَعِيدٌ ، تَأَجَّجَ جَحِيمُهَا ، وَغَلَى حَمِيمُهَا ، وَتَوَقَّدَ سَمُومُهَا ، فَلَا يُنَفَّسُ خَالِدُهَا ، وَلَا تَنْقَطِعُ حَسَرَاتُهَا ، وَلَا يُقْصَمُ كُبُولُهَا ، مَعَهُمْ مَلَائِكَةٌ يُبَشِّرُونَ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ ، وَتَصْلِيَةِ جَحِيمٍ ، عَنِ اللَّهِ مَحْجُوبُونَ ، وَلِأَوْلِيَائِهِ مُفَارِقُونَ ، وَإِلَى النَّارِ مُنْطَلِقُونَ . عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ كَنَعَ فَخَنَعَ ، وَوَجِلَ فَرَحَلَ ، وَحَذِرَ فَأَبْصَرَ فَازْدَجَرَ ، فَاحْتَثَّ طَلَبًا ، وَنَجَا هَرَبًا ، وَقَدَّمَ لِلْمَعَادِ ، وَاسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ ، وَكَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِمًا وَبَصِيرًا ، وَكَفَى بِالْكِتَابِ خَصْمًا وَحَجِيجًا ، وَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَابًا ، وَكَفَى بِالنَّارِ وَبَالًا وَعِقَابًا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثنا سَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الصَّيْقَلُ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ ، فَقَالَ : يَا نَوْفُ أَرَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ ؟ قُلْتُ : بَلْ رَامِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا ، الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ ، أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطًا ، وَتُرَابَهَا فِرَاشًا ، وَمَاءَهَا طِيبًا ، وَالْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ دِثَارًا وَشِعَارًا ، قَرَضُوا الدُّنْيَا عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . يَا نَوْفُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى عِيسَى أَنْ مُرْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ لَا يَدْخُلُوا بَيْتًا مِنْ بُيُوتِي إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ ، وَأَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ ، وَأَيْدٍ نَقِيَّةٍ ، فَإِنِّي لَا أَسْتَجِيبُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ ، وَلِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ
يَا نَوْفُ لَا تَكُنْ شَاعِرًا ، وَلَا عَرِيفًا ، وَلَا شُرْطِيًّا ، وَلَا جَابِيًا ، وَلَا عَشَّارًا ، فَإِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ فِي سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا يَدْعُو عَبْدٌ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ فِيهَا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَرِيفًا أَوْ شُرْطِيًّا أَوْ جَابِيًا أَوْ عَشَّارًا أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ ، وَهُوَ الطَّنْبُورُ ، أَوْ صَاحِبُ كُوبَةٍ ، وَهُوَ الطَّبْلُ