حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَهْوَازِيُّ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ ، ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، قَالَ : قَامَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا جُنْدُبٌ الْغِفَارِيُّ ، هَلُمُّوا إِلَى الْأَخِ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ ، فَاكْتَنَفَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَرَادَ سَفَرًا ، أَلَيْسَ يَتَّخِذُ مِنَ الزَّادِ لَا يُصْلِحُهُ وَيُبَلِّغُهُ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَسَفَرُ طَرِيقِ الْقِيَامَةِ أَبْعَدُ مَا تُرِيدُونَ ، فَخُذُوا مِنْهُ مَا يُصْلِحُكُمْ ، قَالُوا : وَمَا يُصْلِحُنَا ؟ قَالَ : حُجُّوا حَجَّةً لِعِظَامِ الْأُمُورِ ، صُومُوا يَوْمًا شَدِيدًا حَرُّهُ لِطُولِ النُّشُورِ ، صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فِي سَوَّادِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ ، كَلِمَةُ خَيْرٍ تَقُولُهَا أَوْ كَلِمَةُ سُوءٍ تَسْكُتُ عَنْهَا لِوقُوفِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، تَصَدَّقْ بِمَالِكَ لَعَلَّكَ تَنْجُو مِنْ عَسِيرِهَا ، اجْعَلِ الدُّنْيَا مَجْلِسَيْنِ : مَجْلِسًا فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ ، وَمَجْلِسًا فِي طَلَبِ الْحَلَالِ ، وَالثَّالِثُ يَضُرُّكَ وَلَا يَنْفَعُكَ ، لَا تُرِيدُهُ . اجْعَلِ الْمَالَ دِرْهَمَيْنِ : دِرْهَمًا تُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ حِلِّهِ ، وَدِرْهَمًا تُقَدِّمُهُ لِآخِرَتِكَ ، وَالثَّالِثُ يَضُرُّكَ وَلَا يَنْفَعُكَ ، لَا تُرِيدُهُ . ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ قَتَلَكُمْ حِرْصٌ لَا تُدْرِكُونَهُ أَبَدًا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا ، يَقُولُ : بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا ذَرٍّ ، كَانَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ ، صَلُّوا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ ، صُومُوا فِي الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ ، تَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ
حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ الشَّعِيثِيُّ ، ثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتْلُو عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }} ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا وَيُعِيدُهَا عَلَيَّ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي لَأَعْلَمُ آيَةً لَوْ أَخَذَ بِهَا النَّاسُ لَكَفَتْهُمْ : {{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }} ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا وَيُعِيدُهَا عَلَيَّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ ، . وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَا : ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَالِسٌ وَحْدَهُ ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً ، وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ ، فَقُمْ فَارْكَعْهَا ، قَالَ : فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهَا ثُمَّ عُدْتُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ ، فَمَا الصَّلَاةُ ؟ قَالَ : خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتُكْثِرَ أَوِ اسْتُقِلَّ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُهُمْ إِيمَانًا ؟ قَالَ : أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : طُولُ الْقُنُوتِ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الصِّيَامُ ؟ قَالَ : فَرْضٌ مُجْزًى ، وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : أَغْلَاهَا ثَمَنًا ، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ رَبِّهَا
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ يُسِرُّ إِلَى فَقِيرٍ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ آيَةٍ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْأَنْبِيَاءُ ؟ قَالَ : مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الرُّسُلُ ؟ قَالَ : ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةُ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا ، قُلْتُ : كَثِيرٌ طَيِّبٌ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ أَوَّلَهُمْ ؟ قَالَ : آدَمُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، ثُمَّ سَوَّاهُ قِبَلًا . وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَنَسٍ : ثُمَّ كَلَّمَهُ قِبَلًا ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سِرْيَانِيُّونَ : آدَمُ ، وَشِيثٌ ، وَخَنُوخٌ - وَهُوَ إِدْرِيسُ - وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ ، وَنُوحٌ . وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ : هُوَدُ ، وَصَالِحٌ ، وَشُعَيْبٌ ، وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى ؟ قَالَ : مِائَةُ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ ، أَنْزَلَ عَلَى شِيثٍ خَمْسُونَ صَحِيفَةً ، وَأَنْزَلَ عَلَى خَنُوخٍ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً ، وَأَنْزَلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ ، وَأَنْزَلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرَ صَحَائِفَ ، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ ؟ قَالَ : كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا : أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ ، فَإِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ ، وَكَانَ فِيهَا أَمْثَالُ : عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ : سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَاعَةً يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةً يُفَكِّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَاعَةً يَخْلُو فِيهَا بِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إِلَّا لِثَلَاثٍ : تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ ، وَمَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَ صُحُفُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ قَالَ : كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا : عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ لِلْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصِبُ ، عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَعْمَلُ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ؛ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ ، وَذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : إِيَّاكَ وَكَثْرَةِ الضَّحِكِ ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ ، فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ عَنْكَ ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ ؛ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : حِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : انْظُرْ إِلَى مَنْ تَحْتَكَ ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَكَ
قُلْتُ : زِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : صِلْ قَرَابَتَكَ وَإِنْ قَطَعُوكَ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ تَعَالَى لَوْمَةَ لَائِمٍ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : يَرُدُّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَلَا تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي ، وَكَفَى بِهِ عَيْبًا أَنْ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ ، أَوْ تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ السِّيَاقُ لِلْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ وَرَوَاهُ الْمُخْتَارُ بْنُ غَسَّانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ . وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ . وَرَوَاهُ عُبَيْدُ بْنُ الْحَسْحَاسِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ . وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، بِطُولِهِ . وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، بِطُولِهِ . تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَبْشَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَبْشَمِيُّ ، مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ ، فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَتَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، وَزَادَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِي فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِمَّا كَانَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ؟ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ اقْرَأْ : {{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى }} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُلَازِمًا وَجَلِيسًا ، وَعَلَى مُسَاءَلَتِهِ وَالِاقْتِبَاسِ مِنْهُ حَرِيصًا ، وَلِلْقِيَامِ عَلَى مَا اسْتَفَادَ مِنْهُ أَنِيسًا ، سَأَلَهُ عَنِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ ، وَسَأَلَهُ عَنْ رُؤْيَةِ رَبِّهِ تَعَالَى ، وَسَأَلَهُ عَنْ أَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَسَأَلَهُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ : أَتُرْفَعُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ أَمْ تَبْقَى ؟ وَسَأَلَهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى عَنْ مَسِّ الْحَصَا فِي الصَّلَاةِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، ثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسِّ الْحَصَا ، فَقَالَ : مَسَّهُ مَرَّةً أَوْ دَعْ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا ، وَتَشَمَّرَ لِلْعُقْبَى ، وَعَانَقَ الْبَلْوَى ، إِلَى أَنْ لَحِقَ بِالْمَوْلَى
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السِّرَاجُ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ ، عَنِ الْقُرْطُبِيِّ ، قَالَ : خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ فَأَصَابَهُ قَدَرُهُ ، فَأَوْصَاهُمْ أَنِ اغْسِلُونِي وَكَفِّنُونِي ثُمَّ ضَعُونِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّونَ بِكُمْ فَقُولُوا : هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَكْبٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، قَالَا : ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ ، عَنْ أَبِيهِ الْأَشْتَرِ ، عَنْ أُمِّ ذَرٍّ ، قَالَتْ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ بَكَيْتُ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ : أَبْكِي أَنَّهُ لَا يُدْلِي بِتَكْفِينِكَ ، وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِي يَسَعُكَ كَفَنًا ، وَلَيْسَ لَكَ ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا ، قَالَ : فَلَا تَبْكِي ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ ، أَنَا فِيهِمْ : لَيَمُوتَنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَتَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلَاةٍ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِّبْتُ ، فَانْظُرِي الطَّرِيقَ ، فَقَالَتْ : أَنِّي وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ . فَكَانَتْ تَشْتَدُّ إِلَى كَثِيبٍ تَقُومُ عَلَيْهِ تَنْظُرُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتُمَرِّضُهُ ، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيبِ ، فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا بِنَفَرٍ تَخُبُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ عَلَى رِحَالِهِمْ ، فَأَلَاحَتْ بِثَوْبِهَا ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا قَالُوا : مَا لَكِ ؟ قَالَتِ : امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُكَفِّنُونَهُ يَمُوتُ ، قَالُوا : مَنْ هُوَ ؟ قَالَتْ : أَبُو ذَرٍّ ، فَغَدَوْهُ بِإِبِلِهِمْ وَوَضَعُوا السِّيَاطَ فِي نُحُورِهَا يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ ، حَتَّى جَاءُوهُ وَقَالَ : أَبْشِرُوا ، فَحَدَّثَهُمْ وَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ : لَيَمُوتَنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ هَلَكَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ ، وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِالْفَلَاةِ . أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ إِنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لِي أَوْ لِامْرَأَتِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبٍ لِي أَوْ لَهَا ، أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ إِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ أَنْ لَا يُكَفِّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ نَقِيبًا أَوْ بَرِيدًا . فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا قَارَفَ بَعْضَ مَا قَالَ إِلَّا فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ : يَا عَمُّ أَنَا أُكَفِّنُكَ ، لَمْ أُصِبْ مِمَّا ذَكَرْتَ شَيْئًا ، أُكَفِّنُكَ فِي رِدَائِي هَذَا الَّذِي عَلَيَّ ، وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي حَاكَتْهُمَا لِي ، قَالَ : أَنْتَ فَكَفِّنِّي ، فَكَفَّنَهُ الْأَنْصَارِيُّ ، وَفِي النَّفَرِ الَّذِي شَهَدُوهُ مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ الْأَدْبَرِ ، وَمَالِكُ بْنُ الْأَشْتَرِ ، فِي نَفَرٍ كُلُّهُمْ يَمَانٌ