حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : ثنا نُوحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَيْلِيُّ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، قَالَ : ثنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مِنْ كَرَامَتِي عَلَى رَبِّي أَنِّي وُلِدْتُ مَخْتُونًا ، وَلَمْ يَرَ أَحَدٌ سَوْأَتِي .
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَ : ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ ، قَالَ : ثنا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ جَدَّهُ وَحَظِيَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ ، فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حُصَيْنٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ الْمَدَايِنِيُّ ، قَالَ : ثنا سَلَمَةُ بْنُ مُحَارِبِ بْنِ سَلْمِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، أَنَّ جِبْرِيلَ ، خَتَنَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ .
وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ ، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَا : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ السَّعْدِيَّةِ ، أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ ، قَالَتْ : أَصَابَتْنَا سَنَةٌ شَهْبَاءُ ، لَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا ، فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتَأْبَاهُ ، وَعُرِضَ عَلَيَّ فَأَبَيْتُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الظُّؤُورَةَ إِنَّمَا كَانُوا يَرْجُونَ الْخَيْرَ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ ، وَيَقُولُونَ : لَا أَبَ لَهُ ، وَمَا عَسَى أَنْ تَفْعَلَ أُمُّهُ ، فَلَمْ تَبْقَ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي ، وَحَانَ انْصِرَافُهُنَّ إِلَى بِلَادِهِنَّ ، فَقُلْتُ لِزَوْجِي : لَوْ أَخَذْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ الْيَتِيمَ لَكَانَ أَمْثَلَ مِنْ أَنْ أَرْجِعَ بِغَيْرِ رَضِيعٍ ، فَأَتَيْتُ أُمَّهُ فَأَخَذْتُهُ ، فَجِئْتُ إِلَى مَنْزِلِي ، وَكَانَ لِي ابْنٌ صَغِيرٌ ، وَاللَّهِ لَا يَنَامُ مِنَ الْجُوعِ ، فَلَمَّا أَلْقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى ثَدْيَيَّ أَقْبَلَا عَلَيْهِ بِمَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى رُوِيَ ، وَرُوِيَ أَخُوهُ وَنَامَا ، فَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفٍ لَنَا ، وَاللَّهِ مَا أَنْ تَبِضَّ بِقَطْرَةٍ فَلَمَّا وَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ضَرْعِهَا ، فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ ، فَحَلَبَ ثُمَّ أَتَانِي ، فَقَالَ : وَاللَّهِ يَا بِنْتَ أَبِي ذُؤَيْبٍ مَا أَظُنُّ هَذِهِ النَّسَمَةَ الَّذِي أَخَذْنَاهَا إِلَّا مُبَارَكَةً ، فَأَخْبَرَنِي بِخَبَرِ الشَّارِفِ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ ثَدْيَيَّ ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْهُمَا ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا فَغَدَوْنَا فَكُنْتُ عَلَى أَتَانٍ قَمْرَاءَ ، وَاللَّهِ مَا أَنْ تَلْحَقَ الْحُمُرَ ضَعْفًا ، فَلَمَّا أَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَعَلَتْ تَتَقَدَّمُ الرَّكْبَ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ إِنَّ لِأَتَانِكِ هَذِي لَشَأْنًا . قَالَتْ : فَقَدِمْنَا بِلَادَنَا ، بِلَادَ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ لَا نَعْرِفُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا الْبَرَكَةَ ، حَتَّى إِنْ كَانَ رَاعِينَا لِيَنْصَرِفُ بِأَغْنَامِنَا حُفَّلًا ، وَتَأْتِي أَغْنَامُ قَوْمِنَا مَا أَنْ تَبِضَّ بِقَطْرَةٍ ، فَيَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ : وَيْحَكُمْ ، ارْعُوا حَيْثُ يَرْعَى رَاعِي بِنتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ . فَلَمَّا نَزَلَ كَذَلِكَ ، فَبَيْنَمَا هُمَا يَوْمًا يَلْعَبَانِ فِي بُهُمٍ لَنَا وَرَاءَ بُيُوتِنَا إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَسْعَى ، فَقَالَ : ذَلِكَ الْقُرَشِيُّ قَدْ قُتِلَ . فَأَقْبَلْتُ وَأَبُوهُ فَاسْتَقْبَلَنَا ، وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ ، فَجَعَلْتُ أَضُمُّهُ إِلَيَّ مَرَّةً ، وَأَبُوهُ مَرَّةً ، وَنَقُولُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّهُ أَتَانِي رَجُلَانِ ، فَشَقَّا بَطْنِي ، فَسَاطَاهُ ، فَقَالَ أَبُوهُ : مَا أَظُنُّ هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا قَدْ أُصِيبَ ، فَبَادِرِي بِهِ أَهْلَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَفَاقَمَ بِهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلَّا أَنْ أَتَيْتُ مَكَّةَ ، فَأَتَيْتُ بِهِ أُمَّهُ ، فَقُلْتُ : أَنَا ظِئْرُ ابْنِي هَذَا قَدْ فَصَلْتُهُ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ الْعَاهَةُ ، فَاقْبَلِيهِ ، فَقَالَتْ : مَا لَكِ زَاهِدَةٌ فِيهِ ، وَقَدْ كُنْتِ قَبْلَ الْيَوْمِ تَسْأَلِينِي أَنْ أَتْرُكَهُ عِنْدَكِ ؟ ، لَعَلَّكِ خِفْتِ عَلَى ابْنِي الشَّيْطَانَ . لَا تَخَافِي هَذَا ، فَإِنَّ ابْنِي هَذَا مَعْصُومٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، - أَوْ كَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ - ، أَلَا أُخْبِرُكِ عَنِّي وَعَنْهُ أَنِّي رَأَيْتُ حِينَ وَلَدْتُهُ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ لِي بِهِ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ . لَفْظُ زِيَادٍ الْبَكَّائِيِّ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ : ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ ، عَنْ عُمَيْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ بَرَّةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَأةَ قَالَتْ : أَوَّلُ مَنْ أَرْضَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُوَيْبَةُ - مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ - بِلَبَنِ ابْنٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ مَسْرُوحٌ أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ تَقْدُمَ حَلِيمَةُ ، وَكَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ قَبْلَهُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَرْضَعَتْ بَعْدَهُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ . قَالَ الْوَاقِدِيُّ : وَقَدِمَ مَكَّةَ عَشْرُ نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَطْلُبْنَ الرَّضَاعَ وَخَرَجَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شُجْنَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ رِزَامِ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ فُصَيَّةَ [ ابْنِ نصر ] بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خُصْفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ وَاسْمُ أَبِيهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ [ مَلَّانِ ] بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ فَصِيَّةَ [ بْنِ نَصْرِ ] بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَإِخْوَتُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَأُنَيْسَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَجُذَامَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ الشَّيْمَاءُ وَكَانَتِ الشَّيْمَاءُ تَحْضِنُهُ مَعَ أُمِّهَا وَخَرَجُوا فِي سَنَةٍ حَمْرَاءَ وَخَرَجَتْ بِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ تُرْضِعُهُ وَأَتَانٍ قَمْرَاءَ تُدْعَى سِدْرَةَ وَشَارِفٍ ذَلْفَاءَ لَا لَبَنَ بِهَا يُقَالُ لَهَا السَّمْرَاءُ اللَّقُوحُ قَدْ مَاتَ سَقْبُهَا بِالْأَمْسِ لَيْسَ فِي ضَرْعِهَا قَطَرَةُ لَبَنٍ وَقَدْ يَبِسَ مِنَ الْعَجَفِ وَقَالَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ لِظِئْرِهِ حَلِيمَةَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا فَخَرَجَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهَا فَتَجِدُ حِمَارَتَهَا قَدْ قَطَعَتْ رَسْنَهَا وَهِيَ تَجُولُ فِي الدَّارِ وَتَجِدُ شَارَفَهَا قَائِمَةً تَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا : إِنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لَمُبَارَكٌ فَقَالَ : قَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ بَرَكَتِهِ قَالَ : ثُمَّ عَمِدَ إِلَى شَارِفِهَا فَحَلَبَهَا قَعْبًا فَسَقَى حَلِيمَةَ ثُمَّ حَلَبَهَا قَعْبًا فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ وَلَمَسَ ضَرْعَهَا فَإِذَا هِيَ بَعْدُ حَافِلٌ فَحَلَبَ قَعْبًا آخَرَ فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ وَلَمَسَ ضَرْعَهَا فَإِذَا هِيَ بَعْدُ حَافِلٌ فَحَلَبَ قَعْبًا آخَرَ فَحَقَنَهُ فِي سِقَاءٍ لَهُ ثُمَّ حَدَجُوا أَتَانَهَا وَخَرَجُوا فَرَكِبَتْهَا حَلِيمَةُ وَرَكِبَ الْحَارِثُ شَارَفَهَا وَحَمَلَتْ حَلِيمَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا عَلَى الْأَتَانِ وَطَلَعَتْ عَلَى صَوَاحِبِهَا بِوَادِي السُّرَرِ مُرْتَعَاتٍ فَقُلْنَ : هِيَ حَلِيمَةُ وَزَوْجُهَا ثُمَّ هَذَا حِمَارٌ أَنْجَى مِنْ حِمَارَتِهَا وَهَذَا بَعِيرٌ أَنْجَى مِنْ بَعِيرِهَا وَمَا يَقْدِرَانِ أَنْ يَضْبِطَا رُؤُوسَهُمَا حَتَّى نَزَلَتْ مَعَهُنَّ فَقُلْنَ : يَا حَلِيمَةُ مَاذَا صَنَعْتِ ؟ فَقَالَتْ : أَخَذْتُ وَاللَّهِ خَيْرَ مَوْلُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ وَأَعْظَمَهُ بَرَكَةً فَقَالَتِ النِّسْوَةُ : أَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ حَلِيمَةُ : نَعَمْ فَأَخْبَرَتْهُنَّ مِنْ إِقْبَالِ دَرِّهَا وَدَرِّ لَقُوحِهَا وَمَا رَأَوْا مِنْ نَجَاءِ الْأَتَانِ وَاللِّقْحَةِ فَقَالَتْ حَلِيمَةُ : فَمَا رَحَلْنَا مِنْ مَنْزِلِنَا حَتَّى رَأَيْتُ الْحَسَدَ فِي بَعْضِ نِسَائِنَا فَرُحْنَ إِلَى بِلَادِهِنَّ قَالَتْ : فَقَدِمْنَا عَلَى عَشْرِ أَعَنُزٍ مَا يَرِمْنَ مِنَ الْبَيْتِ هُزَالًا فَإِنَّ كُنَّا لَنُرِيحُ الْإِبِلَ وَإِنَّهَا لَحُفَّلٌ فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ وَنَحْلِبُ شَارِفَنَا غَبُوقًا وَصَبُوحًا وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الشَّارِفِ قَدْ نُصِبَتْ فِي سِنَامِهَا وَأَنْظُرُ إِلَى عَجُزِ الْأَتَانِ وَكَأَنَّ فِيهَا الْأَفْهَارَ وَإِنْ كَانَ عَجُزُهَا دَبْرَاءَ لَمَّا نَخَسَهَا وَجَعَلَ أَهْلُ الْحَاضِرِ يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ : ابْلُغُوا حَيْثُ تَبْلُغُ غَنَمُ حَلِيمَةَ فَيَبْلُغُونَ فَلَا تَأْتِي مَوَاشِيهِمْ إِلَّا كَمَا كَانَتْ تَأْتِي قَبْلَ ذَلِكَ وَلَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَمُسُّ ضَرْعَ شَاةٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهَا أطلَالُ فَمَا يُطْلَبُ مِنْهَا سَاعَةً مِنَ السَّاعَاتِ إِلَّا حَلَبَتْ غَبُوقًا وَصَبُوحًا وَمَا عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ تَأْكُلُهُ دَابَّةٌ
فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ كَانَ يَرْعَى غَنْمَ حَلِيمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ غَنَمًا لَهَا مَا تَرْفَعُ رُءُوسَهَا وَيُرَى الْخَضِرُ فِي أَفْوَاهِهَا وَأَبْعَارِهَا وَمَا تَزِيدُ غَنَمُنَا عَلَى أَنْ تَرْبِضَ مَا تَجِدُ عُودًا تَأْكُلُهُ فَتَرُوحُ الْغَنَمُ أَغْرَثُ مِنْهَا حِينَ غَدَتْ وَتَرُوحُ غَنْمُ حَلِيمَةَ يُخَافُ عَلَيْهَا الْحَبَطُ قَالُوا : فَمَكَثَ سَنَتَيْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى فُطِمَ فَكَأَنَّهُ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَدِمُوا بِهِ عَلَى أُمِّهِ زَائِرِينَ لَهَا وَهُمْ أَحْرَص شَيْءٍ عَلَى مَكَانِهِ ؛ لِمَا رَأَوْا مِنْ عِظَمِ بَرَكَتِهِ فَلَمَّا كَانُوا بِوَادِي السُّرَرِ لَقِيَتْ نَفَرًا مِنَ الْحَبَشَةِ وَهُمْ خَارِجُونَ مِنْهَا فَرَافَقَتْهُمْ ، فَسَأَلُوهَا ، فَنَظَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَظَرًا شَدِيدًا ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَإِلَى حُمْرَةٍ فِي عَيْنَيْهِ ، فَقَالُوا : يَشْتَكِي أَبَدًا عَيْنَيْهِ لِلْحُمْرَةِ الَّتِي فِيهَا ؟ قَالَتْ : لَا ، وَلَكِنْ هَذِهِ الْحُمْرَةُ لَا تُفَارِقُهُ ، فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ ، فَغَالَبُوهَا عَلَيْهِ فَخَافَتْهُمْ أَنْ يَغْلِبُوهَا فَمَنَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَدَخَلَتْ بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَأَخْبَرَتْهَا بِخَبَرِهِ وَمَا رَأَوْا مِنْ بَرَكَتِهِ وَخَبَرَ الْحَبَشَةِ ، فَقَالَتْ آمِنَةُ : ارْجِعِي بِابْنِي ؛ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لَهُ شَأْنٌ ؛ فَرَجَعَتْ بِهِ . وَقَامَ سُوقُ ذِي الْمَجَازِ فَحَضَرَتْ بِهِ وَبِهَا يَوْمَئِذٍ عَرَّافٌ مِنْ هَوَازِنَ يُؤْتَى إِلَيْهِ بِالصِّبْيَانِ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِلَى الْحُمْرَةِ فِي عَيْنَيْهِ وَإِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ ؛ صَاحَ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَوْسِمِ قَالَ : اقْتُلُوا هَذَا الصَّبِيَّ فَانْسَلَّتْ بِهِ حَلِيمَةُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ : أَيُّ صَبِيٍّ هُوَ ؟ فَيَقُولُ : هَذَا الصَّبِيُّ فَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا ، قَدِ انْطَلَقَتْ بِهِ أُمُّهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا هُوَ ؟ فَيَقُولُ : رَأَيْتُ غُلَامًا وَآلِهَتِهِ لَيَغْلِبَنَّ أَهْلَ دِينِكُمْ وَلَيَكْسِرَنَّ أَصْنَامَكُمْ وَلَيَظْهَرَنَّ أَمْرُهُ عَلَيْكُمْ فَطُلِبَ بِعُكَاظٍ فَلَمْ يُوجَدْ وَرَجَعَتْ بِهِ حَلِيمَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَكَانَتْ لَا تَعْرِضُهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَقَدْ نَزَلَ بِهِمْ عَرَّافٌ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ الصِّبْيَانَ أَهْلُ الْحَاضِرِ وَأَبَتْ حَلِيمَةُ أَنْ تُخْرِجَهُ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ غَفَلَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَرَجَ مِنَ الظُّلَّةِ فَرَآهُ الْعَرَّافُ فَدَعَاهُ فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَخَلَ الْخَيْمَةَ فَجَهَدَ بِهِمُ الْعَرَّافُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ فَأَبَتْ فَقَالَ : هَذَا نَبِيٌّ هَذَا نَبِيٌّ ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعَ سِنِينَ كَانَ يَغْدُو مَعَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فِي الْبُهْمِ قَرِيبًا مِنَ الْحَيِّ قَالَ : فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا مَعَ أَخِيهِ فِي الْبُهْمِ إِذْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَخَذَتْهُ غُمِّيَّةٌ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَا يُجِيبُهُ فَخَرَجَ الْغُلَامُ يَصِيحُ بِأُمِّهِ : أَدْرِكِي أَخِي الْقُرَشِيَّ فَخَرَجَتْ أُمُّهُ تَعْدُو وَمَعَهَا أَبُوهُ فَيَجِدَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَاعِدًا مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ فَسَأَلَتْ أُمُّهُ أَخَاهُ : مَا رَأَيْتَ ؟ قَالَ : طَائِرَيْنِ أَبْيَضَيْنِ فَوْقَنَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَأَخَذَاهُ فَاسْتَلْقَيَاهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَشَقَّا بَطْنَهُ فَأَخْرَجَا مَا كَانَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا : ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ فَجَاءَ بِهِ فَغَسَلَ بَطْنَهُ ثُمَّ قَالَ : ائْتِنِي بِمَاءِ وَرْدٍ فَجَاءَ فَغَسَلَ بَطْنَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَمَا هُوَ قَالَ : فَلَمَّا رَأَى أَبُوهُ مَا أَصَابَهُ شَاوَرَتْ أُمُّهُ أَبَاهُ وقَالَتْ : نَرَى أَنْ نَرُدَّهُ إِلَى أُمِّهِ ؛ إِنَّا نَخَافُ أَنْ يُصِيبَهُ عِنْدَنَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فَنَرُدُّهُ إِلَى أُمِّهِ فَيُعَالَجُ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بِهُ لَمَمٌ فَقَالَ أَبُوهُ : لَا وَاللَّهِ مَا بِهِ لَمَمٌ إِنَّ هَذَا أَعْظَمُ مَوْلُودٍ رَآهُ أَحَدٌ بَرَكَةً وَاللَّهِ إِنْ أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ إِلَّا حَسَدًا مِنْ آلِ فُلَانٍ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ عِظَمِ بَرَكَتِهِ مُذْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَا حَلِيمَةُ قَالَتْ : إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ ، فَنَزَلَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهِ فَذَكَرَتْ مِنْ بَرَكَتِهِ وَخَيْرِهِ وَلكنهُ قَدْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ ، فَأَخْبَرَتْهَا خَبَرَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : رَجَعَ إِلَى أُمِّهِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ وَكَانَ غَيْرُهُ يَقُولُ : رُدَّ إِلَى أُمِّهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَكَانَ مَعَهَا إِلَى أَنْ بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ : ثنا أَبُو يُوسُفَ الْقَلُوسِيُّ قَالَ : ثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ : ثنا مَسْلَمَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ : ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ : لَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ ذَهَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَطْلُبُ ظِئْرًا فَوَافَقَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَعْدٍ يُقَالُ لَهَا : حَلِيمَةُ فَجَاءَ بِهَا فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا وَشَيَّعَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا رَبَّ هَذَا الرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ مُحَمَّدٍ فاقْلِبْ بِخَيْرِ طَائِرِ وَازْجُرْهُ عَنْ طَرِيقَةِ الْفَوَاجِرِ وَاخْلِ عَنْهُ كُلَّ خَلْقٍ فَاجِرِ أَخْنَسَ لَيْسَ قَلْبُهُ بِطَاهِرِ وَجِنَّةٌ تَصِيدُ بِالْهَوَاجِرِ إِنِّي أُرَاهُ مُكْرِمِي وَنَاصِرِي