حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، نا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَاءَ فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةِ مُرْمَلٍ بِشَرِيطٍ ، فَرَجَفَ لَهُ السَّرِيرُ ، وَكَانَ طَوِيلًا عَظِيمًا
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَا : ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ جُشَمَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ بَكَتِ امْرَأَتُهُ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ فَقَالَتْ : أَبْكِي أَنَّهُ لَا يَدَانِ لِي بِتَغْيِيبِكَ ، وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِي يَسَعُكَ ، وَلَيْسَ ثَوْبٌ يَسَعُكَ ، قَالَ : فَلَا تَبْكِي ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ : لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَيَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلَاةٍ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِّبْتُ ، فَأَبْصِرِي الطَّرِيقَ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ قَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ ، وَانْقَطَعَتِ الطُّرُقُ ، فَكَانَتْ تَشْتَدُّ إِلَى كَثِيبٍ فَتَقُومُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتُمَرِّضُهُ ، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيبِ ، فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِنَفَرٍ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ كَأَنَّهُمُ الرُّجْمُ عَلَى رِحَالِهِمْ ، فَأَلَاحَتْ بِثَوْبِهَا ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى وَقَفُوا ، فَقَالَتِ : امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ كَفِّنُوهُ ، قَالُوا : وَمَنْ هُوَ ؟ قَالَتْ : أَبُو ذَرٍّ ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ ، وَوَضَعُوا السِّيَاطَ نَحْوَهَا يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ حَتَّى جَاؤُوهُ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا ، وَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي قَالَ ، ثُمَّ قَالَ : أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ، لَوْ كَانَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبٍ هُوَ لِي أَوْ لِامْرَأَتِي ثَوْبٍ يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبِهَا فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْإِسْلَامَ أَنْ لَا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ كَانَ أَمِيرًا ، أَوْ عَرِيفًا ، أَوْ بَرِيدًا ، أَوْ نَقِيبًا ، وَكُلُّ الْقَوْمِ كَانَ قَدْ فَارَقَ بَعْضَ ذَلِكَ إِلَّا فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ ، قَالَ : أَنَا أُكَفِّنُكَ ، لَمْ أُصِبْ مِمَّا ذِكَرْتَ شَيْئًا فِي رِدَائِي هَذَا الَّذِي عَلَيَّ ، وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي ، فَقَالَ : أَنْتَ تُكَفِّنُنِي ، قَالَ : فَكَفَّنَهُ الْأَنْصَارِيُّ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ شَهِدُوا ، مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ الْأَدْبَرِ ، وَمَالِكُ بْنُ الْأَشْتَرِ فِي نَفَرٍ كُلُّهُمْ يَمَانٍ
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ ، نا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، نا أَبُو زُمَيْلٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : كُنْتُ رَابِعَ الْإِسْلَامِ ، أَسْلَمَ قَبْلِي ثَلَاثَةٌ وَأَنَا رَابِعُهُمْ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : سَلَامٌ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ الِاسْتِبْشَارِ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي : فَمَنْ أَنْتَ ؟ ، فَقُلْتُ : أَنَا جُنْدُبٌ ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ، نا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا تُقِلُّ الْغَبْرَاءُ ، وَلَا تُظِلُّ الْخَضْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصَدَقَ وَلَا أَوْفَى مِنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، شَبِيهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَالْحَاسِدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَنَعْرِفُ لَهُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَاعْرِفُوهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، نا أَبُو عَاصِمٍ ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا حُسَيْنُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ ابْنُ يَسَارٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ عِمْرَانَةَ ، قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ : يَا عَمِّ ، أَوْصِنِي ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا سَأَلَتْنِي ، فَقَالَ : إِنْ صَلَّيْتَ الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ تُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ، وَإِنْ صَلَّيْتَهَا أَرْبَعًا كُتِبْتَ مِنَ الْعَابِدِينَ ، وَإِنْ صَلَّيْتَهَا سِتًّا لَمْ يَتْبَعْكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَنْبٌ ، وَإِنْ صَلَّيْتَهَا ثَمَانِيًا كُتِبْتَ مِنَ الْقَانِتِينَ ، وَإِنْ صَلَّيْتَهَا اثْنَا عَشَرَ بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَمَا مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ وَلَا سَاعَةٍ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ صَدَقَةٌ يَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَبْدٍ بِمِثْلِ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ وَمِمَّا أَسْنَدَ :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، نا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنِي أَبُو الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيُّ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، أَنَّهُ أَتَى أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ : يَا حَبِيبُ ، هَلْ يُوَافِقُكُمْ عَدُوُّكُمْ حَلْبَ شَاةٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، وَحَلْبَ شَاتَيْنِ ، قَالَ : غَلَلْتُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتُوا لَكُمْ حَلْبَ شَاةٍ ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ نَفَقَةً سِرًّا ، فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ صَوْتَهُ يَقُولُ : أَمَا عَلِمْتَ أَنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ لَا أَقْبَلَ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا ؟ تَرَكْتُ مَنْ خَلْفَكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا مِنِّي ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَسْفَلُونَ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، نا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَرَجْنَا مِنْ قَوْمَنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا ، فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا فَأَحْسَنَ إِلَيْنَا ، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ قَالُوا : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ أَهْلِكَ خَالَفَكَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ ، فَجَاءَ خَالُنَا فَثَنَى عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ ، فَقُلْتُ : أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ ، وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا ، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا ، فَأَتَيْنَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا ، فَأَتَانَا أُنَيْسٌ بِصِرْمَتِنَا وَبِمِثْلِهَا مَعَهَا ، قَالَ : وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، قَالَ : قُلْتُ : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَأَيْنَ تَوَجَّهْتَ ؟ قَالَ : أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي ، أُصَلِّي الْعِشَاءَ ، وَحَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ : إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي ، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ ، فَرَاثَ عَلَيَّ ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ : مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : قُلْتُ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ ، قَالَ : وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ أُنَيْسٌ : لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَأِ الشُّعَرَاءِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ، قَالَ : قُلْتُ : فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَتَضَيَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِيءَ ؟ قَالَ : فَمَالَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبُّ أَحْمَرُ ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ ، وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا ، وَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ ، مَالِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةِ قَمَرٍ أَضْحِيَانَ ، إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَصْمِغَتِهِمْ ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ , وَامْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، فَقُلْتُ : أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْآخَرَ ، فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا ، فَأَتَتَا عَلَيَّ فَقُلْتُ لَهَنٌ : مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَا أُكَنِّي ، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ وَتَقُولَانِ : كَانَ هَا هُنَا أَحَدٌ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُمَا مَاضِيَانِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ فَقَالَتَا : الصَّابِيءُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، قَالَ : فَمَا قَالَ لَكُمَا ؟ قَالَتَا : إِنَّهُ قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ صَلَّى ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ ، قَالَ : وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، قَالَ : وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : فَمَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : مِنْ غِفَارٍ ، قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِ انْتَسَبْتُ إِلَى غِفَارٍ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ فَدَفَعَنِي صَاحِبُهُ ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا ؟ قَالَ : قُلْتُ : قَدْ كُنْتُ هَا هُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ مِنْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءَ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، فَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، قَالَ : فَقَالَ : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَابًا ، فَجَعَلَ يُقْبَضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ، ثُمَّ غَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ ، لَا أُرَاهَا إِلَّا يَثْرِبَ ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ ، عَسَى أَنْ يَنْفَعَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ، قَالَ : فَلَقِيتُ أُنَيْسًا فَقَالَ لِي : مَا صَنَعْتَ ؟ قُلْتُ : مَا صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ لِي : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُهُ ، فَأَتَيْنَا أُمَّنَا ، فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا ، فَإِنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُهُ ، فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رُخْصَةَ ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ ، وَقَالَ نِصْفُهُمْ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمُ الْبَاقِي ، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِخْوَتُنَا ، نُسَلِّمُ عَلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ