حديث رقم: 4704

حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ الْخَطَّابِيُّ ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعَ فَلَلُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَكَّةَ ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ فِي الْحِجْرِ ، فَقَالَ صَفْوَانُ : قَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ ، قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ ، وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ قَضَاءَهُ ، وَعِيَالٌ لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا ، لَخَرَجْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إِنْ مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ ، قَالَ : فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا ، أَقُولُ : قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ ، وَقَالَ : عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجَزُ عَنْهُمْ ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ ، وَجَهَّزَهُ ، فَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصُقِلَ وُسُمَّ ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ : اكْتُمْنِي أَيَّامًا ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ ، وَأَخَذَ السَّيْفَ ، فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهَا ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَ السَّيْفِ فَزِعَ ، وَقَالَ : عِنْدَكُمُ الْكَلْبُ ، فَهَذَا عَدُوُّ اللَّهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ ، قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا تَأْمَنْهُ عَلَى شَيْءٍ ، قَالَ : أَدْخِلْهُ عَلَيَّ ، فَخَرَجَ عُمَرُ ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنِ ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ احْتَرِسُوا مِنْ عُمَيْرٍ ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ ، فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُمَرَ : تَأَخَّرْ عَنْهُ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ : انْعَمُوا صَبَاحًا ، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ ، وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَهِيَ السَّلَامُ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : إِنَّ عَهْدِي بِهَا لِحَدِيثٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ ؟ ، قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ ، فَنَادُونَا فِي أَسِيرِكُمْ فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ ؟ ، قَالَ عُمَيْرٌ : قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ ، فَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ ؟ إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي لَهَمًّا غَيْرَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اصْدُقْنِي ، مَا أَقْدَمَكَ ؟ ، قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي ، قَالَ : فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ ؟ ، فَفَزِعَ عُمَيْرٌ ، فَقَالَ : مَا شَرَطْتُ لَهُ شَيْئًا ، قَالَ : تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَيْتَكَ وَيَقْضِيَ دِينَكَ ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، قَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ ، وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَغَيْرِي ، فَأَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهِ ، فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَقَالَ عُمَرُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَخِنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ ، وَلَهُوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِكَ ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَسِيرَهُ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ وَيَسْتَنْقِذَهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ : أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ كُلِّ رَاكِبٍ يَقْدُمُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَهُ لَهُ عُمَيْرٌ ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَسَأَلَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ ، فَقَالَ : قَدْ أَسْلَمَ ، فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ ، وَقَالُوا : صَبَأَ ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا ، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً أَبَدًا ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَنَصَحَهُمْ جَهَدَهُ ، فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ ، ثنا أَبِي ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَكَّةَ أَقْبَلَ عُمَيْرٌ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فِي الْحِجْرِ بِيَسِيرٍ ، وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ ، وَيَلْقَوْنَ مِنْهُ عَنَتًا إِذْ هُمْ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي أُسَارَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ صَفْوَانُ : وَاللَّهِ إِنْ فِي الْعَيْشِ خَيْرًا بَعْدَهُمْ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : صَدَقْتَ وَاللَّهِ ، لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي قَضَاؤُهُ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الشَّكِّ نَحْوَهُ