قَالَ : حَدَّثنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجَنَّةِ ، كَانَ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ ، وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، وَهُوَ مِثْلُ الْفَلَكِ مِنْ رَعْدَتِهِ ، قَالَ : فَطَأْطَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، مَا لِي لَا أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ ، وَلَا أَحَسُّهُمْ ؟ قَالَ : خَطِيئَتُكَ يَا آدَمُ ، وَلَكِنِ اذْهَبْ ، فَابْنِ لِي بَيْتًا ، فَطُفْ بِهِ ، وَاذْكُرْنِي حَوْلَهُ ، كَنَحْوِ مَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي ، قَالَ : فَأَقْبَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَخَطَّا ، فَطُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ ، وَقُبِضَتْ لَهُ الْمَفَاوِزُ ، فَصَارَتْ كُلُّ مَفَازَةٍ يَمُرُّ بِهَا خُطْوَةً ، وَقُبِضَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ مَخَاضِ مَاءٍ ، أَوْ بَحْرٍ فَجَعَلَ لَهُ خُطْوَةً ، وَلَمْ تَقَعْ قَدَمُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا صَارَ عُمْرَانًا وَبَرَكَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ ، فَبَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامَ ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ فَأَبْرَزَ عَنْ أُسٍّ ثَابِتٍ عَلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى ، فَقَذَفَتْ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الصَّخْرِ مَا لَا يُطِيقُ حَمْلَ الصَّخْرَةِ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا ، وَأَنَّهُ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ لُبْنَانَ ، وَطُورِ زَيْتَا ، وَطُورِ سِينَا ، وَالْجُودِيِّ ، وَحِرَاءٍ ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَسَّسَ الْبَيْتَ ، وَصَلَّى فِيهِ ، وَطَافَ بِهِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الطُّوفَانَ ، قَالَ : وَكَانَ غَضَبًا وَرِجْسًا ، قَالَ : فَحَيْثُمَا انْتَهَى الطُّوفَانُ ذَهَبَ رِيحُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ : وَلَمْ يَقْرَبِ الطُّوفَانُ أَرْضَ السِّنْدِ وَالْهِنْدِ ، قَالَ : فَدَرَسَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ فِي الطُّوفَانِ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْمَاعِيلَ فَرَفَعَا قَوَاعِدَهُ ، وَأَعْلَامَهُ ، وَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَهُوَ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، لَوْ سَقَطَ مَا سَقَطَ إِلَّا عَلَيْهِ
قَالَ : حَدَّثنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا تَابَ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أُمِرَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ فَطَوَى لَهُ الْأَرْضَ ، وَقَبَضَ لَهُ الْمَفَاوِزَ ، فَصَارَ كُلُّ مَفَازَةٍ يَمُرُّ بِهَا خُطْوَةً ، وَقَبَضَ لَهُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَخَاضِ مَاءٍ أَوْ بَحْرٍ ، فَجَعَلَهُ لَهُ خُطْوَةً ، فَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا صَارَ عُمْرَانًا ، وَبَرَكَةً ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدِ اشْتَدَّ بُكَاؤُهُ ، وَحُزْنُهُ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَتَحْزَنُ لِحُزْنِهِ ، وَلَتَبْكِي لِبُكَائِهِ ، فَعَزَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ ، وَوَضَعَهَا لَهُ بِمَكَّةَ فِي مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الْكَعْبَةُ ، وَتِلْكَ الْخَيْمَةُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ ، فِيهَا ثَلَاثُ قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ ، فِيهَا نُورٌ يَلْتَهِبُ مِنْ نُورِ الْجَنَّةِ ، وَنَزَلَ مَعَهَا الرُّكْنُ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ رَبَضِ الْجَنَّةِ ، وَكَانَ كُرْسِيًّا لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا صَارَ آدَمُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ ، وَحُرِسَ لَهُ تِلْكَ الْخَيْمَةُ بِالْمَلَائِكَةِ ، كَانُوا يَحْرُسُونَهَا ، وَيَذُودُونَ عَنْهَا سَاكِنَ الْأَرْضِ ، وَسَاكِنُهَا يَوْمَئِذٍ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَنَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مَنْ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَجَبَتْ لَهُ ، وَالْأَرْضُ يَوْمَئِذٍ طَاهِرَةٌ نَقِيَّةٌ لَمْ تَنْجَسْ ، وَلَمْ تُسْفَكْ فِيهَا الدِّمَاءُ ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا بِالْخَطَايَا ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا اللَّهُ مَسْكَنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَجَعَلَهُمْ فِيهَا كَمَا كَانُوا فِي السَّمَاءِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ، وَكَانَ وُقُوفُهُمْ عَلَى أَعْلَامِ الْحَرَمِ صَفًّا وَاحِدًا مُسْتَدِيرِينَ بِالْحَرَمِ الشَّرِيفِ كُلِّهِ ، الْحِلُّ مِنْ خَلْفِهِمْ ، وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مِنْ أَمَامِهِمْ ، فَلَا يَجُوزُهُمْ جِنٌّ ، وَلَا شَيْطَانٌ ، وَمِنْ أَجْلِ مَقَامِ الْمَلَائِكَةِ حُرِّمَ الْحَرَمُ حَتَّى الْيَوْمِ ، وَوُضِعَتْ أَعْلَامُهُ حَيْثُ كَانَ مَقَامُ الْمَلَائِكَةِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَوَّاءَ دُخُولَ الْحَرَمَ ، وَالنَّظَرَ إِلَى خَيْمَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَجْلِ خَطِيئَتِهَا الَّتِي أَخْطَأَتْ فِي الْجَنَّةِ ، فَلَمْ تَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَتْ ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ لِقَاءَهَا لِيُلِمَّ بِهَا لِلْوَلَدِ ، خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ كُلِّهِ ، حَتَّى يَلْقَاهَا ، فَلَمْ تَزَلْ خَيْمَةُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَانَهَا ، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ آدَمَ ، وَرَفَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَبَنَى بَنُوا آدَمَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مَكَانَهَا بَيْتًا بِالطِّينِ ، وَالْحِجَارَةِ ، فَلَمْ يَزَلْ مَعْمُورًا يَعْمُرُونَهُ هُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى كَانَ زَمَنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَنَسَفَهُ الْغَرَقُ وَخَفِىَ مَكَانُهُ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ الْأَسَاسَ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ ظَلَّلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مَكَانَ الْبَيْتِ بِغَمَامَةٍ ، فَكَانَتْ حِفَافَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ رَاكِدَةً عَلَى حِفَافَةٍ تُظِلُّ إِبْرَاهِيمَ ، وَتَهْدِيهِ مَكَانَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ الْقَوَاعِدَ قَامَةً ، ثُمَّ انْكَشَفَتِ الْغَمَامَةُ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ }} أَيِ الْغَمَامَةَ الَّتِي رَكَدَتْ عَلَى الْحِفَافِ لِتَهْدِيَهُ مَكَانَ الْقَوَاعِدِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْذُ رَفَعَهُ اللَّهُ مَعْمُورًا
قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الْأُولَى : ذُكِرَ فِيهِ أَمْرُ الْكَعْبَةِ ، فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَعَثَهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَمَرَهُ بِزِيَارَةِ الْبَيْتِ فَيَنْقَضُّ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ مُحْرِمًا مُلَبِّيًا حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعًا بِالْبَيْتِ ، وَيَرْكَعُ فِي جَوْفِهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَصْعَدُ
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْأَرْضِ أَهْبَطَهُ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَهُوَ مِثْلُ الْفَلَكِ مِنْ رِعْدَتِهِ ، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ، يَعْنِي الرُّكْنَ ، وَهُوَ يَتَلَأْلَأُ مِنْ شِدَّةِ بَيَاضِهِ ، فَأَخَذَهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضَمَهُ إِلَيْهِ أُنْسًا بِهِ ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْعَصَا ، فَقِيلَ لَهُ : تَخَطَّ يَا آدَمُ ، فَتَخَطَّا ، فَإِذَا هُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ وَالسِّنْدِ ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ اسْتَوْحَشَ إِلَى الرُّكْنِ ، فَقِيلَ لَهُ : احْجُجْ ، قَالَ : فَحَجَّ ، فَلَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَقَالُوا : بِرَّ حَجَّكَ يَا آدَمُ ، لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ
وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ آدَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُهْبِطَ الْأَرْضَ حَزَنَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِمَّا كَانَ يَرَى ، وَيَسْمَعُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، فَبَوَّأَ اللَّهُ لَهُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ، وَأَمَرَهُ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِ ، فَسَارَ إِلَيْهِ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا فَجَّرَ اللَّهُ لَهُ مَاءً مَعِينًا ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ ، فَأَقَامَ بِهَا يَعْبُدُ اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَيْتِ ، وَيَطُوفُ بِهِ فَلَمْ تَزَلْ دَارَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ بِهَا
حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِكَعْبٍ : يَا كَعْبُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، قَالَ كَعْبٌ : أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ يَاقُوتَةً مُجَوَّفَةً مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا بَيْتِي أَنْزَلْتُهُ مَعَكَ يُطَافُ حَوْلَهُ كَمَا يُطَافُ حَوْلَ عَرْشِي ، وَيُصَلَّى حَوْلَهُ كَمَا يُصَلَّى حَوْلَ عَرْشِي ، وَنَزَلَتْ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ فَرَفَعُوا قَوَاعِدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ ، ثُمَّ وُضِعَ الْبَيْتُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَطُوفُ حَوْلَهُ ، كَمَا يُطَافُ حَوْلَ الْعَرْشِ ، وَيُصَلِّي عِنْدَهُ كَمَا يُصَلَّى عِنْدَ الْعَرْشِ ، فَلَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ ، رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَبَقِيَتْ قَوَاعِدُهُ حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، قَالَ : بَلَغَنَا عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، سَأَلَ كَعْبًا ، ثُمَّ نَسَّقَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ
وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ مَنْ أَسَّسَ الْبَيْتَ ، وَصَلَّى فِيهِ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الطُّوفَانَ
حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَبَانَ : أَنَّ الْبَيْتَ أُهْبِطَ يَاقُوتَةً لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَوْ دُرَّةً وَاحِدَةً
وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ ، عَنِ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : كَانَ الْبَيْتُ الَّذِي بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَئِذٍ يَاقُوتَةً مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ ، حَمْرَاءَ تَلْتَهِبُ ، لَهَا بَابَانِ : أَحَدُهُمَا شَرْقِيٌّ ، وَالْآخَرُ غَرْبِيٌّ ، وَكَانَ فِيهِ قَنَادِيلُ مِنْ نُورٍ ، آنِيَتُهَا ذَهَبٌ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ ، وَهُوَ مَنْظُومٌ بِنُجُومٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَبْيَضَ ، وَالرُّكْنُ يَوْمَئِذٍ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ
حَدَّثَنَا جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : لَمَّا بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ ، أَمَرَ الْعُمَّالَ أَنْ يَبْلُغُوا فِي الْأَرْضِ ، فَبَلَغُوا صَخْرًا أَمْثَالَ الْإِبِلِ الْخِلْفِ ، قَالَ : فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ بَلَغْنَا صَخْرًا مَعْمُولًا أَمْثَالَ الْإِبِلِ الْخِلْفِ ، قَالَ : قَالَ : زِيدُوا ، فَاحْفُرُوا ، فَلَمَّا زَادُوا بَلَغُوا هَوَاءً مِنْ نَارٍ يَلْقَاهُمْ ، فَقَالَ : مَا لَكُمْ ؟ قَالُوا : لَسْنَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَزِيدَ ، رَأَيْنَا أَمْرًا عَظِيمًا فَلَا نَسْتَطِيعُ . فَقَالَ لَهُمْ : ابْنُوا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَسَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ : يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّخْرَ مِمَّا بَنَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَّ آدَمُ سَاجِدًا يَبْكِي ، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ يَا آدَمُ ؟ قَالَ : أَبْكَانِي أَنَّهُ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ تَسْبِيحِ مَلَائِكَتِكَ ، وَتَقْدِيسِ قُدُسِكَ ، قِيلَ لَهُ : يَا آدَمُ ، قُمْ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ ، فَكَانَ حَيْثُ يَضَعُ قَدَمَيْهِ ، يُفَجِّرُ عُيُونًا ، وَعِمْرَانًا ، وَمَدَايِنَ ، وَمَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ الْخَرَابُ ، وَالْمَعَاطِشُ ، فَبَلَغَنِي أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَذَكَّرَ الْجَنَّةَ فَبَكَى فَلَوْ عَدَلَ بُكَاءُ الْخَلْقِ بِبُُكَاءَ آدَمَ حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ مَا عَدَلَهُ ، وَلَوْ عَدَلَ بُكَاءُ الْخَلْقِ ، وَبُكَاءُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبُكَاءِ دَاوُدَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ مَا عَدَلَهُ
حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَدَّ بُكَاؤُهُ وَحُزْنُهُ لِمَا كَانَ مِنْ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَتَحْزَنُ لِحُزْنِهِ ، وَلَتَبْكِي لِبُكَائِهِ ، قَالَ : فَعَزَّاهُ اللَّهُ بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ ، وَضَعَهَا لَهُ بِمَكَّةَ فِي مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الْكَعْبَةُ ، وَتِلْكَ الْخَيْمَةُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ ، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ ، فِيهَا نُورٌ يَلْتَهِبُ مِنْ نُورِ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا صَارَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مَكَّةَ ، وَحُرِسَ لَهُ تِلْكَ الْخَيْمَةُ بِالْمَلَائِكَةِ ، فَكَانُوا يَحْرُسُونَهُ ، وَيَذُودُونَ عَنْهَا سُكَّانَ الْأَرْضِ ، وَسُكَّانُهَا يَوْمَئِذٍ الْجِنُّ ، وَالشَّيَاطِينُ ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَنَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مَنْ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَجَبَتْ لَهُ ، وَالْأَرْضُ يَوْمَئِذٍ نَقِيَّةٌ طَاهِرَةٌ طَيِّبَةٌ ، لَمْ تَنْجَسْ ، وَلَمْ تُسْفَكْ فِيهَا الدِّمَاءُ ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا بِالْخَطَايَا ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا اللَّهُ يَوْمَئِذٍ مُسْتَقَرَّ الْمَلَائِكَةِ ، وَجَعَلَهُمْ فِيهَا كَمَا كَانُوا فِي السَّمَاءِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ، قَالَ : فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْخَيْمَةُ مَكَانَهَا حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ رَفَعَهَا إِلَيْهِ
حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ }} ، قَالَ : وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيْتَ مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَأَهْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ إلى الْأَرْضِ ، وَكَانَ مَهْبِطُهُ بِأَرْضِ الْهِنْدِ ، وَكَانَ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَهَابُهُ ، فَقُبِضَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا ، فَحَزِنَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ فَقَدَ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ وَتَسْبِيحَهُمْ . فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ إِنِّي أَهْبَطْتُ مَعَكَ بَيْتًا يُطَافُ حَوْلَهُ ، كَمَا يُطَافُ حَوْلَ عَرْشِي ، فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ ، فَخَرَجَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمُدَّ لَهُ فِي خَطْوٍ ، فَكَانَ خُطْوَتَانِ ، أَوْ بَيْنَ خُطْوَتَيْنِ مَفَازَةً ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ ، فَأَتَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَيْتَ ، فَطَافَ بِهِ ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْجَنَّةِ ، قَالَ : يَا آدَمُ ابْنِ لِي بَيْتًا بِحِذَاءِ بَيْتِي الَّذِي فِي السَّمَاءِ ، تَتَعَبَّدُ فِيهِ أَنْتَ وَوَلَدُكَ ، كَمَا تَتَعَبَّدُ مَلَائِكَتِي حَوْلَ عَرْشِي . فَهَبَطَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ ، فَحَفَرَ حَتَّى بَلَغَ الْأَرْضَ السَّابِعَةَ ، فَقَذَفَتْ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ الصَّخْرَ ، حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَهَبَطَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ مُجَوَّفَةٍ ، لَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ بِيضٍ ، فَوَضَعَهَا عَلَى الْأَسَاسِ ، فَلَمْ تَزَلِ الْيَاقُوتَةُ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْغَرَقِ ، فَرَفَعَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى