حديث رقم: 9503

قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ هَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَيِّ وَهُبَيْرَةُ بْنُ وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ ، وَهُبَيْرَةُ يَوْمَئِذٍ زَوْجُ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، حَتَّى انْتَهَيَا جَمِيعًا إِلَى نَجْرَانَ ، فَلَمْ يَأْمَنَا مِنَ الْخَوْفِ حَتَّى دَخَلَا حِصْنَ نَجْرَانَ ، فَقِيلَ لَهُمَا : مَا وَرَاءَكُمَا ؟ فَقَالَا : أَمَّا قُرَيْشٌ فَقَدْ قُتِلَتْ ، وَدَخَلَ مُحَمَّدٌ مَكَّةَ ، وَنَحْنُ نُرَى أَنَّ مُحَمَّدًا سَائِرٌ إِلَى حِصْنِكُمْ هَذَا . فَجَعَلَتْ بِلْحَارِثُ بْنُ كَعْبٍ يُصْلِحُونَ مَا رَثَّ مِنْ حِصْنِهِمْ وَجَمَعُوا فَاشِيَتَهُمْ ، فَأَرْسَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبْيَاتًا يُرِيدُ بِهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزِّبَعْرَيِّ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : أَنْشَدَنِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ : لَا تَعْدِمَنَّ رَجُلًا أَحْلَكَ بُغْضُهُ نَجْرَانَ فِي عَيْشٍ أَجَدَّ لَئِيمِ بَلِيَتْ قَنَاتُكَ فِي الْحُرُوفِ فَأُلْفِيَتْ خَمَّانَةً جَوْفَاءَ ذَاتَ وَصُوِمِ غَضِبَ الْإِلَهُ عَلَى الزِّبَعْرَيِّ وَابْنِهِ وَعَذَابُ سُوءٍ فِي الْحَيَاةِ مُقِيمِ فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ الزِّبَعْرَيِّ شِعْرُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ ، فَقَالَ لَهُ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ : أَيْنَ تُرِيدُ ابْنَ عَمِّ ؟ قَالَ : أَرَدْتُ مُحَمَّدًا . قَالَ : تُرِيدُ أَنْ تَتَّبِعَهُ ؟ قَالَ : إِي وَاللَّهِ . قَالَ : يَقُولُ هُبَيْرَةُ : يَا لَيْتَ أَنِّي كُنْتُ رَافَقْتُ غَيْرَكَ ، وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ مُحَمَّدًا أَبَدًا . قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَيِّ : فَهُوَ ذَاكَ ، فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ نُقِيمُ مَعَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَأَتْرُكُ ابْنَ عَمِّي وَخَيْرَ النَّاسِ وَأَبَرَّ النَّاسِ ، وَمَعَ قَوْمِي وَدَارِي أَحَبُّ إِلَيَّ . فَانْحَدَرَ ابْنُ الزِّبَعْرَيِّ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : هَذَا ابْنُ الزِّبَعْرَيِّ وَمَعَهُ وَجْهٌ فِيهِ نُورُ الْإِسْلَامِ . فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ، شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ ، فَقَدْ عَادَيْتُكَ وَأَجْلَبْتُ عَلَيْكَ ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ وَالْبَعِيرَ وَمَشَيْتُ عَلَى قَدَمَيَّ فِي عَدَاوَتِكَ ، ثُمَّ هَرُبْتُ مِنْكَ إِلَى نَجْرَانَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَقْرَبَ الْإِسْلَامَ أَبَدًا ، ثُمَّ أَرَادَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِخَيْرٍ فَأَلْقَاهُ فِي قَلْبِي وَحَبَّبَهُ إِلَيَّ ، فَذَكَرْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَاتِّبَاعِ مَا لَا يَنْفَعُ ذَا عَقْلٍ مِنْ حَجَرٍ يُعْبَدُ وَيُذْبَحُ لَهُ ، لَا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ وَلَا مَنْ لَا يَعْبُدُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْإِسْلَامِ ، أَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَحُتُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ . قَالَ : وَأَقَامَ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ بِنَجْرَانَ مُشْرِكًا حَتَّى مَاتَ بِهَا ، وَأَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ الْفَتْحِ