أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الظَّفَرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَا : رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْمِهِ كَفًّا عَنْهُ ، فَجَلَسَ خَالِيًا ، فَتَمَنَّى فَقَالَ : لَيْتَهُ لَا يَنْزِلُ عَلَيَّ شَيْءٌ يُنَفِّرُهُمْ عَنِّي وَقَارَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَوْمَهُ ، وَدَنَا مِنْهُمْ ، وَدَنَوْا مِنْهُ ، فَجَلَسَ يَوْمًا مَجْلِسًا فِي نَادٍ مِنْ تِلْكَ الْأَنْدِيَةِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ {{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى }} حَتَّى إِذَا بَلَغَ {{ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى }} ، {{ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى }} أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى ، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِمَا ثُمَّ مَضَى ، فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا وَسَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ جَمِيعًا ، وَرَفَعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تُرَابًا إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ أَبَا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخَذَ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ رَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ، فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ : إِنَّمَا الَّذِي رَفَعَ التُّرَابَ الْوَلِيدُ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : أَبُو أُحَيْحَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : كِلَاهُمَا جَمِيعًا فَعَلَ ذَلِكَ ، فَرَضُوا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَالُوا : قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ ، وَلَكِنَّ آلِهَتَنَا هَذِهِ تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَهُ ، وَأَمَّا إِذْ جَعَلْتَ لَهَا نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَكَ ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَتَّى جَلَسَ فِي الْبَيْتِ ، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : جِئْتُكَ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قُلْتُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ {{ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }}
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ : فَشَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ فِي النَّاسِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ ، فَبَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ سَجَدُوا وَأَسْلَمُوا حَتَّى إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَأَبَا أُحَيْحَةَ قَدْ سَجَدَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ الْقَوْمُ : فَمَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ إِذَا أَسْلَمَ هَؤُلَاءِ ؟ وَقَالُوا : عَشَائِرُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا ، فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ حَتَّى إِذَا كَانُوا دُونَ مَكَّةَ بِسَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ لَقُوا رَكْبًا مِنْ كِنَانَةَ ، فَسَأَلُوهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ وَعَنْ حَالِهِمْ ، فَقَالَ الرَّكْبُ : ذَكَرَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ فَتَابَعَهُ الْمَلَأُ ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْهَا فَعَادَ لِشَتْمِ آلِهَتِهِمْ وَعَادُوا لَهُ بِالشَّرِّ ، فَتَرَكْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأْتَمَرَ الْقَوْمُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ قَالُوا : قَدْ بَلَغْنَا ، نَدْخُلُ فَنَنْظُرُ مَا فِيهِ قُرَيْشٌ ، وَيُحْدِثُ عَهْدًا مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : دَخَلُوا مَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِجِوَارٍ إِلَّا ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ مَكَثَ يَسِيرًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَكَانُوا خَرَجُوا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ ، فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ ، وَكَانَتِ السَّجْدَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَقَدِمُوا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ