قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ اسْمُ هَاشِمٍ عَمْرًا وَكَانَ صَاحِبُ إِيلَافِ قُرَيْشٍ ، وَإِيلَافُ قُرَيْشٍ دَأَبُ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرِّحْلَتَيْنِ لِقُرَيْشٍ تَرْحَلُ إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ وَإِلَى الْحَبَشَةِ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَيُكْرِمُهُ وَيَحْبُوهُ ، وَرِحْلَةً فِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّأْمِ إِلَى غَزَّةَ وَرُبَّمَا بَلَغَ أَنْقَرَةَ فَيَدْخُلُ عَلَى قَيْصَرَ فَيُكْرِمُهُ وَيَحْبُوهُ ، فَأَصَابَتْ قُرَيْشًا سَنَوَاتٌ ذَهَبْنَ بِالْأَمْوَالِ فَخَرَجَ هَاشِمٌ إِلَى الشَّأْمِ فَأَمَرَ بِخُبْزٍ كَثِيرٍ فَخُبِزَ لَهُ فَحَمَلَهُ فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الْإِبِلِ حَتَّى وَافَى مَكَّةَ فَهَشَمَ ذَلِكَ الْخُبْزَ يَعْنِي كَسَرَهُ وَثَرَدَهُ وَنَحَرَ تِلْكَ الْإِبِلَ ، ثُمَّ أَمَرَ الطُّهَاةَ فَطَبَخُوا ثُمَّ كَفَأَ الْقُدُورَ عَلَى الْجِفَانِ فَأَشْبَعَ أَهْلَ مَكَّةَ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْحَيَا بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ هَاشِمًا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي ذَلِكَ : عَمْرُو الْعُلَى هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : فَحَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ الْخَرَّبُوذِ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، مِنْ آلِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَقَالَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ قُصَيٍّ فِي ذَلِكَ : تَحَمَّلَ هَاشِمٌ مَا ضَاقَ عَنْهُ وَأَعْيَا أَنْ يَقُومَ بِهِ ابْنُ بِيضْ أَتَاهُمْ بِالْغَرَائِرِ مُتْأَقَاتٍ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ بِالْبُرِّ النَّفِيضْ فَأَوْسَعَ أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ هَشِيمٍ وَشَابَ الْخُبْزَ بِاللَّحْمِ الْغَرِيضْ فَظَلَّ الْقَوْمُ بَيْنَ مُكَلَّلَاتٍ مِنَ الشِّيزَاءِ حَائِرُهَا يُفِيضْ قَالَ : فَحَسَدَهُ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَكَانَ ذَا مَالٍ فَتَكَلَّفَ أَنْ يَصْنَعَ صَنِيعَ هَاشِمٍ فَعَجَزَ عَنْهُ فَشَمَتَ بِهِ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَغَضِبَ وَنَالَ مِنْ هَاشِمٍ وَدَعَاهُ إِلَى الْمُنَافَرَةِ فَكَرِهَ هَاشِمٌ ذَلِكَ لِسِنِّهِ وَقَدْرِهِ فَلَمْ تَدَعْهُ قُرَيْشٌ وَأَحْفَظُوهُ قَالَ : فَإِنِّي أُنَافِرُكَ عَلَى خَمْسِينَ نَاقَةً سُودِ الْحَدَقِ تَنْحَرُهَا بِبَطْنِ مَكَّةَ وَالْجَلَاءُ عَنْ مَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ فَرَضِيَ أُمَيَّةُ بِذَلِكَ وَجَعَلَا بَيْنَهُمَا الْكَاهِنَ الْخُزَاعِيَّ ، فَنَفَّرَ هَاشِمًا عَلَيْهِ فَأَخَذَ هَاشِمٌ الْإِبِلَ فَنَحَرَهَا ، وَأَطْعَمَهَا مَنْ حَضَرَهُ وَخَرَجَ أُمَيَّةُ إِلَى الشَّأْمِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ فَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ عَدَاوَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَ هَاشِمٍ وَأُمَيَّةَ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ هَاشِمًا ، وَعَبْدَ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبَ وَنَوْفَلًا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَجْمَعُوا أَنْ يَأْخُذُوا مَا بِأَيْدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مِمَّا كَانَ قُصَيٌّ جَعَلَ إِلَى عَبْدِ الدَّارِ مِنَ الْحِجَابَةِ وَاللِّوَاءِ وَالرِّفَادَةِ وَالسِّقَايَةِ وَالنَّدْوَةِ ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ لِشَرَفِهِمْ عَلَيْهِمْ وَفَضْلِهِمْ فِي قَوْمِهِمْ ، وَكَانَ الَّذِي قَامَ بِأَمْرِهِمْ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فَأَبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ أَنْ تُسَلِّمَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ وَقَامَ بِأَمْرِهِمْ عَامِرُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ فَصَارَ مَعَ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَبَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ وَبَنُو تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ وَصَارَ مَعَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بَنُو مَخْزُومٍ وَسَهْمٌ وَجُمَحُ وَبَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ذَلِكَ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَمُحَارِبُ بْنُ فِهْرٍ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فَعَقَدَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى أَمْرِهِمْ حِلْفًا مُؤَكَّدًا أَلَّا يَتَخَاذَلُوا وَلَا يُسَلِّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً ، فَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَمَنْ صَارَ مَعَهُمْ جَفْنَةً مَمْلُوءَةً طِيبًا فَوَضَعُوهَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ غَمَسَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا وَمَسَحُوا الْكَعْبَةَ بِأَيْدِيهِمْ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَسُمُّوا الْمُطَيَّبِينَ ، وَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ جَفْنَةً مِنْ دَمٍ فَغَمَسُوا أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا أَلَّا يَتَخَاذَلُوا مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً فَسُمُّوا الْأَحْلَافَ وَلَعَقَةَ الدَّمِ وَتَهَيَّؤوا لِلْقِتَالِ وَعُبِّئَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ لِقَبِيلَةٍ ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ إِلَى أَنْ يُعْطُوا بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ وَتَكُونَ الْحِجَابَةُ وَاللِّوَاءُ وَدَارُ النَّدْوَةِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ كَمَا كَانَتْ ، فَفَعَلُوا وَتَحَاجَزَ النَّاسُ فَلَمْ تَزَلْ دَارُ النَّدْوَةِ فِي يَدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ حَتَّى بَاعَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَجَعَلَهَا مُعَاوِيَةُ دَارَ الْإِمَارَةِ فَهِيَ فِي أَيْدِي الْخُلَفَاءِ إِلَى الْيَوْمِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّوْفَلِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : فَاصْطَلَحُوا يَوْمَئِذٍ أَنْ وُلِّيَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ وَكَانَ رَجُلًا مُوسِرًا وَكَانَ إِذَا حَضَرَ الْحَجَّ قَامَ فِي قُرَيْشٍ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ جِيرَانُ اللَّهِ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ زُوَّارُ اللَّهِ يُعَظِّمُونَ حُرْمَةَ بَيْتِهِ فَهُمْ ضَيْفُ اللَّهِ وَأَحَقُّ الضَّيْفِ بِالْكَرَامَةِ ضَيْفُهُ وَقَدْ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَأَكْرَمَكُمْ بِهِ وَحَفِظَ مِنْكُمْ أَفْضَلَ مَا حَفِظَ جَارٌ مِنْ جَارِهِ فَأَكْرِمُوا ضَيْفَهُ وَزَوْرَهُ يَأْتُونَ شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ بَلَدٍ عَلَى ضَوَامِرَ كَأَنَّهُنَّ الْقِدَاحُ قَدْ أَزْحَفُوا وَتَفَلُوا وَقَمَلُوا وَأَرْمَلُوا فَاقْرُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُرَافِدُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَنْ كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ لَيُرْسِلُونَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ عَلَى قَدْرِهِمْ ، وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ يُخْرِجُ فِي كُلِّ عَامٍ مَالًا كَثِيرًا ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَهْلَ يَسَارَةٍ يَتَرَافَدُونَ ، وَكَانَ كُلُّ إِنْسَانٍ يُرْسِلُ بِمِائَةِ مِثْقَالٍ هِرْقَلِيَّةٍ ، وَكَانَ هَاشِمٌ يَأْمُرُ بِحِيَاضٍ مِنْ أَدَمٍ فَتُجْعَلُ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ ثُمَّ يَسْتَقِي فِيهَا الْمَاءَ مِنَ الْبِئَارِ الَّتِي بِمَكَّةَ فَيَشْرَبُهُ الْحَاجُّ ، وَكَانَ يُطْعِمُهُمْ أَوَّلَ مَا يُطْعِمُ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بِمَكَّةَ وَبِمِنًى وَجَمْعٍ وَعَرَفَةَ وَكَانَ يُثْرِدُ لَهُمُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَالْخُبْزَ وَالسَّمْنَ وَالسَّوِيقَ وَالتَّمْرَ ، وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْمَاءَ فَيُسْقَوْنَ بِمِنًى وَالْمَاءُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ فِي حِيَاضِ الْأَدَمِ إِلَى أَنْ يَصْدُرُوا مِنْ مِنًى فَتَنْقَطِعُ الضِّيَافَةُ وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ لَبِلَادِهِمْ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللِّهْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : كَانَ هَاشِمٌ رَجُلًا شَرِيفًا وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنْ قَيْصَرَ لِأَنْ تَخْتَلِفَ آمِنَةً وَأَمَّا مَنْ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَلَّفَهُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ قُرَيْشٌ بَضَائِعَهُمْ وَلَا كِرَاءَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ ، فَكَتَبَ لَهُ قَيْصَرُ كِتَابًا ، وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَنْ يُدْخِلَ قُرَيْشًا أَرْضَهُ وَكَانُوا تُجَّارًا ، فَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ فِيهَا تِجَارَاتٌ وَكَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا بِسُوقِ النَّبَطِ فَصَادَفُوا سُوقًا تَقُومُ بِهَا فِي السَّنَةِ يَحْشُدُونَ لَهَا فَبَاعُوا وَاشْتَرَوْا وَنَظَرُوا إِلَى امْرَأَةٍ عَلَى مَوْضِعِ مُشْرِفٍ مِنَ السُّوقِ فَرَأَى امْرَأَةً تَأْمُرُ بِمَا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ لَهَا فَرَأَى امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً مَعَ جَمَالٍ فَسَأَلَ هَاشِمٌ عَنْهَا أَأَيِّمٌ هِيَ أَمْ ذَاتُ زَوْجٍ ؟ فَقِيلَ لَهُ : أَيِّمٌ هِيَ أَمْ ذَاتُ زَوْجٍ ؟ فَقِيلَ لَهُ : أَيِّمٌ كَانَتْ تَحْتَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَمْرًا وَمَعْبَدًا ثُمَّ فَارَقَهَا وَكَانَتْ لَا تَنْكِحُ الرِّجَالَ لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا حَتَّى يَشْرِطُوا لَهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا ، فَإِذَا كَرِهَتْ رَجُلًا فَارَقَتْهُ وَهِيَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، فَخَطَبَهَا هَاشِمٌ ، فَعَرَفَتْ شَرَفَهُ وَنَسَبَهُ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا وَدَخَلَ بِهَا ، وَصَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا مَنْ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ الْعِيرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمَخْزُومٍ وَسَهْمٍ ، وَدَعَا مِنَ الْخَزْرَجِ رِجَالًا ، وَأَقَامَ بِأَصْحَابِهِ أَيَّامًا وَعَلِقَتْ سَلْمَى بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَوَلَدَتْهُ ، وَفِي رَأْسِهِ شَيْبَةٌ ، فَسُمِّيَ شَيْبَةَ ، وَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى بَلَغَ غَزَّةَ فَاشْتَكَى فَأَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَدَفَنُوهُ بِغَزَّةَ ، وَرَجَعُوا بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ الَّذِيَ رَجَعَ بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً
قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَوْصَى هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، فَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ يَدٌ وَاحِدَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ يَدٌ إِلَى الْيَوْمِ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَوَلَدَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَخَمْسَ نِسْوَةٍ شَيْبَةَ الْحَمْدِ وَهُوَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ حَتَّى هَلَكَ وَرُقَيَّةَ بِنْتَ هَاشِمٍ مَاتَتْ ، وَهِيَ جَارِيَةٌ لَمْ تُبَرَّزْ ، وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَأَخَوَاهَا لِأُمِّهَا عَمْرٌو وَمَعْبَدٌ ابْنَا أُحَيْحَةُ بْنِ الْجُلَاحِ بْنِ الْحَرِيشِ بْنِ جَحْجَبَا بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَوْسِ ، وَأَبَا صَيْفِيِّ بْنَ هَاشِمٍ وَاسْمُهُ عَمْرٌو وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ وَصَيْفِيًّا ، وَأُمُّهُمَا هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَأَخَوَاهَا لِأُمِّهِمَا مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَأَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ ، وَأُمُّهُ قَيْلَةُ ، وَكَانَتْ تُلَقَّبُ الْجَزُورُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَذِيمَةَ ، وَهُوَ الْمُصْطَلِقُ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَنَضْلَةَ بْنَ هَاشِمٍ وَالشِّفَاءَ وَرُقَيَّةَ ، وَأُمُّهُمْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ سَعْدٍ مِنْ قُضَاعَةَ وَأَخَوَاهَا لِأُمِّهَا نُفَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَدَوِيُّ وَعَمْرُو بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَالضَّعِيفَةَ بِنْتَ هَاشِمٍ وَخَالِدَةَ بِنْتَ هَاشِمٍ ، وَأُمُّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ وَاقِدَةُ بِنْتُ أَبِي عَدِيٍّ ، وَيُقَالُ : عُدَيٌّ وَهُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ نُهْمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، وَحَنَّةَ بِنْتَ هَاشِمٍ ، وَأُمُّهَا عُدَيُّ بِنْتُ حُبَيِّبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ قَسِّيٍّ ، وَهُوَ ثَقِيفٌ قَالَ : وَكَانَ هَاشِمٌ يُكَنَّى أَبَا يَزِيدَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ كَانَ يُكَنَّى بِابْنِهِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ هَاشِمٌ رَثَاهُ وَلَدُهُ بِأَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ ، فَكَانَ مِمَّا قِيلَ فِيمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ رِجَالِهِ قَالَتْ خَالِدَةُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَرْثِي أَبَاهَا وَهُوَ شِعْرٌ فِيهِ ضَعْفٌ : بَكَرَ النَّعِيُّ بِخَيْرِ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى ذِي الْمَكْرُمَاتِ وَذِي الْفِعَالِ الْفَاضِلِ بِالسَّيِّدِ الْغَمْرِ السَّمَيْدَعِ ذِي النُّهَى مَاضِي الْعَزِيمَةِ غَيْرِ نِكْسٍ وَاغِلِ زَيْنِ الْعَشِيرَةِ كُلِّهَا وَرَبِيعِهَا فِي الْمُطْبَقَاتِ وَفِي الزَّمَانِ الْمَاحِلِ بِأَخِي الْمَكَارِمِ وَالْفَوَاضِلِ وَالْعُلَى عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِ الْبَاطِلِ إِنَّ الْمُهَذَّبَ مِنْ لُؤَيٍّ كُلِّهَا بِالشَّأْمِ بَيْنَ صَفَائِحٍ وَجَنَادِلِ فَابْكِي عَلَيْهِ مَا بَقِيتِ بِعَوْلَةٍ فَلَقَدْ رُزِئْتِ أَخَا نَدًى وَفَوَاضِلِ وَلَقَدْ رُزِئْتِ قَرِيعَ فِهْرٍ كُلِّهَا وَرَئِيسِهَا فِي كُلِّ أَمْرٍ شَامِلِ وَقَالَتِ الشِّفَاءُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَرْثِي أَبَاهَا : عَيْنُ جُودِي بِعَبْرَةٍ وَسُجُومِ وَاسْفَحِي الدَّمْعَ لِلْجَوَادِ الْكَرِيمِ عَيْنُ وَاسْتَعْبِرِي وَسُحِّي وَجُمِّي لِأَبِيكِ الْمُسَوَّدِ الْمَعْلُومِ هَاشِمُ الْخَيْرِ ذِي الْجَلَالَةِ وَالْمَجْدِ وَذِي الْبَاعِ وَالنَّدَى وَالصَّمِيمِ وَرَبِيعٍ لِلْمُجْتَدِينَ وَحِرْزٍ وَلَزَازٍ لِكُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ شِمَّرِيٍّ نَمَاهُ لِلْعِزِ صَقْرٌ شَامِخُ الْبَيْتِ مِنْ سَرَاةِ الْأَدِيمِ شَيْظَمِيٍّ مُهَذَّبٍ ذِي فُضُولٍ أَرْيَحِيٍّ مِثْلِ الْقَنَاةِ وَسِيمِ غَالِبِيٍّ سَمَيْدَعٍ أَحْوَذِيٍّ بَاسِقِ الْمَجْدِ مَضْرَحِيٍّ حَلِيمِ صَادِقِ النَّاسِ فِي الْمَوَاطِنِ شَهْمٍ مَاجِدِ الْجَدِّ غَيْرِ نِكْسٍ ذَمِيمِ