قَالَ : أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ : الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ لِبَنِيهِ : وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَيْءٌ مِنَ الْحَمِيرِ ، قَالَ : فَسَمِعَهُ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ : عُمَيْرٌ ، وَكَانَ رَبِيبُهُ وَالْجُلَاسُ عَمُّهُ , فَقَالَ لَهُ : أَيْ عَمِّ تُبْ إِلَى اللَّهِ ، وَجَاءَ الْغُلَامُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ , فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيْهِ , فَجَعَلَ يَحْلِفُ وَيَقُولُ : وَاللَّهِ مَا قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ الْغُلَامُ : يَا عَمِّ بَلَى وَاللَّهِ وَلَقَدْ قُلْتَهُ , فَتُبْ إِلَى اللَّهِ , وَلَوْلَا أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ , فَيَجْعَلَنِي مَعَكَ مَا قُلْتُهُ . قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآنُ : {{ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا }} ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . قَالَ : وَنَزَلَتْ {{ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ، وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا }} فَقَالَ : قَدْ قُلْتُهُ , وَقَدْ عَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ التَّوْبَةَ فَأَنَا أَتُوبُ فَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ . وَكَانَ لَهُ قَتِيلٌ فِي الْإِسْلَامِ , فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ دِيَّتَهُ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ قَالَ : وَقَدْ كَانَ هَمَّ أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُشْرِكِينَ ، قَالَ : وَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْغُلَامِ : وَفَتْ أُذُنُكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْجُلَاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ , وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ , وَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَخْرُجُوا فِي غَزْوَةٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَتَكَلَّمُوا بِالنِّفَاقِ , فَقَالَ الْجُلَاسُ مَا قَالَ , فَرَدَّ عَلَيْهِ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهُ ، وَكَانَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ , وَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ : مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلَا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً وَاللَّهِ لَئِنْ كَتَمْتُهَا لَأَهْلَكَنَّ وَلَئِنْ أَفْشَيْتُهَا لَتُفْتَضَحَنَّ , وَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الْأُخْرَى ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْجُلَاسُ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ اعْتَرَفَ الْجُلَاسُ بِذَنْبِهِ ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ بِهِ تَوْبَتُهُ