قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ هِنْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ قَالَ : سَمِعْتُ جَدِّيَ عُثْمَانَ بْنَ الْأَرْقَمِ يَقُولُ : أَنَا ابْنُ سَبْعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ ، أَسْلَمَ أَبِي سَابِعُ سَبْعَةٍ ، وَكَانَتْ دَارُهُ بِمَكَّةَ عَلَى الصَّفَا ، وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَكُونُ فِيهَا أَوَّلُ الْإِسْلَامِ ، وَفِيهَا دَعَا النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ فِيهَا قَوْمٌ كَثِيرٌ ، وَقَالَ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ فِيهَا : اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ : عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ الْغَدِ بُكْرَةً فَأَسْلَمَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ ، وَخَرَجُوا مِنْهَا فَكَبِّرُوا وَطَافُوا الْبَيْتَ ظَاهِرِينَ وَدُعِيَتْ دَارُ الْأَرْقَمِ دَارُ الْإِسْلَامِ ، وَتَصَدَّقَ بِهَا الْأَرْقَمُ عَلَى وَلَدِهِ ، فَقَرَأْتُ نُسْخَةَ صَدَقَةِ الْأَرْقَمِ بِدَارِهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا قَضَى الْأَرْقَمُ فِي رُبُعِهِ مَا حَازَ الصَّفَا إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِمَكَانِهَا مِنَ الْحَرَمِ ، لَا تُبَاعُ وَلَا تُوَرَّثُ ، شَهِدَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ وَفُلَانٌ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ : فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةً قَائِمَةً فِيهَا وَلَدُهُ يَسْكُنُونَ وَيُؤَاجِرُونَ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهَا ، حَتَّى كَانَ زَمَنُ أَبِي جَعْفَرٍ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ : فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ قَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِي نَفْسِ أَبِي جَعْفَرٍ ، إِنَّهُ لَيْسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا وَنَحْنُ عَلَى ظَهْرِ الدَّارِ فِي فُسْطَاطٍ فَيَمُرُّ تَحْتَنَا ، لَوْ أَشَاءُ أَنْ آخُذَ قَلَنْسُوَةً عَلَيْهِ لَأَخَذْتُهَا ، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَيْنَا مِنْ حِينَ يَهْبِطُ بَطْنَ الْوَادِي حَتَّى يَصْعَدَ إِلَى الصَّفَا ، فَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْأَرْقَمِ مِمَّنْ تَابَعَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ فَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ بِذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَطْرَحَهُ فِي حَدِيدٍ ، ثُمَّ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ : شِهَابُ بْنُ عَبْدِ رَبٍّ ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى عَامَلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ ، فَدَخَلَ شِهَابٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَبْسَ ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ ضَجِرَ بِالْحَدِيدِ وَالْحَبْسِ ، فَقَالَ لَهُ : هَلْ لَكَ أَنْ أُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ وَتَبِيعَنِي دَارَ الْأَرْقَمِ ؟ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُهَا ، وَعَسَى إِنْ بِعْتَهُ إِيَّاهَا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِيكَ فَيَعْفُوَ عَنْكَ ، قَالَ : إِنَّهَا صَدَقَةٌ وَلَكِنَّ حَقِّي مِنْهَا لَهُ وَمَعِي فِيهَا شُرَكَاءٌ إِخْوَتِي وَغَيْرُهُمْ ، فَقَالَ : إِنَّمَا عَلَيْكَ نَفْسَكَ ، أَعْطِنَا حَقَّكَ وَبَرِئْتَ ، فَأَشْهَدَ لَهُ بِحَقِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابَ شِرًى عَلَى حِسَابِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ، ثُمَّ تَتَبَّعَ إِخْوَتَهُ فَفَتَنَتْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ فَبَاعُوهُ فَصَارَتْ لِأَبِي جَعْفَرٍ وَلِمَنْ أَقْطَعَهَا ، ثُمَّ صَيَّرَهَا الْمَهْدِيُّ لِلْخَيْزُرَانَ أُمِّ مُوسَى وَهَارُونَ ، فَبَنَتْهَا وَعُرِفَتْ بِهَا ، ثُمَّ صَارَتْ لِجَعْفَرِ بْنِ مُوسَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ سَكَنَهَا أَصْحَابُ الشَّطَوِيِّ وَالْعَدَنِيِّ ، ثُمَّ اشْتَرَى عَامَّتَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا غَسَّانُ بْنُ عَبَّادٍ مِنْ وَلَدِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ . قَالَ : وَأَمَّا دَارُ الْأَرْقَمِ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَقَطِيعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ : آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ أَرْقَمَ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَبَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ قَالُوا : وَشَهِدَ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ بَدْرًا ، وَأُحُدًا ، وَالْخَنْدَقَ ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ هِنْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حَضَرَتِ الْأَرْقَمَ بْنَ أَبِي الْأَرْقَمِ الْوَفَاةُ ، فَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالِيًا لِمُعَاوِيَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ سَعْدٌ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ ، وَمَاتَ الْأَرْقَمُ فَاحْتَبَسَ عَلَيْهِمْ سَعْدٌ ، فَقَالَ مَرْوَانُ : أَيُحْبَسُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِرَجُلٍ غَائِبٍ ؟ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ، فَأَبَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ ذَلِكَ عَلَى مَرْوَانَ وَقَامَتْ مَعَهُ بَنُو مَخْزُومٍ وَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلَامٌ ، ثُمَّ جَاءَ سَعْدٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ ، وَهَلَكَ الْأَرْقَمُ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً