حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ , حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ قَالَ : لَمَّا أَكْثَرَ جَمِيلٌ فِي التَّشْبِيبِ بِبُثَيْنَةَ اسْتَعْدَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا , فَأَلَحَّ أَهْلُهُ عَلَى لَائِمَتِهِ وَعَزْلِهِ , فَلَمَّا أَلَحُّوا عَلَيْهِ تَحَمَّلَ هَارِبًا إِلَى وَادِي الْقُرَى , فَطُلِبَ فَهَرَبَ مِنْهُ , فَلَحِقَ بِشَيْخٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَبِي بَنَاتٍ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَقَالَ لِبَنَاتِهِ : الْبِسْنَ خَيْرَ ثِيَابِكُنَّ وَأَحْسَنَ حُلِيِّكُنَّ وَتَشَوَّفْنَ لَهُ , عَسَى أَنْ تَقَعَ عَيْنُهُ عَلَى بَعْضِكُنَّ فَأُزَوِّجَهَا مِنْهُ فَيَنْقَطِعَ هَذَا الْأَمْرُ عَنَّا , فَفَعَلْنَ وَتَعَرَّضْنَ لَهُ , فَلَمَّا أَكْثَرْنَ قَالَ لَهُنَّ بِحَيْثُ يَسْمَعْنَ : حَلَفْتُ لِكَيْمَا تَعْلَمُونِي صَادِقًا وَلَلصِّدْقُ خَيْرٌ فِي الْأُمُورِ وَأَنْجَحُ لَتَكْلِيمُ يَوْمٍ مِنْ بُثَيْنَةَ وَاحِدٍ وَرُؤْيَتُهَا عِنْدِي أَلَذُّ وَأُمْلَحُ مِنَ الدَّهْرِ لَوْ أَخْلُو بِكُنَّ وَإِنَّمَا أُعَالِجُ قَلْبًا غَارِمًا حَيْثُ يَطْمَحُ قَالَ : فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لِأَبِيهِنَّ , فَقَالَ : خَلِّينَ عَنْ هَذَا , فَإِنَّهُ لَا يُفْلِحُ أَبَدًا
أَنْشَدَنِي ثَعْلَبٌ : أَحْرَقْتُمَا كَبِدِي بِاللَّوْمِ فَاحْتَرَقَتْ يَا صَاحِبَيَّ وَهَذَا مِنْكُمَا شَرَفُ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيمَنْ كَانَ يُخْبِرُنِي أَنَّ الْمُحِبَّ إِذَا مَا شَاءَ يَنْصَرِفُ وَجْدُ الْمُحِبِّ إِذَا مَا بَانَ صَاحِبُهُ وَجْدُ الصَّبِيِّ لِثَدْيَيْ أُمِّهِ الْكَلِفُ قَدْ تَمْكُثُ النَّاسُ حِينًا لَيْسَ بَيْنَهُمُ وُدٌّ فَيَزْرَعُهُ التَّسْلِيمُ وَاللُّطَفُ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ يَقُولُ : عَشِقَتْ جُوَيْرِيَةُ أَعْرَابِيَّةٌ فَتًى مِنْ عَشِيرَتِهَا فَعَزَلَتْهَا أُمُّهَا فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : يَا أُمِّ مَهْلًا لَا يَكُونُ الْحُبَّا وَلَا لَقِيتُ لَوْعَةً وَكَرْبَا عَيْنَاهُ قَادَتْنِي إِلَيْهِ غَصْبَا رَأَيْتُ طَرَفًا فَاسْتَحَرَّ الْقَلْبَا وَمُقْلَةٌ أَحْسَبُ فِيهَا الشُّهْبَا إِنْ لُمْتِنِي فَرُبَّمَا وَرُبَّا تَرَكَتْ ذَا اللُّبِّ لِسَيْرٍ أَصَبَّا إِذَا رَآنِي طَرْفُهُ أَكَبَّا تَبًّا لِهَذَا الْحُبِّ تَبًّا تَبَّا يَا رَبِّ أَوْرِدْهُ الْمَحِلَّ الْجَدْبَا
وَأَنْشَدَنِي أَبُو سَهْلٍ النَّحْوِيُّ لِأَبِي الشِّيصِ : وَقَفَ الْهَوَى بِي حَيْثُ أَنْتِ فَلَيْسَ لِي مُتَأَخَّرٌ عَنْهُ وَلَا مُتَقَدَّمُ أَجِدُ الْمَلَامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيذَةً حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْتَلُمْنِي اللُّوَّمُ أَشْبَهْتِ أَعْدَائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ إِذْ كَانَ حَظِّي مِنْكِ حَظِّيَ مِنْهُمُ وَأَهَنْتِنِي فَأَهَنْتُ نَفْسِيَ صَاغِرًا مَا مَنْ يَهُونُ عَلَيْكِ مِمَّنْ أُكْرِمُ
سَمِعْتُ أَبَا سَهْلٍ النَّحْوِيَّ , يَذْكُرُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّهَبِيُّ قَالَ : أَنْشَدَنِي رِيَابٌ : أُمَّتِي لَا تَعْذِلُونِي إِنَّ فِي ثَوْبِي بَرَاتِي خَاتَمُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَرْجُو نَجَاتِي بِنْتُ عَشْرٍ تَأْمُرِينِي بِاتِّبَاعِ الْقَارِيَاتِ أَنْظِرِينِي عَشْرَا أُخْرَى أَشْتَفِي قَبْلَ الْمَمَاتِ قَالَ : لَقَدْ عَجَّلْتَ عَلَيْهَا , وَلَقَدْ سَأَلْتَهَا يَسِيرًا , وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهَا , أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ كُثَيِّرِ عَزَّةَ : تَلُومُ امْرَءًا فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ وَتَتْرُكُ أَشْيَاخَ الصَّبَابَةِ حِينُ وَمَا شَعَرَتْ أَنَّ الصِّبَا إِذْ بَلْوَتَنِي عَلَى عَهْدِ عَادٍ لِلشَّبَابِ خَدِينُ
وَأَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ قُرَيْشٍ لِخَالِدٍ الْكَاتِبِ : مَا يَسْتَرِيحُ الْمُحِبُّ مِنْ خَبْلِهِ وَلَا يُفِيقُ الْعَذُولُ مِنْ عَذْلِهْ هَذَا امْرُؤٌ فِي الْعِتَابِ مُجْتَهِدٌ وَذَاكَ فِي هَمِّهِ وَفِي شُغْلِهْ مَا لِلْعَذُولِ الَّذِي بُلِيتُ بِهِ أَدْنَاهُ رَبُّ السَّمَاءِ مِنْ أَجَلِهْ
سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ : كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيِّ بَنُونَ أَدَّبَهُمْ , أَصْغَرُهُمْ يُسَمَّى عُبَيْدُ اللَّهِ , فَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبُوهُ فِي شَيْءٍ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْعِشْقِ , فَأَخْرَجَهُ مِنْ دَارِهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : تَبَدَّلْتَ مِنْ قَلْبِي الْمَوَدَّةَ بِالْبُغْضِ وَصُيِّرَتُ بَعْدَ الْقِرَبِ مِنْكَ إِلَى الرَّفْضِ وَكَانَ الْهَوَى غَضًّا فَلَمَّا مَلَكْتُهُ تَقَصَّفَ غُصْنَاهُ وَحَالَ عَنِ الْغَضِّ فَإِنْ أَكُ قَدْ أُخْرِجْتُ مِنْ دَارِ بُغْضَةٍ فَلَيْسَ بِكَفَّيْ مُخْرِجِي سَعَةُ الْأَرْضِ فَرَقَّ لَهُ أَبُوهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنْ كُنْتَ تَائِبًا مِنْ جُرْمِكَ , مُقْلِعًا عَنْ فِعْلِكَ , فَعِنْدِي يَا بُنَيَّ قَبُولُكَ , فَقَلَبَ الرُّقْعَةَ وَكَتَبَ فِي ظَهْرِهَا : تَرَانِي تَارِكًا للَّـ ـهِ مَا أَهْوَى لِمَا تَهْوَى أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ الْحُـ ـبَّ فِي قَلْبِي إِذَنْ دَعْوَى وَقَالَ آخَرُ : أَتُرِيدُ أَتْرُكَ بَهْجَتِي تَبْلَا وَأُطِيعُ مِثْلَكَ فِي الْهَوَى عَقْلَا
أَنْشَدَنِي أَبُو يَعْقُوبَ التَّمَّارُ لِنَفْسِهِ : الْعَذْلُ يَا فَضْلُ فَضْلٌ وَاللَّوْمُ فِي الْحُبِّ جَهْلُ وَالْهَزْلُ فِي الْحُبِّ جَدٌّ وَالْجَدُّ فِي الْحُبِّ قَتْلُ وَمَا لِمَنْ لَامَ صَبًّا وَإِنْ تَعَاقَلَ عَقْلُ
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ , أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ : حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ وَهُوَ فَقِيهُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى نَخَّاسٍ يَعْتَرِضُ قِيَانًا , فَعَلِقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَاشْتُهِرَ بِهَا حَتَّى عَذَلَهُ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ , فَقَالَ فِي ذَلِكَ : يَلُومُنِي فِيكِ أَقْوَامٌ أُجَالِسُهُمْ فَمَا أُبَالِي أَطَارَ اللَّوْمُ أَوْ وَقَعَا
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ لَكُثَيِّرِ عَزَّةَ : فَمَا أَحْدَثَ النَّأْيُ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا سَلْوًا وَلَا طُولُ اجْتِمَاعٍ تَقَالِيَا وَمَا زَادَنِي الْوَاشُونَ إِلَّا صَبَابَةً وَلَا كَثْرَةُ النَّاهِينَ إِلَّا تَمَادِيَا
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الزُّبَيْرِ , عَنْ أَبَى الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ : إِنَّ أَهْلَ بُثَيْنَةَ مَشَوْا إِلَى جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ وَأَهْلِهِ وَاسْتَوْهَبُوهُمْ مِنْ جَمِيلٍ , وَكَانَ الصَّوْتُ قَدِ ارْتَفَعَ بِهِ وَعَلَا , وَلَامُوا جَمِيلًا وَنَهَوْهُ وَعَذَلُوهُ فِي إِتْيَانِهَا , فَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ قَائِلٍ مِنْهُمْ , فَأَعَزُّوهُ بِحُبِّهَا , فَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ : وَعَاذِلُونَ رَجَوْنِي فِي مَحَبَّتِهَا يَا لَيْتَهُمْ وَجَدُوا مِثْلَ الَّذِي أَجِدُ لَمَّا أَطَالُوا عِتَابِي مِنْكِ قُلْتُ لَهُمْ لَا تُكْثِرُوا كُلَّ هَذَا اللَّوْمِ وَاقْتَصِدُوا قَدْ مَاتَ قَلْبَيْ أَخُو هِنْدَ وَصَاحِبِهِ مُرَقِّشِيٍّ وَاشْتَفَى مِنْ عَدُوِّهِ الْكَمَدُ فَكُلُّهُمْ كَانَ فِي عِشْقٍ مَنِيَّتُهُ فَقَدْ وَجَدْتُ بِهِمْ فَوْقَ الَّذِي وَجَدُوا إِنِّي لَأَرْهَبُ بَلْ قَدْ كِدْتُ أَعْلَمُهُ أَنْ سَوْفَ يُورِدُنِي الْحَوْضَ الَّذِي وَرَدُوا إِنْ لَمْ تَنَلْنِي بِمَعْرُوفٍ تَجُودُ بِهِ أَوْ يَدْفَعِ اللَّهُ عَنِّي الْوَاحِدُ الصَّمَدُ
وَأَنْشَدَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِجَمِيلٍ : خَلِيلَيَّ فِيمَا عِشْتُمَا هَلْ رَأَيْتُمَا قَتِيلًا بَكَا مِنْ حُبِّ قَاتِلِهِ قَبْلِي أَفِي أُمِّ عَمْرٍو تَعْذِلَانِي هُدِيتُمَا وَقَدْ تَيَّمَتْ قَلْبِي وَهَامَ بِهَا عَقْلِي
وَسَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ , يُنْشِدُ : لَائِمٌ لَامَنِي فِيكِ وَهْوَ غَدٌ طَامِعٌ عِنْدَ نَفْسِهِ فِي اعْتِذَارِي قُلْتُ بِالْعَدْلِ مَرَّةً ثُمَّ لَمَّا لَجَّ فِي اللَّوْمِ قُلْتُ بِالْإِجْبَارِي وَتَجَاهَلْتُ حِينَ لَمْ يَنْفَعِ الْعِلْـ ـمُ اعْتِمَادًا بِهِ عَلَى الْأَقْدَارِ قُلْتُ : جَاءَ الْقَضَاءُ فِيهِ بِشَيْءٍ عَجَزَتْ عَنْهُ حِيلَتِي وَاصْطِبَارِي فَإِنِ اسْطَعْتَ بِاحْتِيَالِكَ دَفْعًا لِقَضَاءِ الْمُهَيْمِنِ الْجَبَّارِ فَعَلَيَّ السُّلُوُّ وَالصَّبْرُ عَنْهَا وَعَلَيْكِ الْمَجِيءُ بِالْأَقْدَارِ