حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُرَجًّى بْنِ وَدَاعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : عَيَّرُوا أَعْمَالَهُمْ بِالْحُزْنِ ، فَأُعْطُوا الْفَرَحَ وَالْأَمَانَ , تَجَشَّمُوا مَشَقَّةَ الدُّنْيَا ، وَشَغَلُوا فِيهَا أَنْفُسَهُمْ عَنْهَا لآخِرَتِهِمْ ، فَأَشْعَرُوا الْخَشْيَةَ قُلُوبَهُمْ , ذَهَلُوا عَنْ أَزْوَاجِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ ، فَزُوِّجُوا الْحُورَ الْعَيْنَ ، وَأُخْدِمُوا الْغِلْمَانَ الْمُخَلَّدِينَ فِي آخِرَتِهِمْ ، وَاخْتَارُوا التَّوَاضُعَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا ، فَارْتَفَعَتْ عِنْدَهُ مَنَازِلُهُمْ خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصَةٌ بُطُونُهُمْ خَفِيفَةٌ ظُهُورُهُمْ نَقِيَّةٌ جُلُودُهُمْ رَضُّوا خَالِقَهُمْ فَأَرْضَاهُمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ النَخْعِيِّ ، قَالَ : كَبُرَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : طُولُ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الْأَحْزَانِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا يَعْقُوبُ ، تَشْكُونِي ؟ قَالَ : رَبِّ خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا فَاغْفِرْهَا لِي
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا رَاشِدٌ أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الْخَلْقَانِيُّ ، قَالَ : قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَخْمَصُوا لَهُ الْبُطُونَ عَنْ مَطَاعِمِ الْحَرَامِ ، وَغَضُّوا لَهُ الْجُفُونَ عَنْ مَنَاظِرِ الْآثَامِ ، وَ أَهْمَلُوا لَهُ الْعُيُونَ لَمَّا اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْكَلَامُ ، رَجَاءَ أَنْ تَبِينَ ظُلْمَةُ قُبُورِهُمْ ، إِذَا تَضَمَّنَتْهُمُ الْأَرْضُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا ؛ فَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُكْتَئِبُونَ ؛ وَإِلَى الْآخِرَةِ مُتَطَلِّعُونَ , بَعُدَتْ أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ بِالْغَيْبِ إِلَى الْمَلَكُوتِ ، فَرَأَتْ فِيهِ مَا رَاجَتْ مِنْ عَظِيمِ الثَّوَابِ ، فَازْدَادُوا وَاللَّهِ بِذَلِكَ جِدًّا وَاجْتِهَادًا عِنْدَ مُعَايَنَةِ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ آمَالُهُمْ ، فَهُمُ الَّذِينَ لَا رَاحَةَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَهُمُ الَّذِينَ تُقَرُّ أَعْيُنُهُمْ غَدًا بِطَلْعَةِ ذَلِكَ الْمَوْتِ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدٌ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، ثنا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : تَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْحُكَمَاءِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، فَوَصَفَ الْمُتَّقِي ، فَقَالَ رَجُلٌ : آثَرَ اللَّهَ عَلَى خَلْقِهِ ، وَآثَرَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ، فَلَمْ تَكْتَرِثْهُ الْمَطَالِبُ ، وَلَمْ تُغْنِهِ الْمَطَالِعُ نَظَرَ بِبَصَرِ قَلْبِهِ إِلَى مَعَالِي إِرَادَتِهِ ، فَسَمَا نَحْوَهَا مُلْتَمِسًا لَهَا ، فَدَهْرُهُ مَحْزُونٌ يَبِيتُ إِذَا نَامَ النَّاسُ ذَا شُجُونٍ وَيُصْبِحُ مَغْمُومًا فِي الدُّنْيَا مَسْجُونٌ ، انْقَطَعَتْ مِنْ هِمَّتِهِ الرَّاحَةُ دُونَ مَنِيَّتِهِ فَشَفَاهُ الْقُرْآنُ ، وَدَوَاؤُهُ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لَا يَرَى مِنْهَا الدُّنْيَا عِوَضًا وَلَا يَسْتَرِيحُ إِلَى لَذَّةٍ سِوَاهَا ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : أَرْخَى بَالًا وَأَنْعَمُ عَيْشًا