أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْجَلِيلُ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدُّلَفِيُّ الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَرَأَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ النَّيْسَابُورِيُّ ، عَلَى الشَّيْخِ الثِّقَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْجَوْهَرِيِّ بِبَغْدَادَ بِبَابِ الْمَرَاتِبِ حَرَسَهَا اللَّهُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ سَادِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ ، وَأَقَرَّ بِهِ ، قَالَ لَهُ : أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيَوَيْهِ الْخَزَّازُ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَنْتَ حَاضِرٌ تَسْمَعُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَرَأَهُ عَلَيْنَا مِنْ لَفْظِهِ عِنْدَ مَنْزِلِهِ فِي شَهْرِ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ مَوْلًى لِأَبِي رَيْحَانَةَ ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أَنَّهُ قَفَلَ مِنْ بَعْثٍ غَزَا فِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى أَهْلَهُ ، فَتَعَشَّى مِنْ عَشَائِهِ ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى مَسْجِدِهِ ، فَقَرَأَ سُورَةً ، ثُمَّ أُخْرَى ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَكَانَهُ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ سُورَةٍ افْتَتَحَ الْأُخْرَى ، حَتَّى إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ السَّحَرِ شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ ، فَأَتَتْهُ امْرَأَتُهُ ، فَقَالَتْ : يَا أَبَا رَيْحَانَةَ ، قَدْ غَزَوْتَ فَغِبْتَ فِي غَزْوَتِكَ ، ثُمَّ قَدِمْتَ إِلَيَّ لَمْ يَكُنْ لِي مِنْكَ حَظٌّ ، وَنَصِيبٌ ، فَقَالَ : بَلَى ، وَاللَّهِ مَا خَطَرْتِ لِي عَلَى بَالٍ ، وَلَوْ ذَكَرْتُكِ لَكَانَ لَكِ عَلَيَّ حَقٌّ ، قَالَتْ : فَمَا الَّذِي يَشْغَلُكَ يَا أَبَا رَيْحَانَةَ ؟ قَالَ : لَمْ يَزَلْ يَهْوَى قَلْبِي فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ فِي جَنَّتِهِ مِنْ لِبَاسِهَا ، وَأَزْوَاجِهَا ، وَنَعِيمِهَا ، وَلَذَّاتِهَا حَتَّى سَمِعْتُ الْمُؤَذِّنَ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ ، عَنْ ضَمْرَةَ - يَعْنِي ابْنَ حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا رَيْحَانَةَ اسْتَأْذَنَ صَاحِبَ مَسْلَحَتِهِ مِنَ السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ الْوَالِي : كَمْ تُرِيدُ أَنْ أُؤَجِّلَكَ ؟ قَالَ : لَيْلَةً ، فَأَقْبَلَ أَبُو رَيْحَانَةَ وَكَانَ مَنْزِلُهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَبَدَأَ بِالْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ ، فَافْتَتَحَ سُورَةً فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ أُخْرَى ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَرُمْهُ ، وَلَمْ يَأْتِ أَهْلَهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا بِدَابَّتِهِ ، فَرَكِبَهَا مُتَوَجِّهًا إِلَى مَسْلَحَتِهِ ، فَقِيلَ : يَا أَبَا رَيْحَانَةَ ، إِنَّمَا اسْتَأْذَنْتَ لِتَأْتِيَ أَهْلَكَ ، فَلَوْ مَضَيْتَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ ثُمَّ تَنْصَرِفَ إِلَى صَاحِبِكَ ، قَالَ : إِنَّمَا أَجَّلَنِي أَمِيرِي لَيْلَةً ، وَقَدْ مَضَتْ ، لَا أَكْذِبُ ، وَلَا أُخْلِفُ ، وَانْصَرَفَ إِلَى مَسْلَحَتِهِ ، وَلَمْ يَأْتِ أَهْلَهُ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيْضًا - يَعْنِي أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا رَيْحَانَةَ كَانَ مُرَابِطًا بِالْجَزِيرَةِ بِمَيَّافَارِقِينَ ، فَاشْتَرَى رَسَنًا مِنْ نَبَطِيٍّ مِنْ أَهْلِهَا بِأَفْلُسٍ ، فَقَفَلَ أَبُو رَيْحَانَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْفُلُوسَ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَقَبَةِ الرَّسْتَنِ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهِيَ مِنْ حِمْصَ عَلَى اثْنَى عَشَرَ مِيلًا - فَذَكَرَهَا ، فَقَالَ لِغُلَامِهِ : هَلْ دَفَعْتَ إِلَى صَاحِبِ الرَّسَنِ فُلُوسَهُ ؟ فَقَالَ : لَا ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ ، وَاسْتَخْرَجَ نَفَقَةً مِنْ نَفَقَتِهِ ، فَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامِهِ ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَحْسِنُوا مُعَاوَنَتَهُ عَلَى دَوَابِّي حَتَّى يَبْلُغَ أَهْلِي ، قَالُوا : وَمَا الَّذِي تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَنْصَرِفُ إِلَى بَيِّعِي ؛ حَتَّى أَدْفَعَ إِلَيْهِ فُلُوسَهُ ، فَأُؤَدِّي أَمَانَتِي ، فَانْصَرَفَ حَتَّى أَتَى مَيَّافَارِقِينَ ، فَدَفَعَ الْفُلُوسَ إِلَى صَاحِبِ الرَّسَنِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيْضًا - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - قَالَ : حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا رَيْحَانَةَ مَرَّ بِحِمْصَ فَسَمِعَ لِأَهْلِهَا ضَوْضَاءَ شَدِيدَةً ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَا هَذِهِ الضَّوْضَاءُ ؟ فَقَالُوا : أَهْلُ حِمْصَ يَقْتَسِمُونَ بَيْنَهُمْ مَسَاكِنَهُمْ ، فَرَفَعَ ضَبْعَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهَا لَهُمْ فِتْنَةً ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى انْقَطَعَ عَنْهُمْ صَوْتَهُ ، لَا يَدْرُونَ مَتَى كَفَّ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ : أَخْبَرَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَعِنْدَهُ بَنُونَ لَهُ غِلْمَانٌ ، كَأَنَّهُمُ الدَّنَانِيرُ حُسْنًا ، فَجَعَلْنَا نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِهِمْ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَأَنَّكُمْ تُغْبَطُونَ بِهِمْ ، قُلْنَا : وَاللَّهِ إِنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ يُغْبَطُ بِهِمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ بَيْتٍ لَهُ قَصِيرٍ ، قَدْ عَشْعَشَ فِيهِ الْخُطَّافُ وَبَاضَ ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لِأَنْ أَكُونَ قَدْ نَفَضْتُ يَدَيَّ عَنْ تُرَابِ قُبُورِهِمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَخِرَّ عُشُّ هَذَا الْخُطَّافِ فَيَنْكَسِرَ بَيْضُهُ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : لَقِيتُ أَبَا الْعَلَاءِ صِلَةَ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْعَلَاءِ ، هَلْ بِأَهْلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجَعِ ؟ يَعْنِي الطَّاعُونَ ، فَقَالَ : إِنَّا لِأَنْ يُخْطِئَهُمْ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ ، عَنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ الْحَارِثِيِّ قَالَ : أَخَذَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِيَدِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ؛ لِيَسْأَلَهُ كَيْفَ هُوَ ؟ وَقَدْ طُعِنَا ، فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ ، فَتَكَابَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الْحَارِثِ ، وَفَرِقَ مِنْهَا حِينَ رَآهَا ، فَأَقْسَمَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ بِاللَّهِ مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ
أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ - صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا رَيْحَانَةَ ، لَوْ قَدْ مَرَرْتَ عَلَى قَوْمٍ قَدْ نَصَبُوا دَابَّةً يَرْمُونَهَا بِنَبْلٍ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ هَذَا ، فَيَقُولُونَ لَكَ : اقْرَأْ عَلَيْنَا الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا هَذَا ؟ فَمَرَّ أَبُو رَيْحَانَةَ عَلَى قَوْمٍ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ هَذَا ، فَقَالُوا : اقْرَأْ عَلَيْنَا الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا هَذَا ، فَقَالَ أَبُو رَيْحَانَةَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، تَأْكُلُونَهَا قِمَارًا حَرَامًا وَمَيْتَةً لَا تُذْبَحُ