حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ , قَالَ : وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ , وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ , قَالَ : فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ فَيَدْعُونَا إِلَى رَحْلِهِ , قَالَ : قُلْتُ : أَلَّا أَصْنَعُ لِأَصْحَابِنَا فَأَدْعُوهُمْ إِلَى رَحْلِي , قَالَ : فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ وَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِّي , فَقُلْتُ : الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ , قَالَ : أَسَبَقَتْنِي ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : فَدَعَوْتُهُمْ فَهُمْ عِنْدِي , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَلَا أُعَلِّمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ , قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ , قَالَ : أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ , وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ , وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى , وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ , فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي , قَالَ : وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ , قَالَ : فَنَادَانِي , قَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ , قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ , وَلَا يَأْتِنِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ , قَالَ : فَهَتَفْتُ بِهِمْ , قَالَ : فَجَاءُوا حَتَّى أَطَافُوا بِهِ , قَالَ : وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا , قَالُوا : فَإِنْ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ كَانَ لَهُمْ شِرْكُنَا مَعَهُمْ , وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ حِينَ أَطَافُوا بِهِ : أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ , ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , احْصُدُوهُمْ , ثُمَّ ضَرَبَ سُلَيْمَانَ بِحَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى : احْصُدُوهُمْ , ثُمَّ ضَرَبَ سُلَيْمَانَ بِحَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى : احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُوا بِالصَّفَا , قَالَ : فَانْطَلَقْنَا فَمَا أَحَدٌ مِنَّا يَشَاءُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ , وَأَمَّا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ , قَالَ : فَغَلَّقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ , قَالَ : فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ , فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ , وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ , فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ : {{ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ }} حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلَاهَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ , قَالَ : وَالْأَنْصَارُ تَحْتَهُ , قَالَ : يَقُولُ الْأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَجَاءَ الْوَحْيُ , وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا , فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَقْضِيَ , فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ , قَالُوا : قَدْ قُلْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : فَمَا أُسَمَّى إِذًا , كَلًّا ، إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ , هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ , الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ , قَالَ : فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ , يَقُولُونَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا لِلضَّنِّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْذُرَانِكُمْ وَيُصَدِّقَانِكُمْ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ , قَالَا : كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ هُدْنَةٌ , فَكَانَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ , وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ بِمَكَّةَ , فَقَدِمَ صَرِيخُ بَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا عُتَّدَا وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَرَعَدَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ هَذِهِ لَتَرْعَدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ , ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ : جَهِّزِينِي وَلَا تُعْلِمِنَّ بِذَلِكَ أَحَدًا , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَتْ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ أُجَهِّزَهُ , قَالَ : إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَتْ : إِلَى مَكَّةَ , قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ , فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ , ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّرِيقِ فَحُبِسَتْ , ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ , فَغُمَّ لِأَهْلِ مَكَّةَ لَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : أَيْ حَكِيمُ , وَاللَّهِ لَقَدْ غَمَّنَا وَاغْتَمَمْنَا , فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَرَةٍ , لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا , فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْكَعْبِيُّ مِنْ خُزَاعَةَ : وَأَنَا مَعَكُمْ , قَالَا : وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ , قَالَ : فَرَكِبُوا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرَةٍ أَظْلَمُوا فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ , فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُلَّهُ , قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمٍ : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ ؟ قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ : هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو , جَوَّعَتْهَا الْحَرْبُ , قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَا وَأَبِيكَ ، لَبَنُو عَمْرٍو أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ , فَتَكَشَّفَ عَنْهُمُ الْأَرَاكُ , فَأَخَذَهُمْ حَرَسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ , وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَرَسِ , فَجَاءُوا بِهِمْ إِلَيْهِ , فَقَالُوا : جِئْنَاكَ بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ , فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ : وَاللَّهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ , قَالُوا : قَدْ وَاللَّهِ أَتَيْنَاكَ بِأَبِي سُفْيَانَ , فَقَالَ : احْبِسُوهُ , فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَصْبَحَ , فَغَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ : بَايِعْ , فَقَالَ : لَا أَجِدُ إِلَّا ذَاكَ أَوْ شَرًّا مِنْهُ , فَبَايَعَ , ثُمَّ قِيلَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : بَايِعْ , فَقَالَ : أُبَايِعُكَ وَلَا أَخِرُّ إِلَّا قَائِمًا , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَّا مِنْ قَبَلِنَا فَلَنْ تَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا , فَلَمَّا وَلَّوْا ، قَال أَبُو بَكْرٍ : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ ، يَعْنِي الشَّرَفَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ إِلَّا ابْنَ خَطَلٍ , وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ اللَّيْثِيَّ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ , وَالْقَيْنَتَيْنِ , فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُمْ , قَالَ : فَلَمَّا وَلَّوْا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لَوْ أَمَرْتَ بِأَبِي سُفْيَانَ فَحُبِسَ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَأُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ , فَأَدْرَكَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ : هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَجْلِسَ حَتَّى تَنْظُرَ ؟ قَالَ : بَلَى , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرَى ضَعْفَةً فَيَتَنَاوَلَهُمْ , فَمَرَّتْ جُهَيْنَةُ فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ جُهَيْنَةُ , قَالَ : مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ , وَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ , ثُمَّ مَرَّتْ مُزَيْنَةُ فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ مُزَيْنَةُ , قَالَ : مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ , وَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ , ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ ، فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ سُلَيْمٌ , قَالَ : ثُمَّ جَعَلَتْ تَمُرُّ طَوَائِفُ الْعَرَبِ فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ ، فَيَسْأَلُ عَنْهَا فَيُخْبِرُهُ الْعَبَّاسُ , حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي لَأَمَةٍ تَلْتَمِعُ الْبَصَرَ , فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ : لَقَدْ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيكَ عَظِيمَ الْمُلْكِ , قَالَ : لَا وَاللَّهِ , مَا هُوَ بِمُلْكٍ , وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ , وَكَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , قَالَ : وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الرَّايَةَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , فَدَفَعَهَا سَعْدٌ إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , وَرَكِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَسَبَقَ النَّاسَ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ , قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ : مَا وَرَاءَكَ ؟ قَالَ : وَرَائِي الدُّهْمُ , وَرَائِي مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ , وَرَائِي مَنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ , مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ , فَجَعَلَ النَّاسُ يَقْتَحِمُونَ دَارَهُ , وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَقَفَ بِالْحَجُونِ بِأَعْلَى مَكَّةَ , وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي الْخَيْلِ فِي أَعْلَى الْوَادِي , وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي الْخَيْلِ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ , إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أُخْرَجْ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ , وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي , وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ , وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ , حَرَامٌ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا ، وَلَا يَلْتَقِطُ ضَالَّتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شَاهٌ , وَالنَّاسُ يَقُولُونَ : قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِلَّا الْإِذْخِرَ , فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا وَقُيُونِنَا أَوْ لِقُيُونِنَا وَقُبُورِنَا , فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَوُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ , وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَوَجَدُوهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَادَرَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ لِيَقْتُلُوهُ ; فَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ نُمَيْلَةُ : خَلُّوا عَنْهُ , فَوَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنْهُ رَجُلٌ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا حَتَّى يَبْرُدَ , فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَفَلَقَ بِهِ هَامَتَهُ , وَكَرِهَ أَنْ يَفْخَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ , ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْبَيْتِ , ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَقَالَ : أَيْ عُثْمَانُ , أَيْنَ الْمِفْتَاحُ ؟ فَقَالَ هُوَ عِنْدَ أُمِّي سَلَّامَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ : لَا وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى , لَا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ أَبَدًا , قَالَ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَيْرُ الْأَمْرِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ , فَإِنَّكِ إِنْ لَمْ تَفْعَلِي قُتِلْتُ أَنَا وَأَخِي , قَالَ : فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ , قَالَ : فَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ وِجَاهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عُثِرَ فَسَقَطَ الْمِفْتَاحُ مِنْهُ , فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَحْنَى عَلَيْهِ ثَوْبَهُ , ثُمَّ فَتْحَ لَهُ عُثْمَانُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَعْبَةَ , فَكَبَّرَ فِي زَوَايَاهَا وَأَرْجَائِهَا , وَحَمِدَ اللَّهَ , ثُمَّ صَلَّى بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ , فَقَالَ عَلِيٌّ : فَتَطَاوَلْتُ لَهَا وَرَجَوْتُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا الْمِفْتَاحَ , فَتَكُونُ فِينَا السِّقَايَةُ وَالْحِجَابَةُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَيْنَ عُثْمَانُ , هَاكُمْ مَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ , ثُمَّ رَقَى بِلَالٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ , فَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ : مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالُوا : بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ , قَالَ : عَبْدُ أَبِي بَكْرٍ الْحَبَشِيُّ , قَالُوا , نَعَمْ , قَالَ : أَيْنَ ؟ قَالُوا : عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ , قَالَ : عَلَى مُرْقِبَةِ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : مَا يَقُولُ ؟ قَالُوا : يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , قَالَ : لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبَا خَالِدٍ عَنْ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ ، يَعْنِي أَبَاهُ , وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمُشْرِكِينَ , وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ , وَجُمِعَتْ لَهُ هَوَازِنُ بِحُنَيْنٍ , فَاقْتَتَلُوا , فَهُزِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَالَ اللَّهُ : {{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا }} الْآيَةَ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ , فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ , شَاهَتِ الْوُجُوهُ , ثُمَّ رَمَاهُمْ بِحَصَاةٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ , فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السَّبْيَ وَالْأَمْوَالَ فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ شِئْتُمْ فَالْفِدَاءُ , وَإِنْ شِئْتُمْ فَالسَّبْيُ ، قَالُوا : لَنْ نُؤْثِرَ الْيَوْمَ عَلَى الْحَسَبِ شَيْئًا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا خَرَجْتُ فَاسْأَلُونِي ، فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمُ الَّذِي لِي , وَلَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَاحُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ : أَمَّا الَّذِي لِي فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ , وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ : أَمَّا الَّذِي لِي فَإِنِّي لَا أُعْطِيهِ , قَالَ : أَنْتَ عَلَى حَقِّكَ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ : فَصَارَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ عَوْرَاءُ , ثُمَّ حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , دَعْنِي أَدْخُلْ عَلَيْهِمْ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ , قَالَ : إِنَّهُمْ إِذًا قَاتِلُوكَ , فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَثَلُهُ فِي قَوْمِهِ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خُذُوا مَوَاشِيَهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ , ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ , قَالَ أَنَسٌ : حَتَّى انْتَزَعُوا رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ , فَأَبْدَوْا عَنْ مِثْلِ فِلْقَةَ الْقَمَرِ , فَقَالَ : رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي , لَا أَبَا لَكُمْ , أَتُبَخِّلُونَنِي ، فَوَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا إِبِلًا وَغَنَمًا لَأَعْطَيْتُكُمُوهُ , فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَئِذٍ مِائَةً مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ , وَأَعْطَى النَّاسَ , فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ , فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا , أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي , قَالُوا : بَلَى , قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي , قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ , قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ , قَالَ : لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : جِئْتَنَا طَرِيدًا آوَيْنَاكَ , قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ آمِنٌ , وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ : جِئْتنَا عَائِلًا فَآسَيْنَاكَ , قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ , قَالَ : أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ , وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى دِيَارِكُمْ , قَالُوا : بَلَى , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : النَّاسُ دِثَارٌ , وَالْأَنْصَارُ شِعَارٌ , وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ , فَقَالَ : اكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً , قَالَ : إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ , وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَكَ مِنْهَا شَيْئًا , فَقَالَ قَوْمُهُ : اكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً , فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا , فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ , مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ : إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا , فَقَالَ : جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا , جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي السَّوَادِ , عَنْ ابْنِ سَابِطٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ : لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَهْلَ مَكَّةَ , وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ; وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ , فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ , فَكَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ , فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ , وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ , فَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ , وَقَتَلُوا مِنْهُمْ , فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا ، فَقَالُوا لِأَبِي سُفْيَانَ : اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجْرِ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَانَ , وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَتِهِ , فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , أَجْرِ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , أَوْ قَالَ : بَيْنَ قَوْمِكَ , قَالَ : لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ ; الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , قَالَ : وَقَدْ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ : لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , ثُمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ , قَالَ : فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَنَقَضْتُمْ فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلَاهُ اللَّهُ , وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا أَوْ مَتِينًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهِدَ عَشِيرَةٍ , ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَ : يَا فَاطِمَةُ , هَلْ لَكِ فِي أَمْرٍ تَسُودِينَ فِيهِ نِسَاءَ قَوْمِكِ , ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا نَحْوًا مِمَّا ذَكَرَ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ , الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ , فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَضَلَّ , أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ , فَأَجْرِ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , قَالَ : فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَقَالَ : قَدْ أَجْرَتُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ , ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ , فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَافِدَ قَوْمٍ , وَاللَّهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ , وَلَا أَتَيْتَنَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ , ارْجِعْ , قَالَ : وَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ وَدَعَا إِلَى النُّصْرَةِ , وَأَنْشَدَهُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا : لَاهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا وَوَالِدًا كُنْتَ وَكُنَّا وَلَدًا إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ مَرْصَدَا وَزَعَمَتْ أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدًا فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا نَتْلُو الْقُرْآنَ رُكَّعًا وَسُجَّدَا ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدًا فَانْصُرْ رَسُولَ اللَّهِ نَصْرًا أَعْتَدَا وَابْعَثْ جُنُودَ اللَّهِ تَأْتِي مَدَدَا فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا قَالَ حَمَّادٌ : هَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ , وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ : أَتَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّةٍ رِحَالَ بَنِي كَعْبٍ تُحَزُّ رِقَابُهَا وَصَفْوَانُ عُودٌ حُزَّ مِنْ وَدَقٍ اسْتُهُ فَذَاكَ أَوَانُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا فَلَا تَجْزَعَنَّ يَا ابْنَ أُمِّ مُجَالِدٍ فَقَدْ صَرَّحَتْ صَرْفًا وَعَصِلَ نَابُهَا فَيَالَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَنَالَنَّ مَرَّةً سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو حَوْبُهَا وَعِقَابُهَا قَالَ : فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ فَارْتَحَلُوا , فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا مَرًّا , قَالَ ; وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ مَرًّا لَيْلًا , قَالَ : فَرَأَى الْعَسْكَرَ وَالنِّيرَانَ فَقَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَقِيلَ : هَذِهِ تَمِيمٌ ، مَحَّلَتْ بِلَادَهَا وَانْتَجَعَتْ بِلَادَكُمْ , قَالَ : وَاللَّهِ لَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ مِنًى , فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : دُلُّونِي عَلَى الْعَبَّاسِ , فَأَتَى الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ , وَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ لَهُ , فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا سُفْيَانَ , أَسْلِمْ تَسْلَمْ , فَقَالَ : كَيْفَ أَصْنَعُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ؟ قَالَ أَيُّوبُ : فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَيْلِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , قَالَ : قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْقُبَّةِ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ : إِخْرَ عَلَيْهَا ، أَمَّا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنْتُ خَارِجًا مِنَ الْقُبَّةِ مَا قُلْتُهَا أَبَدًا , قَالَ : قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ , فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ وَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إِلَى مَنْزِلِهِ , فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارَ النَّاسُ لِطَهُورِهِمْ , قَالَ : فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ , مَا لِلنَّاسِ أُمِرُوا بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : لَا , وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ , قَالَ : فَأَمَرَهُ الْعَبَّاسُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَبَّرَ , فَكَبَّرَ النَّاسُ ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُمْ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا , وَلَا فَارِسَ وَلَا الرُّومَ وَذَاتَ الْقُرُونِ بِأَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ , - قَالَ حَمَّادٌ : وَزَعَمَ يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ - أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيكَ وَاللَّهِ عَظِيمَ الْمُلْكِ , قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : إِنَّهُ لَيْسَ بِمُلْكٍ وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ , قَالَ : أَوْ ذَاكَ ؟ أَوْ ذَاكَ ؟ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ , قَالَ : فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَمَّنْتُهُمْ , وَجَعَلْتَ لِأَبِي سُفْيَانَ شَيْئًا يُذْكَرُ بِهِ , فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الشَّهْبَاءَ , وَانْطَلَقَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي , رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي , فَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ , إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ , دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ , أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لَأُضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا , فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ , فَقَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ , أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا , قَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَاذِلٍ , وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ , وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ , فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ : هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ , وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ , وَخَالِدٌ مَا خَالِدٌ ؟ وَخُزَاعَةُ الْمُجَدَّعَةُ الْأُنُوفِ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ , ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتَرَامَوْا بِشَيْءٍ مِنَ النَّبْلِ , ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَأَمَّنَ النَّاسَ إِلَّا خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ , فَذَكَرَ أَرْبَعَةً : مِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ , وَابْنَ خَطَلٍ , وَسَارَةَ مَوْلَاةَ بَنِي هَاشِمٍ , - قَالَ حَمَّادٌ : سَارَةُ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ , وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ - قَالَ : فَقَتَلَهُمْ خُزَاعَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ ; وَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، أَتَخْشَوْنَهُمْ ، فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ، وَيُخْزِهِمْ ، وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ }} قَالَ خُزَاعَةُ : {{ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ }}
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ , قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي إِسْحَاقَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَسَايَرَنَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ , فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ : كَيْفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَقَدْ رَعَدَتْ هَذِهِ السَّحَابَةُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ , فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ : لَقَدْ وَصَلَتْ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ، ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْنَا رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى خُزَاعَةَ , وَكَتَبْتُهَا يَوْمَئِذٍ ، كَانَ فِيهَا : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بُدَيْلٍ وَبُسْرٍ وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو , فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , أَمَّا بَعْدَ ذَلِكُمْ ، فَإِنِّي لَمْ أَثُمْ بَالَكُمْ ، وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ , وَإِنَّ أَكْرَمَ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَيَّ أَنْتُمْ ، وَأَقْرَبَهُ رَحِمًا ، وَمَنْ تَبِعَكُمْ ، وَمِنَ الْمُطَيَّبِينَ , وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ لِنَفْسِي , وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ غَيْرَ سَاكِنِ مَكَّةَ إِلَّا مُعْتَمِرًا أَوْ حَاجًّا , وَإِنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ إِنْ أَسْلَمْتُمْ وَإِنَّكُمْ غَيْرُ خَائِبِينَ مِنْ قَبْلِي وَلَا مُحْصَرِينَ , أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَابْنَا هَوْذَةَ وَبَايَعَا وَهَاجَرَا عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُمَا مِنْ عِكْرِمَةَ , أَخَذَ لِمَنْ تَبِعَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ , وَإِنَّ بَعْضًا مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ , وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُكُمْ ، وَلِيُحْيِكُمْ رَبُّكُمْ ، قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : هَؤُلَاءِ خُزَاعَةُ , وَهُمْ مِنْ أَهْلِي , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِمِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ نُزُولٌ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَمَكَّةَ , لَمْ يُسْلِمُوا حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ , وَقَدْ كَانُوا حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : كُفُّوا السِّلَاحَ إِلَّا خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ , فَأَذَّنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّوَا الْعَصْرَ , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : كُفُّوا السِّلَاحَ فَلَقِيَ مِنَ الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ , فَقَتَلَهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ : إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ , وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ , وَمَنْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ , قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , قَالَ : دَخَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ فِي الْبَيْتِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ , قَالَ : فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكُبَّتْ كُلُّهَا لِوُجُوهِهَا , ثُمَّ قَالَ : {{ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }} ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْبَيْتَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ , فَرَأَى فِيهِ تِمْثَالَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَقَدْ جَعَلُوا فِي يَدِ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْلَامَ يَسْتَقْسِمُ بِهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ , مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ , ثُمَّ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِزَعْفَرَانٍ فَلَطَّخَهُ بِتِلْكَ التَّمَاثِيلِ
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : دَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا , فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ : {{ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }} {{ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ }}
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ , عَنْ عَلِيٍّ , قَالَ : انْطَلَقَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى أَتَى بِي الْكَعْبَةَ , فَقَالَ : اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ الْكَعْبَةِ , وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَنْكِبَيْ , ثُمَّ قَالَ لِيَ : انْهَضْ بِي , فَنَهَضْتُ بِهِ , فَلَمَّا رَأَى ضَعْفِي تَحْتَهُ قَالَ : اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ فَنَزَلَ عَنِّي وَجَلَسَ لِي ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ , اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَيْ , فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبِهِ , ثُمَّ نَهَضَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا نَهَضَ بِي خُيِّلَ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ نِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ , فَصَعِدْتُ عَلَى الْكَعْبَةِ , وَتَنَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لِي : أَلْقِ صَنَمَهُمْ ، لِأَكْبَرِ صَنَمِ قُرَيْشٍ , وَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ , وَكَانَ مَوْتُودًا بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي الْأَرْضِ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَالِجْهُ فَجَعَلْتُ أُعَالِجُهُ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِيهٍ , فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ , فَقَالَ : اقْذِفْهُ فَقَذَفْتُهُ وَنَزَلْتُ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَصُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي الْبَيْتِ , وَفِي أَيْدِيهِمَا الْقِدَاحُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَلِلْقِدَاحِ , وَاللَّهِ مَا اسْتَقْسَمَ بِهَا قَطُّ , ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبَلَّ وَمَحَى بِهِ صُوَرَهُمَا
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالْأَنْصَابُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ , فَجَعَلَ يُكَفِّئُهَا لِوُجُوهِهَا , ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ : أَلَا إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , غَيْرَ أَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ , لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا , وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا , وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا أَنْ تُعَرَّفَ , فَقَامَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصِنَاعَتِنَا وَبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا , فَقَالَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ إِلَّا الْإِذْخِرَ
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ , عَنْ عُمَيْرٍ , مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ , قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَعْبَةَ , فَرَأَى فِي الْبَيْتِ صُورَةً فَأَمَرَنِي فَأَتَيْتُهُ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ , فَجَعَلَ يَضْرِبُ تِلْكَ الصُّورَةَ وَيَقُولُ : قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمًا يُصَوِّرُونَ مَا لَا يَخْلُقُونَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , وَوَكِيعٌ , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : لَا تُغْزَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , وَوَكِيعٌ , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ , قَالَ : زَعَمَ السُّدِّيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ , وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ : عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ , وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ , فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ , فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا , وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ , وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ , وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ , فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لِأَهْلِ السَّفِينَةِ : أَخْلِصُوا , فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا , فَقَالَ عِكْرِمَةُ : وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنْجِينِي فِي الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ مَا يُنْجِينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ , اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنِّي آتِي مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدَيَّ فِي يَدِهِ فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا , قَالَ : فَجَاءَ وَأَسْلَمَ , وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ , فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ , قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : مَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ , قَالُوا : وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ , أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ , قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ , فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ نَزَعَهُ فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ , فَقَالَ : اقْتُلُوهُ
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ , قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ
حَدَّثَنَا عَفَّانَ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ ثَمَانِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ , فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِلْمًا , فَعَفَا عَنْهُمْ , وَنَزَلَ الْقُرْآنُ {{ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ }}
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ : قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ ، تَعْنِي ضَفَائِرَ
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَهَا وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِشُقَّةِ بُرْدٍ أَسْوَدَ , فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فِي يَدِهِ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الْأَرْكَانَ , قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا وَجَدْنَا لَهَا مُنَاخًا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ , ثُمَّ خَرَجَ بِهَا حَتَّى أُنِيخَتْ فِي الْوَادِي , ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ , ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمَهَا بِآبَائِهَا , النَّاسُ رَجُلَانِ , فَبَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ , وَكَافِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ , أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : {{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }} أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ , قَالَ : ثُمَّ عَدَلَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَأُتِيَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَغَسَلَ مِنْهَا وَجْهَهُ , مَا تَقَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ إِلَّا فِي يَدِ إِنْسَانٍ , إِنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا يَحْسُوهَا حَسَاهَا , وَإِلَّا مَسَحَ بِهَا , وَالْمُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ , فَقَالُوا : مَا رَأَيْنَا مُلْكًا قَطُّ أَعْظَمَ مِنَ الْيَوْمِ , وَلَا قَوْمًا أَحْمَقَ مِنَ الْيَوْمِ , ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَرَقَى عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ , فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ , وَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَتَجَرَّدُوا فِي الْأُزُرِ , وَأَخَذُوا الدِّلَاءَ وَارْتَجَزُوا عَلَى زَمْزَمَ يَغْسِلُونَ الْكَعْبَةَ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا , فَلَمْ يَدَعُوا أَثَرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا مَحَوْهُ أَوْ غَسَلُوهُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , قَالَا : وَكَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةِ وَثَنٍ عَلَى الصَّفَا , وَعَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمٌ , وَمَا بَيْنَهُمَا مَحْفُوفٌ بِالْأَوْثَانِ , وَالْكَعْبَةُ قَدْ أُحِيطَتْ بِالْأَوْثَانِ ; قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَهُ قَضِيبٌ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الْأَوْثَانِ , فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَيَتَسَاقَطَ حَتَّى أَتَى إِسَافًا وَنَائِلَةَ وَهُمَا قُدَّامَ الْمَقَامِ مُسْتَقْبِلٌ بَابَ الْكَعْبَةِ , فَقَالَ : عَفِّرُوهُمَا , فَأَلْقَاهُمَا الْمُسْلِمُونَ , قَالَ : قُولُوا , قَالُوا : مَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : قُولُوا : صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى , قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ , فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ , أَلَا وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ , أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ , لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ , وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ أَهْلَ الْقَتِيلِ قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أَبُو شَاهٍ فَقَالَ : اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ : إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدُّؤَلِ بْنِ بَكْرٍ : لَوَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَمِعْتُ مِنْهُ , فَقَالَ لِرَجُلٍ : انْطَلِقْ مَعِي , فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنِي خُزَاعَةُ , فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَ , فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَعَرَفَهُ فَضَرَبَ بَطْنَهُ بِالسَّيْفِ , قَالَ : قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَنِي , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَرَّمَ مَكَّةَ لَيْسَ النَّاسُ حَرَّمُوهَا , وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهِيَ بَعْدُ حَرَمٌ , وَإِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ : مَنْ قَتَلَ فِيهَا , أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلٍ أَوْ طَلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ , فَلْأَدِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ , قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ أَعْدَى اللَّهَ , فَقَالَ : أَعْدَى
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ , عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ لَمَّا جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ , فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ , فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ , وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ يَزِيدَ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَذِهِ حَرَمٌ يَعْنِي مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ , وَوَضَعَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ , لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ , لَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا , وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا , وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا , وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ , فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا صَبْرَ لَهُمْ عَنِ الْإِذْخِرِ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُنْيَانِهِمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , قَالَ : لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ صَعِدَ بِلَالٌ الْبَيْتَ فَأَذَّنَ ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الْعَبْدِ , فَقَالَ الْحَارِثُ : إِنْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ يُغَيِّرْهُ
حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ بِلَالًا , أَذَّنَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَوْقَ الْكَعْبَةِ
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِثَمَانِيَةِ آلَافٍ أَوْ عَشَرَةِ آلَافٍ , وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ , عَنْ أَبِي مُرَّةَ , مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ , قَالَتْ : لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ فَرَّ إِلَيَّ رَجُلَانِ مِنْ أَحْمَائِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ قَالَتْ : فَخَبَّأْتُهُمَا فِي بَيْتِي , فَدَخَلَ عَلَيَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : لَأَقْتُلَنَّهُمَا , قَالَتْ : فَأَغْلَقْتُ الْبَابَ عَلَيْهِمَا , ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي جَفْنَةٍ إِنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ , وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ , فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ غُسْلِهِ أَخَذَ ثَوْبًا فَتَوَشَّحَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى , ثُمَّ أَقْبَلَ فَقَالَ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِأُمِّ هَانِئٍ , مَا جَاءَ بِكِ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , فَرَّ إِلَيَّ رَجُلَانِ مِنْ أَحْمَائِي , فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُمَا , فَقَالَ : لَا , قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ {{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }} قَالَ : قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا , وَقَالَ : النَّاسُ حَيِّزٌ وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ , وَقَالَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ , وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ , فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : كَذَبْتَ ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَهُمَا قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاكَ , وَلَكِنْ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عَرَّافَةِ قَوْمِهِ , وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ , فَسَكَتَا , فَرَفَعَ مَرْوَانُ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ , فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ ، قَالَا : صَدَقَ
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ , وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ , وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ يَعْلَى , عَنْ أَبِيهَا , قَالَ : جِئْتُ بِأَبِي يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقَالَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَا وَأَخِي قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقَالَ : مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا , فَقُلْتُ : عَلَامَ نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ , قَالَ : فَلَقِيتُ أَخَاهُ فَسَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ مُجَاشِعٌ
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَامَ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ , وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَقَامَ حَيْثُ فَتَحَ مَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ , عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةً
حَدَّثَنَا عَفَّانُ , قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ , وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ , قَالَ : نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا جَمِيعًا , فَلَمَّا تَلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : هَنِيئًا مَرِيئًا , قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يَفْعَلُ بِكَ , فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا {{ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }} حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مَكْحُولٌ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ تَلَقَّتْهُ الْجِنُّ بِالشَّرَرِ يَرْمُونَهُ , فَقَالَ جَبْرَائِيلُ : تَعَوَّذْ يَا مُحَمَّدُ , فَتَعَوَّذَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَدُحِرُوا عَنْهُ , فَقَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا , وَمِنْ شَرِّ مَا بُثَّ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا , وَمِنْ شَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقٌ يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ , قَالَ : مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى اللَّاتِ ، فَقَالَ : كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكْ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكْ
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي السَّفَرِ , قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ دَعَا شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ بِالْمِفْتَاحِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ , فَتَلَكَّأَ فَقَالَ لِعُمَرَ : قُمْ فَاذْهَبْ مَعَهُ , فَإِنْ جَاءَ بِهَا وَإِلَّا فَاجْلِدْ رَأْسَهُ , قَالَ : فَجَاءَ بِهَا , قَالَ : فَأَجَالَهَا فِي حِجْرِهِ وَشَيْبَةُ قَائِمٌ , قَالَ : فَبَكَى شَيْبَةُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَاكَ فَخُذْهَا , فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ لَكُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ , عَنِ ابْنِ سَابِطٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ
حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ
حَدَّثَنَا حَفْصٌ , عَنْ جَعْفَرٍ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ تُطْمَسَ التَّمَاثِيلُ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اعْتَمَرَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَكَّةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ , وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ : مَنْ حَجَّ الْعَامَ فَهُوَ آمِنٌ , وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ , وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ ، وَالْخَنَازِيرِ ، وَالْمَيْتَةِ ، وَالْأَصْنَامِ , قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا تُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ ، وَالْجُلُودُ ، وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا ؟ قَالَ : قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ , إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَخَذُوهَا فَجَمَّلُوهَا ثُمَّ بَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ , قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ , فَأُتِيَ بِشَارِبٍ فَضَرَبُوهُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ , فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَ بِالسَّوْطِ وَبِالنَّعْلِ وَبِالْعِصِيِّ , وَحَثَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ التُّرَابَ , فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ : كَمْ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي ضَرَبَ ؟ فَحَرَّرَهُ أَرْبَعِينَ فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عُقَيْلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ , أَنَّ أَبَاهُ , أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى قَالَ : جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ ، فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ , قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ السَّائِبِ , أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي التِّجَارَةِ , فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَتَاهُ فَقَالَ : مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي ، كَانَ لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي , يَا سَائِبُ , قَدْ كُنْتُ تَعْمَلُ أَعْمَالًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا تُتَقَبَّلُ مِنْكَ , وَهِيَ الْيَوْمُ تُتَقَبَّلُ مِنْكَ , وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصِلَةٍ
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ , عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ , وَدَخَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ , قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَقْتُلَنَّ , فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَقْتُلَنَّ , فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا قَدَرْتُ عَلَى أَلَّا أَصْنَعَ إِلَّا الَّذِي صَنَعْتُ
حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنِي حَدِيثًا , رَفَعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ , قَالَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ , فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ , ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ , فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ عِيسَى أَوْ مُوسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَجَلَسَ عِنْدَ بَابِهَا , وَكَانَ إِذَا جَلَسَ وَحْدَهُ لَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَدْعُوَهُ , قَالَ : ادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ , قَالَ : فَجَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا , ثُمَّ أَمَرَهُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ , ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي عُمَرَ , فَجَاءَ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا , فَرَفَعَ عُمَرُ صَوْتَهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ , هُمُ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّكَ سَاحِرٌ , وَأَنَّكَ كَاهِنٌ , وَأَنَّكَ كَذَّابٌ , وَأَنَّكَ مُفْتَرٍ , وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِمَّا كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَهُ إِلَّا ذَكَرَهُ , فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ , ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ : أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمِثْلِ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ فِي اللَّهِ مِنَ الدُّهْنِ فِي اللَّبَنِ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ : إِنَّ نُوحًا كَانَ أَشَدَّ فِي اللَّهِ مِنَ الْحَجَرِ , وَإِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُ عُمَرَ , فَتَجَهَّزُوا , فَقَامُوا فَتَبِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا : يَا أَبَا بَكْرٍ , إِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَسْأَلَ عُمَرَ مَا هَذَا الَّذِي نَاجَاكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَالَ : قَالَ لِي : كَيْفَ تَأْمُرُونِي فِي غَزْوَةِ مَكَّةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هُمْ قَوْمُكَ , قَالَ : حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُطِيعُنِي , قَالَ : ثُمَّ دَعَا عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّهُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ ، حَتَّى ذَكَرَ كُلَّ سُوءٍ كَانُوا يَذْكُرُونَهُ , وَايْمُ اللَّهِ لَا تَذِلُّ الْعَرَبُ حَتَّى يَذِلَّ أَهْلُ مَكَّةَ , فَآمُرَكُمْ بِالْجِهَادِ وَلِتَغْزُوا مَكَّةَ