حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّمَا كَانَتِ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ تُجْعَلُ وَاحِدَةً ، وَأَبِي بَكْرٍ ، وَثَلَاثٍ مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : نَعَمْ
حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا ، فَقَالَ : تَأْخُذُ ثَلَاثًا ، وَتَدَعُ تِسْعَمِائَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعِينَ
أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ : طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةً ، فَقَالَ : تَأْخُذُ ثَلَاثًا ، وَتَدَعُ سَبْعًا وَتِسْعِينَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ تُحْسَبُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَاحِدَةً ، يَعْنِي أَنَّهُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ، فَالَّذِي يُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ عَلِمَ أَنْ كَانَ شَيْئًا فَنُسِخَ ، فَإِنْ قِيلَ : فَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتَ ؟ قِيلَ : لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْئًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَعْلَمْهُ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ فِيهِ خِلَافُهُ ، فَإِنْ قِيلَ : فَلَعَلَّ هَذَا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، فَقَالَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِ عُمَرَ ، قِيلَ : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخَالِفُ عُمَرَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، وَبَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارَيْنِ ، وَفِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِ ، فَكَيْفَ يُوَافِقُهُ فِي شَيْءٍ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ فِيهِ خِلَافَهُ ، فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ لَمْ يَذْكُرْهُ ؟ قِيلَ : وَقَدْ يُسْأَلُ الرَّجُلُ عَنِ الشَّيْءِ فَيُجِيبُ فِيهِ وَلَا يَتَقَصَّ فِيهِ الْجَوَّابَ ، وَيَأْتِي عَلَى الشَّيْءِ وَيَكُونُ جَائِزًا لَهُ ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ لَوْ قِيلَ : أَصَلَّى النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ؟ أَنْ يَقُولَ : نَعَمْ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ : ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ ، قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ ذُكِرَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ ، وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ، قِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ : وَجَوَابُهُ حِينَ اسْتُفْتِيَ يُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتُ ، فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ فِي تَرْكِ أَنْ تُحْسَبَ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَمْرٍ أَبْيَنَ مِمَّا ذَكَرْتُ ؟ قِيلَ : نَعَمْ
حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ لَهُ فَطَلَّقَهَا ، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ : وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ ، وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهَ : {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }} ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمَئِذٍ ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ . وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ هَذَا ، فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ وَالْوَاحِدَةَ سَوَاءٌ ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ عَدَدَ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوَاجِ ، وَأَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ ، فَسَوَاءٌ الثَّلَاثُ وَالْوَاحِدَةُ وَأَكْثَرُ مِنَ الثَّلَاثِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بِطَلَاقِهِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَكَمَ اللَّهُ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ مَرَّتَانِ ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ، وَقَوْلُهُ : {{ فَإِنْ طَلَّقَهَا }} يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ : الثَّلَاثَ ، {{ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ }} ، فَدَلَّ حُكْمُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَرَّمُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَجَعَلَ حُكْمَهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إِلَى الْأَزْوَاجِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا حَدَثَ تَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ، وَجَعَلَ الطَّلَاقَ إِلَى زَوْجِهَا ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، كَمَا كَانُوا مُمَلَّكِينَ عِتْقَ رَقِيقِهِمْ ، فَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا أَوْ مِائَةً فِي كَلِمَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لَهَا جَمَعَ الْكَلَامَ فِيهِ أَوْ فَرَّقَهُ ، مِثْلُ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ لَهُ : أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ، وَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ ، وَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، وَلِفُلَانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، وَلِفُلَانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِجَمْعِ الْكَلَامِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي ، جَمِيعُهُ كَلَامٌ ، فَيَلْزَمُهُ بِجَمْعِ الْكَلَامِ مَا يَلْزَمُهُ بِتَفْرِيقِهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ مِنْ سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى هَذَا ؟ قِيلَ : نَعَمْ
حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ : إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي ، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ، لَا ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ . قَالَ : وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ ، فَنَادَى : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلَا تَسْمَعُ مَا تَجْهَرُ بِهِ هَذِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رِفَاعَةُ بَتَّ طَلَاقَهَا فِي مَرَّاتٍ ، قُلْتُ : ظَاهِرُهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَبَتَّ إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثٌ إِذَا احْتَمَلَتْ ثَلَاثًا ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ، لَا ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ، وَلَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ حَسَبَتْ طَلَاقَهَا بِوَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى رِفَاعَةَ بِلَا زَوْجٍ ، فَإِنْ قِيلَ : أَطَلَّقَ أَحَدٌ ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ؟ قِيلَ : نَعَمْ ، عُوَيْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ النَّبِيُّ أَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِاللِّعَانِ ، فَلَمْ أَعْلَمِ النَّبِيَّ نَهَاهُ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ تَحْكِي لِلنَّبِيِّ أَنَّ زَوْجَهَا بَتَّ طَلَاقَهَا ، تَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ : أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، وَقَالَ النَّبِيُّ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ ؛ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ عَابَ طَلَاقَ ثَلَاثٍ مَعًا . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلَمَّا كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي رِفَاعَةَ مُوَافِقًا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ ، وَكَانَ ثَابِتًا ، كَانَ أَوْلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِيهِ جِدًّا . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ لَهُ مُخَالِفًا كَانَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ يَكُونُ نَاسِخًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِيهِ جِدًّا