حديث رقم: 1240

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَصَرِيُّ ، أَنَّ بَعْضَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ سَمِعَهُ يَذْكُرُ ، قَالَ : لَمَّا بَدَأْنَا فِي وِفَادَتِنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرْنَا ، حَتَّى إِذَا شَارَفْنَا الْقُدُومَ تَلَقَّانَا رَجُلٌ يُوضِعُ عَلَى قَعُودٍ لَهُ ، فَسَلَّمَ ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ : مِمَّنِ الْقَوْمُ ؟ قُلْنَا : وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلًا ، إِيَّاكُمْ طَلَبْتُ ، جِئْتُ لِأُبَشِّرَكُمْ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْسِ لَنَا : إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ : لَيَأْتِيَنَّ غَدًا مَنْ هَذَا الْوَجْهِ - يَعْنِي : الْمَشْرِقَ - خَيْرُ وَفْدِ الْعَرَبِ ، فَبَتُّ أَرُوغُ حَتَّى أَصْبَحْتُ ، فَشَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي ، فَأَمْعَنْتُ فِي الْمَسِيرِ حَتَّى ارْتَفَعَ النَّهَارُ ، وَهَمَمْتُ بِالرُّجُوعِ ، ثُمَّ رُفِعَتْ رُءُوسُ رَوَاحِلِكُمْ ، ثُمَّ ثَنَى رَاحِلَتَهُ بِزِمَامِهَا رَاجِعًا يُوضِعُ عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي ، جِئْتُ أُبَشِّرُكَ بِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ ، فَقَالَ : أَنَّى لَكَ بِهِمْ يَا عُمَرُ ؟ قَالَ : هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي ، قَدْ أَظَلُّوا ، فَذَكَرَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ ، وَتَهَيَّأَ الْقَوْمُ فِي مَقَاعِدِهِمْ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا ، فَأَلْقَى ذَيْلَ رِدَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ ، وَبَسَطَ رِجْلَيْهِ . فَقَدِمَ الْوَفْدُ فَفَرِحَ بِهِمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ أَمْرَحُوا رِكَابَهُمْ فَرَحًا بِهِمْ ، وَأَقْبَلُوا سِرَاعًا ، فَأَوْسَعَ الْقَوْمُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ عَلَى حَالِهِ ، فَتَخَلَّفَ الْأَشَجُّ - وَهُوَ : مُنْذِرُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عَصَرَ - فَجَمَعَ رِكَابَهُمْ ثُمَّ أَنَاخَهَا ، وَحَطَّ أَحْمَالَهَا ، وَجَمَعَ مَتَاعَهَا ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَةً لَهُ وَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَلَبِسَ حُلَّةً ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي مُتَرَسِّلًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ ، وَصَاحِبُ أَمْرِكُمْ ؟ فَأَشَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : ابْنُ سَادَتِكُمْ هَذَا ؟ قَالُوا : كَانَ آبَاؤُهُ سَادَتَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهُوَ قَائِدُنَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا انْتَهَى الْأَشَجُّ أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ مِنْ نَاحِيَةٍ ، اسْتَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا قَالَ : هَا هُنَا يَا أَشَجُّ ، وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ سُمِّيَ الْأَشَجَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ ، أَصَابَتْهُ حِمَارَةٌ بِحَافِرِهَا وَهُوَ فَطِيمٌ ، فَكَانَ فِي وَجْهِهِ مِثْلُ الْقَمَرِ ، فَأَقْعَدَهُ إِلَى جَنْبِهِ ، وَأَلْطَفَهُ ، وَعَرَفَ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ وَيُخْبِرُهُمْ ، حَتَّى كَانَ بِعَقِبِ الْحَدِيثِ قَالَ : هَلْ مَعَكُمْ مِنْ أَزْوِدَتِكُمْ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَقَامُوا سِرَاعًا ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى ثِقَلِهِ فَجَاءُوا بِصُبَرِ التَّمْرِ فِي أَكُفِّهِمْ ، فَوُضِعَتْ عَلَى نِطَعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَرِيدَةٌ دُونَ الذِّرَاعَيْنِ وَفَوْقَ الذِّرَاعِ ، فَكَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا ، قَلَّمَا يُفَارِقُهَا ، فَأَوْمَأَ بِهَا إِلَى صُبْرَةٍ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ فَقَالَ : تُسَمُّونَ هَذَا التَّعْضُوضَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : وَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، وَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِيَّ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : هُوَ خَيْرُ تَمْرِكُمْ وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ - وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْحَيِّ - وَأَعْظَمُهُ بَرَكَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ عِنْدَنَا خَصِبَةٌ نَعْلِفُهَا إِبِلَنَا وَحَمِيرَنَا ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ عَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهَا ، وَفَسَلْنَاهَا حَتَّى تَحَوَّلَتْ ثِمَارُنَا مِنْهَا ، وَرَأَيْنَا الْبَرَكَةَ فِيهَا