حديث رقم: 454

مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ : إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ وَإِنَّهَا فِي كُفَّارِ الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهَا فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ وَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ النَّظَرِ وَقَالُوا إِذَا أُسِرَ الْمُشْرِكُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يُفَادَى بِهِ فَيُرَدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُفَادَى إِلَّا بِالْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ ، وَالنَّاسِخُ لَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} إِذْ كَانَتْ بَرَاءَةُ آخِرَ مَا نَزَلَ بِالتَّوْقِيفِ فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مُشْرِكٍ إِلَّا مَنْ قَامَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى تَرْكِهِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ ، قَالُوا : وَالْحُجَّةُ لَنَا فِي قَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَأَبَا عَزَّةَ قِيلَ فَإِنَّ هَذَيْنِ وَغَيْرَهُمَا أَهْلُ أَوْثَانٍ وَبَراءَةٌ نَزَلَتْ بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ عُقْبَةَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَبَا عَزَّةَ يَوْمَ أُحُدٍ ، قَالُوا : فَلَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ ، فَقِيلَ فَإِنْ ثَبَتَ فِي هَذَا حُجَّةٌ فَهُوَ الْقَتْلُ كَمَا هُوَ فَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْمَنِّ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ إِنَّمَا مَنَّ عَلَى الْأَشْعَثِ ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ فَحُكْمُهُ أَنْ يُسْتَتَابَ وَإِنَّمَا مَنَّ عُمَرُ عَلَى الْهُرْمُزَانِ ؛ لِأَنَّهُ احْتَالَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ : لَهُ اشْرَبْ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ أَمَّنْتَنِي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّمَا مَنَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمَينَ يَشْهَدُونَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَيُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ : كُنْتُ مَعَهُ بِصِفِّينَ فَكَانَ إِذَا جِيءَ بِأَسِيرِ اسْتَحْلَفَهُ أَنْ لَا يُكْثِرَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَخَلَّاهُ وَكَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ الْأَسِيرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَغْنَمَ مَالَهُ وَلَا يَتْبَعَهُ إِذَا وَلَّى وَلَا يُجْهِزَ عَلَى جَرِيحٍ فَكَانَتْ هَذِهِ سُنَّتَهُ فِي قِتَالِ مَنْ بَغَى مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ

حديث رقم: 455

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ، : وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ قَتَادَةَ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ }} وَقَالَ مُجَاهِدٌ نَسَخَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : إِنَّهَا نَاسِخَةٌ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِ

حديث رقم: 456

كَمَا رَوَى الثَّوْرِيُّ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }}

حديث رقم: 457

وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ عَطَاءٍ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : فَلَا يُقْتَلُ الْمُشْرِكُ وَلَكِنْ يُمَنُّ عَلَيْهِ وَيُفَادَى إِذَا أُسِرَ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ وَقَالَ الْأَشْعَثُ : كَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ أَنْ يُقْتَلَ الْأَسِيرُ وَيَتْلُو {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : رَوَاهُ شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : لَا يَكُونُ فِدَاءٌ وَلَا أَسْرٌ إِلَّا بَعْدَ الْإِثْخَانِ وَالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ ، وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ قَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ

حديث رقم: 458

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْا بِهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْآيَتَيْنِ مُحْكَمَتَانِ مَعْمُولٌ بِهِمَا وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ بِشَيْءٍ قَاطِعٍ فَإِذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْآيَتَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ بِالنَّسْخِ إِذْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ التَّعَبُّدُ إِذَا لَقِينَا الَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلَ الْأَسْرِ قَتَلْنَاهُمْ ، فَإِذَا كَانَ الْأَسْرُ جَازَ الْقَتْلُ وَالْمُفَادَاةُ ، وَالْمَنُّ عَلَى مَا فِيهِ الصَّلَاحُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ