عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : " نَسَخَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} "
مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، {{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ : إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ وَإِنَّهَا فِي كُفَّارِ الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهَا فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ وَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ النَّظَرِ وَقَالُوا إِذَا أُسِرَ الْمُشْرِكُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يُفَادَى بِهِ فَيُرَدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُفَادَى إِلَّا بِالْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ ، وَالنَّاسِخُ لَهَا {{ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }} إِذْ كَانَتْ بَرَاءَةُ آخِرَ مَا نَزَلَ بِالتَّوْقِيفِ فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مُشْرِكٍ إِلَّا مَنْ قَامَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى تَرْكِهِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ ، قَالُوا : وَالْحُجَّةُ لَنَا فِي قَتْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَأَبَا عَزَّةَ قِيلَ فَإِنَّ هَذَيْنِ وَغَيْرَهُمَا أَهْلُ أَوْثَانٍ وَبَراءَةٌ نَزَلَتْ بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ عُقْبَةَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَبَا عَزَّةَ يَوْمَ أُحُدٍ ، قَالُوا : فَلَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ ، فَقِيلَ فَإِنْ ثَبَتَ فِي هَذَا حُجَّةٌ فَهُوَ الْقَتْلُ كَمَا هُوَ فَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْمَنِّ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ إِنَّمَا مَنَّ عَلَى الْأَشْعَثِ ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ فَحُكْمُهُ أَنْ يُسْتَتَابَ وَإِنَّمَا مَنَّ عُمَرُ عَلَى الْهُرْمُزَانِ ؛ لِأَنَّهُ احْتَالَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ : لَهُ اشْرَبْ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ أَمَّنْتَنِي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّمَا مَنَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمَينَ يَشْهَدُونَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَيُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ : كُنْتُ مَعَهُ بِصِفِّينَ فَكَانَ إِذَا جِيءَ بِأَسِيرِ اسْتَحْلَفَهُ أَنْ لَا يُكْثِرَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَخَلَّاهُ وَكَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ الْأَسِيرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَغْنَمَ مَالَهُ وَلَا يَتْبَعَهُ إِذَا وَلَّى وَلَا يُجْهِزَ عَلَى جَرِيحٍ فَكَانَتْ هَذِهِ سُنَّتَهُ فِي قِتَالِ مَنْ بَغَى مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ