قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يَمُوتٌ ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَسُورَةُ الْحَجِّ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْهَا فَإِنَّهُنَّ نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ وَثَلَاثَةٌ كَافِرُونَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَهُمْ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ دَعَاهُمْ لِلْبَرَازِ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثَ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٍ وَهُنَّ : {{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ }} إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَجَدْنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَرْبَعَةَ مَوَاضِعَ تَصْلُحُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْهُنَّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }} ، وَقَالَ تَعَالَى : {{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }} فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ ذَبْحُ الضَّحَايَا نَاسِخٌ لِكُلِّ ذَبْحٍ كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي إِمْلَائِهِ كَانَتِ الْعَقِيقَةُ تُفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ فُعِلَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِذِبْحِ الضَّحِيَّةِ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ نَسَخَ ذَبْحُ الضَّحِيَّةِ كُلَّ مَا قَبْلَهُ ، وَقَدْ خُولِفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي هَذَا وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَوْلِهِ فِي الْعَقِيقَةِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ {{ فَكُلُوا مِنْهَا }} نَاسِخٌ لِفِعْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ لَحُومَ الضَّحِيَّةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَأْكُلُونَ مِنْهَا شَيْئًا فَنُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {{ فَكُلُوا مِنْهَا }} وَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ ضَحَّى فَلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ نَدْبٌ لَا إِيجَابٌ وَإِنْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الْأَكْلَ مِنْهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ ، وَاللَّيْثُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {{ فَكُلُوا مِنْهَا }} وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَأْكُلَ أَوَّلُ مِنَ الْكَبِدِ ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَعَطَاءٌ ، وَالثَّوْرِيُّ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُطْعِمُ الثُّلُثَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ الثُّلُثَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِادِّخَارِ مِنْهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا يَدَّخِرُ مِنْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدَّخِرُ إِلَى أَيِّ وَقْتٍ أَحَبَّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنْ كَانَتْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَيْهَا فَلَا يَدَّخِرُ فَمِمَّنْ قَالَ لَا يَدَّخِرُ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ
كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى بِنَا الْعِيدَ وعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَحْصُورٌ ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ : لَا تَدَّخِرُوا شَيْئًا مِنْ لَحْمِ أَضَاحِيِّكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُؤُوِّلَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ
كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا نَسْخٌ بَيِّنٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَلَا فَكُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : إِنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا إِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةٍ بَيَّنَتْهَا عَائِشَةُ قَالَتْ : دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنَ الْبَادِيَةِ بِحَضْرَةِ الْأَضْحَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَلَا تَدَّخِرُوا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا حَتَّى تَتَّفِقَ الْأَحَادِيثُ وَلَا تَتَضَادُّ وَيَكُونُ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَحْصُورٌ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا فِي شِدَّةٍ مُحْتَاجِينَ فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ قَدِمَتِ الدَّافَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا
مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنِ امْرَأَتِهِ ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَقَالَتْ قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ سَفَرٍ فَقَدِمْنَا إِلَيْهِ مِنْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ حَتَّى يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ : كُلْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : الدَّافَّةُ الْجَمَاعَةُ بِالدَّالِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ وَيُقَالُ ذَفَفْتُ عَلَى الْجَرِيجِ بِالذَّالِ مُعْجَمَةً إِذَا أَجْهَزْتَ عَلَيْهِ مُشْتَقٌّ مِمَّا حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ قَالَ عَنِ الْعَرَبِ ذَفَّ الْأَمْرُ وَاسْتَذَفَّ إِذَا تَهَيَّأَ وَمِنْهُ يُقَالُ خَفِيفٌ ذَفِيفٌ وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إِنَّ الضَّحِيَّةَ نَسَخَتِ الْعَقِيقَةَ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ مَعَهُ فِيهِ وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ نَسَخَتِ الضَّحِيَّةُ كُلَّ ذَبْحٍ مَعْنَاهُ كُلَّ ذَبْحٍ مَكْرُوهٍ ، فَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فَذَبْحٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ كَالضَّحِيَّةِ
كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ وَهُوَ ابْنُ مُوسَى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ
وقُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ حَبِيبَةَ ابْنَةَ مَيْسَرَةَ ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : عَنِ الْغُلَامِ ، شَاتَانِ مُكَافِئتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَسَمُرَةَ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ وَمِنَ التَّابِعِينَ الْقَاسِمُ ، وَعُرْوَةُ ، وَيَحْيى الْأَنْصَارِيُّ ، وَعَطَاءٌ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي ثَوْرٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ شَاةٌ عَنِ الْغُلَامِ وَشَاةٌ عَنِ الْجَارِيَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ الْحَدِيثُ : أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَقَّتْ عَنِ الْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ بِكَبْشَيْنِ وَأَمَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ الْعَقِيقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الرَّجُلِ إِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ عِنْدَ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ الضَّحِيَّةِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ الضَّحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ وَجَدَ إِلَيْهَا سَبِيلًا وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ ، وَخَالَفَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْهَا فِي كِتَابِهِ وَلَا أَوْجَبَهَا رَسُولُهُ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ يُتَأَوَّلُ فِيهِ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَحْلِقْ لَهُ شَعْرًا وَلَا يُقَلِّمْ لَهُ ظُفْرًا فَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَرَادَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمْ يَكُونَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَوَهَّمَ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَكَذَا قَوْلُ أَبِي مَسْعُودٍ ، وَبِلَالٍ ، وَابْنِ عُمَرَ خَمْسَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُوجِبُوا الضَّحِيَّةَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مُتَكَافِئَتَانِ مُشْتَبِهَتَانِ تُذْبَحَانِ جَمِيعًا ، وَقَالَ أَحْمَدُ : مُكَافِئَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : أَصْلُ الْعَقِيقَةِ الشَّعْرُ الَّذِي يُولَدُ الْمَوْلُودُ وَهُوَ عَلَى رَأْسِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْبَهَائِمِ فَقِيلَ عَقِيقَةٌ لِأَنَّهَا إِذَا ذُبِحَتْ حُلِقَ ذَلِكَ الشَّعْرُ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ : الذَّبِيحَةُ الْعَقِيقَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالَ أَحْمَدُ لَا يَمْتَنِعُ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَقَّ إِذَا قَطَعَ وَمِنْهُ عَقَّ فُلَانٌ وَالِدَيْهِ