حديث رقم: 144

وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، {{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ }} قَالَ : نَسَخَهَا {{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }} قَالَ {{ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ }} نَسَخَتْهَا الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ وَنَسَخَ الْحَوْلُ الْعِدَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ

حديث رقم: 145

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمُ }} الْآيَةَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَهَا اعْتَدَّتْ مِنْهُ سَنَةً وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بَعْدَ ذَلِكَ {{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }} إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَانْقِضَاءُ عِدَّتِهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا ، وَنَزَلَ {{ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ }} فَبَيَّنَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الْمِيرَاثَ وَتَرَكَ النَّفَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ عَامٌّ بِمَعْنَى الْخَاصِّ فَقَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَسَنَذْكُرُ ذَيْنِكَ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ نُسِخَ مِنْهَا الْحَوَامِلُ فَيُحْتَجُّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ : مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى نَزَلَتْ بَعْدَ الطُّولَى يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }} نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَعِنِّي أَنَّ {{ وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ }} نَاسِخَةٌ لِلَّتِي فِي الْبَقَرَةِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ لَهَا قَوْلَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ فَمِنْهُمْ عُمَرُ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَمَالِكٌ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالثَّوْرِيُّ وأَصْحَابُ الرَّأْيِ ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ فَحُجَّتُهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ بِلَا اخْتِلَافٍ عَنْهُُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحَابَةِ فِيهِ مُنَازَعَةٌ شَدِيدَةٌ مِنْ أَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ

حديث رقم: 146

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِي ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْقِلٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ فَقَالَ : تَعْتَدُّ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ يَقُولُ لِتَبْتَغِ لِنَفْسِهَا فَقَالَ : إِنَّ فَرُّوخًا لَا يَعْلَمُ شَيْئًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا مَسْعُودٍ فَقَالَ : بَلَى وَأَنَا أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ تَعْتَدُّ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ بِغَيْرِ هَذَا مِنَ الصَّحَابَةِ حَتَّى قَالَ عُمَرُ : إِنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ حَلَّتْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ جَاءَ التَّوْقِيفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَنَّهَا تَحِلُّ إِذَا تُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ

حديث رقم: 147

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، وأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سُئِلَا عَنِ الْمَرْأَةِ يُتُوُفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : آخِرَ الْأَجَلَيْنِ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ : إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي . يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ فَأَرْسَلُوا كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَجَاءَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اللَّهِ فَقَالَ : قَدْ حَلَلْتِ . وَقَالَ الْحَسَنُ ، وَالشَّعْبِيُّ : لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِ النِّفَاسِ وَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِذَا قَالَ الرَّسُولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلٍ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا وَنَصُّ الْقُرْآنِ {{ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }} وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمْ أَنَّ رَجُلًا لَوْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ حَامِلًا فَانْقَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَلِدَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْوِلَادَةُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : لَيْسَ فِي هَذَا نَسْخٌ وَإِنَّمَا هُوَ نُقْصَانٌ مِنَ الْحَوْلِ فَحُجَّتُهُ أَنَّ هَذَا مِثْلُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ لِمَا نَقَصَتْ مِنَ الْأَرْبَعِ إِلَى اثْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ هَذَا نَسْخًا وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حُكْمُهَا أَنْ تَعْتَدَّ سَنَةً إِذَا لَمْ تَخْرُجْ فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تَمْنَعْ ثُمَّ أُزِيلَ هَذَا وَلَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فَهَذَا هُوَ النَّسْخُ وَلَيْسَ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ بِحَالِهَا ، وَهَكَذَا يَقُولُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ عُورِضُوا فِي هَذَا بِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَتِمُّ فِي السَّفَرِ فَكَيْفَ تَتِمُّ فِي السَّفَرِ وَهِيَ تَقُولُ فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ فَهَذَا مُتَنَاقِضٌ فَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُتَنَاقِضٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَيْثُ حَلَّتْ فَهِيَ مَعَ أَوْلَادِهَا فَلَيْسَتْ بِمُسَافِرَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا فَلِذَلِكَ كَانَتْ تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِنْ صَحَّ عَنْهَا الْإِتْمَامُ ، وَمِمَّا يَدُلُّكُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ

حديث رقم: 148

إِنَّ بَكْرَ بْنَ سَهْلٍ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَتْ زَيْنَبُ : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ ، بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا

حديث رقم: 149

قَالَتْ زَيْنَبُ : وَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا

حديث رقم: 150

قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ ، تَقُولُ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا قَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا أَفَأَكْحُلُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : لَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ : فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ : فَقَالَتْ زَيْنَبُ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طَيِّبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّ مَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْمَعَانِي وَاللُّغَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَمِنْ ذَلِكَ إِيجَابُ الْإِحْدَادِ وَالِامْتِنَاعِ مِنَ الزِّينَةِ وَالْكُحْلِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عَلَى خِلَافِ مَا رَوَى إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالزِّينَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا يَرَى الْإِحْدَادَ شَيْئًا وَفِيهِ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَأَوْجَبَ هَذَا عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ بَالِغَةٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَالِغَةٍ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَمَةً كَانَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ حُرَّةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُطَلَّقْ وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَدَلَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَى كَافِرَةٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَدَلَّ أَيْضًا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَى الْحَامِلِ لِذِكْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَأَمَّا مَعْنَى تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ فَقَالَ فِيهِ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِمَعَانِي الْعَرَبِ : إِنَّهُنَّ كُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ لِيُرِيَنَّ أَنَّ مُقَامُهُنَّ حَوْلًا أَهْوَنُ عَلَيْهِنَّ مِنْ تِلْكِ الْبَعْرَةِ الْمَرْمِيَّةِ وَفِيهِ مِنَ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ قَوْلُهُ تَفْتَضُّ وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْجُلَّةُ تَقْبِصُ وَقَالَ مَعْنَاهُ تَجْعَلُ أَصَابِعَهَا عَلَى الطَّائِرِ كَمَا قُرِئَ : فَقَبَصْتُ قَبْصَةً ، فَخَالَفَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَجْمَعُونَ فَقَالُوا : تَفْتَضُّ وَهُوَ عَلَى تَفْسِيرِ مَالِكٍ كَذَا يَجِبُ

حديث رقم: 151

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا ، وَسُئِلَ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ : تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَذَا مُشْتَقٌّ مِنَ انْفَضَّ الْقَوْمُ إِذَا تَفَرَّقُوا وَزَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ حَتَّى يَنْفَضُّوا }} فَمَعْنَى تَفْتَضُّ بِهِ تَزُولُ بِهِ لِأَنَّهَا لَا تَزُولُ مِنْ مَكَانِهَا إِلَّا بِهَذَا فَقَدْ صَارَتْ تَفْتَضُّ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ الْآيَتَانِ مُحْكَمَتَانِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَلَّا تَبِيتَ إِلَّا فِي مَنْزِلِهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ سَنَةً كَمَا فِي الْآيَةِ الْمَنْسُوخَةِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ مُقَامُهَا فِي مَنْزِلِهَا إِجْمَاعًا بَلْ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَمَنْ قَالَ إِنَّ عَلَيْهَا الْمُقَامَ عُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وأُمُّ سَلَمَةَ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَابْنُ عُمَرَ وَتَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَقَالَ مَالِكٌ : تَزُورُ وَتُقِيمُ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَهْدَأَ النَّاسُ وَلَا تَبِيتُ إِلَّا فِي مَنْزِلِهَا وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا تَخْرُجُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا الْمَبْتُوتَةُ مِنْ مَنْزِلِهَا الْبَتَّةَ وَمِمَّنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا وَقَالَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَتَحُجَّ إِنْ شَاءَتْ وَلَا تُقِيمُ فِي مَنْزِلِهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعَلَى هَذَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ زَوْجَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ فَضَمَّهَا إِلَى مَنْزِلِهِ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ هَذَا

حديث رقم: 152

رَوَى الثَّوْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَيْسَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا عَلَى الْمَبْتُوتَةِ إِقَامَةٌ فِي بَيْتِهَا إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }} فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْعِدَّةَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا مُقَامٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِقَامَةٌ عَائِشَةُ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُوجِبُوا الْإِقَامَةَ وَمِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِالْآيَةِ وَالْحُجَّةِ لِمُخَالِفِهِمْ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ فَعَلَيْهِنَّ أَنْ يَحْبِسْنَ أَنْفُسَهُنَّ عَنْ كُلِّ الْأَشْيَاءِ إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا تَوْقِيفُ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَوْلُهُ لِلْفَرِيعَةِ حِينَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَقِيمِي فِي مَنْزِلِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : إِنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ }} مَنْسُوخٌ بِالْحَدِيثِ : لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى فَمِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَجَابِرٌ وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَالْحَسَنُ ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمِمَّنْ دُونَهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ . وَمِمَّنْ قَالَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ وأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالثَّوْرِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ : لَوْ كُنْتُ فَاعِلًا لَجَعَلْتُهَا مِنْ مَالِ ذِي بَطْنِهَا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ لَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِمَنْ كَانَتْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَى الرَّجُلِ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ أَطْفَالِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَآبَائِهِ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ بِإِجْمَاعٍ إِذَا كَانُوا زَمْنَى فُقَرَاءَ فَكَذَا تَجِبُ أَيْضًا فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ وَالْعِشْرِينَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَاجِبَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ قَدْ أُخْرِجَ مِنْهَا شَيْءٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ