حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ الْأَزْهَرِ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ امْرَأَةٌ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : عَنْبَسَةُ هَذَا هُوَ أَبُو يَحْيَى النَّسَائِيُّ وَيُقَالُ لَهُ : قَاضِي جُرْجَانَ ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْمُسْتَعِيذَةِ مِنْهُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْكَ فِي كِتَابِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ ، فَقَالَ لَهَا : هَبِي لِي نَفْسَكِ ، فَقَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ؟ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . قَالَ : قَدْ عُذْتِ بِمُعَاذٍ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُسَيْدٍ ، اكْسُهَا رَازِقَتَيْنِ ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ إِلَّا وَهِيَ لَهُ زَوْجَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ أَبُو أُسَيْدٍ جَاءَ بِهَا ، وَكَانَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : هَبِي لِي نَفْسَكِ عَلَى مَعْنَى : مَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ ، لَا عَلَى اسْتِئْنَافِ تَزْوِيجٍ يَعْقِدُهُ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمِنْ شَرِيعَتِنَا أَنْ لَا يَخْلُوَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مِنْهَا بِمَحْرَمٍ ؟ وَمِمَّا يُحَقِّقُ ذَلِكَ مَا قَدْ قُلْنَا : إِنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَرَجَ عَنْهَا عَلَى الطَّلَاقِ مِنْهُ لَهَا ، وَالْفِرَاقِ مِنْهُ إِيَّاهَا ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَقَدُّمِ تَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ ، وَأَبِي أُسَيْدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ ، وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ ، فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحَدِيثٍ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ ، وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ ، فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ هَكَذَا رَوَى رَبِيعَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ هَذَا ، فَخَالَفَهُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ : أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ سَعِيدٍ ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ : أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ فِي مَجْلِسٍ ، فَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْمُرَخَّصِ وَالْمُشَدَّدِ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَاكِتٌ ، فَلَمْ يَكُنْ غَيْرَ أَنْ قَالَ : أَيُّ هَؤُلَاءِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَعْرِفُهُ الْقُلُوبُ ، وَيَلِينُ لَهُ الْجِلْدُ ، وَتَرْجُونَ عِنْدَهُ ، فَصَدِّقُوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا يَقُولُ إِلَّا الْخَيْرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا }} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ ، وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ }} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا ذَكَرَ عَنْ أَصْحَابِ النَّجَاشِيِّ : {{ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا }} ، فَأَخْبِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ السَّمَاعِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ مَا يُحَدِّثُونَ بِهِ عِنْدَهُ مِمَّا يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ ، كَمَا يُحَدِّثُونَ بِهِ عَنْهُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ عِنْدَهُمْ بِصِدْقِ مَا يُحَدِّثُهُمْ بِهِ عَنْهُ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْوُقُوفِ عَلَى مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ قَبُولُ قَوْلِهِ ، وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سِوَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ قَبْلَهُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا تَعْرِفُونَهُ وَلَا تُنْكِرُونَهُ ، فَصَدِّقُوا بِهِ ، قُلْتُهُ ، أَوْ لَمْ أَقُلْهُ ، فَإِنِّي أَقُولُ مَا تَعْرِفُونَهُ ، وَلَا تُنْكِرُونَهُ ، وَإِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا تُنْكِرُونَهُ ، وَلَا تَعْرِفُونَهُ ، فَكَذِّبُوا بِهِ ، فَإِنِّي لَا أَقُولُ مَا تُنْكِرُونَهُ ، وَأَقُولُ مَا تَعْرِفُونَهُ وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، إِنَّمَا دَارَ عَلَى يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَيُقَالَ : إِنَّ سَمَاعَهُ إِيَّاهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ لَمَّا حُمِلَ لَهُ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ وَجْهُ قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَعْرِفُونَهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ مِنْهُمْ لَهُ بِطِبَاعِهِمْ ، كَمَا يَعْرِفُونَ بِقُلُوبِهِمُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَضُرُّهُمْ ، وَالْأَشْيَاءَ الَّتِي تَنْفَعُهُمْ ، وَيَعْلَمُونَ بِقُلُوبِهِمْ تَوَاتُرَهَا ، وَأَنَّ بَعْضَهَا مُخَالِفٌ لِبَعْضٍ عِلْمَ طِبَاعٍ ، لَا عِلْمَ اكْتِسَابٍ ، وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا أَنَّ نَبِيَّهُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ شَرِيعَةً هِيَ أَجَلُّ الشَّرَائِعِ ، وَأَحْسَنُهَا ، فَكَانَ حَمَلَتُهَا الَّتِي قَدْ عُلِّمُوهَا عَلِمُوا بِهَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْحَسَنَةَ الْمُلَائِمَةَ لِأَخْلَاقِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَشَرِيعَتِهِ يَدْخُلُ فِيهَا مَا حُدِّثُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبُولُهُ ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَهُمْ بِلِسَانِهِ ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدْ قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ لَهُ وَإِذَا سَمِعُوا عَنْهُ الْحَدِيثَ فَأَنْكَرُوهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْوُقُوفُ عَنْهُ وَالتَّجَافِي لِقَبُولِهِ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ : أَلَا أَدُلُّكُمْ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَفِي غَيْرِ حِينِ الصَّلَاةِ ، فَقَامَ ، فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَانْتَصَبَ قَائِمًا هُنَيْهَةً ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ ، ثُمَّ انْتَظَرَ هُنَيْهَةَ ، ثُمَّ سَجَدَ . فَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ : فَصَلَّى كَصَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا ، يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ ، يَسْجُدُ هُنَيْهَةً قَالَ : فَرَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ يَصْنَعُ شَيْئًا ، لَا أَرَاكُمُ تَصْنَعُونَهُ ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَى ، وَالثَّانِيَةِ الَّتِي لَا يَقْعُدُ فِيهَا ، اسْتَوَى قَاعِدًا ، ثُمَّ قَامَ
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ يَعْنِي الْحَذَّاءَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ ، حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ فِيهَا ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَسْتَعْمِلُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَتَأْمُرُ الْمُصَلِّيَ بِهَذِهِ الْجِلْسَةِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمُ : الشَّافِعِيُّ . وَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ ، وَمِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ ، لَا يَعْرِفُونَ هَذِهِ الْجِلْسَةَ الْبَتَّةَ ، وَلَا يَأْمُرُونَ الْمُصَلِّيَ بِهَا فَتَأَمَّلْنَا فِي ذَلِكَ : هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُخَالِفُهُ ، أَمْ لَا ؟
ـ فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ الرَّازِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، وَوَجَدْنَا نَصْرَ بْنَ عَمَّارٍ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِشْكَابَ ، حَدَّثَنَا شُجَاعٌ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَرِّ ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَيَّاشٍ أَوْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ ، وَكَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُوهُ ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَفِيهِ أَيْضًا أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَأَبُو أُسَيْدٍ ، وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ ، وَالْأَنْصَارُ أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا الصَّلَاةَ ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اتَّبَعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالُوا : فَأَرِنَا ، فَقَامَ يُصَلِّي ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ : أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ فَكَانَ فِي الْحَدِيثِ تَرْكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقُعُودَ بَعْدَ رَفَعِهِ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى . وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مَذْكُورُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ فِيهِ بِاسْمِهِ ، وَمِنْهُمْ مِنْ ذُكِرَ فِيهِ وَلَمْ يُسَمَّ ، وَقَدْ رَوَى رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَا : عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا ، قَالَ رِفَاعَةُ : وَنَحْنُ مَعَهُ ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ كَالْبَدَوِيِّ ، فَصَلَّى ، فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَعَلَيْكَ ، فَارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثًا ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فِي آخِرِ ذَلِكَ : فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ ، قَالَ : أَجَلْ ، إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَتَوَضَّأْ ، كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ تَشَهَّدْ ، ثُمَّ كَبِّرْ ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ ، فَاقْرَأْهُ ، وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ ، ثُمَّ ارْكَعْ ، حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ ، فَاعْتَدِلْ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ ، فَاعْتَدِلْ سَاجِدًا ، ثُمَّ اجْلِسْ ، حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسْجُدْ ، فَاعْتَدِلْ سَاجِدًا ، ثُمَّ قُمْ ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكُ وَكَانَ فِي هَذَا أَمْرُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الرَّجُلَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ هَذِهِ السَّجْدَةِ بِالْقِيَامِ بِلَا قُعُودٍ أَمَرَهُ قَبْلَهُ ، وَكَانَ حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ ، الَّذِي رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ رِشْدِينَ ، عَنْ حَيْوَةَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ . فَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُفْسِدُ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَيَحْتَجُّ فِي فَسَادِهِ . بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، وَاللَّيْثُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَكَانَ مَا ذَكَرَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي ادَّعَى فَسَادَ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَ لِدُخُولِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي ادَّعَى فَسَادَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَجْهُولِ بَيْنَ ابْنِ عَجْلَانَ ، وَبَيْنَ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ ، وَكَانَ حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ أَوْلَى مِنْهُ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ إِسْمَاعِيلَ ، إِنَّمَا هُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى ، وَهُوَ ابْنُ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ بَيْنَ ابْنِ عَجْلَانَ ، وَبَيْنَهُ الرَّجُلُ الْمَسْكُوتُ عَنِ اسْمِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَكَانَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فَعَلَهُ مِنَ الْجِلْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَئِذٍ ، فَفَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا فَعَلَ لِتِلْكَ الْعِلَّةِ ، لَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ صَلَاتِهِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ ، إِنَّمَا كَانَ أَقَامَ عِنْدَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيَّامًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ
ـ كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو قِلَابَةَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَاسٍ ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلِينَا ، وَاشْتَقْنَا ، سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا ، فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ : ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ ، وَعَلِّمُوهُمْ ، وَأْمُرُوهُمْ . وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا ، أَوْ لَا أَحْفَظُهَا وَكَانَ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ : أَنَّهُ اتَّبَعَ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِلَا تَوَرُّكٍ ، وَصَدَّقَهُ أَصْحَابُهُ بِذَلِكَ ، وَوَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ مُخَالِفًا لِمَا رُوِيَ عَنْ تَعْلِيمِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ ، وَأَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالْقِيَامِ مِنْ بَعْدِ رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى . ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُوَجِبُهُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ ، فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ كَبَّرَ ، وَخَرَّ رَاكِعًا ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، وَإِذَا خَرَّ لِلسُّجُودِ مِنَ الْقِيَامِ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَإِذَا عَادَ إِلَى السُّجُودِ ، فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَعْدِ رَفْعِهِ رَأْسَهُ إِلَى أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا غَيْرُ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ سُجُودِهِ وَقِيَامِهِ جُلُوسٌ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا جُلُوسٌ لَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُكَبِّرَ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ الْجُلُوسِ تَكْبِيرَةً ، كَمَا يُكَبِّرُ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ الْجُلُوسِ فِي صَلَاتِهِ إِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ إِلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَ ذَلِكَ الْجُلُوسِ تَكْبِيرَةً ، وَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَكْبِيرَةُ جُلُوسٍ ثَبَتَ أَنْ لَا قُعُودَ بَيْنَ الرَّفْعِ ، وَالْقِيَامِ ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ مَا قَدْ شَهِدَ لَهُ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهِ ، وَمَعَ مَا لِرُوَاتِهَا مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي لَيْسَ لِمَنْ رَوَى مَا يُخَالِفُهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَّمَهُ فِي أَوَّلِ الصُّبْحِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ : كُنْتُ غُلَامًا صَبِيًّا فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قُلِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو الْجَرَّاحِ الْمَهْرِيُّ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ : لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى حُنَيْنٍ نَزَلَ الْبَطْحَاءَ قَالَ : فَجِئْنَا فَأَذَّنَّا ، قَالَ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْخَيْلَ ، فَأَحَاطَتْ بِنَا ، فَذَهَبَ بِنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَذِّنُوا ، فَأَذَّنْتُ ، فَسَمِعْتُ لِلْجَبَلِ مِنْ صَوْتِي صَلْصَلَةً ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَرَادَ بِكَ خَيْرًا ، فَكُنْ مَعَ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ ، فَأَذِّنْ لَهُ ، فَإِذَا بَلَغَتْ فِي الْأَذَانِ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، قُلِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ فَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ ، وَأَبُو الْجَرَّاحِ الَّذِي رَوَاهُ اسْمُهُ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِي سَلْمَانَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ : كُنْتُ أُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكُنْتُ أَقُولُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : وَلَيْسَ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ . فَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ تَحْقِيقُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي الْأَذَانِ لِلْقَوْمِ .
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : كَانَ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَلَاحِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ
وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَيْضًا ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : مَا كَانَ التَّثْوِيبُ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ
وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنُ : أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُؤَذِّنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَهْلِ قُبَاءَ ، حَتَّى انْتَقَلَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلَافَتِهِ ، فَأَذَّنَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَزَعَمَ حَفْصٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ أَهْلِهِ أَنَّ بِلَالًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُؤَذِّنُهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ بَعْدَمَا أَذَّنَ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَائِمًا ، فَنَادَى بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ تَصْحِيحِ هَذِهِ الْآثَارِ مِمَّا قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ بِلَالٍ مُتَقَدِّمًا لِمَا فِي أَحَادِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، فَصَارَ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ ، ثُمَّ عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ الْأَذَانَ ، وَذَلِكَ مِنْهُ فِعْلِهِ إِيَّاهُ فِيهِ ، ثُمَّ قَدْ وَكَّدَهُ وَشَدَّهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْفِقْهِ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَهْلُهُ فِيهَا ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، وَهُمْ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ ، وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ . وَطَائِفَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَهُوَ تَرْكُ قَوْلِهِ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ تَرَكَ ذَلِكَ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ ، وَأَمَرَ بِهِ فِي قَوْلٍ لَهُ آخَرَ ، وَكَانَتْ حُجَّتُهُ فِي تَرْكِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَّمَهُ أَبَا مَحْذُورَةَ ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، غَيْرَ أَنَّا لَمُ نَجِدْهُ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ لَهُ عَمَّنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا قُلْنَا وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ : الصَّلَاةٌ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .