حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي دُحَيْمًا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا }} قَالَ : لَا تَجُورُوا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَهُوَ وَجْهٌ مَحْمُودٌ ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الَّذِي دَارَ عَلَيْهِ مَعَهُ مِنَ الْجَلَّالَةِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَمْثَالِهِ ، وَمَا حَدَّثَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَجَلَّ مِنْهُ ، وَهُوَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهَا أَيْضًا هَذَا الْقَوْلَ بِعَيْنِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ بِالتَّوْقِيفِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَطَاءٍ يَعْنِي ابْنَ السَّائِبِ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : {{ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا }} قَالَ : لَا تَمِيلُوا وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِهَا غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ فِي تَأْوِيلِهَا مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا }} قَالَ : أَلَّا تَمِيلُوا . قَالَ : وَأَنْشَدَنَا بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَهُ : بِمِيزَانٍ قِسْطٍ لَا يُخِسُّ شَعِيرَةً وَمِيزَانِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : {{ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا }} قَالَ : لَا تَمِيلُوا وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، مِثْلَهُ . وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ التَّابِعِينَ رُوِيَ عَنْهُ فِي تَأْوِيلِهَا غَيْرُ هَذَا التَّأْوِيلِ غَيْرَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ فِي تَأْوِيلِهَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَكْثُرَ عِيَالُهُمْ . وَهَذَا قَوْلٌ يَزْعُمُ أَهْلُ اللُّغَةِ : أَنَّهُ قَوْلٌ فَاسِدٌ ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَا قَالَ زَيْدٌ فِي تَأْوِيلِهَا لَكَانَ : أَلَّا تَعِيلُوا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ , وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ , وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ ، فَقَصَّرَ عَنْ بَعْضِ أَلْفَاظِهِ الَّتِي رَوَاهُ بِهَا مَالِكٌ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ ، يُحَدِّثُ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَلَيْهِ
كَمَا حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا فَزَادَ صَالِحٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بِمَا فِي حَدِيثِهِ هَذَا : لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا ابْنُ مَوْهَبٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ , كَمَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ مَوْهَبٍ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ الْحُسَيْنُ فِي حَدِيثِهِ : عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَا : عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَكَانَ ظَاهِرُ مَعْنَى مَا فِي حَدِيثِ زِيَادٍ ، وَمَالِكٍ ، وَابْنِ مَوْهَبٍ ، عَلَى أَنَّ الْأَيِّمَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَلَا أَمْرَ لِوَلِيِّهَا مَعَهَا فِي نَفْسِهَا ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَبُوهَا ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَدْ حَقَّقَ دُخُولَ أَبِيهَا فِيهِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الْبِكْرِ كَذَلِكَ ، وَأَنَّ أَبَاهَا مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَهَا ، كَمَا أُمِرَ فِي الثَّيِّبِ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تُسْتَأْمَرَ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ إِذَا زَوَّجَهَا قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا تَارِكًا لِمَا قَدْ أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ التَّزْوِيجَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ مِنْهَا رِضَاهَا بِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَسُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِمَا ، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا : أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، تُسْتَأْمَرُ ، قُلْتُ : إِنَّهَا تَسْتَحْيِي ، فَتَسْكُتُ قَالَ : فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِاسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ ، كَمَا فِيهِ أَمْرُهُ بِاسْتِئْمَارِ الثَّيِّبِ ، فَلَمَّا كَانَ الْأَبُ قَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الثَّيِّبَ كَمَا يَسْتَأْمِرُهَا غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا ، كَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي الْبِكْرِ فِيمَا أُمِرَ بِاسْتِئْذَانِهَا فِيهِ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ، وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ , قَالُوا : وَكَيْفَ إِذْنُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّمْتُ , وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ ، وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا : أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَدِيٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا ، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا , وَكَمَا حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ ، عَنِ اللَّيْثِ ، ثُمَّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعُرْسِ وَهُوَ ابْنُ عَمِيرَةَ , وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ . وَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يُوجِبُ أَنَّ الْأَبَ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ كَمَنْ سِوَاهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ التَّزْوِيجَ عَلَيْهَا قَبْلَ رِضَاهَا بِذَلِكَ ، وَلَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَا : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ ، وَهِيَ كَارِهَةٌ ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَيَّرَهَا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ لَيْسَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى بُضْعِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا بِذَلِكَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ سُفْيَانَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ ، فَخَالَفَ جَرِيرًا فِيهِ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ ، وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَفِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ فَسَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ ، أَمَّا فِي إِسْنَادِهِ ، فَانْقِطَاعُهُ , وَتَقْصِيرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَمَّا فِي مَتْنِهِ : فَذِكْرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا , وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ : أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْأَوْلَى بِنَا إِذَا وَجَدْنَا الرِّوَايَاتِ مَا يُوجِبُ تَصْحِيحَهَا ، وَمَا يُوجِبُ تَضَادَّهَا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى تَصْحِيحِهَا لَا عَلَى تَضَادِّهَا ، وَكَانَ حَدِيثُ جَرِيرٍ عَلَى أَنَّهُ بِكْرٌ ، وَحَدِيثُ سُفْيَانَ عَلَى أَنَّهُ ثَيِّبٌ ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَعْنًى ، وَهَذَا فِي مَعْنًى حَتَّى لَا يَتَضَادَّا ، وَلَا يَتَنَافَيَا ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْبِكْرِ الْمَذْهَبَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَيْضًا
بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا , فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ ، إِذْ كَانَ أَصْلُهُ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، بِذَلِكَ . فَفَسَدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِدُخُولِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ فِيهِ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَعَطَاءٍ ، وَحَقَّقَ أَيْضًا اتِّفَاقَهُ عَلَى عَطَاءٍ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ إِلَى جَابِرٍ . وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآثَارِ ، وَجَدْنَا النَّظَرَ مَا يُوجِبُ مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنَ ارْتِفَاعِ أَمْرِ أَبِي الْبِكْرِ عَنِ الْبِكْرِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بُضْعِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا , أَنَّهُ كَمَا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهَا ، كَانَ فِي الْعَقْدِ عَلَى بُضْعِهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ بُلُوغِهَا ، فَكَانَ حُكْمُهُ فِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهَا بِخِلَافِ حُكْمِهِ فِيهِ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهَا ، وَقَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ فِيهِ : {{ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا }} فَكَانَ لَهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَطِيبَ نَفْسُهَا لِزَوْجِهَا بِمَا شَاءَتْ مِنْ صَدَاقِهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِيهَا الِاعْتِرَاضُ أَيْضًا عَلَيْهَا فِي بُضْعِهَا فِي عَقْدِهِ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : {{ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ }} ، ثُمَّ قَالَ : {{ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }} ، وَإِذَا كُنَّ فِي وَصَايَاهُنَّ فِي أَمْوَالِهِنَّ كَالرِّجَالِ فِي وَصَايَاهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ، كُنَّ كَالرِّجَالِ فِي وَصَايَاهُمْ وَفِي أَمْوَالِهِمْ ، وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ مِنْهُنَّ , وَارْتِفَاعِ الْأَيْدِي عَنْهُنَّ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِهَا عَنْهُنَّ فِي أَبْضَاعِهِنَّ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ ، وَفِي الثَّيِّبِ ، مَا قَدْ رَوَيْتُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا فِيهِ : أَنَّ الْأَيِّمَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا , وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِوَلِيِّهَا مَعَهَا حَقٌّ فِي بُضْعِهَا وَذَكَرْتُمْ ذَلِكَ بِمَا رَوَيْتُمُوهُ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ فِي بُضْعِهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : هَلْ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ ، أَوِ السُّلْطَانِ قَالَ : قُلْتُ : لَيْسَ لَهَا مَوْلًى ، أَوْ هَلَكَ مَوْلَاهَا قَالَ : فَالسُّلْطَانُ قَالَ : فَرَجَعْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى غَضِبَ فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ ، أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - إِنْ كَانَ صَحِيحًا - فَقَدْ نَسَخَهُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يُخَالِفُ مَا قَدْ أَخَذَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِلَّا مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ مِمَّا قَدْ أَخَذَهُ عَنْهُ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ ، وَلَكِنْ مَا إِلَى الْمَرْأَةِ مِمَّا فِي حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ إِلَيْهَا كَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ تَفْعَلُهُ فِيهِ مِمَّا قَدْ جُعِلَ إِلَيْهَا أَنْ تُوَلِّيَهُ غَيْرَهَا مِنَ الرِّجَالِ الْقَوَّامِينَ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ مَنْ تُوَلِّيهِ مِنْهُمْ ذَلِكَ يَعْقِدُهُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهَا مِمَّنْ يَرْضَاهُ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَقْدُ مِنْهُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهَا عَقْدًا مِنْهَا إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّ عُقُودَ الْمُوَكَّلِينَ فِي هَذَا مُضَافَاتٌ إِلَى آمِرِيهِمْ ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ : فَعَلْتُ كَذَا ، لِمَا فُعِلَ بِأَمْرِهِ . فَخَرَج بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِمَّا قَالَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَضَادٌّ وَلَا اخْتِلَافٌ ، وَيَكُونُ حَقُّ الْوَلِيِّ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِيمَا قَالَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُوَ الَّذِي جَعَلَتْهُ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ مِمَّا جُعِلَ لَهَا أَنْ تَجْعَلَهُ إِلَيْهِ , وَمِمَّا لَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهَا فِيهِ مَنْ عَقَدَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا
قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَرَامٌ ، جَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْعَبَّاسِ ، فَأَنْكَحَهَا إِيَّاهُ فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبِلَ تَزْوِيجَ الْعَبَّاسِ إِيَّاهُ مَيْمُونَةَ ، وَلَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهَا ، وَفِي حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ مِمَّا قَدْ تَأَوَّلْتُمُوهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُمُوهُ عَلَيْهِ ، وَمِمَّا قَدْ صَحَّحْتُمُوهُ ، وَحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِنَ انْفِرَادِ الْمَرْأَةِ بِعَقْدِهَا التَّزْوِيجَ عَلَى نَفْسِهَا بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهَا . وَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَيْمُونَةُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِهَا حَاضِرًا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حِينَئِذٍ مِنْ قَوْمِهَا لِخِلَافِ أَدْيَانِهِمْ دِينَهَا ، فَعَادَ أَمْرُهَا إِلَى مَنْ إِلَيْهِ وِلَايَةُ بَضْعِهَا ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ هِيَ ابْتَدَأَتْ ذَلِكَ بِجَعْلِهَا إِيَّاهُ إِلَى الْعَبَّاسِ ، فَعَقَدَهُ الْعَبَّاسُ عَلَيْهَا ، وَقَبِلَهُ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَانَ ذَلِكَ إِمْضَاءً مِنْهُ لِمَا كَانَ مِنْ جَعْلِهَا إِيَّاهُ إِلَى الْعَبَّاسِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِجَازَةِ الْعُقُودِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانَتْ إِلَى غَيْرِ مَنْ عَقَدَهَا لِإِجَازَةِ مَنْ كَانَتْ إِلَيْهِ ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَصْحَابُهُمْ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ، لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، أَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَطَبَهَا ، فَقَالَتْ : مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ ، إِنَّ فِيَّ خِلَالًا ثَلَاثًا : أَنَا امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ ، وَأَنَا امْرَأَةٌ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِي أَحَدٌ شَاهِدًا يُزَوِّجُنِي ، فَغَضِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَتَاهَا ، فَقَالَ : أَنْتِ تَرُدِّينَ رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَتْ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، فِيَّ كَذَا وَكَذَا ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ غَيْرَتِكِ , فَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهَا عَنْكِ , وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ صِبْيَتِكِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَكْفِيهِمْ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَيُزَوِّجَكِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا ، وَلَا غَائِبًا يَكْرَهُنِي ، فَقَالَتْ لِابْنِهَا : زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ , فَزَوَّجَهُ فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْبَابِ : إِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِهَا شَاهِدًا ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا ، وَلَمْ يَقُلْ لَهَا : وَهَلْ لَكِ وَلِيٌّ غَيْرُ نَفْسِكِ ؟ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحْتُمْ عَلَيْهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ نَفْيِ الْوَلِيِّ عَنِ الثَّيِّبِ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ تَصْحِيحَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا قَدْ صَحَّحْنَاهُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْقِدَ النِّكَاحَ عَلَى نَفْسِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَيِّمًا حَتَّى تُوَلِّيَهُ غَيْرَهَا مِنَ الرِّجَالِ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِدْخَالُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ ، وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ عَلَى أَخْذِ ثَابِتٍ إِيَّاهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَمَاعًا لَا دَخِيلَ بَيْنَهُمَا ، كَذَلِكَ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ *
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ ، فَيَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي عِنْدَكَ ، فَأَبْدِلْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَا أَبْدَلَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا . فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ : إِنَّا لِلَّهِ ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي ، فَأَبْدِلْنِي بِهِ خَيْرًا مِنْهُ قَالَتْ : وَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي : مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ؟ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَخَطَبَنِي فَتَزَوَّجْتُهُ فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ : أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ هُوَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ لَا دَخِيلَ بَيْنَهُمَا ، وَقَدْ وَافَقَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ ، فَلْيَقُلْ : إِنَّا لِلَّهِ ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ أَبَا سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ . وَبَقِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مِثْلِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي مَتْنِهِ سَوَاءً ، فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عَقْدِ عُمَرَ ابْنِهَا عَلَيْهَا التَّزْوِيجَ ، وَلَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طِفْلًا ، هُوَ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِأُمِّ سَلَمَةَ وَلِيٌّ حَاضِرُهَا ، وَأَمْرُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ رَأَتْ , فَجَعَلَتْهُ إِلَى ابْنِهَا ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ فَعَلَتْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً , فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنِ ابْنِهَا ، فَكَانَ ذَلِكَ إِمْضَاءً مِنْهُ لَهُ ، وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الصِّبْيَانِ لِلْأَشْيَاءِ بِأُمُورِ الْبَالِغِينَ جَائِزَةٌ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَ عَقَدَ التَّزْوِيجَ عَلَى أُمِّهِ ، وَقَدْ قَبِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَقَالَ قَائِلٌ : عَسَى أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ بَالِغًا يَوْمَئِذٍ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا مَا قَدْ نَفَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغًا ، لَكَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا ، إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ لِأَنَّهُ ابْنُهَا ، كَمَا يَقُولُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ : أَبُو يُوسُفَ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا ، فَكَانَ وَلِيًّا لَا مَحَالَةَ ، فَفِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنْكَارَهُ قَوْلَهَا ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي أُطُمِ حَسَّانَ ، فَكَانَ يَتَطَأْطَأُ لِي ، فَأَنْظُرُ ، وَأَتَطَأْطَأُ لَهُ ، فَيَنْظُرُ ، فَقُلْتُ لِأَبِي : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ تَجُولُ حِينَئِذٍ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، لَقَدْ كَانَ جَمَعَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ لِي أَبَوَيْهِ ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ أَنَّهُ مِنَ الْمَوْلُودِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ . فَقَالَ قَائِلٌ : وَأَيُّ عَقْدٍ يَجُوزُ مِنَ الصَّبِيِّ ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، فَهُوَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَمْرٌ فِي غَيْرِهِ أَوْلَى ، وَهُوَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى . وجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الصِّبْيَانِ ، فَلَمْ يُجْعَلْ كُلُّهَا كَلَا أُمُورٍ ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَالْمُحْتَجُّ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ مِمَّنْ يُخَيِّرُ الصَّبِيَّ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ ، وَأُمُّهُ مُطَلَّقَةٌ , بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، وَيَرْوِي فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِمَّا تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، وَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ الْخِيَارَ إِلَّا وَلِاخْتِيَارِهِ حُكْمٌ ، وَفِي هَذَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّبِيِّ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ يَدٌ ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ : هُوَ عَبْدِي ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ ، فَرَفَعَ ذَلِكَ , أَنَّ رَفْعَهُ إِيَّاهُ كَلَا رَفْعٍ ، وَأَنَّهُ عَبْدُهُ ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ ، فَدَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَادَّعَى لَهَا الْحُرِّيَّةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ، وَلَقَدْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي وَصِيَّةِ الْيَفَاعِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ : إِنَّهَا جَائِزَةٌ , وَرَوَى فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ فِيهِ ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا كَلَا وَصِيَّةٍ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ الْبُلُوغِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَا قَدْ وَكَّدَ مَا قَدْ ذَهَبْنَا إِلَيْهِ
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ ، عَنْ فِطْرٍ ، يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ ، يُحَدِّثُ قَالَ : انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَخَطَّ لِي دَارًا بِقَوْسٍ قَالَ : وَمَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَبِيعُ بَعْضَ مَا يَبِيعُ الْغِلْمَانُ ، فَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَتِكَ ، أَوْ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ بَيْعُهُ بِإِطْلَاقِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُ ، وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ لَوْ كَانَتْ لَا تَكُونُ مِنْهُ لِصِغَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ، فَكَانَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ ذِكْرُ ذَلِكَ إِذَا بَلَغَ ، وَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ صَفْقَةً ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ، بِإِطْلَاقِ مَنْ إِلَيْهِ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا جَوَازُ عُقُودِ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ بِأُمُورِ مَنْ إِلَيْهِ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِمْ , وَإِطْلَاقُ الْعُقُودِ فِيمَا عَقَدُوهُ فِيهِ عَلَى مَنْ عَقَدُوهَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِكِيهَا ، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ مُجِيزِي ذَلِكَ ، لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُخَالِفِيهِمْ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُوفِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ سُحَيْمٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ ، أَوْ تُرَى لَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَا جَمِيعًا : عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ التُّجِيبِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، ثُمَّ حَدَّثَنِي ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ مَوْلَى آلِ جُبَيْرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَقِيَ الْمِنْبَرَ ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَؤُمُّ النَّاسَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدِي مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، أَوْ تُرَى لَهُ فَأَخْبَرَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الرُّؤْيَا إِنَّمَا هِيَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ ، أَيْ : مِمَّا يُبَشِّرُهُ ذَوُو النُّبُوَّةِ مَنِ اتَّبَعَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ , لَا أَنَّهَا نَفْسَهَا نُبُوَّةٌ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ