حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ مُعَيْزٍ السَّعْدِيُّ قَالَ : خَرَجْتُ أُسَقِّدُ فَرَسًا لِي بِالسَّحَرِ , فَمَرَرْتُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَسَمِعْتُهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ , فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُمْ , فَبَعَثَ الشُّرَطَ , فَأَخَذُوهُمْ , فَجِيءَ بِهِمْ إِلَيْهِ , فَتَابُوا وَرَجَعُوا عَمَّا قَالُوهُ , وَقَالُوا : لَا نَعُودُ , فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ وَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّوَّاحَةِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ , فَقَالَ النَّاسُ : أَخَذْتَ أَقْوَامًا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ فَخَلَّيْتَ سَبِيلَ بَعْضِهِمْ , وَقَتَلْتَ بَعْضَهُمْ , فَقَالَ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَالِسًا , فَجَاءَهُ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَرَجُلٌ مَعَهُ يُقَالُ لَهُ ابْنُ وَثَّالِ حَجْرٍ وَافِدَيْنِ مِنْ عِنْدِ مُسَيْلِمَةَ , فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ , فَقَالَا : أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِرَسُولِهِ , لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا وَفْدًا لَقَتَلْتُكُمَا , فَلِذَلِكَ قَتَلْتُ هَذَا
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ , فَقَالَ : مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ إِحْنَةٌ , وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَجِيءَ بِهِمْ , فَاسْتَتَابَهُمْ غَيْرَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ , فَقَالَ لَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ , وَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ , فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ فَلْيَنْظُرْ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رُسُلُ مُسَيْلِمَةَ بِكِتَابِهِ , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمَا وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ مِثْلَ مَا يَقُولُ ؟ فَقَالَا : نَعَمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ طَلَبَ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِمَا فِيهَا مِنْ رَفْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْوُفُودِ أَنْ لَا تُقْتَلَ , وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مِثْلُ الَّذِي كَانَ مِنَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ وَصَاحِبِهِ مِمَّا يُوجِبُ قَتْلَهُمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ , فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ لِرَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ {{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ }} أَيْ فَيَتَّبِعَهُ , أَيْ : يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُقَامُ حَيْثُ يُقِيمُ الْمُسْلِمُونَ سِوَاهُ أَوْ لَا يَتَّبِعَهُ فَيُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ , وَكَانَ فِي تَرْكِهِ اتِّبَاعَهُ بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ الَّذِي يُوجِبُ سَفْكَ دَمِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِهِ طَالِبًا لِاسْتِمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ , فَحَرُمَ بِذَلِكَ سَفْكُ دَمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ الطَّلَبِ وَيَصِيرَ إِلَى مَأْمَنِهِ , فَيَحِلَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَفْكَ دَمِهِ , فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الرُّسُلِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ مَنْ أَرْسَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَوَابَهُ لَهُمْ فِيمَا أَرْسَلُوهُمْ فِيهِ إِلَيْهِ مِنْهُ , وَسَمَاعُهُمْ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِيَكُونَ مَنْ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ يَقْبَلُهُ فَيَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ أَوْ لَا يَقْبَلُهُ فَيَبْقَى عَلَى حَرْبِيَّتِهِ وَعَلَى حِلِّ سَفْكِ دَمِهِ , فَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الرُّسُلِ الْقَتْلَ , وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَا يُوجِبُ قَتْلَهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلًا , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ح وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِقَوْمٍ زَنَادِقَةٍ أَوِ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ , وَوَجَدُوا مَعَهُمْ كُتُبًا , فَأَمَرَ بِنَارٍ فَأُجِّجَتْ فَأَلْقَاهُمْ وَكُتُبَهُمْ , فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ , فَقَالَ : لَوْ أَنِّي كُنْتُ أَنَا لَقَتَلْتُهُمْ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَمْ أُحَرِّقْهُمْ ; لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَسُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ كُلُّهُمْ عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْمٌ أَحْرَقَهُمْ عَلِيٌّ , فَقَالَ : لَوْ كُنْتُ لَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ , وَلَمْ أَكُنْ لِأُحَرِّقَهُمْ بِالنَّارِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ أَحَدٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِهِ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ قَتْلُهُ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ , وَجَعَلُوا ارْتِدَادَهُ مُوجِبًا عَلَيْهِ الْقَتْلَ حَدًّا لِمَا كَانَ مِنْهُ . قَالُوا : كَمَا أَنَّ الزَّانِيَ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَدَّ الزِّنَى ، وَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَدَّ السَّرِقَةِ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْمُرْتَدُّ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَدَّ رِدَّتِهِ وَهُوَ الْقَتْلُ فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِمْ فِيهِ أَنَّا وَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنَا بِإِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَى عَلَى الزَّانِي وَبِإِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى السَّارِقِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ : {{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ }} ، وَقَالَ : {{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا }} فَكَانَ اسْمُ الزِّنَى غَيْرَ مُفَارِقٍ لِلزَّانِي , وَإِنْ تَرَكَ الزِّنَى , وَكَذَلِكَ اسْمُ السَّارِقِ لَازِمٌ لِلسَّارِقِ , وَإِنْ زَالَ عَنِ السَّرِقَةِ وَتَرَكَهَا . وَوَجَدْنَا الْمُرْتَدَّ قَدْ صَارَ بِرِدَّتِهِ كَافِرًا , وَكَانَ إِذَا زَالَ عَنِ الرِّدَّةِ إِلَى الْإِسْلَامِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ كَافِرٌ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالْكُفْرِ لَمَّا كَانَ كَافِرًا , فَلَمَّا خَرَجَ عَنِ الْكُفْرِ وَصَارَ مُسْلِمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لَهُ : كَافِرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُسَمَّى مُسْلِمًا , فَاسْتَحَالَ أَنْ يُسَمَّى فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ كَافِرًا مُسْلِمًا ؛ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا }} , فَأَثْبَتَ لَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ الْإِيمَانَ بَعْدَ كُفْرِهِمُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمُ ارْتِدَادًا عَنِ الْإِيمَانِ , وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ كَانَ مَعْقُولًا أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي , وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ ذَلِكَ الِاسْمُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ , وَوَجَبَ أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ عُقُوبَتُهُ , وَإِنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فِي حَالٍ , فَزَالَ عَنْهُ الِاسْمُ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ أَهْلُهَا زَالَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الِاسْمِ , وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُوجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ مِنَ الرِّدَّةِ مِنَ الِاسْمِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ رَفْعِ الْقَتْلِ عَنْهُ بِذَلِكَ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ارْتَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ , ثُمَّ نَدِمَ , فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ سَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا }} فَكَتَبُوا بِهَا إِلَيْهِ فَاسْتَرْجَعَ فَأَسْلَمَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى : فَقَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا , وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ }} , فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَرَمَهُ الْجَنَّةَ , وَلَمْ يَذْكُرْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ شِرْكِهِ يُخْرِجُهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَعُودَ إِلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ الشِّرْكَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ : عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {{ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }} الْآيَةَ , فَبَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَعِيدِ الَّذِي فِيهَا مَنْ يَمُوتُ عَلَى رِدَّتِهِ لَا مَنْ يَرْجِعُ مِنْهَا إِلَى الْإِسْلَامِ الَّذِي كَانَ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ }} هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي يَمُوتُ عَلَيْهِ لَا الشِّرْكُ الَّذِي يَنْزِعُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رُؤْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تُحْرِزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ عَتِيقَهَا , وَلَقِيطَهَا وَوَلَدَهَا الَّذِي تُلَاعِنُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحْرِزُ وَلَاءَ مَنِ الْتَقَطَتْهُ , فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ , فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ وَلَاءُ مَنِ الْتَقَطَتْهُ يَجِبُ لَهَا بِالْتِقَاطِهَا إِيَّاهُ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِذْ كَانَ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ كَمَا لَا نَسَبَ لَهُ مِنْ أَحَدٍ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ سَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُ مِمَّنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ , فَيَكُونُ لَهُ مُوَالِاةُ مَنْ شَاءَ مِنَ النَّاسِ وَيَكُونُ الْأَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الَّذِي الْتَقَطَهُ وَكَفَلَهُ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ سَبَبًا لِحَيَاتِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَالِيَ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ , إِذْ لَا أَحَدَ مِنْهُمْ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا , فَيَكُونُ الْأَوْلَى بِهِ مُوَالِاتَهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ كَمِثْلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي إِسْلَامِ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلَاهُ , وَمَا صَرَفْنَا إِلَيْهِ مِنَ التَّأْوِيلِ لَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا , وَيَكُونُ مَا حَرَزَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الَّذِي الْتَقَطَتْهُ هُوَ مَا يَلْزَمُهُ لَهَا فَيَكُونُ الْأَوْلَى بِهِ لِذَلِكَ أَنْ لَا يُوَالِيَ غَيْرَهَا إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلًى لَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ ؟ فَقَالَ : وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا ، فَقَالَ لَهُ عَرِيفِيٌّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ . قَالَ : أَكَذَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَاذْهَبْ , فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ , وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ قَالَ : مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَنْبُوذِ أَنَّهُ حُرٌّ , وَأَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ : سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ : وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَذَكَرَهُ عَرِيفِيٌّ ، لِعُمَرَ , فَقَالَ : ادْعُهُ فَجِئْتُهُ , فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ؟ قُلْتُ : وَجَدْتُ نَفْسًا مُضَيَّعَةً , فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْجُرَنِي اللَّهُ فِيهَا . فَقَالَ : هُوَ حُرٌّ , وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي جَمِيلَةَ فِي لَقِيطِهِ هَذَا : هُوَ حُرٌّ , وَلَكَ وَلَاؤُهُ أَيْ بِجَعْلِي إِيَّاهُ لَكَ ; لِأَنَّ لِلْإِمَامِ الَّذِي يَدُهُ عَلَى الصَّبِيِّ الَّذِي لَا وَلَاءَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ وَلَاءَهُ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَيَكُونَ بِذَلِكَ مَوْلَاهُ كَمَا يَكُونُ مَوْلَاهُ لَوْ وَالِاهُ وَهُوَ بَالِغٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ , وَهَذَا مُحْتَمِلٌ لِمَا قَالَ . وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ جَمِيعًا يَقُولُونَ فِي اللَّقِيطِ : إِنَّهُ حُرٌّ وَيُوَالِي مَنْ شَاءَ إِذَا كَبُرَ , فَإِنْ لَمْ يُوَالِ أَحَدًا حَتَّى مَاتَ كَانَ وَلَاؤُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَ مِيرَاثُهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ , وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا فَعَقْلُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ . وَمَعْنَى مَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حُرٌّ لَيْسَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ لَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فِي الْحَقِيقَةِ , وَلَكِنَّ قَوْلَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حُرٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ; لِأَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي اللَّقِيطِ أَيْضًا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْمَنْبُوذُ حُرٌّ يَعْنِي اللَّقِيطَ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَالِيَ الَّذِي الْتَقَطَهُ وَالِاهُ , وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ وَالِاهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حُرٌّ كَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ حُرٌّ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ . وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَالِيَ الَّذِي الْتَقَطَهُ وَالِاهُ , وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ وَالِاهُ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي جَمِيلَةَ لَكَ وَلَاؤُهُ بِمَعْنًى : بِجَعْلِنَا إِيَّاهُ لَكَ لَا أَنَّ لَكَ وَلَاءَهُ بِالْتِقَاطِكَ إِيَّاهُ دُونَ مُوَالِاتِهِ إِيَّاكَ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وُضِعَ مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرُعَاتِ الْجَنَّةِ ، وَمَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ , وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، وَأَبُو شُعَيْبٍ ، صَالِحُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ هَذَا
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ , وَإِنَّ قَوَائِمَ مِنْبَرِي عَلَى رَوَاتِبَ فِي الْجَنَّةِ
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمَسْعُودِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ : إِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْ مَالِكٍ أَحَدٌ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى هَذَا , وَغَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بِالشَّكِّ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ , وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ بِلَا شَكٍّ ذَكَرَهُ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ سَوَاءٌ وَذَكَرَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي وَمَا بَيْنَ بَيْتِي وَبَيْنَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ , وَصَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ . قَالَ : وَحَدَّثَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَا : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَرَفِيٍّ مَوْلَى آلِ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْنَ بَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَيْنَ مِنْبَرِي إِلَى بَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ , وَإِنَّ مِنْبَرِي لَعَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ , فَقَالَ قَائِلٌ : هَذِهِ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمِنْبَرَهُ خَارِجَانِ عَنِ الرَّوْضَةِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا خَارِجَيْنِ مِنَ الرَّوْضَةِ كَمَا ذَكَرَ , وَيَكُونَ مِنْبَرُهُ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي قَدْ رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ قَوَائِمَهُ رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ فَيَكُونَ مِنَ الْجَنَّةِ فِي خِلَافِ الرَّوْضَةِ . وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْقَارِيَّ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ قَالَ : فَقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ أَتَدْرُونَ مَا التُّرْعَةُ ؟ هِيَ الْبَابُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْبَرَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ عَلَى خِلَافِ الرَّوْضَةِ , وَهُوَ التُّرْعَةُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَيَكُونُ قَبْرُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ إِمَّا فِي رَوْضَةٍ سِوَى تِلْكَ الرَّوْضَةِ مِمَّا هُوَ أَجَلُّ مِنْهَا وَأَنْعَمُ وَأَرْفَعُ مِقْدَارًا ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْبَرُهُ بَلَّغَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِجُلُوسِهِ وَبِقِيَامِهِ عَلَيْهِ مَا بَلَّغَهُ كَانَ قَبْرُهُ الَّذِي قَدْ تَضَمَّنَ بَدَنَهُ فَصَارَ لَهُ مَثْوًى بِذَلِكَ أَوْلَى وَبِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَحْرَى , وَالْجَنَّةُ فَفِيهَا رَوْضَاتٌ لَا رَوْضَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ {{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }} فَيَجُوزُ إِنْ كَانَ قَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي رَوْضَةٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوْضَاتِ أَنْ تَكُونَ رَوْضَةً فَوْقَ الرَّوْضَةِ الَّتِي بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ , وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ الرَّوْضَةِ مِمَّا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا يَجْمَعُ الرَّوْضَةَ وَغَيْرَهَا مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَأَعْلَى بِهِ مَنْزِلَتَهُ , وَأَثَابَهُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُ وَاخْتَصَّهُ بِهِ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ , وَهُوَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْآثَارِ , وَعَلَى مَا فِي سِوَاهُ مِنْهَا مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ , فَكَانَ تَصْحِيحُهُمَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْتُهُ هُوَ قَبْرَهُ , وَيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْفَى عَلَى كُلِّ نَفْسٍ سِوَاهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَرْضَ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا ; بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ فِي كِتَابِهِ {{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }} , فَأَعْلَمَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ يَمُوتُ , وَالْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُهُ حَتَّى عَلِمَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَحَتَّى أَعْلَمَهُ مَنْ أَعْلَمَهُ مِنْ أُمَّتِهِ فَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ لَا مَنْزِلَةَ فَوْقَهَا زَادَهُ اللَّهُ شَرَفًا وَخَيْرًا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ ، وَالْحُسَيْنَ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ , وَهَامَّةٍ , وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُعَوِّذُ ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيلَ , وَإِسْحَاقَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا , فَقَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا هَامَةَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا , فَقَالَا عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ عَجْلَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ رَبِيعَةَ حَدَّثَهُ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا هَامَ لَا هَامَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا عَدْوَى , وَلَا صَفَرَ , وَلَا هَامَةَ قَالَ : فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نَفْيُهُ الْهَامَةَ , وَفِي ذَلِكَ نَفْيُ وُجُودِهَا , فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّذَهُمَا مِنْ مَعْدُومٍ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْهَامَّةَ الَّتِي عَوَّذَهُمَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهَا هِيَ هَوَامُّ الْأَرْضِ الَّتِي يُخَافُ غَوَائِلُهَا ، وَالْهَامَةُ الَّتِي نَفَاهَا هِيَ خِلَافُهَا وَهِيَ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُهُ فِي مَوْتَاهَا إِنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : إِنَّ عِظَامَ الْمَوْتَى تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ فِي أَشْعَارِهَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَثَى بِهِ لَبِيدُ أَخَاهُ أَرْبَدَ بِقَوْلِهِ : فَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَكَ فِي نَقِيرٍ وَلَا هُمْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ وَمِنْ ذَلِكَ شِعْرُ أَبِي دُؤَادٍ الْإِيَادِيِّ : سُلِّطَ الْمَوْتُ وَالْمَنُونُ عَلَيْهِمْ فَلَهُمْ فِي صَدَى الْمَقَابِرِ هَامُ فَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ ، وَأَمَّا الْهَامَّةُ الَّتِي عَوَّذَ مِنْهَا حَسَنًا ، وَحُسَيْنًا فَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ هَوَامُّ الْأَرْضِ الْمَخُوفَةِ , وَهِيَ مُشَدَّدَةُ الْمِيمِ , وَالْهَامَةُ الَّتِي نَفَاهَا مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ , فَلَيْسَتْ مِنْهَا فِي شَيْءٍ , وَمِمَّا ذَكَرَتْهُ الْعَرَبُ فِي أَشْعَارِهَا فِي الْهَامِ أَيْضًا قَوْلُ الَّذِي قَالَ : يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفُ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَتْ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ رَثَى بِهَا كُفَّارَ أَهْلِ بَدْرٍ : وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنَ الشِّيزَى يُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنَ الْقَيْنَاتِ ، وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ . فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ظَنَّ هَذَا الْجَاهِلُ أَنَّهُ قَدْ تَضَادَّ مِنْ أَقْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَانْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْهَامَّةِ وَمِنَ الْهَامِ الَّذِي صَرَفْنَا وَجْهَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَا صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْعَيْنُ حَقٌّ , وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتِ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانُوا يَأْمُرُونَ الْمَعِينَ , فَيَتَوَضَّأُ , فَيُغْسَلُ بِهِ الْمُعَانُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيٌّ , فَقَالَ : الْمَعِينُ , وَالْمُعَانُ وَالَّذِي نَحْفَظُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْفَاعِلَ مِنَ الْعَيْنِ عَائِنٌ , وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَعْيُونٌ , وَيُنْشَدُ : قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسَبُونَكَ سَيِّدًا وَإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ وَرُبَّمَا رَدَّ بَعْضُهُمُ الْمَفْعُولَ مِنْهُ إِلَى فَعِيلٍ مِثْلِ مَكِيلٍ وَمَبِيعٍ , وَنَحْوِ ذَلِكَ , فَيَقُولُونَ : مَعِينٌ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ , وَهُوَ يَغْتَسِلُ , فَقَالَ سَهْلٌ : لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ , وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ : أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا , فَقَالَ : مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ ؟ , فَقَالُوا : عَامِرٌ , فَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ إِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ، وَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ لَهُ وَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ , وَيَصُبَّ عَلَيْهِ وَيُكْفِئَ الْإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ وَقَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ , وَلَمْ أَحْفَظْ : فَرَاحَ مَعَ الْمَوْكِبِ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ , وَزَادَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ لَنَا يُونُسُ : قَالَ لَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ : دَاخِلَةُ الْإِزَارِ : الَّتِي تَحْتَ الْإِزَارِ مِمَّا يَلِي الْجَسَدَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ : اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخِرَارِ , فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ . قَالَ : وَكَانَ سَهْلٌ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ , فَقَالَ لَهُ عَامِرُ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ , ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ بِهِ , وَهُوَ يَغْتَسِلُ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ بُرْقَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ رَأَى سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ , وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ يَغْتَسِلُ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَزَادَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ : وَالْغُسْلُ الَّذِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ عُلَمَاءَنَا يَصِفُونَهُ أَنْ يُؤْتَى الرَّجُلُ الَّذِي يَعِينُ صَاحِبَهُ الْقَدَحَ فِيهِ الْمَاءُ , فَيُمْسَكُ لَهُ مَرْفُوعًا مِنَ الْأَرْضِ , فَيُدْخِلُ الَّذِي يَعِينُ صَاحِبَهُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ , فَيَصُبُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فِي الْمَاءِ , فَيَغْسِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِقِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى , فَيَغْسِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرْفِقِ صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَيْهِ جَمِيعًا فِي الْمَاءِ , فَيَغْسِلُ صَدْرَهُ صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ فَيُمَضْمِضُ , ثُمَّ يَمُجُّهُ فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ , فَيَصُبُّهُ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى , فَيَصُبُّ عَلَى مَرْفِقِ يَدِهِ مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ , وَهُوَ ثَانٍ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ , ثُمَّ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَرْفِقِ يَدِهِ الْيُسْرَى , ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى مِنْ عِنْدِ أُصُولِ الْأَصَابِعِ وَالْيُسْرَى كَذَلِكَ , ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى , فَيَصُبُّ عَلَى ظَهْرِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى , ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ يَغْمِسُ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ , ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَدَحُ بِالْقَدَحِ حَتَّى يَصُبَّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ مِنْ وَرَائِهِ , ثُمَّ يَكْفَأَ الْقَدَحَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَرَاءَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَلَى مَا فِيهِ مِنْ صِفَةِ الْغُسْلِ ، وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْعَيْنِ غَيْرُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ فَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي الْعَيْنِ أَنَّهَا حَقٌّ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْغُسْلِ فَقَدْ رَوَيْتُ ذَلِكَ فِي آثَارٍ
مِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا طَالِبُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ بِالْأَنْفُسِ
وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الرُّهَاوِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ نَلْتَمِسُ الْخَمَرَ فَأَصَبْنَا غَدِيرًا خَمِرًا , فَكَانَ أَحَدُنَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَتَجَرَّدَ وَأَحَدٌ يَرَاهُ ، وَاسْتَتَرَ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ نَزَعَ جُبَّةَ صُوفٍ عَلَيْهِ , فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَنِي خَلْقُهُ , فَأَصَبْتُهُ بِعَيْنٍ فَأَخَذَتْهُ قَعْقَعَةٌ فَدَعَوْتُهُ فَلَمْ يُجِبْنِي ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ , فَقَالَ : قُومَا ، فَرَفَعَ عَنْ سَاقَيْهِ حَتَّى خَاضَ إِلَيْهِ الْمَاءَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَضَحِ سَاقَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَضَرَبَ صَدْرَهُ , وَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا قِفْ بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَقَامَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اكْتَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِسَهْلٍ بِالدُّعَاءِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَمْرُهُ عَامِرًا بِالِاغْتِسَالِ لَهُ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَهُمَا لَهُ جَمِيعًا , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَدْرَكَ سَهْلًا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ عَامِرٍ مَا أَدْرَكَهُ مِنْهُ , فَفَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا فَعَلَ فِيهَا مِنْ دُعَاءٍ , وَمِنْ أَمْرٍ بِاغْتِسَالٍ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاغْتِسَالُ كَانَ , ثُمَّ نُسِخَ بِغَيْرِهِ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ ، وَعَيْنِ الْإِنْسِ , فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا , وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْهَا أَيْضًا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَضْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ أَسَتَرْقِي مِنَ الْعَيْنِ
وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَا : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَقَاهُ جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ , وَمِنْ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ قَالَ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ , وَبِالرُّقَى , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى نَسْخِ الْغُسْلِ لَا سِيَّمَا مَا فِي حَدِيثِ عَبَّادٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ , وَعَيْنِ الْإِنْسِ , فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا , وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَفِيهِ نَسْخُ الْغُسْلِ , وَمَا سِوَاهُ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِهِمَا عَلَيْهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ، وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْتَبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَحْتَبِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ , وَرُبَّمَا نَعَسَ حَتَّى يَضْرِبَ بِجَبْهَتِهِ حَبْوَتَهُ
وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : كُنْتُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَكُلُّهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُمْ مُحْتَبِينَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمِثْلُ هَذَا مِنْ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فَفِي اسْتِعْمَالِهِمْ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْحَبْوَةَ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا , وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ; لِأَنَّهُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى مَا فَعَلُوا كَمَا هُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا , وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى بِنَا أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى الْحَبْوَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ ; لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الْخُطْبَةِ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهَا , وَالْإِقْبَالُ عَلَى مَا سِوَاهَا , وَتَكُونُ الْحَبْوَةُ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا حَبْوَةً كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ , فَيَخْطُبُ الْإِمَامُ , وَهُمْ فِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا , وَهُمْ عَلَيْهَا وَيَكُونُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَأْنِفُونَهُ , وَإِمَامُهُمْ يَخْطُبُ , فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَشَاغِلِينَ عَنِ الْإِقْبَالِ عَلَى مَا أُمِرُوا بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا فَتَحَهَا , وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ , فَقَالَ أَبَانُ : اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ : لَا تَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا يَا نَبِيِّ اللَّهِ , فَقَالَ : أَبَانُ أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسٍ ضَالٍّ , فَقَالَ : النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا أَبَانُ , فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ - هَكَذَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَإِنَّمَا يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فِي سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَمَا فَتَحَ خَيْبَرَ فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَقْسِمَ لَنَا شَيْئًا هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا , وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ شَيْئًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَقْسِمَ لَهُ , وَلِأَصْحَابِهِ هُوَ أَبَانُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ وَأَنَا حَاضِرٌ قَالَ : سُفْيَانُ لَمْ أَحْفَظْهُ . قَالَ : أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : قَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ خَيْبَرَ بَعْدَمَا فُتِحَتْ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَا فَسَأَلَهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَتَكَلَّمَ بَعْضَ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ , فَقَالَ : وَا عَجَبًا يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ , وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ ، ذَكَرَهُ سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَصْحَابِهِ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحُوهَا فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُسْهِمَ لِي مِنَ الْغَنِيمَةِ , فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ : لَا تُسْهِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ , فَقَالَ سَعِيدٌ : وَاعَجَبَاهُ لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قُدُومِ ضَأْنٍ يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ , وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ . قَالَ : سُفْيَانُ لَا أَدْرِي أَوْ لَا أَحْفَظُ أَسْهَمَ لَهُ أَوْ لَمْ يُسْهِمْ . قَالَ سُفْيَانُ : سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ سَأَلَ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَأَنَا حَاضِرٌ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي السَّائِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا سَأَلَهُ إِيَّاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ هُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ , فَقَالَ : قَدِمْنَا وَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَأَتَيْنَاهُ , وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كهيعص ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَقُولُ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ : وَيْلٌ لِأَبِي فُلَانٍ لَهُ مِكْيَالِانِ إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي , وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلَاتِنَا أَتَيْنَا سِبَاعًا فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكَنَا فِي سِهَامِهِمْ . قَالَ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ , فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تُوجِبُ لِمَنْ كَانَتْ حَالُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَحَالِ أَبَانَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الدُّخُولَ فِي الْغَنِيمَةِ الْمَغْنُومَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ ; لِأَنَّ الْإِمَامَ مُقِيمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ , لَا يَأْمَنُ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدُوِّ , فَيَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَحَاجَتُهُ إِلَى الْمَدَدِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ , فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ لَهُمُ الشَّرِكَةَ فِي تِلْكَ الْغَنَائِمِ . وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : لَا يُشْرِكُونَهُمْ فِي تِلْكَ الْغَنَائِمِ , وَهُمْ مَالِكٌ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ فَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَهَرُوا ، فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَلَّا يَقْسِمُوا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَقَالَ رَجُلٌ : مِنْ بَنِي عُطَارِدٍ : أَيُّهَا الْأَجْدَعُ تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا , فَقَالَ : خَيْرَ أُذُنَيَّ سَبَبْتَ قَالَ : فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ قَالَ : وَأَجْمَعَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ كَانَ فَتَحَ تِلْكَ الدَّارَ حَتَّى صَارَتْ كَدَارِ الْمُسْلِمِينَ , وَحَتَّى أَمِنَ مِنَ الْعَدُوِّ وَعَوْدِهِمْ إِلَيْهَا وَقَتَالِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا غَنِمَهُ مِنْهُمْ فِيهَا , ثُمَّ لَحِقَهُمْ ذَلِكَ الْمَدَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُشْرِكُونَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ الَّتِي غَنِمُوهَا قَبْلَ لِحَاقِهِمْ بِهِمْ وَقُدُومِهِمْ عَلَيْهِ , ثُمَّ نَظَرْنَا فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَانَ أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْ إِدْخَالِهِ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ مَا هُوَ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ; لِأَنَّ خَيْبَرَ قَدْ كَانَتْ صَارَتْ قَبْلَ لِحَاقِهِمْ بِهِ وَقُدُومِهِمْ عَلَيْهِمْ دَارَ إِسْلَامٍ , فَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقُدُومِهِمْ عَلَيْهِ حَاجَةٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ بِذَلِكَ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ ; لِأَنَّ خَيْبَرَ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَهَا أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ بِقَوْلِهِ {{ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا }} يُرِيدُ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ {{ فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ }} يَعْنِي خَيْبَرَ . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا شَهِدْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَغْنَمًا إِلَّا قَسَمَ لِي إِلَّا خَيْبَرَ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً قَالَ : وَكَانَ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقِسْمَةَ فِي ذَلِكَ لِأَبَانَ أَوْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِي سُؤَالِ أَبَانَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَقْسِمَ لَهُ , وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقِيهٌ , وَتَرْكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنْكَارَهُ ذَلِكَ السُّؤَالَ عَلَيْهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ مُحَالًا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَأَلَ مُحَالًا لَقَالَ لَهُ وَكَيْفَ أُسْهِمُ لَكَ , وَلَمْ تَشْهَدِ الْقِتَالَ الَّذِي كَانَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ , فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ تَكُونُ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ أَشْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عِرَاكٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَمِلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَتَّى سَمَحُوا بِهِ هُمْ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ فَقَسَمَ لَنَا , وَلَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرِنَا قَالَ : فَهَذَا أَيْضًا مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ قَسَمَ لَهُمْ بِكَلَامِهِ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فِيهِمْ حَتَّى سَمَحُوا بِذَلِكَ لَهُمْ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ خُثَيْمٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ، وَكَذِبِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ لِيُرْضِيَهَا ، وَكَذِبِ الْحَرْبِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ : رَجُلٍ كَذَبَ امْرَأَتَهُ لِيَسْتَصْلِحَ خُلُقَهَا , وَرَجُلٍ كَذَبَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ ، وَرَجُلٍ كَذَبَ فِي خَدِيعَةِ حَرْبٍ ، إِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : أَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ ابْنَةُ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيَّةُ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُلُّ الْكَذِبِ يُكْتَبُ عَلَى بَنِي آدَمَ إِلَّا مَنْ كَذَبَ لِامْرَأَتِهِ ، أَوْ رَجُلٌ كَذَبَ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ يُصْلِحَ بَيْنَهُمَا , وَرَجُلٌ كَذَبَ فِي حَرْبٍ قَالَ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ , فَوَجَدْنَا فِيهَا قَوْلَ مَنْ رَوَيْتُ عَنْهُ مِمَّا أُضِيفَ فِيهَا مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْكَذِبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }} وَوَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ }} فَكَانَ فِيمَا تَلَوْنَا أَمْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَنْ يَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ , وَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَلَمْ يُخَصِّصْ ذَلِكَ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ , وَلَا وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ بَلْ عَمَّ بِهِ الْأَحْوَالَ كُلَّهَا وَالْأَوْقَاتِ كُلَّهَا , وَكَذَلِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ اجْتِنَابِهِ فِيهَا هُوَ كَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا , وَعَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ خِلَافِ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي سِوَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ
فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ ابْنَةِ عُقْبَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ , فَيَقُولُ خَيْرًا أَوْ يَنْمِي خَيْرًا
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومِ ابْنَةَ عُقْبَةَ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يَنْمِي خَيْرًا ، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ وَكَانَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ نَفْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَذِبَ عَمَّنْ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ , فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي بِمَعَارِيضِ الْكَلَامِ مِمَّا لَيْسَ قَائِلُهُ كَاذِبًا
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومِ ابْنَةَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ ، أَنَّهَا ، سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ , فَيَقُولُ خَيْرًا أَوْ يَنْمِي خَيْرًا ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ : إِنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : فِي الْحَرْبِ ، وَإِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومِ ابْنَةَ عُقْبَةَ ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ : وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا نَفْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَذِبَ عَمَّنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ مِنْهُ , وَكَانَ فِيهِ , وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ أَيْ : لِظَاهِرِهِ عِنْدَهُمْ , وَلَيْسَ قَائِلُهُ بِكَذَّابٍ إِذْ كَانَ لَمْ يَرِدْ بِهِ الْكَذِبَ إِنَّمَا أَرَادَ مَعْنًى سِوَاهُ , فَكَانَ فِي ذَلِكَ نَفْيُ الْكَذِبِ مِمَّا كَانَ مِنْهُ
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَنْبَأَنَا الْحُسْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الزَّعْفَرَانِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا : عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، وَمَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ ابْنَةِ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَّى خَيْرًا قَالَ : فَكَانَ الْكَلَامُ فِي هَذَا كَالْكَلَامِ فِيمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنَ الْفَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ , فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ هَذَا بِمِثْلِ مَا رُوِيَ بِهِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ فَذَكَرَ مَا
قَدْ حَدَّثَنَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومِ ابْنَةِ عُقْبَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْكَذِبِ فِي ثَلَاثَةِ : فِي الْحَرْبِ ، وَفِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ , وَفِي الصُّلْحِ بَيْنَ النَّاسِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، وَفَهْدٌ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ ابْنَةِ عُقْبَةَ قَالَتْ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا أَعُدُّهُ كَذَّابًا : الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ الْقَوْلَ لَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْإِصْلَاحَ ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ الْقَوْلَ فِي الْحَرْبِ , وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ , وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ فَاسِدُ الْإِسْنَادِ ; لِأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ حِكَايَةٌ عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ رَخَّصَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا بَأْسَ بِالْكَذِبِ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ , وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْكَذِبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا عَدَّهُ قَائِلُ ذَلِكَ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ كَذِبًا لَيْسَ كَذِبًا فِي الْحَقِيقَةِ , وَإِنَّمَا هُوَ لِظَنِّهِ ذَلِكَ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ يُوَافِقُ ذَلِكَ الْبَابَ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَهَلْ يُبَاحُ التَّعْرِيضُ فِي مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَكُونَ الْمُخَاطَبُ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ خِلَافُ حَقِيقَةِ كَلَامِ مَنْ يُخَاطِبُهُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا بَأْسَ بِهِ . قَالَ : وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ صَاحِبِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ {{ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }} لَيْسَ لِأَنَّهُ نَسِيَ , وَلَكِنَّهُ عَلَى مَعَارِيضِ الْكَلَامِ , وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : الْحَرْبُ خُدْعَةٌ
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ ذِي حَدَّانَ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّمَا الْحَرْبُ خُدْعَةٌ وَكَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْقِتْبَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَكَانَ فِي ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحَرْبَ أَنَّهَا كَذَلِكَ مَا قَدْ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْحَرْبُ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يَكُونُ ظَاهِرُهُ مَعْنًى يُخِيفُ أَهْلَ الْحَرْبِ , وَإِنْ كَانَ بَاطِنُهُ مِمَّا يُرِيدُهُ الْمُتَكَلِّمُونَ بِهِ خِلَافَ ذَلِكَ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْحَرْبِ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ الْمُرَخَّصَ فِيهِ فِي الْحَرْبِ فِي الْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ لَا مَا سِوَاهُ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْحَرْبِ كَانَ الَّذِي يُصْلِحُ بِهِ الرَّجُلُ بَيْنَ النَّاسِ , وَالَّذِي يُصْلِحُ بِهِ قَلْبَ زَوْجَتِهِ , وَالَّذِي تُصْلِحُ بِهِ الزَّوْجَةُ قَلْبَ زَوْجِهَا هُوَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا لَا الْكَذِبَ , وَقَدْ حُقِّقَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ , وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ , أَيْ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ , وَلَيْسَ بِكَذِبٍ , وَهَذِهِ الْمَعَانِي هِيَ الْأَوْلَى بِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَحْمِلُوا أُمُورَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا , وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ أَحَادِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ هَذِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يَمْشِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ , فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُهُ , وَفِي ذَلِكَ نَفْيُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّنْ كَانَتْ تِلْكَ حَالُهُ الْكَذِبَ , وَإِذَا انْتَفَى عَنْهُ بِذَلِكَ الْكَذِبُ انْتَفَى عَمَّنْ كَانَ مِنْهُ الْكَذِبُ أَيْضًا , وَثَبَتَ أَنَّ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمَعَارِيضَ لَا مَا سِوَاهَا . وَقَدْ رُوِيَ فِي الْمَعَارِيضِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَا فِي الْمَعَارِيضِ مَا يُغْنِي الْمُسْلِمَ عَنِ الْكَذِبِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : صَحِبْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ , فَمَا كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا أَنْشَدْنَا عَلَيْهِ شِعْرًا , وَقَالَ : إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ قَالَ : وَهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي خَرَّجْنَا مَعَانِيَ هَذِهِ الْآثَارِ عَلَيْهَا , فَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ الَّذِي فِيهِ التَّصْرِيحُ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهِ فَإِنَّمَا دَارَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ , وَهُوَ رَجُلٌ مَطْعُونٌ فِي رِوَايَتِهِ مَنْسُوبٌ إِلَى سُوءِ الْحِفْظِ , وَإِلَى قِلَّةِ الضَّبْطِ وَرَدَاءَةِ الْأَخْذِ , وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ فَمَنْ رَوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ مِثْلُهُ عَنْهُمْ فَإِنَّمَا ذُكِرَ فِيهِ نَفْيُ الْكَذِبِ , مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , وَمِنْهُمْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَزَادَ عَلَى مَالِكٍ فِيهِ أَنَّ الَّذِي رَخَّصَ فِيهِ فَذَكَرَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ , ثُمَّ قَالَ : مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ , فَأَضَافَ الْكَذِبَ إِلَى قَوْلِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ , لَا إِلَى حَقَائِقِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَعْيَنِ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ قَالَ : بَيْنَا ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْطُبُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ تَمْشِي عَلَى الْجِدَارِ فَقَطَعَ خُطْبَتَهُ وَضَرَبَهَا بِقَضِيبِهِ حَتَّى قَتَلَهَا , ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ قَتَلَ حَيَّةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ رَجُلًا مُشْرِكًا قَدْ حَلَّ دَمُهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ , وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ , وَالْأَبْتَرَ , فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ , فَمَنْ وَجَدَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَلَمْ يَقْتُلْهُمَا , فَلَيْسَ مِنَّا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ ، فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ , وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْحَيَّاتِ : مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ مَنْ تَرَكَهُنَّ خَشْيَةً , فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ : فَفِيمَا رَوَيْنَا الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ كُلِّهَا , وَتَرْكُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ مِنْهَا
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ , وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ , وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ يَرَاهَا , فَرَآهُ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً , فَقَالَ : إِنَّهُ نُهِيَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ , وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ , فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ , وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ , فَكُنْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً فِي الْأَرْضِ قَدَرْتُ عَلَيْهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا , فَبَيْنَا أَنَا أَطْلُبُ حَيَّةً مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ أَبْصَرَنِي زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبُو لُبَابَةَ , فَقَالَا : مَهْ مَهْ يَا عَبْدَ اللَّهِ , فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَنَا بِقَتْلِهَا , فَقَالَ : لَا ، فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ ، يُرِيدُ عَوَامِرَ الْبُيُوتِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ نَافِعًا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا لَا يَدَعُ مِنْهَا شَيْئًا . وَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ , فَأَمْسَكَ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْأُطُمِ الَّذِي عِنْدَ دَارِ عُمَرَ يَرْصُدُ حَيَّةً , فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ ، فَانْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ , ثُمَّ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ حَيَّةً , فَأَمَرَ بِهَا , فَأُخِذَتْ فَخَرَجَتْ بِبُطْحَانَ قَالَ نَافِعٌ : رَأَيْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ فِي الْبُيُوتِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ مَسْكَنُهُ بِقُبَاءَ , فَانْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ , قَالَ : فَبَيْنَمَا ابْنُ عُمَرَ جَالِسٌ مَعَهُ , فَفَتَحَ لَهُ خَوْخَةً , إِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ مِنْ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ , فَأَرَادَ قَتْلَهَا , فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ : إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُنَّ . يُرِيدُ عَوَامِرَ الْبُيُوتِ , وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَبْتَرِ وَذِي الطُّفْيَتَيْنِ , وَقَالَ : هُمَا اللَّذَانِ يَلْتَمِعَانِ الْبَصَرَ , وَيَطْرَحَانِ أَوْلَادَ النِّسَاءِ قَالَ : فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ كُلِّهَا , فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ ; لِأَنَّ فِيهَا نَسْخَ بَعْضِ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ , ثُمَّ نَظَرْنَا فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ كَانَ ذَلِكَ النَّسْخُ مَا هُوَ
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ , فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي , فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ مَتَى تَنْقَضِي صَلَاتُهُ , فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ , فَالْتَفَتُّ , فَإِذَا حَيَّةٌ , فَوَثَبْتُ لِأَقْتُلَهَا , فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ , فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ مِنَ الدَّارِ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ ؟ قَالَ كَانَ فِيهِ فَتًى شَابٌّ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ , فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ , فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أَنْصَافِ النَّهَارِ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ , فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ , فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ , فَأَخَذَ سِلَاحَهُ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ , فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً , فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ لِيَطْعَنَهَا بِهِ وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ , فَقَالَتِ : اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ , وَادْخُلِ الْبَابَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي , فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ , فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ , فَانْتَظَمَهَا بِهِ , ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ , فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ , فَمَا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْحَيَّةُ أَوِ الْفَتَى , فَجِئْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا : ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْيِهِ لَنَا , فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ , ثُمَّ قَالَ : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا , فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا , فَآذِنُوهُ ثَلَاثًا , فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ , فَاقْتُلُوهُ , فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ صَيْفِيٍّ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَلْفَاظٍ أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي الْمَعَانِي
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ : أَنَّ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ , فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سَفَرٍ , فَلَمَّا رَجَعَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ , فَإِذَا امْرَأَتُهُ فِي الدَّارِ قَائِمَةً , فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ , فَقَالَتْ : كَمَا أَنْتَ لَا تَعْجَلِ ادْخُلِ الْبَيْتَ , فَدَخَلَ فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ , فَرَكَزَهَا بِرُمْحِهِ , فَأَخْرَجَهَا إِلَى الدَّارِ , فَوَضَعَهَا , فَانْتَفَضَتِ الْحَيَّةُ , وَانْتَفَضَ الرَّجُلُ , فَمَاتَتِ الْحَيَّةُ وَمَاتَ الرَّجُلُ , فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ مُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا , فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا , ثُمَّ إِنْ عَادُوا فَاقْتُلُوهَا فَتَأَمَّلْنَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَسَهْلٍ مَا فِيهِمَا مِمَّا قَدْ أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ حَدَثُوا بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَصَارُوا عُمَّارًا لِبُيُوتِهَا , فَنَهَى عَنْ قَتْلِهَا لِذَلِكَ حَتَّى تُنَاشَدَ , فَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ خَارِجَةً عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا وَعَادَتْ إِلَى الْحُكْمِ الَّذِي كَانَ جَمِيعُ الْحَيَّاتِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حِلِّ قَتْلِهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ : فَثُلُثٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ ، وَثُلُثٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ ، وَثُلُثٌ يَحُلُّونَ وَيَظْعَنُونَ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ حُقِّقَ أَنَّ مِنَ الْحَيَّاتِ مَا هُوَ جَانٌّ , وَأَنَّ فِيهِ مَا قَدْ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَسَهْلٍ وَاللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ وَلَدَتْ غُلَامًا مَمْسُوحَةً عَيْنُهُ طَالِعَةً نَاتِئَةً , وَأَشْفَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الدَّجَّالَ فَوَجَدَهُ تَحْتَ قَطِيفَةٍ يُهَمْهِمُ فَآذَنَتْهُ أُمُّهُ , فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ , هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ جَاءَ , فَاخْرُجْ إِلَيْهِ , فَخَرَجَ مِنَ الْقَطِيفَةِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ , ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ صَيَّادٍ مَا تَرَى ؟ قَالَ أَرَى حَقًّا , وَأَرَى بَاطِلًا , وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ , فَقَالَ لَهُ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : هُوَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُلِهِ , ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهُ , ثُمَّ أَتَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَوَجَدَهُ فِي نَخْلٍ لَهُمْ يُهَمْهِمُ فَآذَنَتْهُ أُمُّهُ , فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ , هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ جَاءَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ . قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَطْمَعُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا , فَيَعْلَمُ هُوَ هُوَ أَمْ لَا , فَقَالَ : يَا ابْنَ صَيَّادٍ , مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى حَقًّا , وَأَرَى بَاطِلًا , وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ , فَقَالَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ , فَقَالَ : هُوَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُلِهِ فَلُبِّسَ عَلَيْهِ , ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهُ , ثُمَّ جَاءَ فِي الثَّالِثَةِ , وَالرَّابِعَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَنَا مَعَهُ فَبَادَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا رَجَاءَ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا , فَسَبَقَتْهُ أُمُّهُ إِلَيْهِ , فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ , هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ جَاءَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ , فَقَالَ : يَا ابْنَ صَيَّادٍ مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى حَقًّا , وَأَرَى بَاطِلًا , وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ , فَقَالَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ , فَقَالَ : أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ , فَلُبِّسَ عَلَيْهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا ابْنَ صَيَّادٍ , إِنَّا قَدْ خَبَّأْنَا لَكَ خَبِيئًا , فَمَا هُوَ ؟ قَالَ : الدُّخُّ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اخْسَأِ اخْسَأْ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ائْذَنْ لِي فَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَسْتَ صَاحِبَهُ , إِنَّمَا صَاحِبُهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ , وَإِنْ لَا يَكُنْ هُوَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَقْتُلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ . قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُشْفِقًا أَنْ يَكُونَ هُوَ الدَّجَّالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا رَأَى مِنَ ابْنِ صَيَّادٍ مَا رَأَى مِنْ عَيْنِهِ , وَلَمَّا سَمِعَ مِنْ هَمْهَمَتِهِ مَا سَمِعَ , وَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ شَوَاهِدِهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الدَّجَّالَ الَّذِي قَدْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ خُرُوجَهُ فِي أُمَّتِهِ , فَقَالَ فِيهِ مَا قَالَ : بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ مِنْهُ أَنَّهُ هُوَ ؛ إِذْ لَمْ يَأْتِهِ بِذَلِكَ وَحْيٌ ; وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِذْ لَمْ يَأْتِهِ بِذَلِكَ وَحْيٌ , وَوَقَفَ عَنْ إِطْلَاقِ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ , فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ حَلَفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ الدَّجَّالُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ ابْنَ صَيَّادٍ الدَّجَّالُ , وَلَا يَسْتَثْنِي , فَقُلْتُ لَهُ : تَحْلِفُ بِاللَّهِ , وَلَا تَسْتَثْنِي , فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَاكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ : ثنا أَبِي ، عَنْ شُعْبَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُوَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ : ثنا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ قَالَ : ثنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ : فَفِي هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ أَنَّهُ الدَّجَّالُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ قَالَ : فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَدَّهُ عَلَيْهِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ تَرْكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنْكَارَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُحْتَمِلٍ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَحْيٌ بِخِلَافِهِ , فَتَرَكَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَاللَّهِ لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ قَالَ : فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ عَنْ هَذَا كَجَوَابِنَا إِيَّاهُ عَمَّا أَجَبْنَاهُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ هَذَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي ابْنِ صَيَّادٍ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ لِمِثْلِ الَّذِي قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ عُمَرُ مِنْهُ فَكَانَ مِنْ عُمَرَ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ الدَّجَّالُ
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَمْشِي , فَمَرَرْنَا بِصِبْيَانٍ فِيهِمُ ابْنُ صَيَّادٍ فَفَرَّ الصِّبْيَانُ وَجَلَسَ ابْنُ صَيَّادٍ فَكَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَرِهَ ذَلِكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَرِبَتْ يَدَاكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ , فَقَالَ : لَا , بَلْ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : ذَرْنِي أَقْتُلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ يَكُنِ الَّذِي تَرَى فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي أَمْرِهِ حَتَّى قَالَ مِنْ أَجْلِهِ مَا قَالَ : هُوَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْرُهُ حَتَّى كَانَ مِنْ حَلِفِهِ فِي أَنَّهُ الدَّجَّالُ مَا كَانَ وَكَذَلِكَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ : لَأَنْ أَحْلِفَ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ عَشْرًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ هُوَ مِثْلُ مَا كَانَ عُمَرُ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ , ثُمَّ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدُ عَلَى مَا حَدَّثَهُ بِهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ الْمَعْرُوفُ بِالسُّوسِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ قَالَتْ : بَيْنَمَا النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ آمِنِينَ لَيْسَ بِهِمْ فَزَعٌ إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ , ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَفَزِعَ النَّاسُ . قَالَتْ : فَلَمَّا رَأَى فِي وُجُوهِهِمْ ذَلِكَ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إِنِّي لَمْ أُفْزِعْكُمْ , وَلَكِنَّهُ أَتَانِي أَمْرٌ فَرِحْتُ بِهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِفَرَحِ نَبِيِّكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي عَمٍّ لَهُ رَكِبُوا سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ , فَانْتَهَتْ بِهِمْ سَفِينَتُهُمْ إِلَى جَزِيرَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا فَخَرَجُوا يَنْظُرُونَ فَإِذَا هُمْ بِإِنْسَانٍ لَا يَدْرُونَ ذَكَرًا هُوَ أَوْ أُنْثَى مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ , فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ قَالُوا : فَحَدِّثِينَا . قَالَتِ : ائْتُوا الدَّيْرَ ؛ فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا بِالْأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ تُحَدِّثُوهُ . قَالَ : فَدَخَلُوا الدَّيْرَ فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ مُوثَقٍ بِالْحَدِيدِ يَتَأَوَّهُ شَدِيدَ التَّأَوُّهِ , فَقَالَ لَهُمْ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا : مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَ : فَخَرَجَ نَبِيُّهُمْ بَعْدُ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا صَنَعَ ؟ قَالُوا : تَبِعَهُ قَوْمٌ وَفَارَقَهُ قَوْمٌ , فَقَاتَلَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ مَنْ فَارَقَهُ حَتَّى أَعْطَوْهُ الْجِزْيَةَ . قَالَ : وَمِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ ؟ فَقَالُوا : هِيَ مَلْأَى تَدَفَّقُ . قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ ؟ قَالُوا : تَدَفَّقُ حَافَّتُهَا . قَالَ : فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ ؟ قَالُوا : قَدْ أَطْعَمَ . قَالَ : لَوْ أُفْلِتُّ مِنْ وَثَاقِي لَقَدْ وَطِئْتُ الْبُلْدَانَ كُلَّهَا إِلَّا طَيْبَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى هَذَا انْتَهَى فَرَحُ نَبِيِّكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : هِيَ طَيْبَةُ هِيَ طَيْبَةُ ، يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَمَا فِيهَا طَرِيقٌ , وَلَا مَوْضِعٌ ضَيِّقٌ , وَلَا وَاسِعٌ , وَلَا ضَعِيفٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا ضَرَبَ وَجْهَهُ بِالسَّيْفِ قَالَ : الشَّعْبِيُّ فَلَقِيتُ مُحَرَّرَ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَدَّثْتُهُ , فَقَالَ : هَلْ زَادَكَ فِيهِ شَيْئًا ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ : صَدَقْتَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَنِي بِهَذَا وَزَادَ فِيهِ , ثُمَّ قَالَ : نَحْوَ الشَّامِ مَا هُوَ نَحْوَ الْعِرَاقِ مَا هُوَ , ثُمَّ أَهْوَى بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ عِشْرِينَ مَرَّةً . قَالَ : فَلَقِيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَحَدَّثْتُهُ , فَقَالَ : هَلْ زَادَ فِيهِ شَيْئًا ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ : صَدَقَ , أَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي بِهَذَا غَيْرَ أَنَّهَا زَادَتْ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ وَمَكَّةُ مِثْلُهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ سُرُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا كَانَ تَمِيمٌ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ , بِمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مِثْلُهُ عِنْدَهُ , وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَامَ بِهِ فِي الْمُسْلِمِينَ , وَلَا خَطَبَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الدَّجَّالَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ مَا كَانَ , وَمَنْ يُحَذِّرُ بِهِ أُمَّتَهُ مِنْهُ , وَمِنْ إِخْبَارِهِ النَّاسَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ إِلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ خِلَافَ ابْنِ صَيَّادٍ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ بَقِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَبُو ذَرٍّ ، وَجَابِرٌ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْتُهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا قَالُوهُ فِيهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا حَدَّثَ بِهِ النَّاسَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ , وَلَا مِنْ سُرُورِهِ بِهِ , فَقَالُوا فِي ذَلِكَ مَا قَالُوا . لِهَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ ابْنُ صَيَّادٍ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الدَّجَّالَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ : خَرَجْنَا صَادِرِينَ مِنْ مَكَّةَ إِذْ لَحِقَنِي ابْنُ صَيَّادٍ , فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَحْرَقُونِي يَزْعُمُونَ أَنِّي أَنَا الدَّجَّالُ ، وَالدَّجَّالُ لَا يُولَدُ لَهُ وَقَدْ وُلِدَ لِي وَالدَّجَّالُ لَا يَدْخُلُ الْحَرَمَيْنِ وَقَدْ دَخَلْتُهُمَا , وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَكَانَهُ . قَالَ : فَمَا ارْتَبْتُ بِهِ أَنَّهُ هُوَ إِلَّا حِينَئِذٍ فَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ ابْنِ صَيَّادٍ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ , لِوُقُوفِهِ عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطَبَ بِهِ مِمَّا حَدَّثَهُ بِهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا فِيهِ إِخْبَارُهُ إِيَّاهُمْ عَنْ تَمِيمٍ عَنْ بَنِي عَمِّهِ بِمَكَانِهِ الَّذِي رَأَوْهُ فِيهِ , فَقَالَ : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَا قَالَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ كَانَ مِنْ ذَلِكَ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ