حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ , أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ , بَعْدَمَا فَتَحْنَا , وَأَنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ فَقَالَ أَبَانُ : اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ , فَقُلْتُ : لَا تَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أَبَانُ : أَتَيْتُ بِهَدَايَا وَفْدِ نَجْدٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا أَبَانُ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَّا لِمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : يُقْسَمُ لِكُلِّ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , وَلِمَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ يُرِيدُهَا , فَلَمْ يَلْحَقْ بِالْإِمَامِ حَتَّى ذَهَبَ الْقِتَالُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَحِقَ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ , قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا , قُسِمَ لَهُ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : ثنا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي هَانِئُ بْنُ قَيْسٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : كُنْتُ قَاعِدًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ شَهِدَ عُثْمَانُ بَدْرًا ؟ فَقَالَ : لَا , وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ , وَحَاجَةِ رَسُولِهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ , وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ , عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا هُنَا أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ , بِسَهْمٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا , لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي حَاجَةِ اللَّهِ , وَحَاجَةِ رَسُولِهِ , فَجَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَمَنْ حَضَرَهَا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنْ وَقْعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِأَهْلِ الْحَرْبِ بِشُغْلٍ يَشْغَلُهُ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , مِثْلُ أَنْ يَبْعَثَهُ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ , لِقِتَالِ قَوْمٍ آخَرِينَ , فَيُصِيبُ الْإِمَامُ غَنِيمَةً بَعْدَ مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ إِيَّاهُ , أَوْ يَبْعَثُ بِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , لِيَمُدَّهُ بِالسِّلَاحِ وَالرِّجَالِ , فَلَا يَعُودُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى الْإِمَامِ حَتَّى يَغْنَمَ غَنِيمَةً , فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهَا , وَهُوَ كَمَنْ حَضَرَهَا وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَهُ فَرَدَّهُ الْإِمَامُ عَنْهَا , وَشَغَلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , فَهُوَ كَمَنْ حَضَرَهَا , وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ , عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَسْهَمَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَسْهَمَ لَهُ , كَمَا لَمْ يُسْهِمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ غَابَ عَنْهَا , لِأَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ , وَكَانَتْ وَجَبَتْ لِمَنْ حَضَرَهَا دُونَ مَنْ غَابَ عَنْهَا , إِذًا لَمَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِغَيْرِهِمْ فِيهَا بِسَهْمٍ , وَلَكِنَّهَا وَجَبَتْ لِمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ , وَلِكُلِّ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لَهَا فَصَرَفَهُ الْإِمَامُ عَنْهَا وَشَغَلَهُ بِغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , كَمَنْ حَضَرَهَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَجَّهَ أَبَانَ إِلَى نَجْدٍ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ خُرُوجُهُ إِلَى خَيْبَرَ فَتَوَجَّهَ أَبَانُ فِي ذَلِكَ , ثُمَّ حَدَثَ مِنْ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ مَا حَدَثَ , فَكَانَ مَا غَابَ فِيهِ أَبَانُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ حُضُورِ خَيْبَرَ , وَلَيْسَ هُوَ شُغْلًا شَغَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ حُضُورِهَا بَعْدَ إِرَادَتِهِ إِيَّاهُ , فَيَكُونُ كَمَنْ حَضَرَهَا فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ أَصْلَانِ , فَكُلُّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مَعَ الْإِمَامِ إِلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ , فَرَدَّهُ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , فَتَشَاغَلَ بِهِ حَتَّى غَنِمَ الْإِمَامُ غَنِيمَةً , فَهُوَ كَمَنْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ , يُسْهَمُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ , كَمَا يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَهَا وَكُلُّ شَيْءٍ تَشَاغَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ شُغْلِ نَفْسِهِ , أَوْ شُغْلِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا كَانَ دُخُولُهُ فِيهِ مُتَقَدِّمًا , ثُمَّ حَدَثَ لِلْإِمَامِ قِتَالُ الْعَدُوِّ , فَتَوَجَّهَ لَهُ فَغَنِمَ , فَلَا حَقَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي الْغَنِيمَةِ , وَهِيَ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهَا وَبَيْنَ مَنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ لَهَا وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا , بِمَا
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ , أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ وَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَفِرُوا فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يَقْسِمُوا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ , وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُطَارِدٍ : أَيُّهَا الْأَجْدَعُ , تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا ؟ فَقَالَ : أُذُنَيَّ سَبَبْتَ , قَالَ : فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ : إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ قَالُوا : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ ذَهَبَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , فَقَدْ وَافَقَ هَذَا قَوْلُنَا قِيلَ لَهُمْ : قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَهَاوَنْدُ فُتِحَتْ وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ , وَأُحْرِزَتِ الْغَنَائِمُ , وَقُسِمَتْ قَبْلَ وُرُودِ أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَإِنَّا نَحْنُ نَقُولُ أَيْضًا إِنَّ الْغَنِيمَةَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , وَإِنْ كَانَ جَوَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ , لَمَّا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ , إِنَّمَا هُوَ لِهَذَا السُّؤَالِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ , بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْقِتَالِ , فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ كَانُوا طَلَبُوا أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ , وَفِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُهُ , مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهُمْ مِمَّنْ يُكَافَأُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ , إِمَّا مِنْ كِتَابٍ , أَوْ مِنْ سُنَّةٍ , وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا السَّرَايَا الْمَبْعُوثَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ مَا غَنِمُوا , فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ أَصْحَابِهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَرَجَ فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ , وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ , لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا بَذَلُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ , مَا بَذَلَ الَّذِينَ أُسِرُوا فَلَمْ يُفَضَّلْ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ , وَإِنْ كَانَ مَا لَقُوا مِنَ الْقِتَالِ مُخْتَلِفًا , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ بِمِثْلِ مَا بَذَلَ بِهِ نَفْسَهُ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ , فَهُوَ فِي ذَلِكَ كَمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ , إِذَا كَانَ عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ