حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ رِفَاعَةَ اللَّخْمِيُّ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ ثنا حَجَّاجٌ قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَيَّارٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : أَمَّا الْكَلَامُ الَّذِي لَيْسَ بِقُرْبَةٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ , فَهُوَ مَكْرُوهٌ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ عَلَى قُرْبَةٍ , وَخَيْرٍ , وَفَضْلٍ يَخْتِمُ بِهِ عَمَلَهُ . فَأَفْضَلُ الْأَشْيَاءِ لَهُ , أَنْ يَنَامَ عَلَى الصَّلَاةِ فَتَكُونُ هِيَ آخِرُ عَمَلِهِ . وَاحْتَجُّوا فِي إِبَاحَةِ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ
بِمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : ثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَبَّبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السَّمَرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ وَقَالَ مُسْلِمٌ : بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَبَّبَ لَهُمُ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ , أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ . فَوَجْهُهُمَا عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَرِهَ لَهُمْ مِنَ السَّمَرِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ , وَحَبَّبَ لَهُمْ مَا هُوَ قُرْبَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ , الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ : أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : رُبَّمَا سَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْأَمْرِ يَكُونُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ , سَمَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَسْمُرُهُ , وَأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , فَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ السَّمَرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ , خِلَافُ هَذَا . وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَبَّبَ إِلَيْنَا عُمَرُ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , أَيَّ سَمَرٍ ذَلِكَ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ ثنا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ : كَانَ عُمَرُ لَا يَدَعُ سَامِرًا بَعْدَ الْعِشَاءِ , يَقُولُ ارْجِعُوا , لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكُمْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا . فَانْتَهَى إِلَيْنَا , وَأَنَا قَاعِدٌ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي ذَرٍّ فَقَالَ مَا يُقْعِدُكُمْ ؟ قُلْنَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَ اللَّهَ , فَقَعَدَ مَعَهُمْ فَهَذَا عُمَرُ , قَدْ كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ , لِيَرْجِعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ , لِيُصَلُّوا , أَوْ لِيَنَامُوا نَوْمًا , ثُمَّ يَقُومُونَ لِصَلَاةٍ , يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَهَجِّدِينَ . فَلَمَّا سَأَلَهُمْ : مَا الَّذِي أَقْعَدَهُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ ، لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَعَدَ مَعَهُمْ , لِأَنَّ مَا كَانَ يُقِيمُهُمْ لَهُ هُوَ الَّذِي هُمْ قُعُودٌ لَهُ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ السَّمَرَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعُمَرَ , حَبَّبَاهُ إِلَيْهِمْ , هُوَ الَّذِي فِيهِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالنَّهْيُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ هُوَ : مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لِيَسْتَوِيَ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ , لِتَتَّفِقَ , وَلَا تَتَضَادَّ . وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُمَا سَمَرَا إِلَى طُلُوعِ الثُّرَيَّا . فَذَلِكَ ، عِنْدَنَا ، عَلَى السَّمَرِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ , إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ , مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَقَدْ رُوِيَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ مِثْلُهُ يَثْبُتُ , أَنَّهَا قَالَتْ : لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ , أَوْ مُسَافِرٍ ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا , إِنْ ثَبَتَ عَنْهَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَيْنَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا يَدْفَعُ النَّوْمَ عَنْهُ لِيَسِيرَ , فَأُبِيحَ بِذَلِكَ السَّمَرُ , وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ , مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً , لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ . فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُسَافِرٍ . وَأَمَّا قَوْلُهَا أَوْ مُصَلٍّ فَمَعْنَاهُ ، عِنْدَنَا ، عَلَى الْمُصَلِّي بَعْدَمَا يَسْمُرُ , فَيَكُونُ نَوْمُهُ إِذَا نَامَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّلَاةِ , لَا عَلَى السَّمَرِ . فَقَدْ عَادَ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي صَرَفْنَا إِلَيْهِ مَعَانِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ