" كَانَ عُمَرُ لَا يَدَعُ سَامِرًا بَعْدَ الْعِشَاءِ , يَقُولُ ارْجِعُوا , لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكُمْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا . فَانْتَهَى إِلَيْنَا , وَأَنَا قَاعِدٌ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي ذَرٍّ فَقَالَ مَا يُقْعِدُكُمْ ؟ قُلْنَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَ اللَّهَ , فَقَعَدَ مَعَهُمْ "
فَإِذَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ ثنا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ : كَانَ عُمَرُ لَا يَدَعُ سَامِرًا بَعْدَ الْعِشَاءِ , يَقُولُ ارْجِعُوا , لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكُمْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا . فَانْتَهَى إِلَيْنَا , وَأَنَا قَاعِدٌ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي ذَرٍّ فَقَالَ مَا يُقْعِدُكُمْ ؟ قُلْنَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَ اللَّهَ , فَقَعَدَ مَعَهُمْ فَهَذَا عُمَرُ , قَدْ كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ , لِيَرْجِعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ , لِيُصَلُّوا , أَوْ لِيَنَامُوا نَوْمًا , ثُمَّ يَقُومُونَ لِصَلَاةٍ , يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَهَجِّدِينَ . فَلَمَّا سَأَلَهُمْ : مَا الَّذِي أَقْعَدَهُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ ، لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَعَدَ مَعَهُمْ , لِأَنَّ مَا كَانَ يُقِيمُهُمْ لَهُ هُوَ الَّذِي هُمْ قُعُودٌ لَهُ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ السَّمَرَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعُمَرَ , حَبَّبَاهُ إِلَيْهِمْ , هُوَ الَّذِي فِيهِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالنَّهْيُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ هُوَ : مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لِيَسْتَوِيَ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ , لِتَتَّفِقَ , وَلَا تَتَضَادَّ . وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُمَا سَمَرَا إِلَى طُلُوعِ الثُّرَيَّا . فَذَلِكَ ، عِنْدَنَا ، عَلَى السَّمَرِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ , إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ , مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَقَدْ رُوِيَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ مِثْلُهُ يَثْبُتُ , أَنَّهَا قَالَتْ : لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ , أَوْ مُسَافِرٍ ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا , إِنْ ثَبَتَ عَنْهَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَيْنَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا يَدْفَعُ النَّوْمَ عَنْهُ لِيَسِيرَ , فَأُبِيحَ بِذَلِكَ السَّمَرُ , وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ , مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً , لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ . فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُسَافِرٍ . وَأَمَّا قَوْلُهَا أَوْ مُصَلٍّ فَمَعْنَاهُ ، عِنْدَنَا ، عَلَى الْمُصَلِّي بَعْدَمَا يَسْمُرُ , فَيَكُونُ نَوْمُهُ إِذَا نَامَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّلَاةِ , لَا عَلَى السَّمَرِ . فَقَدْ عَادَ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي صَرَفْنَا إِلَيْهِ مَعَانِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ