عنوان الفتوى : المسألة السريجية
سمعت عن الحيلة السريجية في الطلاق فما هي ومن من الأئمة تنسب إليه. وجزيتم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسألة السريجية هي أن يقول الرجل لامرأته: إذا طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا، وهي تسمى كذلك مسألة ابن سريج، وقد سئل عنها شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى فأجاب ببطلانها ولم يجز العمل بها وهذا نص كلامه رحمه الله حيث قال: هذه المسألة السريجية لم يفت بها أحد من سلف الأمة ولا أئمتها لا من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المذاهب المتبوعين كأبي حنفية ومالك والشافعي وأحمد، ولا أصحاب الذين أدركوهم كأبي يوسف ومحمد والمزني والبويطي وابن القاسم وابن وهب وإبراهيم الحربي وأبي بكر الأثرم وأبي داود وغيرهم، لم يفت أحد منهم بهذه المسألة، وإنما أفتى بها طائفة من الفقهاء بعد هؤلاء وأنكر ذلك عليهم جمهور الأمة كأصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد وكثير من أصحاب الشافعي، وكان الغزالي يقول بها ثم رجع عنها، وبين فسادها، وقد علم من دين المسلمين أن نكاح المسلمين لا يكون كنكاح النصارى والدور الذي توهموه فيها باطل فإنهم ظنوا أنه إذا وقع المنجز وقع المعلق وهو إنما يقع لو كان التعليق صحيحا والتعليق باطل لأنه اشتمل على محال في الشريعة وهو وقوع طلقة مسبوقة بثلاث، فإن ذلك محال في الشريعة، والتسريج يتضمن لهذا المحال في الشريعة فيكون باطلا.
وإذا كان قد حلف بالطلاق معتقدا أنه لا يحنث ثم تبين له فيما بعد أنه لا يجوز فليمسك امرأته ولا طلاق عليه فيما مضى، ويتوب في المستقبل، والحاصل أنه لو قال الرجل لامرأته: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا، فطلقها وقع المنجز على الراجح، ولا يقع معه المعلق لأنه لو وقع المعلق وهو الطلاق الثلاث لم يقع المنجز لأنه زائد على عدد الطلاق، وإذا لم يقع المنجز لم يقع المعلق. وقيل لا يقع شيء لأن وقوع المنجز يقتضي وقوع المعلق، ووقوع المعلق يقتضي عدم وقوع المنجز، وهذا القول لا يجوز تقليده، وابن سريج بريء مما نسب إليه فيما قاله الشيخ عز الدين. اهـ.
وقال في موضع آخر: المسألة السريجية باطلة في الإسلام محدثة لم يفت بها أحد من الصحابة والتابعين ولا تابعيهم، وإنما ذكرها طائفة من الفقهاء بعد المائة الثالثة وأنكر ذلك عليهم جمهور فقهاء المسلمين. اهـ
كما تناول المسألة السريجية كذلك الإمام ابن القيم فرد على القائلين بها وأفاض وأجاد، فليراجع كلامه في كتابه القيم إعلام الموقعين.
والله أعلم.