عنوان الفتوى : يسأل عن الزواج من فتاة تعمل محاسبة في شركة للتبغ
هل يمكن لي الزواج من فتاة موظفة كمحاسبة في شركة التبغ ، إنها فتاة ذات خلق ، وترتدي الحجاب الإسلامي ، وعفيفة ، والله أعلم بما في الصدور .
الحمد لله
الزواج – أخي الكريم – هو خطوة نحو السعادة في الدنيا ، غير أن كثيرا من الناس
يبتغي السعادة في الدنيا الفانية وينسى الآخرة الباقية ، فلا يراعي في زواجه ما شرع
الله تعالى ، ولا يبتغي من زواجه إلا قضاء اللذة والشهوة ، فلا يلتفت إلا إلى جمال
المرأة التي يطلبها أو جاهِها أو مالِها ، ويكون ذلك في أكثر الأحيان على حساب
الدين .
ونحن نربأ بك – أخانا السائل – أن تكون من مثل هذه الزمرة .
فالمسلم بحاجة إلى من يُثَبِّتًُه ويُعينه على الاستقامة ولزوم طريق الخير والطاعة
، وخيرُ معين على ذلك هو الزوجة الصالحة ، التي تأمره بالخير وتنهاه عن الشر .
والمسلم بحاجة أيضا إلى أمٍّ كريمة صالحة ، تقوم على شأن أولاده بالتربية والرعاية
وغرس الأخلاق الفاضلة والقيم العظيمة ، وتنشئهم على حسن العبودية لله تعالى ،
فتُعظِّمُ شعائر الله في قلوبهم ، وتُنَمِّي دوافعَ الالتزام بالشرع في حياتهم ،
حتى ينالوا رضا الله في الدنيا والآخرة ، وحتى يكونوا مشاعل خير وإصلاح في
مجتمعاتهم .
هذا ما ينبغي عليك أن تَرقُبَه في المرأة التي تطلبها زوجة وصاحبة ، وهذا ما يجب أن
ترعاه في أمر خطبتك .
فتأمل - أخي الكريم - في حال هذه الفتاة التي تريد خطبتها :
فإذا وجدت فيها ما وصفنا لك فهي الغاية والمطلب ، فأمسك بها ولا تُفَوِّتها على
نفسك ، وعلامةُ ذلك أنك إِن بَيَّنتَ لها حرمة التدخين وتعاطيه ، وحرمةَ الإعانة
عليه ، والعملِ في شركات إنتاجه وتسويقه – فستستجيب لك ، وستترك عملها وهي راضيةٌ
مستبشرةٌ فرحةٌ بهداية الله لها ، وتوفيقه إياها أن صرف عنها الرزق الحرام والكسب
الخبيث .
نسأل الله أن يوفق هذه الفتاة لذلك .
أما إن رَفَضَت نصيحتَك ، ولم تستمع لفتاوى أهل العلم التي تكاد تتفق على تحريم هذه
الشجرة الخبيثة وتحريم العمل في إنتاجها ، وأصرت على بقائها في عملها المحرم
واختلاطها بالرجال الأجانب الذين يشاركونها في هذا الإثم ، فلا نظن أنك سترى فيها
حينئذ المواصفاتِ الصالحةَ التي تحدَّثنا عنها ، وستدرك أن نصيحتنا – ولا بد – هي
أن تترك تلك الخطبة إلى خطبة أخرى تُبنى على أساسِ الطاعةِ والتقوى والالتزام ، وأن
تجتنب الحديث مع تلك الفتاة ، ولا تحاول الاتصال بها ، فإن الحديث مع النساء إذا
كان لغير حاجة من المحرمات .
والعمل في مصانع وشركات إنتاج التبغ والدخان أخطر من التدخين نفسه ، وذلك أن
المُنتِج للتبغ مُتنِجٌ للشر ، ومُصَدِّر للخبث والضرر ، وساعٍ في إفساد المجتمع
بإفساد الصحة والعافية التي وهبها الله للإنسان ، فيتحمَّل وزر كلِّ ضرر وكلِّ أذىً
ينتشر في المجتمع بسبب التدخين ، ولو كان عمله في قسم المحاسبة ، فإن الشركة وحدة
متكاملة ، أصل عملها محرم ، فيَحرُمُ كلُّ عملٍ يعين على الحرام .
ونحن ننتظر اليوم الذي تغدو فيه مصانع وشركات التدخين خاوية على عروشها ، يهجرها كل
مسلم غيور على دينه ونفسه ومجتمعه ، ويصون نفسه أن تكون مِعول هدم ومصدر فساد .
فاحرص على نصح تلك الفتاة في هذا الأمر ، وانقل لها الفتاوى المقررة في ذلك ، ولا
تطمع أنت ولا هي في ذلك الرزق الحرام ، فالله سبحانه وتعالى يمحق الحرام ويبارك في
الحلال ، فإن استجابت فأقدم على الزواج بها ، وإلا فسوف يغني الله كلا من سعته
والله واسع حكيم .
وانظر أجوبة الأسئلة الآتية ففيها بيان حكم التدخين وخطورته (9083)
، (10922) ، (13254)
، (20757)
وانظر في بيان مواصفات الزوجة الصالحة جواب السؤال رقم (71225)
وفي موقعنا الكثير من الفتاوى التي تبين حرمة العمل فيما فيه إعانة على المنكر
والحرام ، انظر مثلا الأرقام (7432)
، (41105) ، (49829)
وفي ضوابط عمل المرأة أيضا : انظر (6666)
، (20140) ، (22397)
، (33710)
والله أعلم .