عنوان الفتوى : حكم نذر الواجب ونذر المعصية
مثلا لو أخذت دينا من شخص ونذرت نذرا على نفسي أمام الشخص بأني سوف أرجع له المبلغ وأعطيه مبلغا فوق حقه كنذر علي فما الحكم في ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا النذر لا ينعقد لأن الناذر نذر أمرين: أحدهما نذر الواجب، وهو هنا أداء الدين فإنه واجب سواء نذر أم لا، والثاني نذر المعصية وهي هنا الزيادة على الدين عند أداء القرض، فإن التزام المدين لصاحب الدين دفع مبلغ زائد على دينه يعتبر سلفا بالزيادة وسلفا جر نفعا، وهذه معصية. وعليه، فالنذر غير منعقد عند الجمهور ولا يلزم الناذر بسببه شيء، وإليك التفصيل مع بيان الأدلة على أن النذر في المسألتين غير منعقد عند جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني وهو يذكر أقسام النذر: القسم السادس: نذر الواجب، كالصلاة المكتوبة، فقال أصحابنا: لا ينعقد نذره وهو قول أصحاب الشافعي، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم.انتهى، وقال عن نذر المعصية: الرابع نذر المعصية، فلا يحل الوفاء به إجماعاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولأن معصية الله لا تحل ويجب على الناذر كفارة يمين، إلى أن قال: وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال في من نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه، وهذا في معناه، وروي هذا -أي أنه لا كفارة في نذر المعصية- عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
ومن أدلة ذلك ما روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس فسأل عنه قالوا هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه. والحديث صححه الألباني.
قال في عون المعبود على شرح سنن أبي داود عند الكلام على هذا الحديث: قال القرطبي في قصة أبى إسرائيل هذا أعظم حجة للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاقة فيه، قال مالك لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة، قال الخطابي: قد تضمن نذره نوعين الطاعة والمعصية فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بما كان منها من طاعة وهو الصوم وأن يترك ما ليس بطاعة من القيام في الشمس وترك الكلام وترك الاستظلال بالظل وذلك أن هذه الأمور مشاق تتعب البدن وتؤذيه وليس في شيء منها قربة إلى الله تعالى. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 52319.
والله أعلم.