عنوان الفتوى : حكم سماع الأغاني بقصد شغل وقت الفراغ
أود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم ولجميع شباب المسلمين الهداية والتوفيق، لما يحب الله ويرضى، واعلموا - وفقكم الله - أن أغلى ما يملك المرء وقته، إذ هو الظرف الذي يتقرب فيه إلى ربه، ويستعد فيه للقائه، ويتعلم فيه ما ينفعه من أمر دينه ودنياه، ويعمل فيه لهما.
كما أن وقت الشباب أنفع وأكثر ملائمة لتحصيل هذه الأهداف المتقدمة الذكر، فكانت الحاجة إلى الحرص على استغلاله استغلالاً صحيحاً أشد.
لذلك يجب على المسلم أن يحرص على وقته أشد الحرص، ويحافظ عليه أشد المحافظة، ويضن عن التبذير والاستهلاك غير المرشد أكثر مما يضن بماله، ويستغل فتراته الأكثر نفعاً والأشد ملائمة لتحصيل الخير استغلالاً صحيحاً، كفترات الشباب والصحة والفراغ، فقد أخرج الحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمساً قبل خمسٍ: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" وفي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". وسبب ذلك الغبن أن كثيراً من الناس لا يحسن استغلال هاتين النعمتين ولا ينتفع بوجودهما حتى تزولا. نسأل الله السلامة والعافية، وفي سنن الترمذي أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فعليك أنت وإخوتك أن تحرصوا على استغلال أوقاتكم استغلالاً صحيحاً، وتسعون بجد واجتهاد إلى تحصيل ما يقرب إلى الله تعالى، وما ينفع من أمور الدنيا والآخرة.
ولا بأس بشيء من الترفيه والترويح عن النفس تستجم به، ويزيل عنها الملل ومتاعب الانشغال بالأمور الجادة، وشرع الله تعالى لا يمانع من ذلك، لأن النفس البشرية لا تستطيع الاستمرار على حالة واحدة، ولكن لابد أن يكون الترفيه مضبوطاً بالضوابط الشرعية، بحيث لا يشتمل ذلك الترفيه على أمر محرم، ولا يشغل عن أمر واجب، ولا يؤدي إلى مفاسد، ولا يخرج عن طور الاعتدال، فإذا ضبط بهذه الضوابط جاز شرعاً.
وعلى ذلك، فإذا كان الغناء الذي تستمعون إليه من نوع الغناء الجائز، ولم يستهلك كثيراً من وقتكم، فلا حرج فيه.
وأما إن كان من الغناء المحرم، فلا يجوز الاستماع إليه، لما يترتب على الاستماع إليه من مضار ومفاسد، وراجع الجوابين التاليين: 987، 669.
والله أعلم.