عنوان الفتوى : الإسلام دين جميع الأنبياء،
نسمع ونقرأ الكثير عن حوار الحضارات ؟ نسمع ونقرأ عن الحوار بين الديانات ؟ وأنا كإنسان يتبع الديانة المسيحية أتساءل وأكاد أصاب بالحيرة لدرجة الجنون : أليس من أهم مقومات وأسس الحوار بين فريقين هو اعتراف فريق بالفريق الآخر ؟ كيف يقوم حوار بين شخصين لا يعترف أحدهما بالآخر ؟ لماذا هذا الضحك والتملق من أحد الأفرقاء على الآخر؟ أنملك من الجرأة والإيمان أن ننادي وقبل بداية أي حوار باعتراف متبادل بين المتحاورين ؟ الدين الإسلامي وفي القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفي سيرة حياته لم نجد إلا توكيدا" بالاعتراف بنبوة عيسى عليه السلام وحتى أن السيدة العذراء كرمت وذكرت في القرآن الكريم أكثر مما ورد ذكرها في الانجيل المقدس ؟ لن أعدد ولن أطيل ولكن ما أود التصريح عنه بل سأصرخ صرخة صادق : أما آن الأوان لأتباع الديانة الأخرى الاعتراف الصريح بنبوة الرسول ومن ثم يأتي من بعدها المناداة بالحوار ؟ ألا يوجد من أتباع الديانة المسيحية ورؤسائها من يتصدى للقيام بحملة اعتراف صريح لا مواربة فيها بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ كم أتوق لهذا اليوم لأكون من أوائل من ينضم أو يؤسس لهذه الحملة ومن بعدها صدقوني ستكون أمة العرب خير أمة أخرجت للعالم... هل من سبيل لديكم لإطلاقة شرارة هذه الحملة؟ ملاحظة : أنا اسمي غسان سلطانه –عمري 52 سنة ومن الجنسية السورية وأملك مكتبا" خاصا" في دمشق ... أدعو لكم بالتوفيق لما فيه خير البشرية لكم تقديري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نشكرك على هذا التواصل مع موقعنا ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الهدى للحق، ويجنبنا وإياك الباطل، إنه ولي ذلك والقادر عليه
واعلم ان المتحاورين في الديانات يجب عليهم أولا أن يعلموا ان الخلق خلق الله خلقهم الباري جل وعلا لعبادته وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)[الذاريات: 56
فيجب عليهم أن يدينوا لله بالخضوع وأن يسلموا له ويذعنوا لطاعته وأن يعلموا أن اصلاحهم العلاقة مع مالكهم و مدبر أمورهم ومن إليه مرجعهم ومصيرهم وبيده محياهم ومماتهم هو اولى ما يتعين السعي فيه حتى يسعدهم في الدارين
فمراد الله من الخلق هو الاستسلام والانقياد لدينه الذي ارتضاه الله للبشرية وربط به هدايتهم، وحكم على من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة، قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ {آل عمران:19}، وقال تعالى: وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ {آل عمران:20}، وقال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}، وقال تعالى: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ {النحل:81}، وهذا الدين هو الذي جاء به الرسل كلهم وهم متفقون في كلياته وقد تختلف الشرائع في بعض الجزئيات ولكنه يجب في كل عصر اتباع الرسول المبعوث أو الرسل المبعوثين في ذلك العصر مع الايمان بالانبياء الاخرين ومحبتهم وتقديرهم جميعا وعدم التفريق بينهم وعدم الايمان ببعض والكفر ببعض، وقد وصف الله تعالى المتمسكين بدينه الحق بالإسلام سواء كانوا أنبياء أو أتباع الأنبياء، فقد أخبر الله تعالى أن إبراهيم ويعقوب أوصيا بالموت على الإسلام، وأن إبراهيم كان من المسلمين، وذلك حيث يقول تعالى في شأن إبراهيم: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ* وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ .البقرة:131-132.
وأخبر أن بني يعقوب أقروا على أنفسهم بالإسلام فقال: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة:133}، وأخبر أن إبراهيم وإسماعيل كانا يقولان في دعائهما: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، وقد وصف إبراهيم بالإسلام ونفى عنه اليهودية والنصرانية، فقال: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {آل عمران:67}، وأخبر أن سحرة فرعون بعد إسلامهم دعوا الله تعالى فقالوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ {الأعراف:126}، وأخبر أن نوحا عليه السلام قال في خطابه لقومه: فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ {يونس:72}، وأخبر أن موسى عليه السلام قال في خطابه لبني إسرائيل: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ {يونس:84}، وأخبر أن سليمان عليه السلام قال في رسالته لسبأ: إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {النمل:30-31}، ووصف سبحانه وتعالى بيت لوط بالإسلام، فقال فيهم: فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ {الذاريات:36}، وأخبر تعالى أن الحواريين أشهدوا عيسى على إسلامهم، فقال: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {آل عمران:52}.
فالإسلام بمعناه العام الذي هو الاستسلام لله تعالى وإفراده بالعبادة هو دين جميع الأنبياء، ومنهم موسى وعيسى عليهما السلام، وأتباعهم الصادقون الذين يعملون بما أخذ على النبيين من الميثاق في وجوب الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ونصرته واتباعه والإيمان بما جاء به وعدم العدول عنه إلى غيره. كما قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه { آل عمران: 81}
فيجب على المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ان يؤمنوا بجميع الرسل صلى الله عليهم وسلم والا يفرقوا بينهم، ويجب كذلك على اليهود والنصارى الايمان بجميعهم، وقد نص القرآن على أن من جحدوا نبوة أحد من الأنبياء وفرقوا بين الرسل أنهم كافرون متوعدون بالعذاب ، قال تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا {النساء: 150-151}.
فنحن المسلمين نؤمن بنبوة عيسى ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ونعتقد ان عيسى ومريم براء مما افتراه اليهود في حقهم، وذلك لأن الإيمان بالرسل كافة من أركان الإيمان، قال تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير {البقرة:285}، وفي حديث جبريل الطويل، قال صلى الله عليه وسلم: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. رواه مسلم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. رواه أحمد وصححه الألباني،
ومن هذا المنطلق فنحن نشكر لك انصافك وندعوك وننصح جميع النصارى بالبدار بالاذعان لله والتصديق بجميع ما جاءت به رسله قبل ان يموتوا ويخلدوا في النار يعذبون فيها عذابا ابديا. وهم في هذا العصر مخاطبون باتباع خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشر به عيسى صلى الله عليه وسلم فقد قال الله عز وجل: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار* لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم* أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم* [المائدة:72-73-74-].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم .
ولقد ثبت في الإنجيل ما يبشر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وإنجيل برنابا في الباب الثاني والعشرين جاء فيه: وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعته .اهـ. وكذا في (سفر أشعيا وسفرحبقوق) راجع كتب ومحاضرات ديدات وكتاب عبد المجيد الزنداني (البشارات بمحمد في الكتب السماوية السابقة). و يمكنك الاطلاع على الفتاوى التالية في موقعنا: 53029، 6828 ، 9732 ، 8210 ،74500، 70824، 27986
والله أعلم.