عنوان الفتوى : كان يترك بعض الصلوات فهل يلزمه تجديد عقد النكاح

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

نحن في مجتمع يتهاون كثيراً في مسألة الصلاة ، نشأت أصلي والحمد لله ، ولكني لا أهتم إن صليت الظهر مثلاً في وقته أو قضاء مع العصر مثلاً ، كما أنني تركت بعض الصلوات على مدار حياتي وزوجتي كذلك ، وبعد الزواج استمر هذا الموضوع في بداية الأمر ثم عزمنا على أن نتوب إلى الله ، ونحن الآن والحمد لله نحافظ على الصلاة في وقتها ، ما يؤرقني ويشعرني بأن هذا العمل غير مثاب عليه هو قول بعض العلماء أمثال الشيخ ابن عثيمين وابن باز رحمهما الله بأن تارك الصلاة تكاسلاً وتهاوناً فهو كافر مرتد ، واستندوا إلى ذلك بأدلة من القرآن والسنة ، ومع أن هناك علماء أمثال الشيخ الألباني رحمه الله يقول إنه كفر دون كفر ، ومع إحساسي بأن هذا الرأي صحيح ، إلا أنني أخاف أن أكون على خطأ ، وأريد أن آخذ برأي الشيخ ابن عثيمين حتى أقطع الشك في نفسي ولكن هذا الأمر يتطلب عدة أمور بعضها أقدر عليها والبعض الآخر لا وهي : 1- أغتسل أنا وزوجتي اغتسال الدخول في الإسلام وأن ننطق بالشهادتين ، وهذا أمر مقدور عليه 2- نحتاج إلى تجديد عقد الزوجية ، لأنه يعتبر عقداً باطلاً . والسؤال هنا : كيف يتم هذا التجديد ؟ وهل أنا بحاجة إلى ولي للزوجة وشهود ؟ وكيف أقول لوالد زوجتي هذا الأمر وكيف أحضر الشهود للتجديد ؟ إن هذا الأمر وقعه صعب جداً على والد الزوجة وربما يرفض هذه الفكرة أو يغضب طيلة حياته ، وبالتالي فلن أستطيع أن أجدد العقد وتصبح المشكلة أصعب وأصعب ، كما أنني لا أستطيع أن أتحقق إن كان الشهود مداومين على الصلاة من ساعة بلوغهم إلى يومهم هذا ، وهل لو أخذت برأي الشيخ الألباني رحمه الله أعتبر مقصراً ، وهل علي قضاء الفوائت السابقة والتي لم أعلم عددها ، أم أكثر من السنن والنوافل ، وكيف أقضيها ، فهل من الممكن أن أصلي عصر هذا اليوم على سبيل المثال ، ثم أصلي الفجر والظهر والعصر لأيام سابقة أم أصلي كل فرض فائت في وقته . أفيدوني جزاكم الله خيرا فإنني في حيرة شديدة تكاد تفتك بي ، ولا أريد أعمالي الصالحة أن تذهب هباء ، أو أن أموت كافراً والعياذ بالله.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله.

أولا :

الخلاف في حكم تارك الصلاة كسلا ، خلاف معتبر عند أهل العلم ، والذي تدل عليه الأدلة الصحيحة هو القول بكفره ، وانظر شيئا من هذه الأدلة في الجواب رقم (5208) .

ثانيا :

إذا تاب تارك الصلاة ، وصلَّى ، عاد إلى الإسلام ، ولا يحتاج أن يعيد الشهادتين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما من يترك الصلاة بعض الأوقات لا يقضيها ولا ينوي قضاءها أو يخل ببعض فرائضها ولا يقضيها ولا ينوي قضاءها فمقتضى ما ذكره كثير من أصحابنا أنه يكفر بذلك ، ....... ثم إذا صلى الأخرى صار مؤمنا كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك صلاة العصر متعمدا حبط عمله ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك الصلاة عمدا فقد برئت منه الذمة ) " انتهى .

وقال أيضا : " وإذا صلى بعد الامتناع عاد بذلك إلى الإسلام من الردة ، وصحت صلاته وإن كان الكافر الأصلي لا تصح صلاته قبل الشهادتين ؛ لأن هذا كفره بترك الفعل ، فإذا فعله عاد إلى الإسلام ، كما أن من كُفره بترك الإقرار إذا أتى بالإقرار عاد إلى الإسلام .

فإن قيل : فالمرتد غير هذا لا يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين كيف ما كانت ردته ، قيل : ذلك لأنه جاحد فلا بد أن يأتي بأصل كلمة الإقرار التي تتضمن جميع التصديق والاعتراف ، وهذا معترف فيكفيه الفعل " انتهى .

وعليه فقولك : " وبهذا أظل كافراً ولا يقبل الله مني عملاً " غير صحيح ، بل توبتك إلى الله تعالى ، وأداؤك للصلاة ، يرفع عنك الكفر ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

ثالثا :

لا يلزمكما تجديد عقد النكاح إلا إذا كان العقد قد تم وأنتما أو أحدكما لا يصلي ، فيلزم لتجديده حينئذ .

أما إذا حصل ترك الصلاة بعد العقد فلا يلزمك تجديده ، وذلك لأنه إذا ارتد أحد الزوجين ثم رجع إلى الإسلام في فترة العدة ، فهما على نكاحهما الأول ، ولا يحتاجان إلى إعادة العقد ، بل ذهب بعض العلماء إلى أنهما على نكاحهما الأول ولو رجع إلى الإسلام بعد انقضاء العدة ، ما داما تراضيا على الرجوع ، وهذا القول الثاني هو الصحيح ، وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (21690) .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها ؟

فأجاب:

" إذا تزوجت امرأة بزوج لا يصلي مع الجماعة ولا في بيته فإن النكاح ليس بصحيح ، لأن تارك الصلاة كافر ، كما دل على ذلك الكتاب العزيز والسنة المطهرة وأقوال الصحابة ، كما قال عبد الله بن شقيق : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ".

والكافر لا تحل له المرأة المسلمة لقوله تعالى : : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ ) الممتحنة/10.

وإذا حدث له ترك الصلاة بعد عقد النكاح فإن النكاح ينفسخ إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام . وبعض العلماء يقيد ذلك بانقضاء العدة ، فإذا انقضت العدة لم يحل له الرجوع إذا أسلم إلا بعقد جديد.

وعلى المرأة أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي ولو كان معها أولاد منه ؛ لأن الأولاد في هذه الحال لا حضانة لأبيهم فيهم) انتهى من فتاوى أركان الإسلام ص 279 .

هذا إذا كان الترك للصلاة تركا كليا ، وأما إن كان تركا لبعض الصلوات ، فمن أهل العلم من لا يكفّر به ، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين رحمه الله ، ومنهم من يكفّر بترك الفريضة الواحدة عمدا حتى يخرج وقتها ووقت الصلاة التي تجمع إليها ، كأن يؤخر الظهر حتى تغرب الشمس ، لكن هذا التارك للفريضة إن عاد وصلى ، قبل انقضاء العدة ، عاد إلى الإسلام ، واستمر على نكاحه .

ولا يفهم من سؤالك أن أحدا منكما ترك الصلاة مدة طويلة تستغرق زمن العدة ، بل غاية الأمر هو ترك بعض الأوقات ، ثم العودة إلى الصلاة ، وهذا يعني بقاء عقد النكاح كما سبق .

فالذي يظهر لنا من سؤالك أنه لا يلزمك تجديد عقد النكاح وإعادته .

أولا : لأن ترككما للصلاة لم يكن تركا مطلقا ، بل كان تركا لبعض الصلوات ، وهذا لا يكون كفرا عند كثير من أهل العلم ، حتى يترك الصلاة مطلقا .

ثانيا : لأن هذا الترك لبعض الصلوات ـ على فرض أنه كفر ـ يكون وقتا يسيرا لا تنقضي فيه العدة ، فبالرجوع إلى الصلاة قبل انقضاء العدة لا يفسخ عقد النكاح ويبقى صحيحا كما كان قبل ترك الصلاة .

رابعا :

من ترك الصلاة ، ثم تاب من ذلك ، لم يلزمه قضاء ما فات من الصلوات ، على القول الراجح ، لكن ينبغي أن يكثر من النوافل والحسنات ، لقوله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82

وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (91411) .

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .

والله أعلم .