عنوان الفتوى : الجمع بين قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وبين حديث: (إن الله يغفر جميع الذنوب إلا الغيبة)
ما مدى التوفيق بين الآية الكريمة وبين قول الرسول ﷺ: بأن الله يغفر جميع الذنوب إلا الغيبة فلا يغفرها لنا، إلا بأن نستسمح الشخص المغتاب، أما الآية فهي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]؟ play max volume
الجواب: الآية عامة والحديث إلا الغيبة ليس بصحيح لا أصل له، والآية عامة تعم جميع الذنوب كلها تحت المشيئة، الغيبة والقتل وجميع الذنوب حتى القتل الذي أعظم من الغيبة، تحت المشيئة لكن حق المخلوق لا يضيع الله جل وعلا يعوضه عن حقه إذا تاب توبة صادقة، يعوض المغتاب عن حقه، الذي اغتابه غيره.
فالحاصل: أن الذنوب كلها تحت المشيئة سواء كانت الذنوب تتعلق بحق الله، أو كانت تتعلق بحق المخلوق كالغيبة والقتل والنميمة ونحو ذلك فكلها تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر لصاحبها وإن شاء عذبه بها ما لم يتب، أما إذا تاب فإنها تمحى عنه الذنوب بالتوبة، ولكن حق المخلوق لا يضيع عليه بل يجازيه الله عن حقه الذي تاب صاحبه منه، يجازيه الله ، ويرضيه عن ذلك جل وعلا، إذا صدق التائب في توبته، فالله يرضي عنه المظلوم بما يشاء .
والواجب على الظالم أن يستسمح المظلوم إذا استطاع إذا كان موجودًا، يقول: فعلت كذا يا أخي! إن كان مال يرد عليه ماله، إن كان عمل يوجب القصاص مكنه من القصاص، إن كان غيبة قال له: يا أخي! أنا اغتبتك فسامحني واعف عني، فإن سمح وإلا أعطاه حقه مكنه من القصاص رد عليه المال دعا له، وذكره بالخير في المجالس التي ذكره فيها بالسوء، يذكره بأعماله الطيبة التي يعلمها عنه حتى يكون ذلك قائمًا مقام غيبته له.
وإذا كان يخشى أنه إذا أخبره بالغيبة أنه يحصل فساد فلا يخبره ولكن يدعو له ويترحم عليه، ويذكره بمحاسنه التي يعلمها عنه وخصاله الطيبة التي يعلمها عنه في المجالس والمجامع التي اغتابه فيها، حتى يكون هذا مقام هذا، والله المستعان. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.