عنوان الفتوى : حرية العقيدة لا تعني حرية الارتداد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....أرجو من سيادتكم إفادتى فى هذه الفتوى : من المعروف أن الإسلام أباح حرية العقيدة ، كيف نجمع بين حرية العقيدة فى الإسلام وبين نص الإسلام على قتل المرتد ؟ وإذا قلنا إن الإسلام ينبه على المعتنقين الجدد له أنه يقتل المرتد ، فما هو الحال بالنسبة لمن ولد مسلما ووجد نفسه مسلما ولم يعرف بذلك إلا بعد بلوغه سنا يميز فيها .. ، أفيدونا جزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولهم: الإسلام أباح حرية العقيدة، ليس صحيحاً على إطلاقه، فالإسلام وإن سمح لأهل الكتاب بالبقاء على دينهم، إلا أنه يلزمهم بالدخول تحت سلطانه، ودفع الجزية، والامتناع عن إظهار الكفر والدعوة إليه ونشره، وذلك معلوم مشهور فيما أجمع عليه الصحابة في التعامل مع أهل الذمة، وجمهور الفقهاء على أنه لا يقبل من غير الكتابي والمجوسي إلا الإسلام، فإن أبى قوتل على ذلك.
وليس لأحد في دولة الإسلام أن يدعو الناس إلى الكفر، ولا أن يظهره، لا اليهودية، ولا النصرانية، ولا البوذية، ولا الشيوعية، ولا غير ذلك من المذاهب الهدامة.
وإذا كان هذا مع الكفار الذين لم يدخلوا في الإسلام، ولم يستضيئوا بنوره، فإن الأمر مع من دخله وارتد عنه أشد وأعظم، فالمرتد لا يجوز إقراره بعهد أو جزية، وإنما يجب قتله لأنه عرف فأنكر، وأبصر فعمى، سواء دخله بالغاً مدركاً، أو نشأ فيه صغيراً، فإن من ولد على الإسلام، فقد اجتمع فيه أسباب الهداية ودواعيها: ولادته على الفطرة، ونشأته بين المسلمين، ومعرفته بعظمة الإسلام، فلا يرتد مثل هذا إلا لخبث نفسه ورداءة عقله، فهو نبتة ضالة منحرفة لا خير في بقائها.
ولسنا الذين حكمنا بقتله، وإنما هو حكم ربه جل وعلا الذي خلقه، وهو أعلم به.
ثم إن المرتد لا يقتل بغتة، وإنما تعرض عليه العودة إلى الإسلام، ويذّكر بالله عز وجل، ويمهل أياماً ليفيء إلى رشده، مع إعلامه بالمصير الذي ينتظره في الدنيا والآخرة إن تمادى على ارتداده عن دينه.
فلا يصبر على القتل ويصر على الكفر في هذه الحال رجل فيه ذرة من خير نافع، ومثل هذا لا يؤسف على ذهابه، بل قتله راحة للبلاد والعباد.
وفي قتل المرتد حفظ للدين، وصيانة له من أن يتخذه السفهاء هزواً ولعباً، يؤمنون به وجه النهار ويكفرون آخره، ليدخلوا الشك والشبهة على ضعاف الإيمان.
فالحمد لله على نعمة الإسلام.
والله أعلم.