عنوان الفتوى : هل يتزوج ممن تفوقه في المستوى الاجتماعي ؟
أنا شاب مسلم والحمد لله أريد العفاف بالزواج من أخت مسلمة مستواها الاجتماعي يفوقني ، ما حكم الشرع ؟.
الحمد لله
أولا :
إذا كان الرجل قادرا على بذل المهر المعجل وتحمل نفقات الزواج ، قادرا - كذلك - على الإنفاق على زوجه وبيته ، فهو كفؤ لها في قول جمهور العلماء ، من يعتبر اليسار (الغنى) شرطا في الكفاءة كالحنفية والحنابلة ، ومن لا يعتبره كالمالكية والشافعية في الأصح عندهم .
وأما اشتراط أن يكون الزوج غنيا غنى مساويا للزوجة ، فهو قول مرجوح ذهب إليه بعض الفقهاء .
بل الراجح من حيث الدليل أن الكفاءة لا تعتبر إلا في الدين ، كما هو مذهب مالك رحمه الله .
قال ابن القيم رحمه الله : " فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح
قال الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات/ 13 . وقال تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) الحجرات/10 . وقال : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) التوبة/71 ...
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمى على عربي ، ولا لأبيض على أسود . ولا لأسود على أبيض ، إلا بالتقوى ، الناس من آدم ، وآدم من تراب ) رواه الترمذي (3270) وحسنه الألباني .
وفي الترمذي (1085) عنه صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوه ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . قالوا : يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ فقال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، ثلاث مرات ). [ حسنه الألباني ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني بياضة: ( أنكحوا أبا هند ، وانكحوا إليه ) وكان حجاما. وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه ، وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه ، وتزوج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف .
وقد قال الله تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) النور/26 . وقد قال تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء) النساء/3.
فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا ، فلا تزوج مسلمة بكافر ، ولا عفيفة بفاجر ، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك ، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ، ولا غنى ولا حرية ، فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما ، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات ، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات ، وللفقراء نكاح الموسرات " .
وقال : " وقد تنازع الفقهاء في أوصاف الكفاءة ، فقال مالك في ظاهر مذهبه إنها الدين ، وفي رواية عنه : إنها ثلاثة : الدين ، والحرية ، والسلامة من العيوب " انتهى ـ باختصار ـ من "زاد المعاد" (5/144). وينظر : "المغني" (7/27) ، "الموسوعة الفقهية" (34/271).
ثانيا :
المستوى الاجتماعي يراد به النسب أو الغنى أو التعليم أو الحرفة والوظيفة ، وقد تراد جميعها .
ومن كان مرضي الدين والخلق ، فهو كفء للمرأة مهما كان مستواها الاجتماعي ، على الراجح كما سبق . هذا هو الأصل ، والحكم الشرعي ، لكن يبقى النظر في حال كل خاطب ، وهل يناسبه الزواج ممن تفوقه في هذا المستوى أم لا ؟
والذي يظهر والله أعلم أنه إن كان التفاوت كبيرا فيما ذكرنا من النسب والغنى والتعليم والوظيفة ، فلا ينصح بالإقدام على هذا الزواج ؛ لأنه غالبا ما تحيط به المشاكل من جهة المرأة أو من جهة أهلها ، وقد يكون الاختلاف في أسلوب الحياة ، وطبيعة التعامل مع الأمور من أسباب النفرة بين الزوجين لاحقا .
أما إن كان التفاوت يسيرا ، أو كان النقص في جانب يعوضه كمال في جانب آخر ، فلا بأس حينئذ ، كأن يكون الرجل فقيرا ، لكنه حاصل على شهادات متميزة ، أو يؤهل لوظيفة مرموقة ، أو من عائلة ذات شرف ، ونحو ذلك .
وثمة حالات تكون فيها المرأة وأهلها من الصلاح والاستقامة ، ما يرفعهم عن النظر إلى الأمور المادية وقياس الناس بها ، وتكون رغبتهم في الزوج الفقير لعلمه أو لصلاحه ونحو ذلك ، وإن كان الأولى ـ في حق الزوج ـ أن يكون الرجحان في جانبه ، في الأمور التي تعتبر في الكفاءة .
وبكل حال ، فالنصح الدقيق في هذه المسألة يتوقف على معرفة الطرفين معرفة تامة ، ومعرفة ما يحيط بهما وبأسرتيهما ، فلعلك تسترشد بنصح من تثق فيه من أهل الخير والدراية في مجتمعك .
ونسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |